دخلت الفنانة القديرة مديحة يسرى غرفة العناية المركز بأحد المستشفيات الخاصة، بعد تدهور صحتها خلال الفترة الماضية، ونتمنى الشفاء لسمراء الشاشة العربية، ونتذكر معاً مشوارها الفنى. ولدت مديحة يسرى فى شارع الأزهر، واسمها الحقيقى «هنومة حبيب خليل على» يوم 3 ديسمبر 1921، وتلقت تعليمها فى مدرسة الفنون، واختارتها مجلة «تايم الأمريكية كواحدة من أجمل 10 نساء فى فترة الأربعينيات. كان والدها ينمى بداخلها حب الفن ويعيد على أسماعها مقاطع غنائية للفنانة أم كلثوم وعبدالوهاب من خلال عزفه على العود، وكان يدربها على الغناء ومن هنا انطلق وتوغل الفن بداخلها. كانت «مديحة» تدخر كل قرش من مصروفها لمشاهدة الأفلام السينمائية، وبدأت تحلم بالكاميرا وتهتم بأناقتها وتختار ألوان فساتينها القليلة التى تبرز جاذبيتها، وبينما كانت تشرب «السحلب» فى أحد الكازينوهات ذات مرة حتى التقت المخرج محمد كريم، صاحب الفضل فى اكتشافها ومخرج أول أفلامها «ممنوع الحب» عام 1940 حيث اشتركت مديحة فى لقطة واحدة، واختيرت بعدها كواحدة من بين أجمل عشر نساء فى العالم خلال حقبة الأربعينيات. وحصلت الفنانة القديرة على فرصتها الحقيقة حينما شاهدها يوسف وهبى وهى تؤدى مشهداً فى أحد البلاتوهات فاستدعاها هو وشريكه توجو مزراحى، وعرض عليها العمل معه فى ثلاثة أفلام دون أن تعمل مع غيره، وهى: «ابن الحداد» و«فنان عظيم» و«أولادى»، ووقفت أمام فريد الأطرش فى فيلم «أحلام الشباب»، وزاد أجرها أضعاف ما تقاضت فى المرة الأولى. وأصبحت هى وفاتن حمامة الممثلتين الوحيدتين اللتين مثلتا مع أربعة من نجوم الغناء فى مصر، وهم محمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، ومحمد فوزى، وعبد الحليم حافظ. قصة الحب التى عاشها عملاق الأدب العربى عباس محمود العقاد، للفنانة الكبيرة مديحة يسرى، كانت معروفة فى الوسط الفنى، ولقد عشقها العقاد من صورتها التى نشرت فى إحدى المجلات المصرية عام 1939 كأحد الوجوه الجديدة. ووصل به الحب إلى أن كلف كل تلاميذه أن يكونوا مخبرين له عن هنومة أو مديحة يسرى فيما بعد، وذلك حتى لا تفلت من تحت أنظاره ويكون لديه كل تحركاتها، وذلك بعد أن خصص لها جزءا كبيرا من وقته كى يجعل منها إنسانة مثقفة تقضى وقتها فى قراءة الكتب لكبار المفكرين، وحتى تقضى أكبر وقت ممكن تحت نظره. ولم تتزوج العقاد، ولكنها تزوجت أربع مرات، ثلاث منها كانت من الوسط الفني. اولها زواجها من المطرب والملحن محمد أمين، وأثمر زواجهما عن تأسيس شركة إنتاج سينمائى أنتجت خلال سنوات زواجهما الأربع أفلاماً مثل «أحلام الحب» و«غرام بدوية»، و«الجنس اللطيف». بعد انفصالهما تزوجت مديحة من الفنان أحمد سالم عام 1946، وانتهى الزواج بالانفصال، ثم تزوجت الفنان محمد فوزى، وعاشا معًا ثمانى سنوات كاملة وساندته كثيرا فى تأسيس شركة الاسطوانات الخاصة به، وبعد زواجهما اشتركت معه فى بطولة العديد من الأفلام التى أعادت اكتشاف نقاط دفينة فى موهبتها مثل فيلم «فاطمة وماريكا وراشيل» الذى يعد أول تجربة كوميدية لها، كما شاركته فى بطولة أفلام «آه من الرجالة»، «بنات حواء» الذى قدمت فيه دور رئيسة جمعية المرأة تساوى الرجل، ثم انفصلت عنه عام 1959م، أما آخر زيجاتها فكانت من الشيخ إبراهيم سلامة الراضى، شيخ مشايخ الحامدية الشاذلية الصوفية. وكان آخر ظهور سينمائى لها فى فيلم (الإرهابى) مع الفنان (عادل إمام) عام 1994م، وقدمت للسينما والتليفزيون أكثر من مائة عمل وأنتجت أكثر من خمسة أفلام. من أبرز أعمالها: «أقوى من الحب- سلاسل من حرير – الفنان العظيم –ابن الشرق -غرام بدويه -العرافة- من أين لك هذا – الجنس اللطيف – رجل لا ينام -من يطفئ النار- الأقوياء- أيوب- قلب يحترق - لا تسألنى من أنا- الخادمة- الكف- جوز الأربعة -الصبر فى الملاحات- الرقص مع الشيطان-الإرهابى- يسقط الحب – من غير وداع - ممنوع الحب».