• أتمنى أن تعطى الدولة مساحه كبيرة للفن وأذكركم بالتجربة الصينية • فى النمسا أسماء مؤلفى الموسيقى على علب الشيكولاتة • الفنان سفير لبلده وعلينا دعمه.. الحفلات وحدها لا تكفى لكى تبرهن على اهتمام المؤسسات المصرية بالفنانين المصريين بالخارج الفنان العالمى رمزى يسى، عازف البيانو الشهير، أحد الفنانين المصريين القلائل الذى يحملون صفة العالمية، وهذه الشارة لا يحملها الا فنان يمتلك مواصفات خاصة جدا، موهبته فى المقام الأول إلى جانب ثقافته الفنية ودراسته سواء فى مصر أو روسيا، وهى أمور جعلته يزاحم كبار الفنانين على الساحة العالمية، ومحط أنظار كبار قاعات الموسيقى فى العالم؛ لكى يكون ضيفا دائما عندهم.. رمزى يسى ينتمى إلى جيل وضع الفن الجاد هدفا رئيسا له، كان من الممكن ان يسعى نحو الفن التجارى الاكثر ربحا فى عالمنا، وبالمناسبة أوروبا ايضا بها فن تجارى لكنه اختار الطريق الاصعب الذى يحقق من خلاله المعادلة الصعبة وهى الانحياز للفن الجاد والوجود بقوة، فالعمل فى أوروبا ليس بالهين خاصة اذا كنت تقدم فنا يعمل به الآلاف غيرك هناك.. الغرب دائما لا يمنح عواطفه الا للفنان المختلف الذى يعطيهم ويمنحهم المتعة، والمتعة هناك مصدرها الموهبة والاجتهاد والاختلاف والتفرد فيما تقدم.. رمزى يسى فنان مصرى ذهب إلى باريس للدراسة فوجد مناخا مختلفا فقرر أن يتخذها قاعدة للانطلاق.. وجوده هناك لم ينسه وطنه، لذلك من فترة لأخرى تجده حريصا على الوجود ولقاء الجمهور المصرى على خشبة دار الاوبرا المصرية.. ومؤخرا قدم حفلا مع اوركسترا اوبرا القاهرة قيادة المايسترو نادر عباسى. ** سألته فى البداية.. لماذا اخترت كونشرتو المصرى للفرنسى كامى سان صانز هل لأنه يحمل اسم مصر أم لأسباب فنية؟ تستطيع أن تقول للسببين، فهذا العمل كتب منذ فترة طويلة ودائما كنت اجد بعض الجماهير تسألنى عنه من عشرات السنين، وأى عازف دائما تستوقفه الاعمال التى تحمل اسم وطنه، لذلك كان لدى رغبة لكى اقدمه وخلال العديد من السفريات كنت التقى عازفين وفنانين يسألوننى عن هذا العمل. **هل الأعمال التى تحمل اسم مصر تعطى انطباعا جيدا وتستوقف الناس فى الخارج؟ بالتاكيد كلما أضع قدمى فى مكان تجد الناس تسألك عن الحياة الفنية فى مصر وهل هناك عازفون على مستوى عال وهل هناك اوركسترات على مستوى جيد، وهل هناك جمهور لهذا النوع من الموسيقى، وبالتالى هذه الاعمال تعطى دلالة جيده. الحياة الفنية دائما تشغل الناس. أى شىء تنفرد به الدولة يستوقف الناس بمعنى انك لو التقيت انسانا نمساويا صعب أنك تسأله هل درس موسيقى ام لأن اهتمامهم بالموسيقى فاق كل شىء، لدرجة ان الشيكولاتة هناك يطلقون عليها اسماء أهم الموسقيين، وعندما تسافر على خطوط الطيران الخاصة بهم تجد موسيقاهم، وكل هذا يعكس مدى الاهتمام بالموسيقى، ويعكس ايضا ان العالم كله يعلم ان النمسا لها تاريخ طويل فى هذا الامر. ** عندما تلتقى مع الاوربيين ويسألونك عن الحياة الموسيقية فى مصر ماذا تقول؟ أولا اقول إن مصر لديها موسيقات وليس موسيقى، منها الموسيقى العالمية او الجادة وأعنى بها الموسيقى التى تعتمد على الموهبة والدراسة والتى تتطلب قدرا كبيرا ايضا من التواصل ونقل الخبرات من جيل إلى جيل. واقول لهم ايضا لدينا موسيقى شابة. ** هل انت مؤمن بتواصل الأجيال؟ طبعا لتكوين الخبرات لأن كل انسان لابد ان يبدأ من حيث انتهى الآخرون ولو كل انسان بدأ من الأول سوف تنتهى الحياة دون ان نكتشف أى شىء، وحتى نتفادى الاخطاء. ** الوصول للعالمية بالتأكيد يتطلب أمورا كثيرة؟ لابد ان تكون خبرات ويعمل على نفسه كثيرا، وعمر الإنسان لا يكفى للوصول للعالمية لو الفنان انزوى واغلق الباب على نفسه. لابد ان نتبادل الخبرات حتى نكتشف الدنيا وما فيها. ** كيف ترى مستوى العازفين المصريين الآن؟ مبشر جدا لكن الوضع الموسيقى بصفة عامة هو الاساس بمعنى ان الحياة الفنية تأثرت كثيرا بعد 2011. وبعدها بدأت تطرح اسئلة كثيرة عن سير الحياة الموسيقية. فأنا عزفت ما يقرب من 50 سنة مع الاوركسترا وفى كل فترة كنت ألاحظ المركب تسير فى اتجاه معين حسب الوضع الاقتصادى فالمجتمع تحرر كثيرا الآن عكس ما كان فى فترة الستينيات. فى الماضى كنت ابحث عن العمل الموسيقى الذى كنت اود الاستماع اليه وأشترى الاسطوانة، الآن تستطيع ان تستمع لأى عمل عن طريق اليوتيوب. الآن العازفون انقسموا بين من يعمل من اجل الربح فقط وهناك من يجمعون بين الامرين، تحقيق عائد جيد مع مستوى راق فى الاداء، لذلك المناخ والحالة الاقتصادية مهمة جدا للفنان. ** كيف ترى هجرة العازفين إلى الخارج؟ البلد اكيد تخسر وجوده لكنه فى النهاية هو هناك يمثل وطنه وبالتالى وجوده مهم. سواء فى الخليج او أى دولة اخرى. هنا لابد ان اضرب مثلا بمحمد صلاح المصرى المحترف فى انجلترا وما حققه للبلد من فوائد كثيرة فهو عازف كرة مصرى، لو ظل فى مصر ما حقق هذا النجاح ليس لشخصه فقط لكن للبلد كله. هو معروف للعالم ودائما يقولون عنه المصرى، والجميل ان مصر كلها فرحانة به، وهو اكثر انسان قدم دعاية لها. وزاد من انتشاره انه انسان بشوش وموهوب وصوره تملأ الشوارع. اتمنى ان يكون كل المصريين محمد صلاح. ** هذا معناه اننا يجب أن نشجع الموهوبين على السفر؟ بشرط ألا تنقطع صلته بمصر ويجب على الدولة ان تدعمهم ايضا بصور كثيرة منها الاهتمام بهم. ** هل ترى أن اغلب الناجحين فى الخارج غير مهتم بهم؟ يجب وضع نظام للاستفاده منهم لأنهم سفراء للبلد، ووجودهم خير دعاية للبلد كما ذكرت فى حالة محمد صلاح مثلا. ** المسئوليه هنا تقع على من؟ على كل كيان فنى: الاوبرا المعاهد الفنية وزارة الثقافة. فالامر ليس مجرد ان تدعوه مرة وانتهت، يجب ان يشعر الفنان عند حضوره ان وجوده فى بلده مهم، وهذا لن يحدث الا برؤية ونظام. علينا ايضا ان نعوضه ماليا عن رحلته لمصر؛ لأنه ترك كل شىء من اجل ان يعود للجمهور المصرى. ** هل أنت شاعر بأن الاهتمام بك يوازى قيمتك الفنية؟ أنا الحمد لله كرمت بشكل جيد من الدولة بحصولى على جائزة الدولة التقديرية، وأسند لى مشروع قصر المانسترلى، وكنت أتمنى ان يستمر هذا المشروع بعد ان تركته، وهذا ما طلبته من صندوق التنمية، لكن يبدو ان هناك وجهة نظر اخرى لهم. ** لماذا لم تستمر فى هذا المشروع رغم نجاحه؟ أى مشروع لابد أن يتطور كل فترة ويكبر حتى لا يفقد بريقه، وشعرت فى فترة من الفترات ان هناك فتورا تجاه المشروع من بعض المسئولين فقررت ان اتركه. أنت تعلم ان أى شركة او مشروع اذا لم تواصل الابتكار سوف تغلق ابوابها، لذلك تجد الشركات الكبرى كل فترة تدعم نشاطها بامور جديدة او منتج جديد. الى جانب ان الامور لم تكن مستقرة فى فترة ما بعد 2011 مباشرة. والفن غير السياحة، الفن من الممكن ان تلغى حفلا لو انت قادم من اجله لكنك لن تستطيع ان تلغى رحلة سياحية لو انت قادم بمزاجك من اجل غرض ما. ** ما الذى نحتاجه الآن لكى نتقدم خاصة ان الدولة الآن تعمل على العديد من المشروعات العملاقة؟ أعلم ان المناخ الآن طيب للغاية والارادة السياسية تريد عمل الكثير للبلد، لذلك اتمنى ان يكون للفن مساحة كبيرة.. دولة مثل الصين قبل سنوات لم يكن فيها اوركسترا او دار اوبرا مثلنا الآن، هم فى كل مدينة دار اوبرا وقاعات للموسيقى، لدرجة اننى كنت اذهب لعمل حفلات فى بكين وهناك اجد برنامج حفلات آخر فى مدن لا اجهل اسمها وعندما ازورها افاجأ بأنها تمتلك قاعات كبيرة وجيدة جدا.الآن الموسقيون الصينيون متواجدون فى كل اوركسترات العالم. أتمنى من اولادنا ان يتعلموا العزف بدلا من الفيديو جيم وخلافه. ** أنت تطالب دائما بتدريس الموسيقى لأبنائنا؟ علميا الإنسان الذى يعزف آلة او يدرس الموسيقى يكون ذهنه وعقله اكثر نضجا واستيعابا للاشياء، وعلى المستوى العملى يعمل بشكل اكثر كفاءة؛ لأن الموسيقى تنمى العقل بشكل كبير جدا. ** فى رأيك هل على الدولة أن ترسل المتفوقين للخارج كما حدث مع جيلك؟ الوضع مختلف، جيلى سافر لروسيا ولم يكن امامنا غيرها لأن توجه الدولة كان نحو هذا المعسكر. الآن الوضع مختلف وأصبحنا اكثر انفتاحا على العالم، وطبعا اتمنى ان نرسل المتفوقين للاحتكاك بمدارس اكثر تفوقا منا وهذا سوف يفيد البلد والدارس فى نفس الوقت. ** بمناسبة ما يحدث فى الصين لو أتيحت لك فرصة العزف فى مدن مصرية هل توافق؟ أكيد لكن الاهم وجود قاعة وبيانو جيد فى المدن، انا طلبت من الدكتورة ايناس عبدالدايم عند رئاستها للاوبرا أن تنظم لى حفلا فى اوبرا دمنهور عندما وجدت مناسبه للعزف والحمد لله ذهبت ووجدت ترحابا من الجمهور كبيرا وشكرا، ووقتها قلت لهم الشكر لكم لأنكم حضرتم من اجلى. ** اختيارك لفرنسا للإقامة كيف جاء؟ عندما سافرت لم يكن فى ذهنى أن أستمر هناك لكننى ذهبت للدراسة لمدة شهر وهناك اكتشفت ان العلم ليس له حدود وهناك اختلاف عن الدراسة فى روسيا وولدت بداخلى رغبة فى الاستمرار لكن النفقات كانت اكثر من امكانياتى، فقررت ان اشارك فى مسابقة لكسب بعض المال وبالفعل اشتركت فى مسابقة باسبانيا وحصلت على جائزة مالية جعلتنى اعيش فى فرنسا لمدة عام ونصف او عامين. وبدأت خطوة وراء خطوة والحمد لله وجدت نفسى مهيئا للاقامة واستطيع ان اقدم نجاحات تحسب لى، فقررت الاقامة وبدأت ابحث عن عمل. **هل تجد رضا وانت تقوم بالتدريس للمواهب الشابة؟ أكيد لأننى ايضا استفيد كلما قلت لهم معلومة اتعمق فيها وبالتالى تزداد خبراتى انا احب التدريس كما احب العزف. ** هل تتعامل معه على انه يحقق عائدا ماديا جيدا؟ ليس بهذا القدر لكنه مهم فى حياتى. ** قمت بالعزف فى اهم قاعات العالم هل هناك قاعة معينة تحب أن تعزف فيها؟ أى قاعة لم اعزف فيها اتمنى ان اقدم فيها فنى. ولكننى مؤخرا عزفت فى قاعة مانسكى فى سان بطرس برج فى روسيا وهى قاعة انا سعيد بأنها انضمت لقائمة القاعات التى عزفت فيها. ** هل لأنك استدعيت ذكريات الدراسة فى روسيا؟ الذكريات معى بالتأكيد ولها مساحة فى قلبى لأننى كنت طالبا وهذه الايام لا تعود. ** حبك للعزف على البيانو متى بدأ؟ منذ الطفولة خاصة أن والدتى وشقيقتى الكبيرة كانتا تعزفان على البيانو، والدى بجانب انه طبيب كان يحب التصوير وبالتالى له اتجاهات فنية وكل هذا ساهم فى تكوين شخصيتى.