أودعت محكمة القاهرة الاقتصادية حيثيات حكمها بتغريم عيسى حياتو، رئيس الاتحاد الإفريقى لكرة القدم "كاف" سابقا، وهشام العمرانى، سكرتير عام الاتحاد سابقا، مبلغ 500 مليون جنيه لكل منهما، وإحالة الدعويين المدنيتين إلى المحكمة الجنائية، فى اتهامهما بمخالفة قانون منع الممارسات الاحتكارية. واستهلت المحكمة حيثيات حكمها بسرد وقائع التحقيقات التي أجراها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، على إثر بلاغ مقدم من رئيس الشركة المصرية لخدمات إعلانات الأقاليم "بريزنتيشن" ضد الاتحاد الإفريقي لكرة القدم فيما يتعلق بالممارسات الاحتكارية التي يمارسها والمتعلقة باستغلال حقوق البث الخاصة بالبطولات التي ينظمها الاتحاد الإفريقي، ومخالفة قانون حماية المنافسة، حيث منح حق الاستغلال التجاري لحقوق البث الخاصة بالاتحاد الإفريقي لكرة القدم على مستوى العالم إلى شركة لاجاردير الفرنسية حتى عام 2028، ودون اتباع نظام طرح تنافسي يضمن تحقيق شفافية وعدالة التنافس بين المتنافسين المختلفين، وذلك كله بالمخالفة للقانون. وأشارت المحكمة إلى أن جهاز حماية المنافسة كشف علاقة شركة لاجاردير الفرنسية، وشبكة بي إن سبورتس القطرية، بعدما تبين للجهاز قيام مؤسسة "بي إن" بطرح باقاتها المتعلقة بكأس الأمم الإفريقية في السوق المصرية، وهو ما يؤكد أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم قد باع فعليّا حقوق البث الخاصة بالسوق المصرية لمؤسسة بي إن الإعلامية، وهو ما أضاف تدعيم وتقوية الوضع المسيطر لمؤسسة بي إن الإعلامية في السوق المصرية دون وجه حق لعدم لجوء الاتحاد الإفريقي لنظام المزايدة عند طرح حقوقه. وأكدت المحكمة أن رئيس الكاف السابق وسكرتيره امتنعا عن التعاقد مع شركة "بريزنتيشن" على حق الاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة بالبث المباشر بكافة الوسائل الإعلامية للبطولات دون مبرر مشروع، على الرغم من تقدمها بعرض جدي، وتزيد عن القيمة المالية المتعاقد عليها مع شركة "لاجاردير" الفرنسية، فضلًا عن إصرارهما على إبرام التعاقد على بيع حق الاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة بالبث المباشر للبطولات وتعليقها على شرط شرائها مجمعة وعلى كافة الوسائل الإعلامية وبجميع المناطق الجغرافية بأنحاء العالم، على الرغم من عدم توافر التماثل بين البطولات أو المناطق الجغرافية أو الوسائل الإعلامية المختلفة. وتبين للمحكمة قيام مسؤولي الكاف السابقين بتمييز شركة "لاجاردير سبورتس" في التعاقد معها على حق الاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة بالبث المباشر بكافة الوسائل الإعلامية للبطولات دون مبرر موضوعي بأن تعاقدا معها على بيع الحقوق بطريق الإسناد المباشر لمدة 12 سنة، وبسعر أقل متجاهلين طرح الحقوق في مزايدة علنية وشفافة يراعى فيها حرية المنافسة بين الأشخاص المعنية بالحقوق. وأشارت إلى أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم أعطى للشركة الفرنسية حق البث المباشر لبطولات الاتحاد الإفريقي حصريا منذ عام 2008 وحتى عام 2016، وقام بتجديد التعاقد مع ذات الشركة التي تقوم بمقتضاه بالاستغلال التجاري لحقوق الاتحاد بما فيها حقوق البث المباشر على مستوى العام ابتداءً من 2017 وحتى 2028 لتبلغ مدة تمتع تلك الشركة حصريا بتلك الحقوق 20 عامًا متصلة بحلول عام 2028. وقالت المحكمة إن الاتحاد الإفريقي لم يتبع نظام طرح تنافسي يضمن تحقيق شفافية وعدالة التنافس بين المتنافسين المختلفين وذلك بالمخالفة للقانون، وهو الأمر الذي منع منافسي شركة لاجاردير من الحصول على فرصة عادلة للمنافسة وتقديم عروض تنافسية أفضل للاتحاد، وقام بخلق وضع مسيطر يتحكم بصورة تامة فى سوق بث البطولات الإفريقية التي تحوز اهتمام قطاع عريض من الشعب المصري، كما أن الفترة الزمنية منع كلي لوجود منافسة حالية أو مستقبلية لهذا الكيان في سوق بث فعاليات تلك البطولات. وذكرت في الحيثيات أنه لا يوجد أي مبرر لعدم تقسيم بيع الحقوق على أساس المناطق الجغرافية المتخلفة وقيام الاتحاد ببيعها بصورة مجمعة وبيعها في إطار باقة واحدة تضم البطولات الدورية والموسمية بل وتضم أيضًا الحقوق الحصرية لبث فعاليات تلك المباريات عبر الوسائل الإعلامية المختلفة، كالبث التليفوني والبث عبر الإنترنت، وهو ما أدى لحرمان قطاع كبير من الاستثمارات في هذا المجال من المنافسة، ودفعهم إلى الخروج من السوق. وقالت المحكمة إن "كاف" امتنع عن التعاقد مع شركة بريزنتيشن رغم تقدمها بعروض جدية وتنافسية ذات قيمة أعلى وهو ما يعني القضاء على أية منافسة في سوق شراء حقوق البث ومن ثم حرمان المشاهد المصري من الاستفادة من فوئد المنافسة، وهو يبين معه الضرر الجسيم الذي لحق بالسوق المصرية، حيث انفردت شركة لاجاردير بالسوق المصرية، وقامت بمنح حقوق البث التليفزيوني وعبر الإنترنت لمؤسسة "بي إن" الإعلامية داخل السوق المصرية، ونتيجة لذلك انعدمت المنافسة بين وسائل العرض المختلفة وقلت فرص المشاهدين المصريين في الاختيار بحرية بين وسائل البث المختلفة. وأردفت المحكمة أن الاتحاد الإفريقي قام بتفضيل شركة لاجاردير حيث قام بالاتفاق معها منذ شهر يوليو 2015 على تجديد منحها الحقوق التي تبدأ في عام 2017، ثم قام بتنفيذ التجديد والتعاقد النهائي في سبتمبر 2016، أي أنه اتفق معها قبل نحو عام ونصف العام من انتهاء الحقوق السارية وقام عمدا بتجاهل عدة مطالبات بطرح بيع هذه الحقوق في إطار مزايدة علنية تراعي قواعد المنافسة العادلة والشفافة بين المتنافسين، وقامت مؤسسة "بي إن" القطرية بطرح باقتها المتعلقة بكأس الأمم الإفريقية في السوق المصرية، وهو ما يعضد ما انتهى إليه جهاز حماية المنافسة من الاستحالة العملية لوجود أي منافسة لشبكة بي إن داخل السوق المصرية، لارتباطها بمجموعة لاجاردير، وهو ما مؤداه أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم قد باع فعليّا حقوق البث الخاصة بالسوق المصرية لمؤسسة بي إن الإعلامية، وهو ما أضاف تدعيم وتقوية الوضع المسيطر لمؤسسة بي إن في السوق المصرية دون وجه حق. وانتهت المحكمة إلى أنه ثبت ليقينها واستقر في عقيدتها قيام المتهمين بارتكاب التهم السابق الإشارة إليها، ولم يقف مراد ذلك الجرم عند حد الإخلال بقواعد المنافسة والسيطرة على السوق المصرية فحسب، بل انصرف هذا المراد متعديا حدوده إلى الإجهاز بصورة أو بأخرى على قطاع عريض من الشعب المصري يعتبر كرة القدم متنفسه الوحيد ومتعته المشروعة التي يمارسها دون تحمل أعباء مادية تفوق قدرته. وقالت: "إن المتهمين سلبوا حق الشعب المصري فى مشاهدة كرة القدم بالحد من منافسة الشركات المختلفة لصالحه فأضحى فريسة لاحتكار قائم على أسس غير مشروعة، وسياسة انتهجها المتهمان تحد من أسس المنافسة العادلة، فأبلى كل منهما بلاءً مكروها بخنق المنافسة وتوطيد وتعميق سيطرة إحدى الشركات على الحقوق الكاملة للاتحاد الإفريقي دون غيرها ومنع باقي المتنافسين من حقوقهم في المنافسة العادلة، وما يترتب عليه من أضرار بالسوق والمشاهد المصري". ولهذه الأسباب، قضت المحكمة بتغريم كل من عيسى حياتو، الرئيس السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف)، وهشام العمراني، سكرتير عام الاتحاد السابق، مبلغ 500 مليون جنيه لكل منهما بإجمالي مليار جنيه، وإلزامهما بدفع المصاريف الجنائية، وإحالة الدعاوى المدنية إلى المحكمة المختصة، وذلك بسبب المخالفات التي ارتكبها الاثنان لقانون حماية المنافسة، ووقائع الفساد التي تورطا فيها ببيع حقوق البث الخاصة بالاتحاد لشركة لاجاردير الفرنسية، التي منحتها لشبكة "بي. إن" القطرية، والإضرار بالمُشاهد المصري. صدر الحكم برئاسة المستشار محمد عبد السلام النفراوي، وعضوية المستشارين شريف عماد البيلي وعمرو عبد الرسول طنطاوي، وبحضور أحمد حسن دياب، وكيل النائب العام.