بالرغم من أنه رئيس المجلس الشعبى المحلى لقرية ناهيا وعضو الحزب الوطنى الحاكم، يشكو الحاج سامح شحاتة مثل كثيرين غيره من أهالى هذه «القرية» التى تبعد نحو 5 كيلومترات فقط عن حى «المهندسين» الراقى، من سوء حالة مياه الشرب التى تصله عبر الحنفية قادمة من محطة إمبابة لمياه الشرب، ويصفها بلهجة قاطعة لا تقبل التشكيك بأنها «مياه مجارى». قبل أيام مثلا، فوجئ سامح بزوجته تصرخ بينما كانت واقفة تقوم ببعض أعمال التنظيف فى المطبخ مستخدمة مياه الحنفية. هرع سامح إلى هناك ليشاهد المياه القادمة وهى فى حالة بالغة السوء، وليجد زوجته تقول «مش طايقه ريحة إيديه.» لذلك تجده يقول: «المسألة واضحة، ومش محتاجة تحاليل ولا حاجة». لا يشير رئيس المجلس الشعبى لناهيا بأصبع الاتهام إلى نوعية وجودة المياه القادمة من محطة إمبابة لمياه الشرب، ولكنه يعدد فى المقابل قائمة من الأشياء التى يرى أنها مسئولة عن تدهور حال مياه الحنفية فى بلدته البالغ سكانها الآن نحو 85 ألف نسمة، والتى أصبحت أقرب إلى المدينة منها إلى القرية الريفية. يقول سامح: «نتيجة لنقص مياه الشرب القادمة إلى ناهيا وتوزيعها بالتبادل لساعات قليلة على أجزاء البلدة المختلفة، فإن مواسير المياه فارغة معظم الوقت، ونتيجة لقدم وتهالك الأجزاء المكونة من الأسبتوس فيها، ووجود كسور فى الأجزاء البلاستيكية الأحدث منها، يتسرب إلى هذه المواسير فى هذه الأوقات مياه الصرف القادمة من المنازل، التى تأتى مع مياه الشرب عند إعادة ضخها». ويصف رئيس المجلس الشعبى للبلدة التى لا توجد بها حتى الآن شبكة للصرف الصحى رغم الكثافة السكانية العالية بها، شكل مياه الحنفية بعد عودة المياه إليها مشيرا إلى أنها تظل لمدة تتراوح بين الساعة إلى الساعة ونصف مليئة بمياه المجارى ورائحتها لا تطاق، وأنهم يضطرون لترك الحنفية مفتوحة طوال هذه المدة للتخلص من المجارى، وبعدها يبدأون فى ملء الجراكن والخزانات بالمياه التى يستخدمونها بعد ذلك فى الشُرب، بالرغم من عدم تأكدهم من سلامتها أيضا. شبكة المواسير الأثرية على باب الوحدة المحلية لناهيا، يجلس الرجل الذى ظل مسئولا عن مياه الشرب وشبكة مواسيرها فى ناهيا لسنوات طويلة قبل أن تتسلم المهمة منه الشركة القابضة لمياه الشرب، والذى بدا أنه يعرف ما قد لا يعرفه غيره عن أسباب تدهور أحوال مياه الشُرب هناك. يقول عم إبراهيم: «باختصار شبكة مياه الشرب فى القرية كانت كلها من الإسبستوس، وعمرها 40 سنة، ومن حوالى 10 سنين بدأنا عملية إحلال وتجديد لها بمواسير بلاستيك من نوع «بى. فى. سى»، وكل سنة كنا بنغير نسبة منها لحد ما غيرنا 80% منها، وتبقى 20% من شبكة الاسبستوس القديمة، وتوقف العمل لأن فيه مشروعا لعمل شبكة صرف صحى وبعدها سيتم تغيير شبكة المياه الموجودة بالكامل». وبالرغم من كل ما قيل سابقا عن تدهور أحوال مياه الشرب فى ناهيا، فإن إبراهيم يعترف أن مياه الشرب القادمة الآن من النيل عبر محطة إمبابة لمياه الشرب أفضل حالا من حيث الجودة من مياه الآبار الإرتوازية التى كانت تعتمد عليها بالكامل ناهيا حتى عام مضى، والتى كانت مختلطة بشكل كبير بمياه الصرف الصحى والزراعى وغير صالحة تماما للشرب، ويستعملها الأهالى «فى الغسيل ورش الشوارع». لكنه يؤكد فى الوقت نفسه أنه لا تزال هناك سلبيات وأوجه قصور فى أسلوب عمل شركة المياه، وهو ما يؤدى للمشكلات الموجودة الآن. ويشير إلى أن هناك «سوءا فى التنظيم أو التوزيع» وراء مشكلة انقطاع المياه المسئولة بدورها عن السماح بدخول مياه الصرف وغيرها للمواسير قائلا: «زمان كنا شغالين على خط واحد قطره 6 بوصات وكان بيخدم مناطق كبيرة، وكنا بنقعد فى المجلس المحلى وبنحسبها ونشوف المنطقة ديه محتاجه إيه وديه محتاجة إيه، النهاردة فيه 4 خطوط والميه مش موجودة زى الأول». بالإضافة لما سبق يأتى «تباطؤ الشركة» فى الإصلاحات، كما يضيف عم إبراهيم، الذى يقول موضحا إنه لو حدث وانكسرت ماسورة أو محبس فإن الشركة لا تتحرك إلا بعد يومين أو ثلاثة من الإبلاغ عن هذا العطل، وهو ما يسمح بدخول مياه ملوثة إلى مواسير الشرب ويؤدى إلى «تغيير فى لون وطعم ورائحة مياه الشرب القادمة من الحنفية»، أما لو أن هناك سرعة فى الإصلاح، كما يقول إبراهيم، فإن مشكلات المياه يمكن أن تقل من 20% إلى 5% فقط. شكوى فى محطة ناهيا فى محطة مياه ناهيا القديمة التى كانت تعتمد فيما مضى على الآبار الإرتوازية، وأصبحت الآن مجرد مُوزع للمياه القادمة من النيل عبر محطة إمبابة بعد أن تحولت تبعيتها من المحليات إلى الشركة القابضة للمياه، كان هناك بالمصادفة عدد من أهالى ناهيا يشتكون من انكسار ماسورة المياه فى إحدى الشوارع لمجرد أن سيارة نقل مرت من فوقها. تلقى العاملون بالمحطة الشكوى ووعدوا بحلها، لكن سامح البرعى، رئيس لجنة البيئة بالمجلس المحلى لناهيا، والذى كان واقفا مع الأهالى فى تلك اللحظة تحدّث عن وجود كسور كثيرة أخطر فى شبكة المياه، جاءت نتيجة لأعمال الحفر المرتبطة بمد شبكة الصرف الصحى والتى تتم بالقرب من شبكة مواسير مياه الشرب، وأشار إلى أن عدم وجود المياه فى المواسير «بيخلى اللى بيشتغل يلزق الكسر بأى شكل» وهو ما يؤدى لتسرب المياه الملوثة للمواسير. لم يكذب العاملون بالمحطة، ومعظمهم من أهالى ناهيا، ما قاله رئيس لجنة البيئة بالمجلس المحلى، لكنهم أكدوا أن هناك خططا لإحلال وتجديد شبكة مياه الشرب عقب الانتهاء من مد شبكة الصرف الصحى، وأشارو إلى أن هناك مشروعا آخر المفروض أن يبدأ تنفيذه العام القادم لعمل خزان للمياه بالمحطة لتوفير مزيد من المياه وتسهيل توزيعها على أجزاء ناهيا المختلفة بشكل أفضل، إلا أن أحد العمال عاد وقال «سمعنا إن الجهاز التنفيذى لمياه الشرب مفيهوش فلوس كفاية لعمل هذا الخزان». أما عن موعد الانتهاء من شبكة مياه الصرف الصحى وإحلال وتجديد شبكة مياه الشرب فيقول رئيس المجلس الشعبى لناهيا، سامح شحاتة متعجبا: «طبقا للخطة الموضوعة لا تزال هناك خمس سنوات أخرى، وهو ما يعنى أننا سنظل نشرب هذه المياه المختلطة بالمجارى طوال هذه المدة». ويضيف سامح موجها كلامه للحكومة: «إحنا بنقول للحكومة انقذونا بأى شكل.. يا إما الشركة تكثف عملها أو يجيبوا شركة تانية جمب الشركة ديه ويخلصوا بسرعة.. لأننا «بنى آدمين» ومن حقنا نشرب مياه صالحة على مدار اليوم».