على مدار 6 أشهر قبل تنفيذ فيلم «حدوتة مصرية»، اتفق الأديب يوسف إدريس ويوسف شاهين، على عقد جلسات عملٍ أسبوعية فى بيت شاهين، واتفقا على أن يكون شكل الكتابة بينهما هو أن يسرد إدريس الحدوتة فى شكل مشاهد متتابعة، وجهاز التسجيل يسجل ما يرويه، ثم يجمع «شاهين» التسجيلات لاحقًا ويكتبها فى شكل سيناريو، ثم يرسله إلى إدريس ليضع وجهة نظره النهائية، وفى السطور التالية ننشر لأول مرة مقتطفات من الجلسات التى عقدها قبل الفيلم. * شاهين: إحنا بنكتب المادة للصورة، إن الأدب والثقافة تكون صورة، انت ككاتب او انا كمخرج.. ازاى نقدر نإسر الناس، ايه رأيك؟.. اللى علينا اننا نبدأ بيه كأسلوب، يحتاج أى مشهد جميل زى ما انت بتخش، وقدامك الناس والكاميرا. إدريس: الكشاكيل اللى كانت هنا لقيت فيها شوية تجارب تبتدى من نقطة البداية. شاهين: كويس جدا ادريس: لقيت فيه واحد بيتألم على سرير.. بيدخل مستشفى مريحه هادية، زى مستشفى فى لندن، ودكتور مهم ذو شخصيه هامة، مش زى أى كومبارس وبابتسامة.. بيقوله: اسمك إيه؟ ورد المريض عليه انت مش عارف اسمى يا دكتور؟ انا عايزك تقولى اسمك ايه؟ شاهين: المهم يعنى قاله على اسمه، فبيقوله: ممكن تستحمل تاخد حقنة فى الوريد؟ فقاله: لا أنا مش هستحمل.. لأ إنت هتخاف.. قاله لأ.. أخاف إيه.. أنا أخاف؟ طب تعرف تمسك ايدك علشان أديلك الحقنة؟ فجه يمسك إيده.. معرفش يقبض على ايده، ف بتدخل اتنين، واحدة منهم راهبة، من شكلها يبان إنها من طبقه عالية، ومعاها ممرضة اخرى، يعنى فقيرة. فلقى الراهبة بتقوله أمسك أنا إيده أحسن.. فقولتلها: يعنى تقدرى تمسكيه فى دراعه ماسكة جامدة؟.. قالتله آه.. فمسكت دراعه بتقول ان المادة اللى أنا باديهالك عايزه أشوف تأثيرها إيه اسمك مثلا.. اسمه كان ثلاثى.. أدهم محمد الشرقاوى فالراجل بيجيب عرق. إدريس: ما اعرفش ليه المخرجين عندكم يخافوا انهم يحطوا الابرة فى العرق، مع إن ده شىء طبيعى، كل الناس أخدت حقنة قبل كده، وبيحطوا الإبره فى الوريد، وابتدى يدخل أول سن فى الوريد.. فلقيته بينطق كويس أوى: ممممحمد اااال، لا استنى.. وتبتدى تتحول الاوضة إلى نوع من الدوامة الأرضية.. شاهين: دوامة ارضية زى إيه؟ ادريس: زى نقرة كبيرة أوى، وحواليها جبل، قمة من التلج الابيض.. وبدأت تلف والتلفزيون هنا يبتدى يتحول.. وده كله بياخد المسافة، كلمة الشرقاوى بتتحول من حروف وأصوات، فى مزيج من الدوامة الصوتية السمعية الموسيقية، وفى صمت كامل لمدة 6 ثوانى، وآخر حاجة تسمعها اخخخخخخ.. الدكتور بيبص وحط ايده فى جنبه وبيقول للممرضة، خدوه على التروللى.. ويطلع فى الممر، إحنا فى قسم العمليات.. حركه جامدة، وكل حاجة نضيفة.. وهمس بين الحكيمة والراهبة، بتقولها: بره فيه اكتر من ميت صحفى، قلتلها أوعى حد يهوّب من دول هيدخلوا عليكى متخفيين، الكل منتظر العملية.. لأن واضح إن الراجل ده مهم جدا.. واخد بالك؟ إزاى أنا حاسس إن الراجل إللى انا جايبه فى القصة، عملته عالم مصرى اكتشف اكتشاف خطير اوى فى العلم.. وبعدين لما حب يجرى عملية جه مصر، علشان يعملها ودى كانت ظاهرة استرعت الانتباه.. شاهين: جه فين..؟ إدريس: جه مصر، علشان يعملها.. يعنى الكلمة اللى إحنا قلناها إحنا الاتنين، لما حبينا نعمل عملية، أنا قلت ان ده جاى مصر، علشان احساسه فى مصر، أضمن.. وبعدين اذا مات.. برضه يموت هنا.. يعنى ان مصيره و قدره فى الرأى العام المحلى.. وبعدين بنشوف الجراح بيتكلم مع الطبيب عن احتمالات خطورة العملية.. وبعدين نخش على الاوبريت. بعد مناقشات طويلة، يتابع إدريس: أنا بقولك فيه توازن لازم نعمله.. إنت قلت كلمة مهمة جدا فى بداية كلامك.. قلت: عايز أصحى المتفرج.. فاتصور انك بتعمل سيمفونية.. يعنى ممكن تكتبها زى السيمفونية الخامسه لبيتهوفن.. فلابد إننا نحدد النغمة إللى إحنا هنبتدى بيها.. لأن ده مهم أوى.. أصل الحوادث دية جاية كلها سواء فى الأول أو فى الآخر.. يعنى مثلا، وانت بتتكلم.. أنا قلت، بدل ما نكتب إن ده راجل عالم عظيم.. طب وليه ما جبش انا جايزة نوبل؟ بتسلمه جايزة نوبل، وفى اللحظه اللى بتسلمه فيها الجايزة يشيلوه على المستشفى.. فيحسوا إن ده مهم.. أنا هدفى من هذا الإحساس.. إن هذه اللقطة الأولى، تأكيد أهمية هذا العيان فقط.. وبعدين هاعيش معاه، يعنى هافضل عايش معاه ساعتين.. فهل هبتدى بالسيمفونية الخامسة ولا هبتدى بالتانية؟ شاهين: أنا رأيى التانية.. والتانية مصرية زيادة.. إدريس: أنا بقولك إن إحنا بنتناقش.. شاهين: دى آراء.. وده اختيارى.. وحاسس بيه وأنا بكلمك.