إذا كنت أحد رواد مترو الأنفاق ستصادف بالتأكيد أشكالا مختلفة من الشحاذة والتسول طوال رحلتك داخل العربة المزدحمة، فهم باتوا من العناصر الأساسية فى رحلتك اليومية.. هنا نرصدها لك: يوجد الرجل العجوز الذى تجاوز السبعينات من العمر بجسده الرفيع وتلك الفوهة فى رقبته المتصلة بخرطوم شفاف صغير يتصدر قائمة الشحاذين فى الخط الثانى بمترو القاهرة الكبرى وهو خط إمبابة المنيب. أما إذا كنت من راكبى الخط الأول وهو خط المرج حلوان فبالتأكيد قد رأيت تلك المرأة الأربعينية التى تعلو على وجهها علامات من أثر حريق لتدخل بعباءتها المهترئة وتحاول استمالة الناس بكشف الحجاب عن وجهها. ويمكنك أن تضيف على لائحة شحاذى المترو هذه شخصا آخر، هو شاب يبدو عليه أنه فى أواخر عقده العشرين ولكن ما إن تفتح الأبواب يبدأ بالدخول إلى العربة ليس على رجليه ولا حتى على كرسى متحرك ولكن زحفا، يدخل زحفا فتبدو على الركاب تعبيرات اختلفت ما بين الخوف والشفقة. ذلك الشخص ليس الأغرب وحده فهناك تلك المرأة التى تجاوزت الخمسين من العمر وحدها من تكشف اسمها فى كل مرة، ولا تسأل الناس المال بلا مقابل لكنها تقوم بإنشاد التواشيح الدينية لتطرب الراكبين بصوتها الرنان فيبدأ الراكبون بإعطائها المال سعادة منهم بالجو الذى تضيفه بينهم. ولا ننسى تلك المرأة المنتقبة التى دائما ما تصعد بورقة فى يديها كدليل على وجود ابنها فى المستشفى سائلة الناس إنقاذ ابنها والتبرع بالمال حتى تستطيع شراء أكياس الدم له، على الرغم من مواجهة تلك المرأة الكثير من المواجهات مع الركاب خاصة الأطباء الذين يستقلون المترو لدرايتهم برخص إجراءات التبرع بالدم التى تكون فى كثير من الأحيان مجانية، فإن تلك المرأة تنجح دائما فى التأثير على الناس خاصة عند سماعهم صوتها المنحوب. والجدير بالذكر أن أشكال الشحاذة تلك فى المترو لم ينتج عنها قط شعور بالضجر والضيق من رحلتهم القصيرة أو الطويلة بل جعلت الناس يدركون أكثر أن الشحاذة هى مهنة مهما اختلفت أنواعها وكيفية استمالة مشاعر الناس سواء شفقة أو حبا.