رئيس أركان حرب القوات المسلحة يتفقد المنظومة التعليمية بمعهد ضباط الصف المعلمين    مرشح وحيد في اليوم الثالث.. 15 مرشحًا بينهم سيدتان يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس الشيوخ بقنا    أسعار النفط تتراجع مع رفع أوبك+ إنتاج أغسطس أكثر من المتوقع    الرئيس الإيراني يتهم إسرائيل بمحاولة اغتياله    موقف الأهلي من بيع أشرف داري في الصيف (خاص)    بيراميدز يبدأ الاستعداد للموسم الجديد الأربعاء المقبل    رسميًا.. السكة الحديد تُعلن إيقاف تشغيل قطاري 1946 و 1947    وزير التعليم: نحن على أتم استعداد لتطبيق البكالوريا.. والمدارس الثانوية مجهزة على أعلى مستوى    عالم أزهري عن الشماتة في موت الفنانين: اعتداء على اختصاص إلهي ولا يجوز (فيديو)    من واشنطن: مستقبل ميسي مع إنتر ميامي قبل كأس العالم 2026    هتصيف في إسكندرية؟.. تعرف على أهم الضوابط والمحاذير لنزول الشواطئ    وزارة التعليم تمد فترة التقدم لرياض الأطفال حتى 15 يوليو الجارى    وزير البترول يتفقد سفينيتي الغاز الطبيعي بالعين السخنة: تعززان أمن الطاقة وتدعم الشبكة القومية للغاز    نفاد تذاكر أول أسبوع عرض من الملك لير خلال ساعة واحدة من إطلاق خدمة الحجز الإلكتروني    ثاني أغنيات ألبومه "WK25"، وائل كفوري يطرح تك تك قلبي    «الصحة» تتابع جودة خدمات الرعاية الطبية في زيارة ميدانية لعدد من المنشآت بمحافظة القاهرة    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بالإسماعيلية ويوجه بمكافآت للمتميزين وإجراءات ضد المقصرين    مجلس أمناء كليات جامعة قناة السويس يبحث تطوير الأداء الإداري والتحول الرقمي    تعليم الوادي الجديد تعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للصف السادس الابتدائي    رسالة دياز لجوتا بعد وفاته    الزمالك يرسل عقود شيكو بانزا لنادي استريا أمادورا البرتغالي للتوقيع النهائي    البورصة المصرية تختتم بتباين وربح مليار جنيه    محافظ الوادي الجديد يُصدِر قرارًا بتكليف رؤساء مركزي الداخلة والفرافرة    «المركزي» يطرح أذون خزانة ب 65 مليار جنيه.. سعر الفائدة يصل ل27.19%    مصر.. قِبلة المستثمرين| ملاذ استثماري آمن في محيط إقليمي مشتعل    يومان دون أي ترشيحات للشيوخ بالشرقية    تدريب مديري مدارس الفيوم على الذكاء الاصطناعي "AI" وفوائده العملية والاستراتيجية.. صور    الرئيس الإيراني: لا نمانع استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة    إعلامية شهيرة توجه رسالة ل أحمد السقا: «راجل جدع ومحبوب ومحترم»    برلمانى: توجه مصر نحو «بريكس» يعكس رؤيتها لمستقبل عالمي    الثانية منذ توليه منصبه.. أحمد الشرع يزور الإمارات    السبب يرجع لمكون واحد.. ما وراء الطعم الغريب للشوكولاتة الأمريكية؟    الداخلية تكشف تفاصيل مشاجرة بين صيدلى وصاحب عقار بسبب "يافطة".. فيديو    إندونيسيا: مطار بالي يعلن إلغاء 24 رحلة جوية إثر ثوران بركاني    "عشت لحظات رائعة في الزمالك".. أوناجم يعلق على عودته للدوري المصري    7 ميداليات.. حصيلة الفراعنة ببطولة إفريقيا للريشة الطائرة في غانا    سوريا تواصل مكافحة حريق ريف اللاذقية الشمالي    دنيا ماهر: أجمل مرحلة في حياتي هي بعد ما وصلت لسن الأربعين    المسلماني يمنح محمد منير وسام ماسبيرو للإبداع    وفقا للحسابات الفلكية.. تعرف على موعد المولد النبوي الشريف    7 يوليو 2025.. ارتفاع محدود للبورصة تتجاوز به ال 33 ألف نقطة    منطقة جنوب سيناء الأزهرية تعلن ضوابط القبول برياض الأطفال والابتدائي    "جبالي": الحكومة تسحب مشروع قانون تنظيم المراكز الطبية المتخصصة    5 أطعمة تقلل نسبة الأملاح في الجسم.. احرص على تناولها    وزير الري يلتقي الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمصر UNDP    ضبط موظفين بحوزتهما كميات كبيرة من "الشابو" بأسيوط خلال حملة أمنية موسعة    من 3 إلى 13 يوليو 2025 |مصر ضيف شرف معرض فنزويلا للكتاب    المبعوث الأمريكي توماس باراك: ترامب التزم باحترام لبنان وتعهد بالوقوف خلفه    إدوارد يكشف معركته مع السرطان: «كنت بضحك وأنا من جوّا منهار»    بعد قليل .. مجلس النواب يناقش قانون الرياضة ..و"جبالي" يطالب كافة الأعضاء بالحضور    حلم النهائي يراود تشيلسي وفلومينينسي في قمة مونديالية    السكة الحديد: تشغيل حركة القطارات اتجاه القاهرة- الإسكندرية في الاتجاهين    فيلم أحمد وأحمد يحصد 2 مليون و700 ألف جنيه في شباك تذاكر أمس الأحد    ضبط 3 أشخاص بالقاهرة لقيامهم بأعمال الحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنها نذر لمصير بائس لشباب الأمة
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 03 - 2018

ما إن ينتصر فريق على فريق آخر فى معارك الجنون التى ابتلى بها الوطن العربى فى السنين الأخيرة حتى يطل «العقل الجمعى العربى» برأسه ليلعب دوره فيما سيحدث بعد انتهاء تلك المعارك.
لنذكر أنفسنا بأن العقل الجمعى العربى هو السلطة الذهنية والسلوكية، الواعية وغير الواعية، المنطقية وغير المنطقية، التى تكونت عبر القرون من خلال الأفكار وسلوكيات العادات والتقاليد والأساطير الخرافية، لتصبح مرجعية مقبولة من الغالبية ولتتحكم فى نوع تصرفات الأفراد والجماعات تجاه مختلف المواقف الحياتية وتجاه بعضهم البعض.
اعتمادا على هذا المكون أو ذاك من مكونات العقل الجمعى العربى يتصرف المنتصرون دون إعطاء أى اعتبار لما تأمر به الديانات من عفو ورحمة وقسط، أو ما تنص عليه القوانين الوضعية من عدالة وتسامح، أو ما تستهجنه أعراف العصر الذى نعيش فيه.
لنمعن النظر فى ممارسة الاعتداءات الجنسية من قبل رجال المنتصرين على نساء الجماعة المهزومة، أو فى التعامل حسب تقاليد ثارات العصبية القبلية أو المذهبية تجاه المهزومين إذا كانوا من مذهب دينى آخر أو ينتمون لأصول عرقية أخرى، أو فى نهب محتويات متاجر ومساكن الأفراد غير المحاربين الذين لا حول لهم ولا قوة، بل وعادة من المغلوبين على أمرهم فى معارك الصراعات التى أشعلتها فى العادة أقلية لها أجنداتها ومصالحها الخفية.
يحدث كل ذلك بالرغم من الآية القرآنية الصريحة «ولا تزر وازرة وزر أخرى» أو القاعدة القرآنية بأنه إذا جنح المهزوم إلى السلم فإن على المنتصر أن يجنح هو الآخر إلى السلم، وهما قاعدتان تتناقضان كليا مع عادات الثأر أو الانتقام الأعمى أو اعتبار المهزوم وما يملك غنيمة من غنائم الحرب.
إضافة بالطبع إلى تلك القواعد الدينية الأخلاقية الرفيعة فإن قوانين الحروب الحديثة تعارض كل تلك الممارسات وتعتبرها انتهاكات لحقوق وسلامة الأفراد المدنيين الأبرياء، بل وتعتبرها جرائم ضد الإنسانية.
نحن إذن أمام عقل جمعى ارتبط تاريخيا بسلوكيات البداوة السلبية البدائية، وبالحضور الدائم للعلاقات السلطوية الجائرة فى مجالات الحكم والحياة المدنية، وبالكثير من الأطروحات الفقهية المتخلفة وصراعاتها السياسية، وبالاستعمالات الانتهازية للأحاديث النبوية، وبالقراءات الخاطئة للنصوص القرآنية، وبالوقوف فى حيرة وتردد أمام أطروحات الحداثة والأيديولوجيات فى حضارة الآخر، سواء أكان فى الغرب أم فى الشرق.
والنتيجة لكل تلك المشاكل الذاتية، المرتبطة بتاريخ العرب وثقافتهم وسيرورة حياة مجتمعاتهم، أن دخل العقل الجمعى العربى فى أزمة مفاهيم مستفحلة شملت فيما شملت مفاهيم الدولة والمواطنة والقانون والديموقراطية والسلام والحرب.
***
فى ظل مثل ذلك التراث، الذى تراكمت جوانبه السلبية عبر العصور، وأمام أزمة المفاهيم التى تُفقر الحياة العربية الحديثة، لا يمكن إلا أن يرى الإنسان ما يراه من ارتكاب الموبقات فى الصراعات العبثية التى تملأ سماء الوطن العربى وتنقله شيئا فشيئا إلى عوالم الهمجية.
لقد كتب الكثير عن أمراض العقل الجمعى العربى وما ينتجه من ثقافة. ومنذ منتصف القرن التاسع عشر وطوابير الإصلاحيين تحلل وتنتقد وتقدم العلاجات المعقولة. البعض أكد أن لا بد من الانتقال إلى ثورة ثقافية كبرى تسمح بالقطيعة مع الكثير من تصورات الماضى وأفكاره، حتى نستطيع تقليص الهوة بيننا وبين الآخر المتقدم. ويعتبر هؤلاء أن هكذا ثورة هى المدخل الأساسى للتغييرات السياسية المطلوبة.
البعض الآخر يرى أن البداية هى فى حدوث ثورة سياسية تنقل المجتمعات العربية إلى نوع من الديموقراطية السياسية والاقتصادية المعقولة العادلة، إذ بدون حل لإشكالية السياسة، بما تأتى به من حريات وقوانين وحكم رشيد، فإن إحداث ثورة ثقافية يصبح شبه مستحيل.
***
وفى جميع الأحوال فإن الانتقال إلى كلتا الثورتين سيحتاج إلى نخبة تتبنى وتناضل وتقود، وهذا هو مربط الفرس فى الحياة العربية الحالية. ذلك أن أحداث وثورات الربيع العربى عبر السنوات الثمانى الماضية أظهرت غيابا مفجعا لمثل هكذا نخبة على المستويين السياسى النضالى والثقافى الفكرى.
نحن هنا نتكلم عن نخبة فاعلة مندمجة فى حياة الناس اليومية، قادرة على إقناع الإنسان العربى بأن يتبعها ويسير جنبا إلى جنبها ويشد أزرها قبل أن يمارس محاسبتها.
النخبة التى نتحدث عنها تحتاج أن تستوعب إشكاليات التاريخ، والعقل العربى الجمعى، وتشابك الدين مع السياسة والثقافة، ونوعية التعامل مع حداثة الآخرين لبناء الحداثة العربية الذاتية، والعمل التكاتفى مع نخب الآخرين. إنها مهمة تاريخية كبرى، إن لم تنجز فإننا سنعيش لسنين طويلة قادمة مع أولاد وأحفاد أمثال القاعدة وداعش والنصرة وغيرها من الأسماء الاستخباراتية، وسنرى صورا أكثر شيطانية فى تعامل المنتصرين مع المهزومين.
لن تستطيع الأمة الخروج من هذا المصير إن تراكم الكلام وقل الفعل. إنها نذر لمصير بائس لشباب الأمة العربية التائهين فى عوالم الثقافة العولمية الاستهلاكية البليدة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.