أشعر ببعض الحساسية تجاه الموضوعات الحقوقية التى تتعلق بقضايا المرأة، لا أفضل التكريس لمناصرة المرأة على أنها كائن ضعيف تغتصب حقوقه، أرى فى كثير من الأحيان أنها شريك رئيسى فى ذلك، سواء كانت تزرع العنف داخل النموذح الذكرى الذى تتعامل معه وتدفعه لممارسة العنف عليها، أو تستسلم للعنف الذى يوجهه إليها دون مقاومة. دوما الحديث عن العنف الموجه للمرأة يجد الكثير من المناصرين والعديد من الجمعيات التى تناصره، فاليوم موضوع المرأة المعنفة وتمكينها هو من أكثر الموضوعات التى تحظى بالاهتمام والتمويل من جهات عدة. لست ضد تمكين المرأة نهائيا، لكننى ضد التكريس لذلك طوال الوقت، ومنح الرجل نفس الفرصة، منذ أيام كنت أقرأ فى مقالة اجنبية حول العنف ضد الأزواج، أعجبتنى بشدة هذه الدراسة لأنها فتحت مجالا للنقاش حول أوجه مختلفة للعنف، فالعنف ليس فقط هو استخدام القوة البدنية ضد الكائن الأضعف، بل يمتد تعريف العنف إلى الإساءة اللفظية نحو الآخر والسخرية منه. وبالتالى فإن ما تحدثت عنه الدراسة من أن نسب العنف الموجهة للمرأة من الرجل تساوى نفس نسب العنف الموجهة إلى الرجل من المرأة، بالطبع لا نستطيع تعميم ذلك على كل الثقافات، خاصة أن الدراسة كانت على شريحة من المجتمع الأمريكى، والأمر قد يختلف قليلا فى المجتمع المصرى، لكنه أيضا لن يختلف كثيرا. أحب مراقبة نمط العلاقات بين الأزواج من خلال رؤية التفاعل الحى المباشر أو نميمة الزوجات على أزواجهن سواء بغرض علاجى أو بغرض اجتماعى من خلال علاقات الصداقة. تعطى المرأة المصرية لزوجها وضعه الاجتماعى أمام الآخرين وتدعمه بكل الطرق وتحافظ على صورته الاجتماعية كسيد للقرار، بينما تمارس ضده بعض ألوان العنف فى المنزل، وكل منهما يمارس هذا الدور بالتبادل. ويرجع انتشار العنف بينهما إلى افتقارهما للمهارات التى تمكنهما من التفاعل الصحى مع بعضهما، فتصبح السخرية والتقليل من أهمية أحلام الشريك حلا بديلا عن مناقشتها والاستماع إليها، ويصبح العنف البدنى أحيانا حلا لخلاف فى وجهات النظر، ليستخدمه الطرف الأقوى ضد الأضعف. أستمع يوميا عبر شباك حجرة المكتب إلى خلافات جارتى مع زوجها والتى تستخدم معه الوانا مختلفة من العنف فى كثير من الأحيان، ورغم ذلك تبجله تبجيلا شديدا أمامنا وتشعرنا بأنه سيد قرارها. أظن أن كلا الطرفين العنيف والمعنف يحتاج إلى تعلم مهارات حياتية تساعده إما لاستخدام أسلوب بديل أو كيفية توكيد حقوقه ومواجهة آثار العنف، واتجاه الجمعيات الأهلية والجهات المانحة إلى تقديم خدمات إلى المرأة المعنفة فقط أمر سخيف وضيق الأفق، وليست له آثار إيجابية طويلة المدى. المشكلة أيضا أن هناك إنكارا شديدا من المجتمع حول العنف المتبادل، وأيضا صور العنف، ويصر على تكريس العنف فقط فى العنف البدنى ضد المرأة وقتل الأزواج بصفته صورة للعنف الموجه ضد الرجل، وهو ما يمثل صورة واحدة فقط من صور العنف، فاتجاهات الأفراد ترفض بشدة العنف الموجه ضد الرجل وتتعاطف مع المرأة حينما يوجه العنف ضدها. أضبط نفسى متلبسة ومتورطة فى التعاطف بشدة مع الرجل حينما يتعرض لأى نوع من أنواع العنف، فى حين أننى أغضب عندما أشعر بأن امرأة ما تعرضت للعنف، وأظل أتساءل عن دورها فى حماية نفسها ومدى سماحها بهذا العنف. بالطبع هذا أمر يحتاج لمراجعة شديدة منى مرة أخرى، لكنه يعكس اتجاهاتى نحو مدى تقبلى للعنف ضد المرأة وضد الرجل، وأظن أن هذا حال كثيرين. حتى الدراسات النفسية فى المجتمع المصرى محصورة فقط فى العنف الموجه ضد المرأة أو ضد الأقران، ومن النادر جدا أن تجد دراسة تتحدث عن العنف ضد الرجل. أظن أننا نحتاج إلى مجهود أكبر فى مجالات تنمية مهارات التفاعل وخاصة فيما يتعلق بكيفية حل الصراع وذلك بشكل متاح لكلا الجنسين بدون توجهات مسبقة بأن المرأة تحتاج وحدها لتعلم مهارات تساعدها وتمكنها من مواجهة عدوان الرجل. أظن أن كلا الطرفين يحتاج لتعلم مهارات تساعده فى حل صراعه مع الطرف الآخر، وتساعده فى فهم أفضل لنفسه واحتياجات الشريك الآخر.