لقد كانت ظاهرة التدين الشكلي والمظهري تنحصر في دول عربية قبل أن تمتد غربا حيث باتت تنتشر في مجتمعنا الذي لم يكن يعرف المغالاة في الدين وهذا الانتشار ازدادت حدته مع تنامي عدد العاملين في دول الخليج في أوائل السبعينيات.. من الواضح أن الملبس يأتي في مقدمة العناصر التي تتشكل منها هذه الظاهرة حيث يختلف الرجال والنساء في سبل التعبير عن تمسكهم بتعاليم الدين، فقد يميل بعض الرجال إلي ارتداء الجلباب القصير مع إطلاق اللحية. أما النساء فقد يحرص بعضهن أن يلبسن النقاب، ويمكن قول إن النقاب يعد زيا اعتادت المرأة في الخليج علي ارتدائه وهو يختلف عن الحجاب في أنه زي فضفاض يغطي الجسد من الرأس حتي أخمص القدمين بحيث لا يظهر أي جزء من أجزاء الجسم سوي العينين. من المؤكد أن جوانب كثيرة من هذه الظاهرة لا تستند إلي أحاديث أو آيات قرآنية صريحة، صحيح أن إطلاق اللحية بات من العناصر التي قد يعبر بها الإنسان عن تدينه وتمسكه بتعاليم الدين غير أن الجلباب القصير لا يعتبر من الأمور التي تطرق إليها الدين سواء في القرآن أو السنة بل هي من عادات الملبس المنتشرة في الهند وباكستان، أما النقاب فقد أكد كبار علماء المسلمين أنه ليس بفريضة فالشيخ الشعراوي أشار إلي أن النقاب لا يعد من الفرائض بل فضيلة وأوضح شيخ الأزهر أن النقاب عادة وليست عبادة، ويتفق مع هؤلاء العلماء داعيات إسلاميات لهن باع طويل في طريق الدعوة وعلي رأسهن د. سعاد صالح ود. عبلة الكحلاوي وكلتاهما لا ترتديان النقاب. ورغم أن إطلاق اللحية أو ارتداء النقاب قد يعكس تدينا حقيقيا وسلوكا متسقا مع التعاليم الدينية إلا أن بعض النساء والرجال في بلادنا قد يستغلون هذا الأمر لارتكاب جرائم مختلفة. لم أصدق عندما روي لي أحد معارفي ما تعرض له في أحد مساجد القاهرة وكيف أنه انخدع عندما وضع ثقته في شخص ذي لحية كثيفة. لقد كان يتجول في حواري المدينة عندما حان وقت الصلاة فأدلف إلي مسجد قريب انطلق منه صوت المؤذن يدعو الناس للصلاة، لقد ترك حذاءه في الأماكن المخصصة داخل المسجد وذهب للوضوء ثم أدي الصلاة جماعة. وما أن انتهي من الصلاة حتي توجه لالتقاط الحذاء ليكتشف أن أحدهم قد سبقه وقام بالمهمة، لقد تعاطف معه رواد المسجد حيث تطوع أحد المصلين من ذوي اللحية الطويلة وعلي جبينه زبيبة الصلاة بأن ينطلق ليشتري له حذاء جديدا من حرم ماله إلا أن الصديق أصر أن يعطيه مائة جنيه لشراء الحذاء انتظر الصديق حتي يعود الرجل الملتحي غير أن الساعات مرت من دون أن يأتي فعلم أنه وقع فريسة للنصب عندئذ تدخل إمام المسجد وصمم علي أن يشتري له حذاء من ماله الخاص. ومن المتوقع أن تلتقي فتاة أو سيدة ترتدي النقاب لكن أفعالها لا تتمشي مع التعاليم الدينية. فقبل عيد الأضحي بيومين توجهت سيدة منتقبة لشراء الخبز من فرن القرية حيث اضطرت أن تقف في طابور طويل ثم حدث أن أخطأ عامل الفرن حين أعطي الأولوية لسيدة أخري فهاجت المنتقبة وأخذت تكيل السباب للسيدة، ويا ليتها اكتفت بذلك بل خلعت نعلها ورفعتها لأعلي لضربها ولم تعر اهتماما للرجال الذين تدخلوا لفك الاشتباك. الغريب أن السيدات الواقفات سخرن منها وتعجبن كيف لسيدة منتقبة أن تأتي بهذا السلوك المشين وعلقت إحدي السيدات بأنها خلعت النقاب بعد أن شاهدت بعض المنتقبات يأتين بسلوك لا يتمشي وصحيح الدين. من الملاحظ أن جرائم النقاب امتدت لسائر الدول العربية. لقد أعدت وزارة الداخلية المصرية دراسة حول الجرائم التي ترتكب من وراء النقاب حيث تتنوع الجرائم بين القتل والسرقة والتحرش الجنسي والتسول والخطف ومقابلة العشيقات والغش في الامتحانات لقد بلغ عدد حوادث النقاب في مصر 26 حادثة في عام 2006م و27 حادثة في عام 2007م و24 حادثة في عام 2008م أما في العام الحالي فقد تزايد العدد ليبلغ 32 حادثة، كما أن دولا عربية أخري باتت تعاني من ذات الجرائم لقد أعلن مسئول أردني أن جرائم النقاب تتزايد عامًا بعد عام ومنها اختطاف حقائب النساء والسطو المسلح علي المحلات التجارية والبنوك وسرقة المنازل، الغريب أن المملكة العربية السعودية قد شهدت تفجيرات ارتدي إرهابيون النقاب لتنفيذها. كما شهدت الكويت جرائم النقاب حيث ارتدي شاب نقابا وعباءة ليلة عيد الأضحي وظل يتحرش بالفتيات في أسواق السالمية حتي وقع في قبضة الشرطة. أما في ليبيا فإن بعض المنحرفين يتسترون بالنقاب لارتكاب أعمال منافية للآداب مما حدا بالسلطات الليبية لاتخاذ قرار بمنع النقاب داخل الجامعات.