- المادة 375 مكرر لم تحرم القاضى من سلطة تفريد العقوبة فيمكنه وقف تنفيذها ومراعاة مدة المراقبة الشرطية حصلت «الشروق» على الحيثيات الكاملة للحكم الذى أصدرته المحكمة الدستورية العليا برفض الطعن على المرسوم بقانون 10 لسنة 2011 الصادر من المجلس العسكرى والمعروف بقانون البلطجة، بعدما أودعتها المحكمة بصورة رسمية. وتجرم المادة 375 مكرر من قانون العقوبات المستحدثة بذلك المرسوم استعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجنى عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أى أذى مادى أو معنوى به أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير فى إرادته لفرض السطوة عليه أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات أو مقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام، أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ أو تكدير الأمن أو السكينة العامة، متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب فى نفس المجنى عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشىء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره. صدر الحكم برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق وعضوية المستشارين حنفى الجبالى وسعيد مرعى وحمدان فهمى وحاتم بجاتو ومحمد النجار وعبدالعزيز سالمان. ودفع محامو المدعى بأن هذا النص غامض صيغ بألفاظ فضفاضة متميعة على نحو يتعذر على المخاطبين بها تحديد الأفعال المؤثمة، وهو ما يخل بمبدأ مشروعية النصوص العقابية، فضلا عن مخالفته لمبدأ اليقين القانونى، وعدم وجود ضرورة اجتماعية لتجريم تلك الأفعال، بما يعتبر عدوانا على الحرية الشخصية وإخلالا بمبدأ المساواة، بالإضافة لسلبه القاضى سلطة تفريد العقوبة من وجهين؛ الأول منعه من وقف تنفيذ عقوبة الحبس إذا توافرت الظروف المشددة، والثانى حرمان القاضى من سلطة تقدير عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة. وردت المحكمة قائلة إن «تأثيم الأفعال الواردة بهذا النص، يجد ضرورته الاجتماعية فى حماية الآمنين من الترويع، ومنع الافتئات على النواميس، وصون دولة القانون، مما يُعد مسوغا دستوريا لتأثيمها» مضيفة أن «الجرائم المذكورة من شأنها المساس والعدوان على الحقوق والحريات، والمصالح الاجتماعية محل الحماية الجنائية، وهى جميعا حقوق وحريات ومصالح اجتماعية معتبرة، قدر المشرع، صائبا، أن حمايتها من أى أفعال من شأنها المساس بها أو النيل منها، يسوغ التجريم، وقد أورد الدستور جلها كالحق فى الحياة الآمنة والكرامة، والحق فى سلامة الجسد، والحرية الشخصية، والحق فى صون الشرف والاعتبار، وحق الملكية، والحق فى الأمن والسكينة، والتى حرص الدستور على توكيدها، بحيث صار لكل من الألفاظ الواردة فى النص، سواء المحددة للفعل أو للحقوق والحريات والمصالح المحمية، معنى محدد منضبط، وتنتفى عنها شبهة الخفاء والغموض». وأيدت المحكمة اتخاذ النص لتعدد الجناة أو اصطحاب حيوان مثير للذعر أو حمل أسلحة وآلات؛ ظروفا تستوجب تشديد العقاب «لما فى تلك الحالات من تقوية لعزم الجناة وتشجيعهم على اقتراف الجريمة، وتثبيط همم المجنى عليهم والنيل من عزائمهم وإلقاء الروع فى نفوسهم» وأيدت أيضا توقيع الظرف المشدد فى حالة الاعتداء على أنثى أو طفل باعتبارهما «أقل قدرة على مقاومة أفعال البلطجة». وردت المحكمة على الدفع بحرمان النص للقاضى من سلطة تفريد العقوبة قائلة «إن العقوبة التخييرية أو توقيع عقوبة أخف أو تدبير احترازى بدلا من عقوبة أصلية أشد عند توافر عذر قانونى يجيز تخفيف العقوبة، أو إجازة استعمال الرأفة بالنزول بالعقوبة درجة أو درجتين، أو إيقاف تنفيذ العقوبة...كلها أدوات تشريعية يستند القاضى إليها حسب ظروف كل دعوى». وبتطبيق ذلك على النص المطعون فيه رأت المحكمة أنها «توقع عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وتغلظ العقوبة للحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنين، إذا توافرت الظروف المشددة، مما يجعلها من العقوبات المقررة للجنح لا الجنايات» واصفة إياها ب«عقوبات تتناسب مع خطورة وفداحة الإثم المجرم دون غلو أو تفريط، وأعطت القاضى سلطة تفريد العقوبة باختيار العقوبة التى يوقعها على كل متهم على حدة بحسب ظروفه الشخصية وظروف الجريمة، فله أن يقضى بالحبس مراوحا بين حدين أدنى وأقصى، كما لم تسلبه المادة خيار وقف تنفيذ العقوبة إذا قدر ذلك». أما الدفع بأن النص سلب القاضى سلطة تفريد عقوبة وضع المدان تحت مراقبة الشرطة، فردت عليه المحكمة بأنه خاضع أيضا لسلطة القاضى فى اختيار مدة المراقبة، لأن المادة تنص على مساواتها بمدة حكم الحبس «ومن ثم يظل زمام تقديرها رهنا بقرار القاضى ويضعها فى حسبانه حال تقدير عقوبة الحبس، بحيث تتكامل العقوبتان بما يحقق الردع الخاص فى كل واقعة على حدة».