كشفت مجلة فورين بوليسى الأمريكية، أمس الأول، أن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبير مستشاريه، يحاول بهدوء التخلص من وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، عبر خطة لإنهاء وضعية "اللجوء" لملايين الفلسطينيين. وقالت المجلة فى تقرير لها نقلا عن مسؤولين أمريكيين وفلسطينيين (لم تسمهم) إن مبادرة كوشنر تأتى في إطار حملة أوسع نطاقا من جانب إدارة ترامب وحلفائها في الكونجرس لتجريد هؤلاء الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين في المنطقة وإخراج قضيتهم من المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وأوضحت المجلة أنه أطلعت على رسائل بريد إلكتروني داخلية كتبها كوشنر وآخرين في وقت سابق من هذا العام، تؤكد عداؤه الواضح تجاه (الأونروا)، حيث كتب كوشنر عنها في رسائل مؤرخة فى 11 يناير الماضي إنه "من المهم أن يكون هناك جهد صادق ومخلص لعرقلة (عمل) الأونروا". وأضاف كوشنر فى رسالته الموجهة إلى عدد من كبار المسؤولين من بينهم مبعوث ترامب لعملية السلام في الشرق الأوسط، جيسون جرينبلات، أن "هذه الوكالة تديم الوضع الراهن، وهي فاسدة، وغير فعالة ولا تساعد على السلام". وتابع: "لا يمكن أن يكون هدفنا الحفاظ على استقرار الأمور كما هي... أحيانًا يكون عليك أن تخاطر إستراتيجيا بتحطيم الأشياء لبلوغ الهدف". يشار إلى أن الولاياتالمتحدة ساعدت في تمويل الأونروا منذ تأسيسها في عام 1949 لتوفير الإغاثة للفلسطينيين النازحين من أراضيهم بعد قيام دولة الاحتلال الإسرائيلى والحروب التى تلت ذلك. وقد اعتبرت الإدارات الأمريكية السابقة أن الوكالة مساهم على قدر كبير من الأهمية لتحقيق الاستقرار في المنطقة. فى المقابل، فإن العديد من مؤيدي إسرائيل في الولاياتالمتحدة يرون الأونروا جزء من بنية دولية أبقت قضية اللاجئين وألقت الآمال بين الفلسطينيين في الشتات بأنهم قد يعودون يوما ما إلى ديارهم، وهو احتمال تستبعده إسرائيل بشكل قاطع. ويشير منتقدو الوكالة بشكل خاص إلى سياستها في منح وضع اللاجئ ليس فقط لأولئك الذين نزحوا من فلسطين وهى تحت الانتداب قبل 70 عامًا، بل إلى أحفادهم أيضًا، وهو ما يرفع عدد اللاجئين إلى حوالي 5 ملايين شخص، يعيش ثلثهم تقريبًا في المخيمات في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة. ورأت "فورين بوليسى" أنه بمحاولة تفكيك الأونروا، تبدو إدارة ترامب مستعدة لإعادة صياغة شروط قضية اللاجئين الفلسطينيين لصالح إسرائيل، كما فعلت في قضية رئيسية أخرى في ديسمبر الماضي، عندما اعترف ترامب بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل. ونقلت المجلة عن مسؤولين فلسطينيين القول إن كوشنر أثار قضية اللاجئين مع المسؤولين في الأردن خلال زيارة للمنطقة برفقة جرينبلات في يونيو الماضى، حيث ضغط على الأردن لتجريد أكثر من مليوني فلسطيني مسجلين كلاجئين في الأردن من صفة اللجوء حتى لا تصبح الأونروا بحاجة إلى العمل هناك. من جانبها، قالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن "كوشنر دعا إلى أن تتم عملية إعادة توطين لللاجئين في الدول المضيفة، وأن تؤدي حكومات تلك الدول المهمة التي تقوم بها الأونروا". وأضافت عشراوي أن إدارة ترامب تريد من دول الخليج الثرية أن تغطي التكاليف التي قد تتكبدها الأردن في هذه العملية. وتابعت: "إنهم يريدون أن يتخذوا قرارا خطيرا وغير مسؤول ستعاني منه المنطقة كلها". من جانبه، رفض البيت الأبيض التعليق على ذلك الأمر. فيما قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن سياسة واشنطن فيما يتعلق ببرنامج اللاجئين الفلسطينيين التابع للأمم المتحدة "تخضع لتقييم متكرر ومناقشات داخلية. وستعلن الإدارة الأمريكية سياستها في الوقت المناسب". ولم يرد المسؤولون الأردنيون في نيويوركوواشنطن على أسئلة وجهتها المجلة حول تلك المبادرة. وذكرت "فورين بوليسى" أن كوشنر والسفيرة الأمريكية لدي الأممالمتحدة نيكي هايلي، اقترحا إنهاء تمويل الأونروا في يناير الماضي. لكن وزارتى الخارجية والدفاع (البنتاجون) ودوائر المخابرات الأمريكية عارضوا الفكرة، خوفًا من إثارة العنف في المنطقة. وتابعت المجلة أنه "في الأسبوع التالي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولاياتالمتحدة ستخفض أول دفعة (125 مليون دولار) من مدفوعاتها السنوية إلى الأونروا بأكثر من النصف، إلى 60 مليون دولار. وكتب كوشنر فى رسالة بريد الكتروني: "لقد كانت الأونروا تهددنا منذ ستة أشهر بأنهم إذا لم يحصلوا على شيك فإنهم سيغلقون المدارس. لم يحدث شيء". كما أشارت المجلة إلى أنها حصلت على رسالة بريد إلكتروني، أرسلتها فيكتوريا كوتس، إحدى مستشاري جرينبلات، إلى فريق الأمن القومي بالبيت الأبيض، قالت فيها إن الإدارة الأمريكية "تدرس طريقة لإنهاء عمل الوكالة". وأضافت: "يجب أن تبلور الأونروا خطة لتحل بها نفسها وتصبح جزءا من مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين بحلول عام 2019". إلى ذلك، أشارت "فورين بوليسى" إلى أن الضغط من أجل حرمان معظم اللاجئين الفلسطينيين من تلك الصفة يكتسب زخماً في الكونجرس. وأوضحة المجلة أن النائب الجمهوري، دوج لامبورن، قدم مشروع قانون، الأسبوع الماضي، من شأنه أن يحصر تقديم الولاياتالمتحدة المساعدة إلى اللاجئين الفلسطينيين الأصليين فقط (أي الذين نزحوا عام 1948 ويستثني أحفادهم). كما قام السيناتور الجمهورى جيمس لنكفورد، بصياغة مشروع قانون، يعيد توجيه التمويل الأمريكي بعيداً عن الأونروا والوكالات المحلية والدولية الأخرى. من جانبها، قالت لارا فريدمان، رئيسة مؤسسة السلام في الشرق الأوسط (منظمة أمريكية غير حكومية): "من الواضح جداً أن الهدف الرئيسي هنا هو القضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين... هذا لن يجعل السلام أسهل. سيجعل الأمر أكثر صعوبة".