تحل اليوم الذكرى ال5 لرحيل الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا، الذي اعتقل لمدة 27 عامًا؛ ليصبح بعدها أول رئيس أسود في البلاد، وأيقونة للنضال والحرية في العالم. وفي السطور التالية، تستعيد «الشروق» أبرز المحطات في مشوار نيلسون مانديلا، أول رئيس أسود في تاريخ جنوب إفريقيا: • بين «دوليهلاهلا» و«نيلسون»: ولد نيلسون مانديلا في 18 يوليو 1918 بجنوب إفريقيا، منتسبا لقبيلة «الهوسا»، وكان والده زعيما محليا ومستشارا للملك، قبل أن يتم عزله بتهمة الفساد، ويتوفى بمرض الرئة، وقد ورث مانديلا عن والده «التمرد بفخر» و«إحساس عنيد بالعدالة»، حسبما ذكر. وشبّ مانديلا مع إخوته في مسكن والدته، التي اعتنقت المسيحية، وأرسلته ليتعلم في المدرسة الميثودية، وقد عمد كميثودي في عمر ال7 أعوام، كما مُنح لأول مرة اسم «نيلسون»، بدلًا من اسمه الحقيقي، «دوليهلاهلا» وذلك حتى يسهل على معلمه منادته به، وقد أرسلته والدته بعد ذلك إلى قصر مكيكزوبي، وجعلته تحت رعاية الوصي على عرش «تيمبو»، وهناك تلقى معاملة طيبة من الوصي على العرش وزوجته، وأصبح يتردد على الكنيسة أيام الأحد، حتى أصبحت للمسيحية مكانة خاصة في حياته. • مانديلا بين قراءة التاريخ وسماع حكاياته: درس مانديلا اللغة الإنجليزية والتاريخ والجغرافيا، وقد تعلق بالتاريخ من خلال استماعه إلى حكايات زعماء القبائل المختلفة، من الزوار المسنين الوافدين إلى القصر في المناسبات الرسمية، وكانت أحاديثهم مليئة بالحكايات التي تروي كيف عاش الأفارقة في سلام وأخوة قبل مجيء البيض إلى أراضيهم، وبثهم الخلافات فيما بينهم. • بين الدراسة والاستقالة: تلقى تعليمه الثانوي في مدرسة داخلية، وكان متفوق في دراسته وفي الرياضة، وتحديدًا في «الجري والملاكمة»، إلا أنه نال قسطًا وافرًا من سخرية زملائه نظرًا لأصله الريفي، وفي نهاية المطاف نجح في عقد صداقات مع العديد من الطلاب، بما في ذلك ماثونا، أولى صديقاته الإناث، ليلتحق بعد ذلك بجامعة فورت هير، وقد كان الحرم الجامعي الوحيد للطلاب السود في جنوب إفريقيا، ودرس بها اللغة الإنجليزية والانثروبولوجيا والسياسة والإدارة المحلية والقانون الهولندي الروماني في سنته الأولى، كما واصل اهتمامه بالرياضة، وأخذ دروسا في الرقص وتميز في التمثيل المسرحي. وفي العام التالي، انتُخب مانديلا عضوًا في مجلس الطلاب، وقد كان زملاؤه حينها غير راضين عن الطعام الذي تقدمه الجامعة، مما دفعهم إلى التهديد بمقاطعة الجامعة، فسار مانديلا على خطاهم واستقال من عضوية المجلس، ورأت الجامعة أن هذا التصرف أشبه بالعصيان، لذلك اجتمعت مع مانديلا وأبعدته عن الجامعة لبقية السنة، وخيرته بين الطرد من الجامعة أو العودة عن قراره بالاستقالة من عضوية المجلس، فغادر وواصل تعليمه العالي بالتسجيل في جامعة جنوب إفريقيا. • مانديلا من الاحتجاج السلمي إلى الكفاح المسلح: أثناء دراسته انخرط مانديلا في الحركات المناهضة للفصل العنصري في البلاد، وصادق الليبراليين والشيوعيين والأوروبيين واليهود والطلاب الهنود، وانضم إلى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي سنة 1942، وقد وافق الحزب على سياساته الجديدة التى تعتمد على الإضراب والعصيان المدني والمقاطعة حتى تحقيق جميع الأهداف المتمثلة في تمتع السود بالمواطنة الكاملة، وإعادة توزيع الأراضي بينهم وبين البيض، وتمتعهم بالحقوق النقابية، فضلًا عن إلزامية التعليم ومجانيته لجميع الأطفال، وقاد حركات الاحتجاج السلمية ضد الحكومة وسياساتها، الأمر الذي أدى إلى اعتقاله وواجه الاتهام بالخيانة العظمى. اعتنق «مانديلا» بعد ذلك فكرة الكفاح المسلح لتحقيق التغيير المنشود، فشارك مع غيره من المناضلين في تأسيس الجناح المسلح لحزب المؤتمر الإفريقي، وقاد إضراب العمال الذي استمر 3 أيام، فاعتقلته السلطات وحُكِم عليه بالسجن لمدة 5 أعوام، ولكن أعيدت محاكمته مرة أخرى سنة 1963، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة. • مانديلا والطريق إلى الحرية: لم يحظَ «مانديلا» بالمعاملة الطبية في المعتقل لأنه سجين أسود، وأصيب بالسل، لكنه حصل على درجة البكالوريوس في القانون عبر نظام المراسلة مع جامعة لندن، وفي عام 1985، عرض الرئيس بيتر ويليام بوتا، الإفراج عن مانديلا مقابل تخليه عن الكفاح المسلح، لكنه رفض، وتوالت جلسات التفاوض بينه وبين الحكومة، حتى 11 فبراير 1991، عندما أُعلن عن إطلاق سراح مانديلا، بعد 27 عامًا. • مانديلا أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا: انتُخب نيلسون مانديلا رئيسًا للمؤتمر الوطني الإفريقي سنة 1991، وتفاوض مع رئيس البلاد آنذاك، فريدريك ويليام دي كليرك، على إجراء أول انتخابات متعددة الأعراق في البلاد، وهكذا أُجريت أول انتخابات ديمقراطية، ليصبح مانديلا أول رئيس أسود في تاريخ جنوب إفريقيا، وقد حازا «مانديلا وكليرك» على جائزة نوبل للسلام نظير عملهما المشترك لإنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. • المصالحة بين البيض والسود: بعد توليه الرئاسة، استغل «مانديلا» حب الشعب وحماسه نحو الرياضة في تعزيز المصالحة بين البيض والسود، فدفع السود إلى تشجيع منتخب «الرجبي»، كما عمل على حماية الاقتصاد الوطني من الانهيار، ووضع خطة لإعادة إعمار البلاد وتنميتها، ووقع على مرسوم تشريع دستور جديد للبلاد، وأنشأ حكومة مركزية قوية تقوم على حكم الأغلبية، مع ضمان حقوق الأقليات وحرية التعبير، وعندما حان موعد الانتخابات العامة، أعلن عن عزوفه عن الترشح، وترك العمل السياسي، لكنه استمر في عمله الخيري لجمع الأموال اللازمة لتشييد المدارس والمراكز الصحية بجنوب إفريقيا، كما كتب سيرته الذاتية «رحلتي الطويلة من أجل الحرية». • وداع نيلسون مانديلا: في عام 2004، أعلن مانديلا رسميًا عن تقاعده من الحياة العامة، وعاد ليعيش في قريته كونو، حتى تُوفي في 5 ديسمبر 2013 متأثرا بعدوى في الرئتين وأعلن عن وفاته الرئيس الجنوب إفريقي «جاكوب زوما»، من خلال بيان قال فيه: «بني وطني جنوب إفريقيا: لقد وحدنا نيلسون مانديلا وسوف نودعه موحدين»، وأعلن الحداد في البلد لمدة 10 أيام، وحظى مانديلا بجنازة رسمية حضرها 90 ممثلا رسميا لعدة دول ومنظمات في تجمع مهيب تداول فيه عدد زعماء على المنصة لرثاء الفقيد.