التعليم تعقد التصفيات النهائية لمسابقة "تحدي القراءة العربي" بالتعاون مع الإمارات    الأسهم الأوروبية تغلق مرتفعة مع استمرار التكهنات بشأن خفض سعر الفائدة    بعد موافقة الحكومة.. التفاصيل الكاملة بشأن زيادة الحد الأدنى لرأس مال شركات التمويل العقاري    البحوث الزراعية تستقبل وفدًا عسكريًا من تنزانيا الإتحادية    إعلام عبري: مخاوف من صدور أوامر اعتقال دولية لمسؤولين منهم نتنياهو بسبب غزة    روسيا: مساعدات أمريكا «الاستعمارية» لكييف لن تغير الوضع ميدانيا    مصدر ل"مصراوي": "الأهلي تلقى موافقة بحضور 50 ألف مشجع في لقاء مازيمبي"    "للعام الثالث على التوالي".. لعنة أبريل تطارد أرسنال وأرتيتا    "أبوها طب عليهم في الصالة".. ماذا قال الأب المصدوم في التحقيقات؟ (كواليس)    "منعه من أذية جاره فولع فيه بالبنزين".. أول لقاء مع أسرة السائق ضحية القتل على يد عاطل في كرداسة (فيديو وصور)    بعد أزمته في عزاء شيرين سيف النصر.. 10 معلومات عن الفنان أحمد عبدالعزيز    ياسمين عز تفاجئ جمهورها بمسابقة جديدة في برنامج "كلام الناس"    بالفيديو.. خالد الجندي: عمل المرأة في بيتها «عبادة».. وسعي زوجها «جهاد»    طبيب يكشف علاقة الاكتئاب الموسمي بشهر أبريل | خاص    الشرقية.. إحالة 30 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق    انقلاب سيارة عروس أثناء ذهابها لإحضار عروس بالمنوفية    وزارة التضامن تفتح باب سداد الدفعة الثانية للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    نائب رئيس جامعة عين شمس تتفقد أعمال التطوير بقصر الزعفران    الزمالك يكشف ل «أهل مصر» حقيقة أزمة حسين لبيب مع أحمد سليمان    كان السينمائي يمنح "ستوديو جيبلي" جائزة "السعفة الذهبية" الفخرية لأول مرة    نجم ليفربول على موعد مع رقم تاريخي أمام أتالانتا في الدوري الأوروبي    آداب يوم الجمعة باختصار .. الاغتسال ودهن الشعر والتطيب    جوتيريش: علينا التزام أخلاقي بدفع جهود التهدئة في الشرق الأوسط    جامعة أسيوط تشهد انطلاق المؤتمر الثاني لطب الجنين بصعيد مصر    رئيس جنوب الوادي يتفقد 24 مصابًا فلسطينيًا في المستشفيات الجامعية    مجلس النواب يعقد أولى جلساته فى العاصمة الإدارية الأحد المقبل    «القومي لثقافة الطفل» يحتفل باليوم العالمي للتراث غدا    البنك الأهلى.. إصابة" أبوجبل" اشتباه في قطع بالرباط الصليبي    مميزات وعيوب إيقاف تنفيذ العقوبة للمتهمين    الإعدام لمتهم بقتل زميله بعد هتك عرضه في الإسكندرية    وزير قطاع الأعمال: القطاع الخاص شريك رئيسي في تنفيذ مشروعات التطوير وإعادة التشغيل    انخفاض الأسعار مستمر.. غرفة الصناعات الغذائية تزف بشرى للمواطنين    الاتحاد الأوروبي: نرفض أي عملية عسكرية في رفح الفلسطينية ونخشى حدوث كارثة    بيلينجهام يمدح حارس الريال بعد التأهل لنصف نهائى دورى أبطال أوروبا    يسهل إرضاؤها.. 3 أبراج تسعدها أبسط الكلمات والهدايا    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    مفتي الجمهورية يفتتح معرض «روسيا - مصر..العلاقات الروحية عبر العصور» بدار الإفتاء..صور    قافلة طبية تخدم 170 مواطنًا بقرية الحمراوين في القصير البحر الأحمر    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    إلغاء إقامتها.. مفاجأة جديدة عن بطولة الدوري الأفريقي في الموسم الجديد    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    طقس سئ.. غبار رملي على الطرق بالمنيا    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    وكيل صحة قنا يجتمع مديري المستشفيات لمناقشة اللائحة الجديدة وتشغيل العيادات المسائية    فى الجيزة.. التعليم تعلن جدول امتحان المستوى الرفيع والمواد خارج المجموع لطلاب النقل والإعدادية    مدفوعة الأجر.. الخميس إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة عيد تحرير سيناء    تعَرَّف على طريقة استخراج تأشيرة الحج السياحي 2024 وأسعارها (تفاصيل)    "الوزراء" يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    في قضية «الشيبي وحسين الشحات».. محامي لاعب بيراميدز يطلب الحصول على أوراق القضية    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    وزير التعليم العالي يبحث سبل التعاون المشترك مع مدير منظمة "الألكسو"    بلدية النصيرات: غزة تحوّلت إلى منطقة منكوبة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    بيان عاجل من اتحاد جدة على تأجيل لقاء الهلال والأهلي في دوري روشن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة محيرة لا تجد جوابًا وخطة مقترحة لتحرك جماعى
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 11 - 2018

أنا عائد لتوى من محافظة المنيا حيث كنت فى زيارة لقريتى بمركز مغاغة وقمت خلالها بزيارة للأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة بمقر المطرانية بمدينة مغاغة... لتقديم واجب العزاء فى شهداء الاعتداء الغاشم على زوار دير الأنبا صموئيل، وقد عبرت له عن الأسف أن زيارتى الأولى له تتم فى مثل هذه الظروف.. وقد قص على ما سمعه من الجرحى والمصابين وبعض الناجين فقال إن الجريمة المروعة وقعت فى نفس المكان وبنفس الأسلوب الذى ارتكبت فيه نفس الجريمة السابقة منذ حوالى عام ونصف..
وأضاف أنه زار الجرحى بمستشفى مغاغة المركزى الذى يبعد عن مقر المطرانية بحوالى خمسمائة متر كما استمع إلى الناجين الذين كانوا فى الأتوبيس وهو الأتوبيس الذى استطاع أن ينجو من اعتداء الإرهابيين.. بينما وقع ركاب الميكروباص فريسة سهلة لهم.
قال إن ركاب الأتوبيس شاهدوا زملاءهم وهم يتعرضون للهجوم بالمدافع الرشاشة فسار الأتوبيس بأقصى سرعة وأبلغ كمين الشرطة بأن زملاءهم يقتلون الآن، فجاءهم الرد العجيب «بأنه ليس لديهم أوامر بإطلاق النار».
أضاف الأنبا أغاثون أنه بعد وقوع الحادثة الأولى تقدموا للسلطات بخمسة مطالب واضحة لتأمين الدير وهى:
- رصف الطريق الترابى (المدق) الذى يصل بين الدير وبين طريق القاهرةأسيوط وطوله 25 كيلو مترا.
- إنارة الطريق وتسيير دوريات شرطة عليه.
- إنشاء كمين شرطة على مدخل الطريق.
- مد شبكة اتصالات الموبايل لتغطى جوانب الطريق.
وعلى الرغم من مرور أكثر من عام ونصف على هذه المطالب البسيطة والمنطقية فإنه لم ينفذ منها سوى مطلب واحد وهو إنشاء كمين الشرطة الذى ثبت عدم جدواه.
وأضاف أن هناك أسئلة كثيرة لا تجد جوابًا وتستعصى على الفهم.. منها حادثة السيدة المسّنَة التى نُزعت ملابسها هى وزوجة ابنها ومشى بها الإرهابيون فى شوارع القرية ثم سترتها جارة مسلمة بملابس من عندها.
وعلى الرغم من أن الحادثة شاهدها الكثيرون فإن تقارير الأجهزة الأمنية نفت وقوع الحادثة.. مما جعل القاضى – الذى يحكم بموجب الأوراق التى أمامه – يرفض الدعوى المقامة من أبناء السيدة المُسنّة والحكم عليهم بإلزامهم بدفع تعويض نصف مليون جنيه للمعتدين!!
***
كيف يحدث ذلك ولماذا لم يتحقق مجلس النواب والمجلس القومى لحقوق الإنسان من صحة ما جاء بالتقارير الأمنية ولماذا لم يتم تشكيل لجنة تقصى حقائق فى حينه لمعرفة الحقيقة... ثم لماذا نفت أجهزة الأمن وقوع الحادثة أو اعتمدت أقوالا تدعى عدم وقوعها.. إن ترك مثل هذه الأسئلة وغيرها دون توضيح تفتح المجال للخيال الجامح لتأويلات ضارة بأمن المجتمع وتماسكه وتزيد من جرعة المرارة وفقدان الثقة..
أتمنى أن تتدارك الأجهزة المختصة الأمر وتستوعب أبعاد الموقف وتعى خطورة عواقبه وتتعامل مع الأمر بشفافية كاملة وتشرح الأسباب التى أدت إلى عدم الاستجابة للمطالب المنطقية والبسيطة الخاصة بتأمين الطريق برصفه وإنارته خاصة وأن خمسة وعشرين كيلو مترا لا تشكل عبئًا يذكر فى ضوء المشروعات الكبيرة التى يتم تنفيذها فى مجال الطرق ومجال البنية الأساسية بوجه عام.
***
وهذا يقودنا إلى موضوع المواجهة الشاملة للإرهاب.. إننى بصراحة لا أرى جدوى من أسلوب تجديد الخطاب الدينى لأن تجديد الخطاب دون تنقية المنبع ما هو إلا إعادة تغليف لبضاعة قديمة.. وأن المعالجة الحقيقية لن تؤتى ثمارها إلا بتنقية التراث مما شابه عبر السنين من إضافات وتأويلات ومدسوسات وعدم إضفاء هالة التقديس على هذا التراث ومراجعته مراجعة نقدية لأنه – باستثناء الوحى – ما هو إلا جهد بشرى يخطئ ويصيب.
***
أنا بعد تقاعدى من السلك الدبلوماسى عملت أمينا عاما مساعدا لمنظمة التعاون الإسلامى ثم مستشارا لها وقد اطلعت على وثيقة هامة بعنوان «الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامى»، وهذه الوثيقة تم إقرارها من مؤتمر القمة الإسلامى السادس المنعقد بداكار عام 1991 بالإجماع، وكانت العبارة الحاكمة فيها أو العنوان الرئيسى لها هو «لا شىء مقدس سوى وحى السماء» أى القرآن الكريم وما عدا ذلك فهو من صنع البشر.. وأنه لا يجب معالجة التراث معالجة متحفية بل يجب معالجته معالجة نقدية.
فالشعوب التى لا تراجع تراثها مراجعة نقدية لن يكتب لها التقدم، وهذه الوثيقة أعدها كوكبة من كبار الفقهاء والمفكرين العاملين فى حقل الدراسات الإسلامية فى مختلف الجامعات والمعاهد، وما زالت حبرًا على ورق منذ عام 1991.
وتكمن أهمية هذه الوثيقة فى أنه – ولأول مرة – يجمع العالم الإسلامى ممثلاً فى رؤساء دوله ال 57 على مراجعة التراث الإسلامى مراجعة نقدية ويعلن للعالم «أن التراث الإسلامى وإن ارتبط بالوحى فإنه ليس بوحى بل هو عمل إنسانى من صنع البشر وفهم بشرى للوحى يجب مراجعته مراجعة نقدية وعدم إضفاء هالة التقديس عليه».
وتنص الوثيقة أيضا على أن التراث المطلوب مراجعته يشمل «علوم التفسير والشريعة والفقه والتاريخ الإسلامى والسيرة والأحاديث النبوية وعلم الكلام والتصوف.
***
لقد تخطى العالم الإسلامى عقبة كئود وخطى خطوة عملاقة إلى الأمام باعتماد هذه الوثيقة وموافقة جميع الدول عليها بما فى ذلك السعودية السلفية الوهابية وإيران الشيعية، إلا أنه لم تتخذ أى خطوات لتنفيذها، ولو أنهم فعلوا وتمت المراجعة وأعيد إصدار الكتب التراثية بعد تنقيتها وتم تعديل المناهج الدراسية لجنبوا العالم الإسلامى المأزق الكبير الذى وقعنا فيه.
***
وإنى أتوجه برسالة إلى السيد الرئيس فأقول: لقد أصبت كبد الحقيقة فى كلمتكم بمناسبة الاحتفال بذكرى مولد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام عندما طالبت «بإعادة قراءة التراث الفكرى لإنقاذ العقول من حيرتها»، وأكدت «أن الإشكالية الحقيقية الحالية هى القراءة الخاطئة لأصول الدين»..
وعلينا الآن أن نشرع فى اتخاذ خطوات عملية وتنفيذية لبدء المسار الطويل لتنقية التراث كأهم وسيلة لمواجهة الفكر المتطرف..
وعلى الرغم من أن مصر من أوائل الدول التى تبنت هذا المطلب، فإنه من الأفضل ألا تنفرد بهذا العمل، فطالما لدينا هذه الاستراتيجية الثقافية المعتمدة من قادة العالم الإسلامى، وطالما أن المشكلة تخص العالم الإسلامى بأسره، فلماذا لا نتحرك تحت مظلة العالم الإسلامى لأن التحرك فى هذا الإطار الجماعى يقوى فرص قبول التجديد لدى العامة ويشجع على اتخاذ الخطوات العملية مثل تعديل المناهج الدراسية، كما أن التحرك تحت مظلة المنظمة التى تمثل العالم الإسلامى بأثره أفضل كثيرا من ترك الأمر لكل دولة على حدة ويجنبنا شبهة الاتهام بتحريف الدين ويجنب العالم الإسلامى وجود أنماط مختلفة من الإسلام ويغلق على المتطرفين والإرهابيين الباب للادعاء بأن الدين الحقيقى هو المطبق فى الدولة (أ) وليس فى الدولة (ب).
كما أن إعادة إصدار الكتب التراثية بعد تنقيحها بواسطة منظمة العلوم والتربية والثقافة الإسلامية ( الايسيسكو) التى سبق لها الإشراف على إعداد الاستراتيجية الثقافية من شأنه أن يعطى هذا العمل من المصداقية والقبول أكثر مما لو قامت به دولة واحدة .. فضلا عن أن التحرك فى إطار جماعى يفضل كثيرا عن ترك الأمر للجهود الفردية للدول الإسلامية لأن الجهود الفردية تؤدى إلى استمرار الخلافات والحيرة والبلبلة.
***
وأخيرا فإن الإقدام على هذه الخطوة لا ينتقص من دور الأزهر فلابد أن يكون الأزهر هو البؤرة المحورية لهذا العمل خاصة وأن قانون إعادة تنظيم الأزهر يطالب الأزهر «بالعمل على تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الشوائب وتجليتها فى جوهرها الأصيل الخالص».
كما أن الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب سبق أن طالب «بوجوب إعادة النظر فى التعليم ومناهجه ووضع استراتيجية متكاملة يقدم فيها الدين بالصورة التى أرادها الله له» (كلمة شيخ الأزهر فى ملتقى «مغردون» الذى عقد بالرياض على هامش القمة الإسلامية الأمريكية فى 22 مايو 2017 ).
***
هذا هو لب الموضوع وهذا هو الطريق لمواجهة الفكر المتطرف وإعادته إلى سيرته الأولى السمحة الناصعة.. الإسلام الذى يزيل أى احتمال للتعصب ويترك الفصل فى الخلافات بين أصحاب العقائد لله وحده يوم القيامة ( الآية 17 من سورة الحج ).. الإسلام الذى يدعو إلى التعامل بالبر والمودة ليس فقط مع أهل الكتاب بل مع الكفار.. «لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ » ( الآية 8 من سورة الممتحنة ).
هذا هو الإسلام وهذا هو الطريق.. فهل تطلق مصر شرارة البدء وتتولى قيادة تحرك إسلامى جماعى لوضع الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامى موضع التنفيذ.. هذا ما يجب أن نسعى إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.