إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    منهم الأيتام وأبناء المطلقة، أطفال يحق لهم الحصول على معاش شهرى    الحكومة تُعلن عن فرص عمل جديدة في شركات خاصة، تعرف على الشروط والرواتب    أسعار الفاكهة اليوم السبت 13 ديسمبر في سوق العبور للجملة    اسعار الحديد اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري في بداية تعاملات اليوم 13 ديسمبر 2025    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 13 ديسمبر 2025    اسعار الفاكهه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    استقرار نسبي في أسعار الأسمنت اليوم السبت13ديسمبر 2025 بمحافظة المنيا    نقيب الفلاحين: أتوقع ارتفاع أسعار الطماطم ل 15 جنيها بسبب فاصل العروات    الدفاع الروسية تعلن إسقاط 41 مسيرة أوكرانية خلال الليل    موعد مباراة برشلونة وأوساسونا في الدوري الإسباني والقناة الناقلة    بث مباشر.. السعودية تحت 23 ضد العراق تحت 23 – قصة كبيرة في كأس الخليج تحت 23 – نصف النهائي    محاكمة 7 متهمين بخلية تهريب العملة بالتجمع الأول.. بعد قليل    شبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم السبت    اليوم.. نظر دعوى للإفراج عن هدير عبدالرازق بعد شهرين ونصف من الحبس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    المشاركون في ماراثون الأهرامات يلتقطون الصور التذكارية في المنطقة التاريخية    رئيس وزراء تايلاند يتعهد بمواصلة العمليات العسكرية ضد كمبوديا رغم حديث عن وقف لإطلاق النار    سقوط شبكة أعمال منافية للآداب بتهمة استغلال ناد صحي لممارسة الرذيلة بالشروق    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 13 ديسمبر 2025    حياة كريمة.. 3 قوافل طبية مجانية ضمن المبادرة الرئاسية فى سوهاج    ناصيف زيتون يتألق في حفله بقطر بنيو لوك جديد (فيديو)    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تجدد استهداف المناطق الشرقية لمدينة غزة    ترامب: الضربات الجوية على أهداف في فنزويلا ستبدأ قريبًا    أذان الفجر اليوم السبت13 ديسمبر 2025.. دعاء مستحب بعد أداء الصلاة    بريطانيا تهدد الجنائية بقطع التمويل إذا صدرت مذكرة توقيف ضد نتنياهو    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    بين مصر ودبي والسعودية.. خريطة حفلات رأس السنة    بدأ العد التنازلي.. دور العرض تستقبل أفلام رأس السنة    د.هبة مصطفى: مصر تمتلك قدرات كبيرة لدعم أبحاث الأمراض المُعدية| حوار    مصرع شخص وإصابة 7 آخرين فى حادث تصادم بزراعى البحيرة    ياسمين عبد العزيز: كان نفسي أبقى مخرجة إعلانات.. وصلاة الفجر مصدر تفاؤلي    تقرير أممي: التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية يبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2017 على الأقل    سلوى بكر ل العاشرة: أسعى دائما للبحث في جذور الهوية المصرية المتفردة    أكرم القصاص: الشتاء والقصف يضاعفان معاناة غزة.. وإسرائيل تناور لتفادي الضغوط    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    الأهلي يتراجع عن صفقة النعيمات بعد إصابته بالرباط الصليبي    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    محمود عباس يُطلع وزير خارجية إيطاليا على التطورات بغزة والضفة    فرانشيسكا ألبانيزي: تكلفة إعمار غزة تتحملها إسرائيل وداعموها    كأس العرب - مجرشي: لا توجد مباراة سهلة في البطولة.. وعلينا القتال أمام الأردن    ياسمين عبد العزيز: أرفض القهر ولا أحب المرأة الضعيفة    إصابة 3 أشخاص إثر تصادم دراجة نارية بالرصيف عند مدخل بلقاس في الدقهلية    قرار هام بشأن العثور على جثة عامل بأكتوبر    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    لغز المقبرة المكسورة في الدقهلية.. مفاجأة صادمة تكشف سر الفتح الغامض    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    روشتة ذهبية .. قصة شتاء 2025 ولماذا يعاني الجميع من نزلات البرد؟    عمرو أديب ينتقد إخفاق منتخب مصر: مفيش جدية لإصلاح المنظومة الرياضية.. ولما نتنيل في إفريقيا هيمشوا حسام حسن    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع والواحد الأحد بمدينة بشاير الخير بمحافظة الإسكندرية    غلق مزلقان مغاغة في المنيا غدا لهذا السبب    انطلاقة قوية للمرحلة الثانية لبرنامج اختراق سوق العمل بجامعة سوهاج |صور    هشام طلعت مصطفى يرصد 10 ملايين جنيه دعمًا لبرنامج دولة التلاوة    دعاء المساء.. طمأنينة للقلب وراحة للروح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين واحد.. والشرائع مختلفة
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 07 - 2018

وفقا لمحيى الدين بن عربى.. الذى يطلق عليه الصوفيون الشيخ الأكبر.. فإن الأديان جميعا تلتقى فى محتوى العقيدة، وهى الإيمان بالله واليوم الآخر، أى الثواب والعقاب، ولكنها تتمايز من حيث الشرائع والأحكام. ومن هنا نلمس حرص القرآن الكريم على إبراز هذين الجانبين: وحدة العقيدة فى الأديان من جهة واختلاف الشرائع من جهة أخرى (كتاب: هكذا تكلم ابن عربى للدكتور نصر حامد أبو زيد)..
وعن وحدة الدين يمكن الاستشهاد بالنصوص القرآنية التالية:
1 «شَرَعَ لَكُم مِنَ الدِينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ (أى يا محمد) وَمَا وَصَيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِينَ وَلاَ تَتَفَرَقُوا فِيهِ». (سورة الشورى، الآية: 13)
2 «إِنَّ الَذِينَ آمَنُوا وَالَذِينَ هَادُوا وَالنَصَارَى وَالصَابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ». ( سورة البقرة، الآية: 62 )
وهذا المعيار، أى الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، يتسع ليستوعب كل الأديان السماوية أو الإبراهيمية، وهذا الدين العام الشامل هو الإسلام بالمعنى اللغوى.
لذلك فعندما يقول الله تعالى: «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَهِ الإِسْلامُ» أو «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ» فإن المقصود هو هذا الدين العام الشامل الذى نزل على كل الأنبياء، ولذلك يجب ألا نستغرب أن كل الأنبياء بلا استثناء يوصفون فى القرآن بأنهم مسلمون.
ويضيف ابن عربى: «ولكى يزيل الإسلام أى احتمال للتعصب فإنه يؤكد أن الفصل بين أصحاب العقائد بمن فيهم المجوس(عبدة النار)، والمشركون (عبدة الأوثان) يجب أن يترك لله سبحانه، حيث يكون الحكم له وحده يوم القيامة «إِنَ الَذِينَ آمَنُوا وَالَذِينَ هَادُوا وَالصَابِئِينَ وَالنَصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَ اللَهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَ اللَهَ عَلَى كُلِ شَىْءٍ شَهِيدٌ». (سورة الحج، الآية: 17)
وفى مقابل وحدة الدين تختلف الشرائع، فلكل جماعة دينية جعل الله (شرعة ومنهاجا).. «لِكُلٍ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَة وَمِنْهَاجا وَلَوْ شَاءَ اللَهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَة وَاحِدَة». (الآية 48 من سورة المائدة)
وكذلك المناسك التى هى جزء من الشريعة، تختلف باختلاف الشرائع «لِكُلِ أُمَةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكا هُمْ نَاسِكُوهُ». (سورة الحج، الآية: 67).
وقد اقتضت الحكمة الإلهية ألا يكون الناس أمة واحدة وهكذا، فالتعددية فى المنهج والمنسك هى الطريق الذى أراده الله للخلق لأسباب يعلمها الله الذى خلق البشر مختلفين فى الأعراق والألوان واللغات.. وهذا التنوع يؤدى إلى إذكاء الحيوية وإثراء روح التنافس الحميد..
وهناك آيات عظيمة فى القرآن فى هذا الصدد لا ينتبه إليها كثير من الناس فى زحمة ضجيج الإرهاب والتطرف الداعشى وهى الآيات التى تدعو إلى التعامل بالبر والمودة ليس فقط مع أهل الكتاب بل مع الكفار..
فبالنسبة لأهل الكتاب: «وَإِلَهُنَا َوَإِلَهُكُم وَاحِدٌ» و: «وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَ بِالَتِى هِيَ أَحْسَنُ» و: «وَإِنَّ هَذِهِ أُمَتُكُمْ أُمَةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُكُمْ فَاتَقُونِ».. وقد أمر الله أهل الإنجيل بأن يحكموا بما أنزل الله فيه (الآية 47 من سورة المائدة) واستنكر على اليهود أن يحكموا رسول الله وعندهم التوراة تتلى عليهم (الآية 43 من سورة المائدة).
وبالنسبة للتعامل مع الكفار فدعونا نتأمل هاتين الآيتين: «لاَ يَنْهَاكُمُ اللَهُ عَنِ الَذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ» (سورة الممتحنة، الآية: 8) أن تبروهم وتقسطوا إليهم.. أى ليس فقط معاملتهم بالحسنى بل بأعلى درجات التعامل الحسن وهو البر الذى يجمع كل الفضائل كما جاء وصفه فى القرآن الكريم.
وهناك آية ثانية تقول: «وَإِذَا رَأَيْتَ (يا محمد) الَذِينَ يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا (أى يستهزئون بالدين ويسخرون منه) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ» (الآية 68 من سورة الأنعام).. أى إذا جلست يا محمد مع جماعة تتحادثون وتتسامرون ثم بدأوا يخوضون فى الدين ويستهزئون به فما عليك إلا أن تغادر المجلس «حَتَى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ».
***
فإذا كان الإسلام بهذه السماحة.. فما هى المشكلة إذن.. فى تقديرى أن البلاء الأكبر الذى ابتلينا به هو «آفة النسخ» أى الإلغاء.. فجميع الدواعش وكل الحركات والمذاهب التكفيرية والإرهابية تعتبر أن كل آيات الرحمة والتسامح قد نسخت بما يسمونه آية السيف وهى الآية رقم 39 من سورة الحج التى أذن الله فيها للمسلمين بالقتال.. مع أنها آية صريحة للغاية فى أنها تصريح بالقتال للدفاع عن النفس حيث تقول: « أُذِنَ لِلَذِينَ يُقَاتَلُونَ (يتعرضون للعدوان) بِأَنَهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَ اللَهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍ إِلاَ أَن يَقُولُوا رَبُنَا اللَهُ». (الآية 39، 40 من سورة الحج )
ولا شك أن هؤلاء الضالين المضلين يستمدون أفكارهم وتفسيراتهم من الكثير من الكتب التراثية وما أكثر ما كتب عن الناسخ والمنسوخ من أباطيل، ولذا فلا سبيل إلا بتنقية التراث وليس مجرد تجديد الخطاب الدينى..
وقد جاء فى وثيقة الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامى التى أقرها مؤتمر القمة الإسلامى السادس فى داكار عام 1991، أن التراث الإسلامى وإن ارتبط بالوحى فهو ليس بوحى بل هو عمل إنسانى من صنع البشر وفهم بشرى للوحى ويجب مراجعته مراجعة نقدية وعدم إضفاء القداسة عليه فلا شىء مقدسا سوى وحى السماء وأن الأمم التى لا تراجع تراثها مراجعة نقدية لن يكتب لها التقدم.
ووفقا لهذه الوثيقة فيندرج تحت التراث الأحاديث النبوية والتاريخ الإسلامى والعلوم الدينية من فقه وشريعة وتفسير... إلخ.
فهذا هو الطريق وهذا هو الإجماع، فقد أعد هذه الوثيقة مجموعة كبيرة من خيرة العقول فى العالم الإسلامى وأساتذة فى مختلف علوم الدين بالجامعات والمعاهد المتخصصة سواء فى العالم الإسلامى أو فى الجامعات العالمية التى تضم أقساما للدراسات الإسلامية.
وقد صدرت الوثيقة بالإجماع من مؤتمر القمة الإسلامية التى وافقت عليها دول تمثل مختلف المذاهب والاتجاهات فى العالم الإسلامى بسنته وشيعته، ومع ذلك تركت للعناية المتحفية حيث يتم فى كل عام تأكيد ما جاء بها ثم تعود إلى أدراجها لتواصل الرقاد.
***
إن العالم الإسلامى يواجه الآن مفترق طرق مصيريا، وقد أشارت منظمة التعاون الإسلامى إلى ذلك فى وثيقتها فقالت: «إننا نلمس حيرة وارتباكا أمام تحديات وتدفق الحضارة الغربية،وهو ما جعل المثقف المسلم يشعر باضطراب الرؤية والحاجة إلى مراجعة إرثه الثقافى وإعادة توظيفه لخدمة قضايا المرحلة لأنه من الواضح أننا دخلنا عصر التحولات الكبرى فى تاريخ الإنسانية حيث سيصبح امتلاك العلم والمعرفة بديلا عن امتلاك الثروات الطبيعية وبديلا عن قوة رأس المال وتتقدم فيه العقول المفكرة على الأيدى العاملة.
فهل تطلق مصر شرارة البدء وقيادة تحرك يهدف إلى تنفيذ هذه الاستراتيجية الثقافية للعالم الاسلامى، أعتقد أن الوقت موات للتجاوب مع مثل هذا التحرك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.