- التقرير يرفض الدفع بغموض النص العقابى وتجهيل الفعل المؤثم.. ويعتبر العقوبات «تعزيرية وسليمة بمفهوم الشريعة الإسلامية» - سلطة تفريد العقوبة «متوافرة».. وضع المدانين تحت مراقبة الشرطة تدبير احترازى الغرض منه الزجر والردع أوصت هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا بتأييد قانون البلطجة الصادر بمرسوم المجلس العسكرى 10 لسنة 2011 بإضافة باب جديد إلى أبواب الكتاب الثالث من قانون العقوبات من مادتين 375 مكرر و375 مكرر «1» لمواجهة جرائم الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة، وبرفض الدعوى المقامة من أحد المتهمين فى قضية أحداث 25 يناير 2014 بالمعادى والمتهم فيها مع آخرين بالتظاهر دون تصريح والتجمهر والبلطجة وحيازة مفرقعات وأسلحة بيضاء. ويعاقب هذا القانون «بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجنى عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أى أذى مادى أو معنوى به أو الأضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير فى إرادته لفرض السطوة عليه أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات أو مقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام، أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ أو تكدير الأمن أو السكينة العامة، متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب فى نفس المجنى عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشىء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر، أو باصطحاب حيوان يثير الذعر، أو بحمل أسلحة أو عصى أو آلات أو أدوات أو مواد حارقة أو كاوية أو غازية أو مخدرات أو منومة أو أية مادة أخرى ضارة، أو إذا وقع الفعل على أنثى، أو على من لم يبلغ 18 سنة ميلادية كاملة. ويقضى فى جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها». وذكر الطعن الذى أعده المحاميان إسلام خليفة وأحمد حسام أن هذا القانون يخالف المواد 5 و53 و54 و95 من الدستور الحالى لأنه يشترط لتحقق العقوبة ثبوت قصد غامض وغير محدد ماديا هو الترويع والتخويف وإلحاق الأذى ماديا أو معنويا، كما أن الصور الخمس الجنائية المذكورة فى المادة السابقة تفتقر للدقة والوضوح، ويشوبها الاتساع والغموض، مما يفقد المادة خاصية شرعية الجرائم والعقوبات، ومبدأ أصل البراءة، ومبدأ اليقين القانونى بتحقق القصد الجنائى. وأضاف الطعن أن هذا القانون يخالف مبدأ تفريد العقوبة لأنه يحرم المحكمة من إصدار قرار بوقف تنفيذ الحبس بدفع الكفالة، مما يعتبر تدخلا فى سلطة القاضى، على شاكلة المرسوم 6 لسنة 2012 الذى قضت المحكمة الدستورية أخيرا بعدم دستوريته لمنعه القضاة من استخدام الرأفة فى أحكام حيازة الأسلحة. ورد التقرير الذى أعدته المستشارة شرين فرهود برئاسة المستشار طارق شبل على الدفوع بأن الركن المادى فى أية جريمة جوهره السلوك، فلا يمكن لجريمة أن تقع بغير فعل أو ترك. وفى جريمة البلطجة لم يكتف المشرع بالسلوك وحده بل اشترط لتجريمه أن يكون من شأنه أن يؤدى إلى نتيجة معينة والنتيجة ترتبط بالسلوك الذى أفضى إليها بعلاقة سببية، وقد بان بالاستقراء أن المشرع لا يجرى على وتيرة واحدة عند بيان السلوك الإجرامى، فهو تارة يحدده بذاته وتارة يحدده بأثره، وهو لا يفعل ذلك خبط عشواء وإنما هو ينتقى دائما اللفظ الذى يعبر عن معنى يحقق الهدف من التجريم، فالضرب وحمل السلاح وفك الأختام أنماط من السلوك جرمها المشرع لذاتها وعبر عنها بألفاظ تتفق وطبيعتها، أى مع التصور العقلى للحركة العضوية التى يتمثل فيها كل منها، أما القتل وتسهيل الاستيلاء على الأموال العامة وتعذيب المتهمين أو المحكوم عليهم وإهانة رجال السلطة العامة أو القضاء، فأنماط من السلوك الإجرامى لا تتحدد بذاتها بل بأثرها. وأضاف التقرير أنه «لا يمكن وصم النص العقابى بالغموض وتمييع الألفاظ والتجهيل بالفعل المؤثم لكون السلوك الذى يؤثمه المشرع بموجب هذا النص من طائفة السلوك المطلق الذى لا يمكن أن تكون له أكثر من صورة بحكم طبيعة الجريمة فيتحدد بأثره سيما وأنه لم يكن أمام المشرع من خيار فى مجال تحديد الأفعال المنهى عنها إلا أن يبينها من خلال ضابط عام لا يجهل بمضمونها أو يثير اللبس حول حقيقتها بل يحدد محتواها بالرجوع إلى مرماها أو الغرض المقصود منها، والنتيجة هى الأثر الطبيعى الذى يتمخض السلوك عنه ويعتد القانون به وهى أمر واقعى له وجود خاص وذاتية مستقلة وترتبط بالسلوك برباط السببية وهى فى المفهوم القانونى العدوان على الحق أو المصلحة التى حرص المشرع على حمايتها عندما جرم السلوك سواء تمثل هذا العدوان فى إلحاق ضرر بممتلكات المجنى عليه أو مصالحه». وذكر التقرير أن «القانون الطعين لم يسلب القاضى الموضوعى سلطته فى تفريد العقوبة بأن حال بينه وبين القضاء بوقف تنفيذ العقوبة وذلك برفع حدها الأدنى فى الفقرة الثانية من النص محل الطعن إلى الحبس ما لا يقل عن سنتين، ذلك أن المادة التى حدد بموجبها المشرع شروط وقف تنفيذ العقوبة هى المادة (55) من قانون العقوبات وليست المادة الطعينة بذاتها حتى يمكن النعى عليها هذا من وجه، ومن وجه آخر فإن الفقرة الأولى من النص الطعين يمكن أن يعمل القاضى بشأنها قواعد وقف التنفيذ فى حالة القضاء بحبس المتهم لمدة لا تزيد على سنة، أما عن باقى فقرات المادة فهى تعدد الظروف المشددة للجريمة وهى حسب تعريف فقهاء القانون الجنائى الوقائع أو الأحوال التى تتصل بالجريمة ذاتها أو بشخص مرتكبها ويكون من شأنها جعل الجريمة أكثر جسامة أو الإفصاح عن خطورة زائدة فى شخص فاعلها مما يقتضى تشديد العقوبة عليه أما برفع حدودها أو بتغيير نوعها وإحلال عقوبة أشد محلها، وهو ما قررته المحكمة الدستورية فى بعض أحكامها السابقة». وأكد التقرير دستورية العقوبة التكميلية الخاصة بالوضع تحت مراقبة الشرطة باعتبارها «تدبيرا احترازيا الغرض منه توقى الخطورة الإجرامية الكامنة فى مرتكب تلك الجريمة، تكشف عنها جريمته، وبالتالى يكون القضاء بوضعه تحت مراقبة الشرطة له ضرورة اجتماعية تبرره، فما يكون من الجزاء ملائما لجريمة بذاتها» مشددة على أن «الغرض المباشر للجزاء الجنائى هو زجر الناس كافة عن الإجرام، ومنع المجرم نفسه من العودة إليه، فأما زجر الكافة فيحققه التهديد بالجزاء، كما يحققه إنزال هذا الجزاء بمن يجرم. وأما ردع المجرم فيحققه توقيع الجزاء المناسب عليه، وتنفيذه على وجه يحول ما أمكن دون ترديه فى الإجرام من جديد». وذكر التقرير أن «العقوبات المحددة لا تخرج عن مبادئ الشريعة الإسلامية، ومرد ذلك أن العقوبات التعزيرية هى عقوبات غير مقدرة وتتغير بحسب ما تقتضيه المصلحة وبحسب تغير الزمان والمكان والحال حيث تتسع الشريعة الإسلامية لكل عقوبة من شأنها حماية المجتمع وإصلاح الجانى» مشيرا إلى أن العقوبات التعزيرية هى «عقوبة غير مقدرة تجب حقا لله أو لآدمى فى كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة، وهى كالحدود فى أنه تأديب وإصلاح وزجر، لكنها ليست محددة بالشريعة، بل متروكة لتقدير ولى الأمر أو القاضى». يذكر أن المحكمة الدستورية سبق أن قضت عام 2007 ببطلان قانون البلطجة الذى صدر عام 1998 بصيغة قريبة من مرسوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لعيب إجرائى هو صدوره آنذاك دون العرض على مجلس الشورى بالمخالفة لدستور 1971.