البابا تواضروس الثاني يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    نقيب الصحفيين يؤكد ضرورة إصدار قانون حرية تداول المعلومات    قنصلية فرنسا تطلق مشروع الاقتصاد الدائري بدعم الاتحاد الأوروبي    50 مليون جنيه سنويًا.. حوار بين خالد البلشي وضياء رشوان حول زيادة بدل الصحفيين    كوريا الجنوبية تستأنف البث الدعائي ضد حملة "بالونات القمامة" لكوريا الشمالية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم وادي الفارعة جنوب طوباس    إصابة 17 شخص في حادث سير بالمنيا    "ابدأ": 70% من المشكلات التي تواجه المصنعين تدور حول التراخيص وتقنين الأوضاع    تبدأ بسعر 1،015،000 جنيه...أسعار السيارات اليابانية في مصر 2025    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    سياحة الشيوخ توصي بضرورة تفعيل المنتج السياحي "العمرة بلس"    سوليفان: مقتل المدنيين الفلسطينيين جراء الهجوم الإسرائيلي "مأساوي ومفجع"    عاجل| الاحتلال يقتحم بلدة عرابة غرب جنين بالضفة الغربية    إيهاب الكومي: الكرة ملهاش كبير.. وحسام حسن اجتمع بلاعبي المنتخب لهذا السبب    عاجل.. صفقة هجومية تتسبب في انقسام داخل الأهلي    تقرير: الخليج يعرض محمد شريف للبيع.. وحقيقة شرط عودته ل الأهلي    رئيس البلدية: منتخب مصر خسر تواجد حسام أشرف    دعبس يوضح موعد تغيير اسم فيوتشر ل مودرن سبورت    منتخب إيطاليا يهزم البوسنة والهرسك بهدف نظيف    القائم بأعمال سفارة طاجيكستان: مصر لديها خبرة واسعة في استخدام الموارد المائية    مقتل فلاح علي يد ابن عمه بسبب خلافات علي قطعه أرض بالفيوم    مصرع طفل في حريق سوبر ماركت بالفيوم    موعد تطبيقه..ملامح نظام الثانوية العامة الجديد    مفاجأة.. صورة قديمة تجمع عمرو دياب بالمعجب المثير للجدل    آسر ياسين يروج ل فيلم "ولاد رزق 3 - القاضية"    شاهد.. ياسمين صبري تخطف الأنظار بالأسود في أحدث ظهور لها    محمود فوزي: الحوار الوطني ساهم في الإعفاءات عن المحبوسين.. والجهات المعنية لا تتأخر    الأول على الإعدادية الأزهرية بالإسماعيلية: مثلي الأعلى عمي وأتمنى أن أصبح طبيبا للقلب (فيديو)    اتحاد منتجي الدواجن: الأسعار ارتفعت بأكثر من 20% بسبب موجات الحر    رئيس إنبي يكشف حقيقة حقيقة عروض كالوشا وأوفا    رئيس بلدية المحلة: منتخب مصر خسر عدم وجود حسام أشرف.. وهدفنا البقاء فى الدورى    العاهل الأردني: صمدنا في مواجهة التحديات بالعزيمة والصبر    الأونروا: وصلنا إلى طريق مسدود بسبب إغلاق إسرائيل المعابر أمام المساعدات    لميس الحديدى تكشف عن إصابتها بالسرطان.. لماذا أخفت المرض؟ (فيديو)    دعاء وفضل العشر الأوائل من ذي الحجة    دعاء العشر من ذي الحجة مستجاب.. «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي»    الكشف على 1346 مواطنا بقافلة طبية مجانية بقراقص في دمنهور    وزير المالية الإسرائيلي: انسحاب جانتس من الحكومة خطوة غير مسؤولة    الإفتاء توضح أعمال الحجّ: اليوم التاسع من ذي الحجة "الوقوف بعرفة"    الطالبات يتصدرن.. «أزهر المنيا» تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2024    زيادة أكثر من 200 جنيه، ارتفاع سعر دواء شهير لعلاج مرضى الصرع    البابا تواضرس الثاني يؤدي صلاة عشية بكنيسة أبو سيفين بدير العزب    كم عدد أيام التشريق وحكم صيامها؟.. تبدأ من مبيت الحجاج بمنى    لمواليد «الأسد».. توقعات الأبراج في الأسبوع الثاني من يونيو 2024    ليلى عبد اللطيف تتوقع انفصال هذا الثنائي من الفنانين    منها مباشرة الزوجة وتسريح الشعر.. 10 محظورات في الحج يوضحها علي جمعة    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة أسيوط الأزهرية بعد اعتمادها رسميًا    قرار قضائي بشأن المتهمين بواقعة "خلية التجمع"    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    «اقتصادية الشيوخ»: الرقابة المسبقة سيؤثر إيجابيا على الاستثمار في مصر    جامعة سوهاج: 1000 طالب وطالبة يؤدون امتحانات نهاية العام بالجامعة الأهلية للتعلم الإلكتروني    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    البابا فرنسيس يحث حماس وإسرائيل على استئناف المفاوضات ويدعو لإنقاذ شعب غزة المنهك    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    ريان عربي جديد.. إنقاذ طفل سوري وقع داخل بئر بإدلب    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلاها سوسو.. وخد نادية
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 10 - 2009

ما زال الحديث عن محصلة البرامج الرمضانية دائرا بالتحاليل والنقد والجدل.. آخر ما رأيت من دوائر المناقشة حلقة من برنامج العاشرة مساء الذى تديره السيدة منى الشاذلى، التى استضافت فيها الأساتذ مفيد فوزى وعمر زهران والسيدة آمال عثمان..
وكان الحديث يدور عن البرامج الرمضانية التى اتصفت بالاستفزاز أو التطاول على ضيوفها.. بل على حد تعبير السيدة آمال عثمان بالصفاقة والوقاحة فى طرح أسئلة خاصة عن الحياة الشخصية وأحيانا السرية لبعض الضيوف وبالأخص الضيفات من النجمات والنجوم.
وقد كان موقف السيدة آمال عثمان هو موقف المهاجم لهذه النوعية من البرامج من عينة «الجريئة ولماذا؟ وباب الشمس» وبرامج أخرى نعلمها جميعا.. وعابت على مقدمى البرامج والضيوف فى آن واحد لأن المسألة كان يحكمها الأجر الذى سيحصل عليه الاثنان بصرف النظر عن المحتوى..
بينما دافع عنها السادة مفيد فوزى وعمر زهران بحجة أن هذه البرامج كانت مثيرة ومدهشة كونها مخالفة للنمط البرامجى المعتاد.. وأن كل جديد ومتغير يجد مقاومة وأننا طالما اشتكونا من القوالب القديمة فى تقديم البرامج فى التليفزيون المصرى وكنا نتحسر دوما على تقدم الفضائيات على تليفزيوننا واستقطابها للمشاهدين والإعلانات بينما نحن ندور فى فلك تقليدى قديم وباهت.. وأننا سنكتشف بعد سنوات أن كل ثورة لها ضحاياها..
وأن العيب ليس على المقدم وإنما على الضيف الذى خرج من البرامج ليشكو جرأتها ويتباكى على التصريحات التى أفلتت منه ويطلب حذفها فى المونتاج.. وأن على المقدم أن يسأل ما يشاء وعلى الضيف أن يجيب أو يعتذر عن الإجابة بحجة أن هذا موضوع شخصى لا يصح إثارته على الملأ الإعلامى.. بل ومن المباح له أن يقوم ويترك الاستديو على نمط المغادرة الشهيرة للسيدة صافيناز كاظم فى قناة الجزيرة حينما قالوا لها «إحنا على الهوا» فقالت «إنشاالله نكون على القمر».. وأنه ليس من حق الضيف أن يشكو بعد التسجيل لأنه لم يكن مغيبا..
وطرح الأستاذ مفيد طرحا جديدا للسؤال الذى هو فى حد ذاته معلومة سواء تمت الإجابة عليها أم لا.. وقد ختم السيد مفيد حديثه ردا على سؤال عن احتمال عودة مثل تلك البرامج العام المقبل بنفس الكيفية بنعم ستعود وتوقعى أكثر من هذا حيث ستستشرى تلك النوعية وستزداد توحشا مثلها مثل الإنترنت والمدونات والقنوات وخلافه لأنه قد قام القطار من المحطة وخاصم المألوف واتجه لإرضاء الناس!!.. وعلى السيدة منى ألا تستصعب ما حدث مع النجمات لأنهن يتمتعن ويستفدن من الفضائح التى تخدمهن وهى مكسب لهن.. ولا تصعب عليك فنانة ولا تنظرى لها نظرة رومانسية فهن يدفعن ثمن جهلهن وغياب وعيهن.
عندنا فى الدراما تعبير شائع اسمه المورال.. هذا المورال هو أول خيط نمسك به عند الشروع فى كتابة موضوع.. لنسأل أنفسنا ما هو مورال هذا الفيلم أو الموضوع؟.. يعنى الفكرة والهدف والعبرة.. ماذا يريد أن يقول هذا الفيلم؟.. إلى أى شريحة من المجتمع سيوجه؟.. هل يهاجم قطاعا من المجتمع لمصلحة قطاع آخر؟.. هل ينصر رأيا ضد رأى؟.. هل يطرح قضية مغايرة للواقع أو ثائرة عليه؟..هل هو خطاب سياسى أم اجتماعى أم رومانسى أم تاريخى؟.
ثم تأتى المرحلة الثانية وهى كيفية الصياغة.. يعنى شكل الفيلم.. ومن الذى سيوصل هذه الصياغة إلى الجمهور وهل سيحسن التوصيل أم أنه سيأخذ الموضوع إلى منحى مختلف يعصف بالهدف الرئيسى لصناعة الفيلم.. ثم من سيموله؟.. ثم الشكل الدعائى الذى سيوفر لنا العائد على هذا المنتج أو الفيلم.
أعتقد أن هذا النظام ينطبق على أى عمل فنى أو إعلامى.. ولكنى أرى أن الهدف الأول من صناعة هذه البرامج انتفى من قبل أن يبدأ.. فقد فكر الصناع فى شكل البرامج أول ما فكروا.. ثم من أين سيمول.. ثم الشكل الدعائى الذى سيضمن العائد فى شكل كثافة مشاهدة وإعلانات.
وكان أن اختاروا نجوما ليقدموا هذه البرامج من نجوم الاستفزاز وحرق الدم لإيجاد حلبات مصارعة سواء فى الاستديو أو فى الرأى العام المشاهد.. فأتوا بمعدين متخصصين فى فرز الجرائد القديمة الصفراء والحمراء والتكنيكولور ليضعوا قوائم الضيوف التى طالما غذت هذه الصفحات سواء صدقا أو كذبا..
ويستخرجوا من هذه الجرائد أسئلة من عينة «عملتى كام مرة إجهاض وكانت ليكى تجارب جنسية قبل الجواز واللا لأ واتجوزتى كام راجل وشديتى وشك واللا لسه وشفت فلان بعينك بيمارس الجنس وإنتى بتحبى الشبان الصغيرين فى عمر أولادك وأنت بترقص يا معالى الوزير وإيه إحساسك وماما رقاصة؟ وبلاوى من دى كتير».. وأعدوا قوائم الأجور المغرية بالمصرى والدولار وفى قول آخر الأخضر.. وهات الضيوف.. وادى الظرف للضيوف.. وارزع الضيوف ليستة الأسئلة المفاجئة.. واعمل عليهم كلوز وهما وشهم بيحمر أو بيدمعوا أو بيتزرزروا.. والمونتاج لصاحب المونتاج فقط.. اعمل بروموهات مختارا فيها أحط الكلمات التى تورط الضيف فيها حتى لو لم تذع هذه اللقطات فى الحلقة ذاتها.. مثل العبارة التى تفوهت بيها السيدة مريم فخرالدين فى البرومو ولم تذع فى الحلقة.. كده ضمنت المعلن والتمويل وكثافة المشاهدة.
أعتقد حسب علمى الواهن الضعيف أن صناعة الاستفزاز لها منهج مختلف تماما.. فالاستفزاز سلعة رائجة فى صناعة الإعلام.. طبعا مطلوب.. ولكن ليست هذه شروطه.. فالشرط الأول فى صناعة الاستفزاز هو مشاركة الجماهير.. فالجماهير تستفز من مناقشة ساخنة لقضية تهمها.. وضع مجتمعى مقرف أو ظلم سلطوى مستبد أو قهر معيشى لعين أو استبداد مسئول أو تفرقة عنصرية بغيضة أو حتى جريمة عادية مطروحة على مائدة الرأى العام... الخ..
وهنا يكمن المورال.. أنا حاعمل برنامج استفزازى.. حاستفز مين؟. ولصالح مين أو لصالح أى فكرة أو توجه.. إنما الاستفزاز كده لوجه الله من غير إحم ولا دستور؟.. فهو لا يجدى فى أى شىء.. ونوعية البرامج المطروحة على مائدة الحوار لا تستفز أحدا.. هى فقط تنمى روح الكراهية والشماتة وتشفى غليل النفسيات المريضة الكارهة لأى نجاح أو تميز..
فالطبيعة البشرية تعشق هزيمة المتميزين وفضحهم وإنزالهم من فوق منصات التفوق.. دون النظر لإنسانية هؤلاء المتفوقين ودون مراعاة لأهوائهم البشرية.. ولو كان هناك وعى عام لدى الإعلاميين أصحاب هذه البرامج من المعدين للمقدمين للضيوف قبل العامة.. لأدركوا أنهم يشعلون نارا ليس لها أى معنى غير فقدان عناصر تميز مجتمعهم.. عناصر تساهم فى ريادة بلد وإيجاد ثقافتها وحضارتها.. ومن قال إن العظماء ملائكة مخطئ تماما.. فالعظماء مثلهم مثل كل البشر.. لهم أهواؤهم الخاصة وزلاتهم الطبيعية كونهم بشرا.. ولكن المجتمع المتحضر يأخذ منهم تفوقهم ومهارتهم ليبرزها للعالم وليضعها فى الصدارة علها تسهم فى دفع العجلة.. أما عيوبهم فهى لهم.. ولنرجع إلى كل النماذج العظيمة فى التاريخ.. فسوف نرى فى شخصياتهم «بلاوى سودة».. اللى بخيل واللى مدمن واللى مجنون واللى نرجسى واللى سادى واللى شاذ.. ولكن هذا ليس بيت القصيد.. لسبب بسيط هو أننا كلنا بشر.. وليس لأحد منا حق معايرة الآخر طالما كان لا يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون.
أذكر أن تعرض عادل إمام منذ فترة طويلة إلى حملة شعواء استمرت سنين.. ولم يكن هناك هم لقائد هذه الحملة سوى هدم صورة الرجل وزرع كراهيته فى قلوب الجمهور وإثارة أحقاد الناس على الأجر الذى يحصل عليه.. فى نفس الوقت الذى يستقبل فيه الرجل استقبال الفاتحين عند زيارته لأى بلد شقيق.. هذا أوجد فى نفوس من استجابوا لهذه الحملة نوعا من الفصام.. فهم يشاركون فى كراهيته ولعنه.. وهم أول ناس يذهبون إلى أفلامه ويدفعون التذكرة ليزيدوا من رصيد جماهيريته.. وضع غريب.. لم ينل من زعامة الرجل..
ولكنه أوجد حالة عداء للنجومية استمرت مع الأجيال التى تلته.. ولم يكن هذا مألوفا من قبل.. فعبدالحليم حافظ تمتع بنفس النجومية وأكثر.. وحصل على دخل عالٍ جدا فى زمانه.. ولكنه لم يتعرض لمثل هذه الإهانات لأن الوعى العام كان يقدر النجوم ويفتخر بهم ويعاير بهم باقى الأمم.. فهل كان حليم ملاكا؟ لأ طبعا.. كان بشرا مليئا بالعيوب.
يا سادة.. التليفزيون عندما يريد منافسة الفضائيات لا يذهب إلى عيوبها وينافسها بها.. بل يذهب إلى حرية الرأى والرأى الآخر.. والسؤال ليس معلومة فى حد ذاته حتى لو لم يستجب له.. لأن هذا يفتح بابا من أبواب جهنم.. فما أسهل أن يسأل المقدم ضيفه قائلا «هل أنت شاذ جنسيا ؟».. الرد بالنفى مصيبة لأنه لن يصدق.. الامتناع عن الإجابة مصيبتان.. مغادرة الاستديو أمام الكاميرا تلات مصايب فى بعض.. وفى الآخر المعلومة لزقت.. ودى جريمة.
هذه النوعية من البرامج ليست توجها جديدا ولا نيلة.. دى كانت موضة زمان فى السبعينيات فى الإذاعة ملوكها وجدى الحكيم وإبراهيم صبرى وآخرين.. وبطلوها لما لقوها تضر ولا تفيد.. كان عندهم وعى.. وإحنا بعد تلاتين سنة ماعندناش؟ والقطار ما قامش ولا حاجة.. إلا إذا كان قايم مع حملة القطورات الجديدة.. وحتى دى شعارها أنك تقول للغلط لأ.
يا نجومنا الكرام.. إذا كان ظرف البرامج دى سوسو.. والقعاد فى البيت باحترامنا نادية.. فبلاها سوسو وخد نادية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.