تحل اليوم 9 ديسمبر، الذكرى ال26 لرحيل الأديب والصحفي والمحامي المصري يحيى حقي، أحد أبرز فرسان القصة القصيرة، والروائي الفذ، صاحب «قنديل أم هاشم»، و«أم العواجيز»، و«كناسة الدكان»، و«تراب الميري»، و«امرأة مسكينة»، و«خليها على الله»، و«صح النوم»، وغيرها من روائع الأدب التي تحول بعضها إلى أعمال درامية تركت بصمة واضحة في مسيرة وتاريخ الفن المصري. وفي التقرير التالي، تستعرض «الشروق» أبرز محطات حياة رحلة الأديب الراحل يحيى حقي. 1- أسرة تؤمن بالثقافة والتسامح: في القاهرة بحي السيدة زينب العريق، ولد «حقي» في 7 يناير عام 1905، وهو الابن الثالث لأسرة متوسطة ترجع أصولها إلى جذور تركية، مؤمنة بالثقافة والتسامح. 2- من كُتاب السيدة زينب إلى جامعة فؤاد الأول: تلقى تعليمه الأول في كٌتَاب السيدة زينب، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية لمدة 5 سنوات، أطلق عليها لقب «السنوات التعيسة»، وذلك بسبب رسوبه فيها، لكنه تدارك الأمر إرضاءً لوالدته، وتفوق بدراسته حتى حصل على شهادة «البكالوريا»، وكان ترتيبه ال40 من بين ال50 الأوائل على مجموع المتقدمين في القطر كله، ولهذا فقد التحق بمدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول «القاهرة»، وكانت تمثل قمة التعليم العالي بمصر، وحصل منها على درجة الليسانس في الحقوق، وكان ترتيبه ال14. 3- من المحاماة إلى وزارة الخارجية: عمل بعد تخرجه بالمحاماة في القاهرة والإسكندرية 8 أشهر، التحق بعدها بوظيفة معاون إدارة لمدة عامين في منفلوط بصعيد مصر، مما أكسبه معرفة كبيرة بالطبيعة الزراعية والريفية المصرية وأبنائها من الفلاحين، وبعدها انتقل إلى السلك الدبلوماسي، حيث عين أمينًا لمحفوظات القنصلية المصرية، ثم التحق بالقنصلية المصرية بإسطنبول، ثم قنصلية روما، وبعد إعلان الحرب العالمية الثانية عاد إلى القاهرة ليعمل موظفًا ساميًا في وزارة الخارجية المصرية، لكنه أقيل من العمل الدبلوماسي بعد زواجه من سيدة أجنبية. 4- من الزوجة المصرية إلى الفرنسية: تزوج «حقي» للمرة الأولى من السيدة نبيلة، ابنة المحامي المعروف والنائب البرلماني عبداللطيف سعودي، لكن بعد 3 أشهر أصيبت زوجته بفقدان البصر، وسرعان ما رحلت بعد أن أنجبت له وحيدته «نهى حقي»، ولهذا تزوج للمرة الثانية من الفنانة التشكيلية الفرنسية «جان ميري جيهو»، والتي رافقته طوال حياته. 5- من القراءة إلى الكتابة: قضى يحيى حقي سنوات عمله بالسلك الدبلوماسي في القراءة والمعرفة والتعرف على الثقافات المختلفة في البلاد التي زارها، وكان متأثرًا بالأدب الروسي، وبالكاتب الأمريكي إدجار آلان بو، ثم نشر أول قصصه في جريدة الفجرعام 1927، ثم واصل نشر قصصة بصحف «المساء»، و«السياسة»، و«البلاغ»، ولفتت قصته «البوسطجي» التي نشرت في «المجلة الجديدة» انتباه النقاد له، وقد أكد موهبته في «قنديل أم هاشم» عام 1944، ليصبح من أعلام الأدب العربي، بأعماله التي استطاع فيها الاقتراب بالعامية المصرية إلى مستوى الفصحى، وقد تميزت كتاباته برائحة عطر تراب مصر. 6- يحيى حقي بقلم رجائي النقاش: في كتابه بعنوان «يحيى حقي.. الفنان والإنسان والمحنة» الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، يقول «النقاش»: «يحيى حقي متواضع كبير، لو أخذته بالمظهر لتصورت أنه رجل بلا عبقرية ولا نبوغ، لكن المظهر خادع ولا يدل على أعماق الرجل، وهي أعماق تغلي كالبركان بالفكر والفن، هو محب للإنسان المجهول متعاطف معه، وقادر على فهمه، وهو يبحث عن الأشياء الأساسية في الفن والحياة، لم يدخل معارك أدبية، ولم يشتبك في مناقشات حادة». 7- وداع يحيى حقي: غيب الموت عن عالمنا الأديب يحيى حقي في صباح يوم الأربعاء الموافق 9 ديسمبر عام 1992.