جولة لأوقاف الإسكندرية على مساجد العامرية    انطلاق فعاليات الملتقى التوظيفي الأول بجامعة طيبة التكنولوجية.. اليوم    التنظيم والإدارة يعلن عن وظائف بجامعة مطروح    مؤتمر صحفي للإعلان عن قواعد القبول بمعاهد معاوني الأمن    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 12 مايو    كيف ستتعامل دول العالم مع التحول الرقمى السريع خلال العقد المقبل؟ تقرير دولي يوضح    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 12 مايو    المالية تعلن تبكير مواعيد صرف مرتبات يونيو للعاملين بالدولة    الرئيس السيسي: «آل البيت» وجدوا الأمن والأمان في مصر    استقرار أسعار اللحوم في مصر خلال الأحد 12 مايو 2024    بسبب الحرب على غزة.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يهاجم نتنياهو    الجيش الأمريكي يُعلن تدمير 3 مسيرات تابعة للحوثيين فوق البحر الأحمر    الأونروا: التهجير القسرى والعمليات العسكرية برفح يزيد من تفاقم الوضع الكارثى    شولتس: الهجوم الإسرائيلي البري على رفح سيكون عملا غير مسؤول    الليلة.. الزمالك يتحدى نهضة بركان المغربى فى ذهاب نهائي الكونفدرالية الأفريقية    السادسة والنصف مساء اليوم.. أرسنال يصطدم ب مانشستر يونايتد فى صراع التتويج بالدوري الإنجليزي    أخبار مصر: رد إسلام بحيري على محمد حسان وعلاء مبارك، نجاة فتاة بأعجوبة من حريق بالأميرية، قصة موقع يطارد مصرية بسبب غزة    جروبات الغش تنشر أسئلة وإجابات امتحان الجبر للصف الثاني الثانوي، والتعليم تحقق    موعد عيد الأضحى المبارك 1445ه: تفاصيل الإجازة وموعد وقفة عرفات 2024    تحسين مظهر تطبيق واتسآب للأجهزة المحمولة    من مقام السيدة زينب، 5 رسائل هامة من الرئيس السيسي    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    الرئيس السيسي يفتتح مسجد السيدة زينب بعد انتهاء عمليات تطويره    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    طريقة عمل مولتن كيك، في البيت باحترافية    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    عاجل.. حدث ليلا.. قمع واعتقالات بمظاهرات تل أبيب وغضب في لبنان بسبب عصابة التيكتوكرز    أستراليا تشكل لجنة لمراقبة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المجتمع    وزير الرياضة يفتتح أعمال تطوير المدينة الشبابية الدولية بالأقصر    رئيس اليمن الأسبق: نحيي مصر حكومة وشعبًا لدعم القضايا العربية | حوار    محاكمة 19 متهمًا ب«خلية تزوير المرج».. اليوم    الهدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية قد تبدأ خلال ساعات بشرط وحيد    تثاءبت فظل فمها مفتوحًا.. شابة أمريكية تعرضت لحالة غريبة (فيديو)    بطولة العالم للإسكواش 2024| تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة    «آمنة»: خطة لرفع قدرات الصف الثانى من الموظفين الشباب    ما التحديات والخطورة من زيادة الوزن والسمنة؟    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    تحذير مهم من "تعليم الجيزة" للطلاب وأولياء الأمور لهذا السبب    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    "الأوقاف" تكشف أسباب قرار منع تصوير الجنازات    يسرا: عادل إمام أسطورة فنية.. وأشعر وأنا معه كأنني احتضن العالم    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة نهضة بركان    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    أستاذ لغات وترجمة: إسرائيل تستخدم أفكارا مثلية خلال الرسوم المتحركة للأطفال    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    أخبار × 24 ساعة.. وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    اعرف سعره في السوق السوداء والبنوك الرسمية.. بكم الدولار اليوم؟    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    كولر يحسم موقف الشناوي من رحلة تونس لمواجهة الترجي    أرخص السيارات العائلية في مصر 2024    حبس سائق السيارة النقل المتسبب في حادث الطريق الدائري 4 أيام على ذمة التحقيقات    بعيداً عن شربها.. تعرف على استخدامات القهوة المختلفة    علي الدين هلال: الحرب من أصعب القرارات وهي فكرة متأخرة نلجأ لها حال التهديد المباشر للأمن المصري    حظك اليوم برج العذراء الأحد 12-5-2024 مهنيا وعاطفيا    وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    تيسيرًا على الوافدين.. «الإسكندرية الأزهرية» تستحدث نظام الاستمارة الإلكترونية للطلاب    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«العدوان الثلاثى» على سوريا: لم ينتظر قادة الحرب تقرير البعثة الدولية للتحقيق
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 04 - 2018

هو «العدوان الثلاثى»، مرة أخرى، مع اختلاف «طفيف» فى الشركاء، فقد دخل «الأصيل» الأمريكى محل «الرديف» الإسرائيلى فى العدوان الثلاثى على مصر فى خريف العام 1956، وإن ظلت بعض ثمار الحرب الخاطفة الجديدة على سوريا ستصب فى مصلحة العدو الإسرائيلى، كما أول مرة.
واضح أن التهريج الذى مارسه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عشية الضربة الأمريكية البريطانية الفرنسية الخاطفة التى شنت فجر يوم السبت الماضى، قد شكل «الغطاء الضاحك» لهذا العدوان الثلاثى... فهو أطلق إنذاره ضد سوريا ورئيسها بشار الأسد، قبل خمسة أيام، ثم ألحقه بكلمات تخفف من جديته، فى حين كانت بريطانيا وفرنسا تتناوبان على إطلاق التهديدات مع ربطها بنتائج تحقيقات البعثة الأممية التى أوفدت إلى دمشق، والتى تزامنت الغارة الجوية الثلاثية مع وصولها إلى العاصمة السورية عبر مطار بيروت الدولى.
واضح أيضا أن القرار بالضربة الثلاثية قد جرى توقيته بحيث يسبق القمة العربية التى كان مقررا أن تباشر أعمالها، فى اليوم التالى، فى الرياض، بما يعفى الملوك والرؤساء والأمراء وأولياء العهود من المسئولية عنه ويحصر بحثهم فى معالجة نتائجه، بعد محاولة لتبرير العدوان بحكاية «الكيماوى» الذى شكل الذريعة لضرب النظام السورى.
وهكذا لن يجرؤ أحد على إعادة طرح عودة سوريا إلى مقعدها فى الجامعة العربية كدولة مؤسسة، كما لن يجرؤ أحد على إدانة العدوان، وإن كانت محاولات تبريره ستقتصر على تبنى بعض ما قالته عواصم الغارات: واشنطن ولندن وباريس.. خصوصا وإن موسكو قد اكتفت بالشجب وطهران بإدانة هذا الهجوم غير المبرر.
لن يعتبر أحد أن الغارات تستهدف القمة ذاتها لتبرير التخلى العربى عن فلسطين، والسكوت على الاعتداءات الوحشية الإسرائيلية على المتظاهرين العزل فى غزة، أساسا، وبعض مدن الضفة الغربية.
***
بل إن أحدا لن يجرؤ على الربط بين ما يجرى فى فلسطين وهذا العدوان الثلاثى على سوريا، ومعه الاعتداء التركى المفتوح على الشمال السورى واحتلال بعض المناطق فيه، ثم التقدم لاحتلال بعض الأرض العراقية بذريعة مطاردة «المتمردين الأكراد».
كذلك فإن أحدا لن يجرؤ على إثارة مسألة الحرب الوحشية على اليمن التى تدمر عمرانها وتقتل أهلها وتسبب فى التهام الكوليرا لأطفالها.
لن يتوقف أحد أمام مسألة إعادة إعمار اليمن، أو العراق، أو سوريا، فلقد استنزفت دول النفط والغاز فى شراء كميات هائلة من السلاح الجبار (طائرات حربية، حوامات، بوارج، مدمرات) لن تُستخدم، فى الغالب الأعم إلا ضد الإخوة الأعداء، ولن تطاول الاحتلال الإسرائيلى فى فلسطين.
*******
ونعود إلى العدوان الثلاثى الجديد، الأمريكى البريطانى الفرنسى على بعض المنشآت الحيوية والمطارات العسكرية فى سوريا.
إن الذريعة المعلنة: تدمير مخازن «السلاح الكيماوى» بعد مزاعم غربية، بعنوان أمريكى، عن أن النظام السورى قد استخدم هذا السلاح فى العديد من غاراته على أهداف عسكرية آخرها فى دوما.
لكن الملفت أن هذه الغارات قد تزامنت مع وصول بعثات أممية مختصة، أوفدتها بعض وكالات الأمم المتحدة، للتحقيق فى أمر السلاح الكيماوى، وهل هو موجود لدى سوريا وهل استخدم فعلا فى بعض المناطق؟
مع الإشارة إلى آخر ما بث من «تقارير مصورة» عن ضحايا هذا السلاح الكيماوى قيل إنها جاءت من دوما، وهى إحدى الضواحى الكبرى شرقى دمشق... وهى ذاتها التى دخلها «الخبراء الروس» بعد إجلاء المسلحين منها إلى مدينة جرابلس، فى شمال شرقى سوريا، فنفوا بوجودهم المباشر فيها حكاية الكيماوى.
***
أى إن قادة العدوان لم ينتظروا تقارير البعثة الدولية التى قد تؤكد أو تنفى استخدام النظام السورى للسلاح الكيماوى.
مع ذلك، استمرت عواصم العالم تسخر من تغريدات الرئيس الأمريكى ترامب والتى بعضها يثير الاستغراب والدهشة، وبعضها الآخر يبعث على الأسف بأن تكون قيادة أعظم دولة فى العالم قد آلت إلى هذا المضارب فى البورصة الذى لا علاقة له بالسياسة، ولا يعرف الدنيا، ويناقض نفسه بنفسه عبر تغريداته اليومية التى يطلقها فجرا وفق مزاجه ليشغل بها عواصم القرار فى العالم فيُحار الخبراء فى تفسيرها.. غالبا وإنه سرعان ما يلحقها بتغريدات أخرى تلغى ما سبق أن أطلقها، ثم ذهب إلى النوم، تاركا العواصم تسهر لحل ألغاز تغريداته.
لقد وقعت «الضربة» ضد سوريا، بذريعة السلاح الكيماوى، وخرج قادة العدوان الأمريكى البريطانى الفرنسى يتبارون فى التبرير.. ولم يرتفع أى صوت عربى بالإدانة أو التهديد بالرد، أو اعتبار الهجوم الذى وقع فى الليل حربا على الأمة العربية جميعا بأمنها واستقرارها، بيومها وغدها، وتبريرا لاحقا (وقد يكون مسبقا لاعتداءات إسرائيلية جديدة ومتوقعة كالغارة التى عبرت فيها الطائرات الحربية الإسرائيلية، أجواء لبنان، قبل أيام، لتقصف القاعدة العسكرية فى منطقة حمص والتى قيل إنها إيرانية).
ربما سلم الجميع، عربا وغير عرب، ما عدا الروس وإيران والصين، بالمبررات التى تزاحم على تقديمها الرئيس الفرنسى ورئيس الحكومة البريطانية والمسئولون الأمريكيون.
ومن حيث المبدأ فإن أحدا فى العالم لا يقبل باستخدام الأسلحة الكيماوية فى أى حرب دولية، فكيف إذا كان الاتهام موجها لحكومة تقتل مواطنيها.. لكن المشكلة هنا أن القاضى والمدعى العام والشهود يمثلون طرفا واحدا، مع أن العدوان ثلاثى، وليس من طرف محايد قادر ومؤهل على إدانة عدوان تشارك فيه ثلاث دول كبرى ضد دولة غارقة فى دماء أبنائها، ومتروكة للريح، يكاد ينكرها أهلها، ويكاد يتخلى عنها أصدقاؤها، ما عدا روسيا وإيران.
فى هذا الوقت بالذات، كانت المملكة العربية السعودية تتقدم بإخطار إلى مجلس الأمن الدولى تتهم فيه إيران بتقديم صواريخ للمقاتلين اليمنيين حيث يتعرض شعبها الفقير للإبادة، وتطالب بمعاقبتها.
***
وكانت «المعارضة السورية»، برغم التناقضات والخلافات التى تشل حركتها وتجعلها مجرد دمية فى أيدى بعض الدول العربية والغربية، ترفع صوتها مهللة بالضربات ضد بلادها، بعاصمتها وضواحيها، وبعض القواعد العسكرية لجيشها الوطنى.
أما موسكو فقد عادت تلجأ إلى الشرعية الدولية ممثلة بمجلس الأمن التى كانت قد عطلت فيه، قبل أيام، مشروع القرار الذى تقدمت به واشنطن لإدانة النظام السورى بتهمة استخدام السلاح الكيماوى ضد مواطنيه فى ضاحية دوما قرب دمشق التى أشرفت القوات الروسية فيها على انسحاب مقاتلى «جيش الإسلام» المناهض منها، قبل يوم واحد فقط، متجهين إلى جرابلس، نافية بوجودها المباشر فى الموقع استخدام أى سلاح كيماوى.
نعود إلى القمة العربية التى عقدت فى الدمام، فى جنوب المملكة السعودية.
ولا يحتاج المرء إلى خبراء فى التحليل ليتأكد من أن القمة ستكون خاضعة للهيمنة السعودية، معززة بتأييد خليجى لا يخرج عنه إلا قطر، العاصية، وإلا سلطنة عمان التى تحرص دائما على التميز بموقف «مستقل».
السؤال الذى ردده كثيرون قبل اجتماع القمة هو: هل ستخرج القمة العربية بموقف موحد من هذا العدوان الثلاثى الأمريكى البريطانى الفرنسى، أم أن الأكثرية ستتخذ موقفا أقرب إلى تأييد الضربة، فى حين سيمتنع البعض عن تحديد موقف، بينما سترفع الأقلية صوتها بالاعتراض، فيتظاهر الملوك والرؤساء الحاضرون بأنهم لم يسمعوا، وإذا سمعوا فإنهم غير معنيين بالرد أو حتى بالتعليق.
ما أبعد المسافة بين خريف 1956 وربيع 2018: لقد تبعثر العرب أيدى سبأ، فغدت أكثرية أنظمتهم ملحقة بالمعتدى، خصوصا وقد اجتمعت فى العدوان الجديد الولايات المتحدة الأمريكية مع بريطانيا وفرنسا.. كأن واشنطن حلت محل تل أبيب.
وهكذا فإن القمة العربية قد تحولت من محاولة لتوحيد الدول العربية فى مواجهة إسرائيل ومن معها، إلى مجرد دائرة تصديق وتبرير للاعتداءات على الأمة العربية، أمريكية أو إسرائيلية، لا فرق وتوجيه الاتهام إلى القتيل.
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم..
رئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية
الاقتباس
لقد وقعت «الضربة» ضد سوريا، بذريعة السلاح الكيماوى، وخرج قادة العدوان الأمريكى البريطانى الفرنسى يتبارون فى التبرير.. ولم يرتفع أى صوت عربى بالإدانة أو التهديد بالرد، أو اعتبار الهجوم الذى وقع فى الليل حربا على الأمة العربية جميعا بأمنها واستقرارها، بيومها وغدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.