بالفعل باتت هناك ظواهر سيئة تؤكد أن قطاعا كبيرا في مجتمعنا يتآكل من الداخل حتي تحولت الاستغاثة منها إلي صوت يشق عنان الصبر مما نعيشه ونراه ولانستطيع الهروب من مسالكه فمن المفترض أن يدافع المحبون للوطن عنه بكل الوسائل المشروعة. بل ويحرصون علي أن يقدموا كل القيم النبيلة التي دعا إليها النبي (صلي الله عليه وسلم) وعلي رأسها حب الوطن وهذا يتطلب أن نعمل علي رفعته وتقدمه والحفاظ علي كل مظاهر حضارته في كل مكان، إلا أنه للأسف عادت وتفشت ظاهرة التسول وتأكد للجميع أنها مهنة يسلمها أصحابها للزوجات والأبناء الصغار - فنجد مثلا في مترو الأنفاق توافد السيدات وأحيانا الرجال وهم يرتدون ملابس متهالكة ويحملون صورا مفبركة لشهادات مرضية ويجرون وراءهم أطفالا صغارا ويحلفون بكل الإيمانات أنهم يحتاجون المساعدة لإجراء عملية جراحية تحتاج إلي رقم فلكي وهناك سيدة أخري تحمل طفلا وتزحف به علي الأرض بين ركاب المترو، أو الأتوبيسات العامة وذلك بغرض الشحاذة، والغريب أن من يدعون المرض يتنقلون بحرية بين عربات المترو وكذلك المواصلات العامة، ولك أن تتصور هجوم الأطفال وهم يحملون «فوطة» لتنظيف السيارات عند كل الإشارات المرورية، وأصبحت ظاهرة التسول تهدد المجتمع بأسره حيث لاتخلو الميادين والشوارع والأرصفة من انتشار الشحاذين المتسولين، ورغم أن البعض يري أن مقاومة تلك الظاهرة لن تكون بتوفير حياة كريمة للشحاذين، لكونهم لن يرضوا عن تلك المهنة بديلا، لأن الشحاذة تحولت لحرفة تدر عليهم أرباحا هائلة، ولذا أقول للمسئولين إن الحقيقة واضحة كالنور وأن الظاهرة تحتاج للمعالجة السريعة والحاسمة، حيث تحولت إلي كابوس يومي يصدر صورة سيئة عن المجتمع المصري في الداخل والخارج، فراعوا الله أيها المسئولون لأن مصلحة الوطن وقيمته وحضارته بما أنتم مؤتمنون عليه وسارعوا في وضع قوانين صارمة تمنع ظاهرة التسول إلي جانب ضرورة تلبية مؤسسات الدولة لاحتياجات الناس وتأمين فرص عمل لهم ليحيوا حياة كريمة، واعلموا أن بداية المستقبل المشرق لواقعنا تبدأ من هنا، من ضرورة الاهتمام بالنشء كي نساهم في إعداد أجيال جديدة مؤهلة مبدعة تحمل علي عاتقها انتفاضة ضد المتسولين والشحاذين.