إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    فتح باب التقديم الإلكتروني لرياض الأطفال والأول الابتدائي الأزهري أول يوليو    محافظ أسيوط يوجه بسحب أرض من جمعية تعاونية بسبب الإهمال - صور    صحف بريطانية: ترامب يمنح فرصة للتفاوض قبل الحسم العسكري مع إيران    خسائر الأهلي المالية في كأس العالم للأندية    بعد انتهاء التصحيح اليوم.. موعد نتيجة الشهادة الإعدادية في القليوبية برقم الجلوس    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم بقنا    وفاة رئيس لجنة ثانوية عامة بسوهاج في حادث سير بأسيوط    مينا مسعود: فيلمي المصري أهم من "علاء الدين".. وعادل إمام سبب حبي للتمثيل    رئيس وزراء صربيا يزور المتحف الكبير والأهرامات: منبهرون بعظمة الحضارة المصرية    حسن الخاتمة.. وفاة مسن أثناء صلاة الفجر بالمحلة    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    «الصحة» تنظم ورشة عمل لأطباء الصدر على مناظير الرئة    قافلة طبية للقومى للبحوث بمحافظة المنيا تقدم خدماتها ل 2980 مواطناً    أسعار اللحوم اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 في الأسواق المحلية ومحلات الجزارة بالأقصر    الطقس اليوم.. ارتفاع بحرارة الجو وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 36 درجة    ضبط تاجر مخدرات بحوزته شابو وحشيش في منطقة أبو الجود بالأقصر    زيلينسكي: هناك حاجة لعمل دولي ضد روسيا وإيران وكوريا الشمالية    وكالة الطاقة الذرية تعلن تضرر مصنع إيراني للماء الثقيل في هجوم إسرائيلي    هل تجاوز محمد رمضان الخط الأحمر في أغنيته الجديدة؟    بعد عرضه على نتفيلكس وقناة ART أفلام 1.. فيلم الدشاش يتصدر تريند جوجل    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    برشلونة يسعى للتعاقد مع ويليامز.. وبلباو متمسك بالشرط الجزائي    أبوبكر الديب: من "هرمز" ل "وول ستريت".. شظايا الحرب تحرق الأسواق    ضمن برنامج الاتحاد الأوروبي.. تسليم الدفعة الأولى من معدات دعم الثروة الحيوانية في أسيوط    حالة الطقس في الإمارات اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    "من أجل بيئة عمل إنسانية".. ندوات توعوية للعاملين بالقطاع السياحي في جنوب سيناء    سعر الذهب اليوم في مصر ينخفض ببداية تعاملات الجمعة    وزارة البيئة تشارك في مؤتمر "الصحة الواحدة.. مستقبل واحد" بتونس    شرطة بئر السبع: 7 مصابين باستهداف مبنى سكني وأضرار جسيمة نتيجة صاروخ إيراني    إسرائيل تتهم إيران باستخدام "ذخائر عنقودية" في هجماتها    نشوب حريق هائل بعدد من أشجار النخيل بإسنا جنوب الأقصر    البرلمان الإيرانى: مصالح أمريكا لن تكون آمنة إذا دخلت واشنطن المعركة    إنتر ميامى ضد بورتو.. ميسى أفضل هداف فى تاريخ بطولات الفيفا    تعرف على اختصاصات لجنة التعليم العالي بقانون ذوي الإعاقة الجديد وفقًا للقانون.. تفاصيل    الأحد.. "مجلس الشيوخ" يناقش خطة وزير التعليم لمواجهة التحرش والتنمر والعنف بالمدارس    إعلام إيراني: إطلاق 3 صواريخ باتجاه مفاعل ديمونة النووي في إسرائيل    المستشار القانوني لرابطة المستأجرين: قانون الإيجار القديم سيُقضى بعدم دستوريته حال صدوره    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 20-6-2025 بعد الارتفاع الجديد    إعلام إيرانى: دفعة صواريخ جديدة تستهدف النقب بالقرب من قاعدة نواتيم الجوية    التشكيل المتوقع لمباراة فلامنجو وتشيلسي في كأس العالم للأندية    «أول مرة في حياتي».. تعليق مثير من وسام أبو علي بشأن هدفه الذاتي    شيرين رضا: جمالي سبب لي مشاكل.. بس الأهم إن أنا مبسوطة (فيديو)    «خرج من المستشفى».. ريال مدريد يكشف عن تطور جديد في إصابة مبابي    "مش كل لاعب راح نادي كبير نعمله نجم".. تعليق مثير للجدل من ميدو بعد خسارة الأهلي    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    10 صور لاحتفال وزير الشباب والرياضة بعقد قران ابنته    «إنجاز طبي جديد».. تحت مظلة منظومة التأمين الصحي الشامل    خلافات عائلية تنهي حياة خفير نظامي في الفيوم    خبير يكشف كمية المياه المسربة من بحيرة سد النهضة خلال شهرين    تعرف على ترتيب مجموعة الأهلي بعد خسارته وفوز ميامي على بورتو    هل من حق مريض الإيدز الزواج؟ نقيب المأذونين يجيب (فيديو)    هنا الزاهد ب"جيبة قصيرة" وصبا مبارك جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    قادة كنائس يستعرضون دروس مقاومة نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف الأردنية نسرين الوادي.. طريقة عمل شوربة البروكلي    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هبوا أيها العرب واستفيقوا!
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 09 - 2009

أوجدت إطلالة الرئيس الأمريكى باراك أوباما على الأمم المتحدة من منبرى الجمعية العامة ومجلس الأمن ارتياحا نسبيا، لكون إداراته الجديدة أعلنت التزامها بتمكين هذه المؤسسة الدولية القيام بمسئولياتها، والتى طالما همشتها الإدارات الأمريكية السابقة..
وبالتالى ممارسة صلاحياتها فى تفعيل قراراتها بعد أن أجهض أسلافه العديد منها، خاصة تلك التى شرعنت حقوق الشعب الفلسطيني مما استدعى اعتبار معالجة هذه القضية كأحد الأولويات التى إذا بقيت عصية على الحل تشكل كما أكد تأكيدا «للمصلحة الأمريكية». إلا أن إضفاء أهمية على حل هذه القضية على أساس قيام دولتين إسرائيل وفلسطين مطالبا الطرف الفلسطينى «بالكف عن التحريض ضد إسرائيل»، مثلما أكد على أن «أمريكا لا تقبل شرعية استمرار المستوطنات الإسرائيلية».. هذا كما ورد فى خطابه أمام الجمعية العامة. كما تابع الرئيس أوباما دعوته «لاستئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة بهدف تفعيل مواضيع الحل النهائى».
بمعنى آخر، حدد فى خطابه دولة يهودية فى إسرائيل مع أمن حقيقى لكل الإسرائيليين ودولة فلسطينية قابلة للحياة ومتماسة ومتواصلة فى امتدادها الذى ينهى الاحتلال الذى بدأ عام 1967 ويمهد لصيرورة طاقات الشعب الفلسطينى. وأضاف فى هذا الصدد «أننا فى الولايات المتحدة نؤكد التزامنا الحاسم بأمن إسرائيل مع إصرارنا على أن تحترم المطالب والحقوق المشروعة للفلسطينيين».
هذا خطاب ينطوى على مصطلحات قلما استخدمتها الإدارات الأمريكية الفائتة. بمعنى آخر يدفع الرئيس أوباما نحو جعل الموقع الأمريكى أقل تحيزا، ويخطو خطوة باتجاه إدخال عناصر تتسم إلى حد ما بالموضوعية والتوجه نحو مفردات تتميز بإقرار نجاعة وقانونية العديد من القرارات التى أصدرتها مؤسسات الأمم المتحدة.
يستتبع هذا، الاعتقاد أن مضمون خطاب الرئيس الأمريكى فى الجمعية العامة كان مدفوعا بقناعات ثابتة بكونه يرغب أن يكون القانون الدولى سلطة عملية وأخلاقية فى معالجة العلاقات الدولية، كما يلازمنى شعور يقترب من قناعة أن تصميم أوباما على استعمال المصطلحات المشار إليها، ناتج أيضا عن ضرورة الرد على الحملات الإعلامية المكثفة التى قام بها نتنياهو قبل الاجتماع الثلاثى فى نيويورك (أوباما، نتنيناهو، محمود عباس).. والتى شكلت تلك الحملات بمضامينها الاستفزازية تعريفا للمواقف الإسرائيلية تجاه احتمال قيام مباحثات توصف خطأ ب«المفاوضات»، مما يجعل ما يعلنه من مواقف وشروط استباق لرفض أية حلول لا تتطابق مع أهداف إسرائيل المعلنة وغير المعلنة. مما جعل إدارة أوباما تعمل على تعبئة اللجنة الرباعية بتأكيدها مطالبة إسرائيل وقف الاستيطان، وما أكده مبعوثها تونى بلير بأن (عليها إعادة المستوطنين إلى إسرائيل) بمعنى إخراجهم من الأراضى الفلسطينية المحتلة.
لقد أخرج خطاب أوباما فى الجمعية العامة اللجنة الرباعية من كبت معظم فى مواقفها، مما دفعها منذ ثلاثة أيام أن تساهم فى تسريع الحملة ضد الاستيطان والمستوطنات. وكأن مجرد المطالبة بتجميد المستوطنات قد أسقط خيارا قائما، وأن تفكيك المستوطنات صار احتمالا معتمدا. إن ما أشرنا إليه من إدخال الرئيس أوباما مصطلحات مطلوبة كانت مغيبة من شأنه أن يساهم فى ردع تمادى إسرائيل فى استباحة حقوق الفلسطينيين الوطنية والإنسانية... ذلك إذا تمكن العرب دولا ومجتمعات من توحيد مواقفهم واستقامة خطابهم، من خلال انفتاح على فرص كانت مستبعدة، وتخطى عوائق ما أفرزه الإفراط الأمريكى بالتحيز. خصوصا إذا حصل تأخير فى استئناف حملات التفنيد للتشويه المتعمد، ومن ثمّ تسليط الأضواء على حقائق غيبها الإعلام المتحيز وبقيت فى معظم الأحيان دون تصدى حاسم وتصحيح فورى مثبت وقابل للتصديق.
*******
لعل الخطاب الذى ألقاه نتنياهو يوم 24 سبتمبر يؤكد محاولة تجاهله لما أفرزه خطاب أوباما من نهج جديد فى ضبط وتأكيد قانونية مفردات رسمت بعض معالم دولة فلسطينية. أجل، لقد تعمد طمس جدوى زخم محتمل للتصدى بشكل واضح لسياسات الضم وتهويد القدس، بأن يلجأ إلى تحريف الأنظار عن مضامين المستجد فى خطاب أوباما رئيس الدولة الحليفة لإسرائيل والضامنة لأمنها. أجل، التحريف من خلال محاولة يتقنها نتنيناهو للإيحاء بأن خطاب الرئيس الإيرانى هو فى واقعه تعبير عن حالة عربية قائمة، وهذا دليل أنه يعنى فى تغطية مواقفه القاسمة للشرعية الدولية بإيجاد تبرير مسبق لعدوان يسعى لتبريره ضد إيران، مشيرا إلى خطر أن تنتج قنبلة نووية، فى حين أن فى حوزة إسرائيل أكثر من مائتى رأس نووى تقريبا.
ويترافق تحريف الأنظار هذا فى اتجاه إيران فى لحظة اتخاذ مجلس الأمن فى اليوم ذاته قرارا يمهد بادئا ذى بدئ بإلغاء عدد كبير من منظومات السلاح النووى تدريجيا، والعمل على دفع الدول النووية غير المنضمة لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إلى الالتزام بها.
هنا يطرح السؤال، لماذا تبقى إسرائيل بمنأى عن المساءلة عن ترسانتها النووية؟
******
وفى خطاب نتنياهو أمام الجمعية العامة حاول استحضار المحرقة التى قام بها النظام النازى ضد اليهود، فيما رغب أن يضفى على كونها دليل على أن إسرائيل (الدولة اليهودية) هى دولة للشعب اليهودى.. هنا أيضا أراد نتنياهو أن يوحى بأن إنكار المحرقة التى وردت فى خطاب أحمدى نجاد كأنها بدورها قناعة عربية، بمعنى أن قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ينطوى على «خطر وجودى»، مما يجعل تجريدها من عناصر السيادة حاجة أمنية، وبالتالى تتحول من كونها دولة إلى محمية متمتعة بالحكم الذاتى!
خطاب نتنياهو فى الجمعية العامة أراد إعطاء انطباع بأن خطرا وجوديا قائما وبشكل متواصل، مما أدى إلى ربطه بالإدانة لقيام إسرائيل بجرائم حرب فى عدوانها على غزة فى أول العام الحالى. مما دفعه التحريض على لجنة التحقيق برئاسة القاضى اليهودى جولدستون، والمعترف به دوليا كونه من أنزه الفقهاء الدوليين، والمعروف بالنزاهة والأمانة والدقة فى التوثيق. وهو الذى استهدفه نتنياهو بحملته الشعواء وافتراءاته والتشهير بصدقية التحقيقات، لعل هذا التهجم الشرس يحول دون أى رد، مما يجعل من كثافة الحقد الذى أظهره رئيس الحكومة الإسرائيلية حائلا دون أى رد مطلوب، ويستبق من خلال هذا ابتزاز ومحاولة إخراس أى صوت يعبر عن الحقائق التى ينطوى عليها تقرير جولدستون.
نستطيع الجزم بأن ما قام به نتنياهو قبل خطابه فى الأمم المتحدة وأثناء الخطاب يشكل ما يتصوره كدرع واق من التطويق المتزايد على برامجه الاستيطانية، وعلى الإمعان فى تهويد القدس، وجعل سياساته بمنأى عن النقض والمساءلة.
*******
كانت الأيام الأخيرة بقصد أو بدون قصد كاشفة عن كون المستوطنات دليلا على أن إسرائيل لها حق الملكية للأراضى التى تحتلها، وأن اعتبار إسرائيل أنه إعادة تموضع بمثابة «انسحاب» كما تدعى فى غزة، وأن التمدد الاستيطانى هو المرادف المساعد لترجمة قانون العودة وإجهاض لحق العودة للاجئين الفلسطينيين، كما أن تهديد محمود عباس بأن عليه أن يختار بين أن يكون «ياسر عرفات أو أنور السادات» هو إسهام إضافى فى إلغاء إرث وتاريخية المقاومة التى قادتها فتح، ومن خلال هذا التخير تؤكد إسرائيل حقها فى الإملاء مما يفسر تعريف نتنياهو لدولة فلسطين منقوصة الاستقلال ومبتورة السيادة...
ألم يحن الوقت أن نستعيد نداء إبراهيم اليازجى: «هبوا واستفيقوا أيها العرب!»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.