«مياه الشرب التى يتم إنتاجها فى محطات المياه الكبيرة التى تستمد مياهها من النيل فى القاهرة الكبرى والمدن الرئيسية تُجرى لها المعالجات اللازمة لتخرج فى النهاية نقية وصالحة للشرب طبقا للمواصفات القياسية المصرية، ولكن هذه المياه قد تفقد صلاحيتها فى الطريق إلى الحنفية» هكذا يشير د.أحمد شعبان، رئيس شعبة بحوث البيئة بالمركز القومى للبحوث، إلى سر شكاوى المواطنين من مياه الشرب بالرغم من تأكيدات العاملين فى محطات المياه عن جودة المياه التى تخرج منها. ويوضح رئيس الشعبة المُكلفة من جهاز تنظيم مياه الشرب بالمراجعة البيولوجية والكيميائية لنوعية وجودة المياه فى مصر، أن أول المشكلات التى قد تتعرض لها مياه الشرب بعد خروجها من المحطة، تتمثل فى أن شبكة المواسير التى تمر بها، سواء كانت من الحديد أو الإسبستوس، متهالكة وقديمة وأحيانا ما يكون بها كسور فى بعض المناطق قد تسمح بدخول مياه صرف أو أتربة وأى ملوثات، هذا فضلا عما يتراكم بها من الميكروبات، والتى تسمى علميا هنا ب«الغشاء الحيوى» والتى تجرفها المياه معها خلال اندفاعها. ومن ناحيته، يؤكد المهندس حسين فضل، رئيس قطاع التشغيل والشبكات بشركة الجيزة لمياه الشرب، على التأثير الكبير الذى يمكن أن يحدثه تهالك شبكة المواسير فى التأثير على صلاحية المياه قائلا: إن منظومة مياه الشرب متكاملة وهى أشبه بالجسم البشرى، وفى حين يمكن تشبيه محطة المياه فيها ب«القلب» يمكن تشبيه شبكات المواسير بالشرايين والشعيرات، وإذا تعرضت بعض هذه الشرايين والشعيرات أو المواسير لمشكلة يحدث خلل يؤثر بالتأكيد على جودة المياه. غير أن رئيس قطاع التشغيل والشبكات بالشركة التى تخدم محافظات الجيزة و6 أكتوبر وبعض مراكز محافظة حلوان، يؤكد فى الوقت نفسه على أنه مع جميع المحطات الجديدة التى تنشأ يتم إقامة شبكات جديدة للشرب والصرف فى المناطق التى تخدمها، وأن الشبكات والمواسير الفرعية فى القرى سيتم تغييرها خلال 4 أو 5 سنوات، وهناك شبكات جديدة يتم تنفيذها الآن بالفعل فى نطاق عمل الشركة كما هو الحال فى الحسينية والبراجيل وناهيا وغيرها». وتشير تقديرات الشركة القابضة لمياه الشرب إلى أن أطوال شبكات مياه الشرب الموجودة فى مصر تقدر بنحو 112 ألف كم على الأقل، وتصل أعمار بعض هذه الشبكات أحيانا إلى 100 عام فى حين يعود بعضها الآخر إلى 50 أو 40 عاما، وهو ما يؤكد على تهالكها وانتهاء عمرها الافتراضى، حسبما يؤكد الخبراء. إلا أن الشركة تعود وتؤكد، على لسان محيى الصيرفى مدير العلاقات العامة بها أن «لديها الآن خطة لإحلال وتجديد هذه الشبكة، ولأول مرة يحدث أن تضع الحكومة فى خطتها الخمسية الحالية ميزانية مقدارها مليار جنيه سنويا لهذا الغرض. والسؤال هنا: هل يكفى هذا المبلغ لإصلاح هذه الشبكات الممتدة لآلاف الكيلومترات، خاصة إذا ما عرفنا أنه خلال عام 2008/2009 تم إحلال 450 كم من المواسير فقط؟ يجيب الصيرفى بطريقة مقتضبة: «تخصيص مثل هذا المبلغ سنويا ولأول مرة حاجة جميلة جدا وتحسب للحكومة، وبعدين ما ينفعش أحفر شوراع مصر كلها مرة واحدة». ويضيف: «لدى الشركة الآن جهاز يتعرف على المواسير الموجودة تحت الأرض وما هى أقطارها ومتى ينتهى عمرها الافتراضى؟، وبدأنا بما يحتاج تغييره من هذه المواسير». لكن بالإضافة إلى ما تسهم به شبكة المواسير العامة التى تدخل فى نطاق مسئولية الشركة القابضة لمياه الشرب والصحى فى تلويث مياه الشرب، يشير د.أحمد شعبان كذلك إلى أن شبكة المواسير الموجودة فى البيوت تتحمل جزءا من المسئولية حيث إنها كثيرا ما تكون قديمة ومتهالكة أيضا، ولا يهتم الناس بتنظيفها وتغييرها. هذا فضلا عن خزانات المياه التى تعلو أسطح المنازل والتى لا يتم تنظيفها بشكل دورى، وكثير منها غير مغلق جيدا أو محمى بالدرجة المطلوبة».