تعهد الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، بالإبقاء على الاتفاق النووي الإيراني، في خطوة قد تضع الاتحاد في مسار تصادمي مع دولة واحدة تريد إنهاء الاتفاق، وهي الولاياتالمتحدة. أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا عن أنه سيسحب بلاده من ذلك الاتفاق الدولي الذي يهدف إلى منع إيران من تطوير سلاح نووي في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. وقالت منسقة شؤون السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني، بعد دقائق من إعلان ترامب انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووى مع إيران: «طالما استمرت إيران في تنفيذ التزاماتها النووية، كما تفعل حتى الآن، سيظل الاتحاد الأوروبي ملتزماً بالتنفيذ الكامل والفعال للاتفاق النووي». وأضافت: «الاتحاد الأوروبي مصمم على الإبقاء عليه. ونتوقع أن يواصل باقي المجتمع الدولي القيام بدوره لضمان استمرار تنفيذه بالكامل، من أجل أمننا الجماعي». وفي حين أن انسحاب الولاياتالمتحدة لا ينهي الاتفاق تلقائيًا، فإن إعادة فرض العقوبات الأمريكية ستجعله مسألة مثيرة للتنازع لأن إيران لن تكون قادرة على التمتع بمعظم مزاياها الاقتصادية بسبب عناصر عدم الأمان وعدم الاستقرار المرتبطة بالعقوبات الأمريكية. وسبق أن قال قادة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في بيان مشترك: «لا تزال حكوماتنا ملتزمة بضمان الحفاظ على الاتفاق، وستعمل مع جميع الأطراف المتبقية في الاتفاق لضمان بقاء الوضع كما هو عليه، بما في ذلك من خلال ضمان استمرار الفوائد الاقتصادية للشعب الإيراني المرتبطة بالاتفاق». وحثت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الولاياتالمتحدة على تجنب اتخاذ أي إجراء يعوق تنفيذ الاتفاق. ووقع اتفاق عام 2015 بين 6 قوى عالمية (بريطانيا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، والولاياتالمتحدة) من جهة، وإيران من جهة أخرى، واضطلع الاتحاد الأوروبي بدور رئيسي في تنسيق الجهود الدبلوماسية. وقال علي فايز مدير مشروع إيران في المجموعة الدولية للأزمات، وهي منظمة غير حكومية تكرس جهودها لمنع الأزمات: «هذا الاتفاق أحد الإنجازات الملموسة النادرة للدبلوماسية متعددة الأطراف في الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الماضية». وأضاف أن الحفاظ على ذلك الاتفاق قد يضع الاتحاد الأوروبي بالفعل في مسار تصادمي مع الولاياتالمتحدة. وقالت موجيريني: «تبقى الولاياتالمتحدة أقرب شريك وصديق لنا، وسنواصل العمل معا بشأن العديد من القضايا الأخرى». إلا أنها أشارت إلى أن الاتفاق النووي ليس في أيدي أي دولة واحدة تنهيه من طرف واحد. وفي إشارة إلى الفجوة المتنامية، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، على «تويتر»، إن السياسات الأمريكية ستقابل ب«نهج أوروبي موحد». وأضاف أن قادة الاتحاد الأوروبي سوف يناقشون -خلال اجتماع لهم- القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي وفرض أمريكا لرسوم على منتجات الصلب والألومنيوم، والتي لايزال الاتحاد الأوروبي يحاول الحصول على إعفاء دائم منها. كما كان ل«موجيريني» -أيضا- بعض كلمات التشجيع للمواطنين والقادة الإيرانيين، التي تضمنت أيضاً بعض الانتقادات المبطنة لقرار ترامب. وقالت: «لا تتركوا أي شخص يفكك هذا الاتفاق. إنه واحد من أكبر الإنجازات التي حققتها الدبلوماسية على الإطلاق، وقمنا ببناء ذلك معا». وتابعت أن الاتفاق كان حلاً رابحًا أظهر أن الاحترام يمكن أن يكون لغة عالمية. وأضافت: «ابقوا صادقين مع التزاماتكم؛ لأننا سنظل مخلصين لها وسنظل مع بقية المجتمع الدولي، سنعمل على الإبقاء على هذا الاتفاق النووي».