توفيت الليلة الفنانة الكبيرة مديحة يسري بعد صراع طويل مع المرض، في مستشفى المعادي العسكري، عن عمر يناهز 97، ويشيع جثمانها اليوم الأربعاء إلى مثواه الأخير من مسجد السيدة نفيسة. ولدت مديحة يسري، عام 1921 بالقاهرة، واسمها الحقيقي هنومة خليل حبيب، ونشأت وسط أسرة كانت ترى الممثل، أو "المشخصاتي" سُبة، إلا أن هنومة أصرت على إشباع موهبتها بدءًا من مدرسة التطريز بحي شبرا الشعبي، التي مارست فيها الرسم وكثيرًا ما نالت استحسان مدرساتها وإعجابهن برسوماتها ولوحاتها. وكانت خالتها دائمًا ما تشجعها على خوض تجربة التمثيل، حتى شاء حظها أن يراها مصادفة المخرج محمد كريم، فيجذبه جمال عينيها؛ فقرر منحها دورًا صغيرًا في فيلم «ممنوع الحب» لمحمد عبد الوهاب في عام 1940. وعلى الرغم من أنها لم تظهر فيه سوى لثوان معدودة، إلا أن تلك الثواني كانت كفيلة بتغيير مجرى حياتها، لأنها شعرت أن الفن هو الطريق الوحيد الذي يمكنها السير فيه رغم تأخر أدوار البطولة لمدة عامين كاملين، واختارتها مجلة "التايم" الأميركية كواحدة من أجمل عشر نساء في العالم، خلال حقبة الأربعينات. تزوجت 4 مرات، منها 3 زيجات من الوسط الفني، وكانت أولى زيجاتها من المطرب والملحن محمد أمين، وأثمر زواجهما عن تأسيس شركة إنتاج سينمائي أنتجت خلال سنوات زواجهما الأربع أفلامًا مثل أحلام الحب وغرام بدوية، والجنس اللطيف. تزوجت بعد ذلك من الفنان أحمد سالم عام 1946، ثم وقع الانفصال، وبعدها تزوجت من الفنان محمد فوزي، الذي اشتركت معه في بطولة العديد من الأفلام مثل فيلم «فاطمة وماريكا وراشيل» و«آه من الرجالة»، و«بنات حواء»، وأنجبا ابنهما عمرو، أما آخر زيجاتها فكانت من الشيخ إبراهيم سلامة الراضي، شيخ مشايخ الحامدية الشاذلية الصوفية. سببت وفاة ابنها الشاب الرياضي عمرو في حادث سيارة، لها أزمة نفسية كبيرة، وقالت عنها "لقد سببت وفاة عمرو لي ألماً اعتزلت بسببه عن العالم لأكثر من عام، كرست الوقت فيه للصلوات والدعاء وقراءة القرآن له، لكن الأصدقاء تمكنوا من مساعدتي على اجتياز المحنة والخروج إلى المجتمع من جديد، إنني لم أنسَه يومًا، وما زلت أحتفظ بصور كثيرة له في منزلي، وأنا أشعر به ينتظرني على باب الجنة لنكون معًا في الآخرة". وكان آخر ظهور سينمائي لمديحة يسري في فيلم «الإرهابي» مع الفنان عادل إمام عام 1994، وكان آخر أعمالها التلفزيونية مسلسل "هوانم جاردن سيتي" عام 1997، وتم اختيارها عضوًا بمجلس الشورى عام 1998 بقرار من الرئيس الأسبق حسني مبارك. يذكر أن الفنانة القديرة أصيبت بوعكة صحية قبل عامين، نقلت على إثرها إلى إحدى المستشفيات الخاصة بالقاهرة، حيث كانت تعاني من أمراض عدة منها التهاب في المثانة وآلام في العظام وجلطة في الساق، كما كانت تعاني من ارتفاع في درجات الحرارة تصل إلى 40 درجة مئوية في بعض الأحيان نتيجة تركيب قسطرة، وتورم في الوجه، وتم نقلها قبل أشهر إلى أحد مراكز التأهيل التابعة للجيش لعمل جلسات علاج طبيعي حتى يمكنها الحركة بعدما فقدت القدرة على ذلك.