إعلاميون وإعلاميات.. كتاب وسيناريست.. خبراء فى حقوق الطفل من مختلف دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا مهمومون بمظاهر العنف المتعددة التى يتعرض لها أطفالنا. اجتمعوا في القاهرة أخيرا من خلال المنتدي السنوي السادس لمنظمة اليونيسف ليناقشوا دور وسائل الاعلام المختلفة في مكافحة هذه الظاهرة المقلقة وبحث امكانية تنظيم مشاركة بين المنظمة المعنية بالطفولة وعالم الإعلام بهدف ضمان حصول جميع الأطفال علي حقوقهم ومناهضة العنف الذي يتعرضون له. فموضوع حقوق الطفل كما قال عبد الرحمن غندور مدير الاعلام الاقليمي لليونيسف هو الموضوع السنوي للمنتدي الاقليمي الذي يختار كل عام احد هذه الحقوق للترويج لها في المنطقة. وركز منتدي هذا العام علي دور وسائل الإعلام في مواجهة جميع انواع العنف التي توجه لأطفال منطقتنا العربية ومن ابرزها زواج الصغيرات وختان الاناث وعمالة الأطفال والعنف عبر الإعلام والعنف في المدارس وداخل المنازل وفي المؤسسات وعمالة الأحداث والعنف الذي يتعرض له الأطفال فاقدو الرعاية الوالدية.. فالإعلام والفن هما المحركان الاساسيان للشعوب ومن خلالهما يمكن التصدي لقضايا كثيرة ومواجهة مشكلات المجتمع ورفع الوعي بقضايا حقوق الطفل. فشعار اليونيسف واضح وصريح في هذا الشأن: لكل طفل كل الحقوق. من هذا المنطلق بدأت المناقشات التي استمرت علي مدي يومين بهدف بلورة دور الإعلام في حماية حقوق الطفل ومناهضة العنف الذي يتعرض له بشكل خاص في الدراما والبرامج التليفزيونية. فالتليفزيون في عصرنا هذا اكثر الوسائل الإعلامية تأثيرا علي الأطفال سواء كان هذا التأثير سلبيا ام ايجابيا بعد أن اصبح هذا الجهاز الساحر كما قالت مني الصغير رئيس جهاز الرقابة بالتليفزيون المصري يستخدم اليوم في معظم الدول العربية كجليس للأطفال يجلسون امامه بالساعات مشدودين لما تبثه الفضائيات من افلام كارتون ومسلسلات وبرامج وعقولهم مفتوحة لاستقبال المعلومات ومشاهد العنف دون ادراك منهم لتأثير هذه المشاهد علي عقولهم الصغيرة التي لم تنضج بعد لتفرق بين الخيال والواقع, والأهالي مطمئنون لأن اطفالهم لايسببون لهم ازعاجا ويستمتعون في نفس الوقت بمشاهدة افلام الكارتون التي تحمل في احيان كثيرة رسائل سلبية تغرس في الطفل بذور العنف فتكون بمثابة السم المقدم في العسل. فمن اين لأفلام الكارتون كل هذا التأثير ؟ من الصورة لانها قادرة علي إحداث تأثير يفوق بكثير تأثير الكتاب أو الكلام المرسل.. وقديما قال أرسطو ان التفكير بدون صور مستحيل.. فما بالك إذا كانت هذه الصور متحركة!.. لاشك ان الطفل سوف يستوعب رسائلها بسهولة اكثر.. هذا بالإضافة إلي ان افلام الكارتون يتوافر فيها عنصر الخيال المبهر الذي يثير اعجاب الطفل ويجذبه اليها.. ففي هذه الافلام كل شيء ممكن ان يتحقق.. ومن هنا تظهر خطورتها. وكان السؤال الذي طرح للمناقشة بعد ذلك هو: إذا كان لأفلام الكارتون بشكل خاص والدراما التليفزيونية بشكل عام كل هذه الخصائص التي تثير اعجاب الطفل, فلماذا لا نستخدمها لتقديم صور ايجابية ترفع من وعي الطفل بحقوقه وتبعده عن العنف ؟ ولماذا لا يجتمع الإبهار المضموني مع الإبهار الشكلي لتحقيق التأثير المطلوب ؟ هذا ما طالبت به مني الصغير قائلة: ان هذا الجهاز الساحر له ايجابيات عديدة في حالة ترشيد استخدامه حيث انه يوسع الآفاق ويؤثر علي السلوك والتصرفات ويوفر للأطفال وسائل الفهم والاستيعاب ويشكل وجدانهم ويثير ردود افعالهم العاطفية ويكسبهم خبرات بأشياء جديدة ويثير خيالهم ويزيد من حبهم للمعرفة.. كذلك لعب الإعلام بوسائله المختلفة كما قال عادل عازر اخصائي في حماية الاطفال دورا كبيرا في كسر حاجز الصمت بالنسبة لموضوع العنف الذي يتعرض له الاطفال في مجتمعاتنا العربية بعد أن كان من الموضوعات المسكوت عنها, وبامكان الاعلام مواصلة هذا الدور التوعوي تجاه بعض الظواهر الاجتماعية التي تشكل نوعا من العنف الموجه للأطفال مثل زواج الصغيرات والعنف ضد الاطفال في البيوت والمدارس والمؤسسات.. فكلها ظواهر تحتاج الي ابداع المفكرين لتوعية المجتمع بشكل غير مباشر بأضرارها. كذلك يمكن الاستفادة من هذا الجهاز كما قالت د. سحر حجازي مدير برنامج الاعلام للتنمية يونيسف مصر لتقديم نماذج ايجابية في الدراما تساعد علي تغيير سلوك المتلقي سواء كان الطفل او والديه مع مراعاة استمرارية تضمين هذه الرسائل الموجهة غير المباشرة حتي لاينساها الاطفال والكبار ولضمان أن تظل هذه المفاهيم واضحة امامهم وليست موسمية مرتبطة بحدث معين.. وكما اننا نستفيد من اللغة العربية باعتبارها عنصرا مشتركا يربط بين الدول العربية مما يسمح لأطفالنا بمشاهدة البرامج والمسلسلات التي تبثها القنوات الفضائية المختلفة كذلك يجب أن تكون حقوق الاطفال عنصرا مشتركا بينها ايضا لنعمل علي تغيير المفاهيم السائدة ونجعلها مفاهيم حقوقية تحاول تجسيد حقوق الطفل والطفلة بشكل مقبول.. كما يمكن للدراما مخاطبة الاسرة لتوفير الحماية للطفل وتعريفه بحقوقه. وأجمع المشاركون في المنتدي علي اهمية مراعاة كتاب الدراما والسيناريو التليفزيوني عنصر الابداع والتوجه غير المباشر وتجنب التنميط في صور الأطفال المقدمة مع التأكيد علي ان الترفيه هو اكبر سلاح لتغيير المجتمعات. كذلك يجب علي التليفزيون اتاحة الفرصة للأطفال للتعبير عما بداخلهم من خلال تأهيلهم لإعداد وتقديم واخراج برامج لأطفال مثلهم مثل برنامج اسمعونا الذي يذاع علي التليفزيون المصري. فالمهم كما قال الفنان خالد ابو النجا سفير اليونيسف للنوايا الحسنة في مصر هو توعية الطفل بحقوقه ليكون هذا الوعي هو الدرع الذي يحميه من العنف.. وفي النهاية نحن نعرف ان تغيير السلوكيات ليس بالشيء السهل بل انه صعب للغاية ويحتاج إلي مدي طويل وإلي تكاتف الجهود, لذلك يجب أن نبدأ من اليوم.