• الحاضرون في الندوة يصفون اللحظات الأخيرة في حياة الشايب توفي المترجم الكبير طلعت الشايب خلال مشاركته في ندوة بصالون "التاورجي الثقافي" والذي يقام شهريا في دمياط، إذ كان يلقي محاضرة عن الترجمة ويستعرض تجربته الشخصية وأصيب بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى مستشفى دار الحياة، وكان يرافقه تلميذه وليد عبد العزيز، وفشل الأطباء في إنقاذه. ويعد طلعت الشايب من أبرز المترجمين العرب، ترجم العديد من الكتب من بينها كتاب صراع الحضارات الشهير، وأثبت براعته وتفرده فى الترجمة عن الإنجليزية كما أنه يجيد الروسية. وعن اللحظات الأخيرة في حياة طلعت الشايب وما حدث أثناء الندوة في دمياط، قال الشاعر سمير الفيل، الذى كان حاضرا في الندوة، أنه تعب أثناء المحاضرة، وتم نقله إلى مستشفى الحياة في دمياط الجديدة، وتوفى هناك، واتفقوا أنه لن يعلنوا خبر وفاته رسميا، إلا بعد التمهيد لابنته، حتى لا تنهار، واستمر ذلك نصف ساعة فقط، بعدها تم الإعلان عن وفاته رسميا، واختتم "الفيل" كلماته: وداعا أستاذنا ومعلمنا العظيم المترجم الغالي طلعت الشايب، نلقاك قريبا إن شاء الله. بينما قالت الشاعرة ندى نصر: رأيته اليوم لأول مرة لمدة ساعة واحدة تقريبا، ثم احتُضر أمامي وأمام الجميع وسط ذهولنا وارتجاف قلوبنا، وهو يتحدث عن مشواره الطويل في الترجمة ورحلة عطائه وآخر ما ذكره هو مكتبة أبيه التي تربى عليها وكانت بداية طريقه نحو الاطلاع والتحصيل، كنت أتمنى لو أسمعه أكثر من ذلك، إنه الأستاذ المترجم طلعت الشايب رحمة الله عليه، ربما ترى شخصاً لدقائق معدودة ويترك لديك ذكرى موجعة تبقى معك طيلة حياتك، هكذا هي الحياة. وقالت سالي عادل: تعرفت عليه اليوم فقط، كان ضيفا خفيفا ضحوكا، أول سلام بيننا وقف ليمد يده لى بالتحية، وهو الرجل المسن، وأنا الشابة الصغيرة، قلت له أقعد حضرتك، خليك مرتاح، لكن فى الحقيقة أنه أوجع قلوبنا جميعا بفراقه الأبدى، كان يتحدث ليعطينا الأمل والنشاط لمواجهة الحياة، ويستبشر أن الآتي أفضل، رحل وهو فى قمة تألقه، وكان يتحدث بكل دقة ورصانة حتى قال "أنا بس تعبت شوية"، ولم نشعر بعدها ولم نفهم، حتى انتقل إلى المستشفى وقالوا، البقاء لله فى دقائق، فى هدوء وسط محبيه، وسط كتبه، أمامه نظارته وأوراقه، كل هذا فى دقائق. أما كارمن التاورجي فقد كتبت: حبوا بينكم، وحبوا ذويكم، وحبوا الأصدقاء والرفاق، وليكن في كل يوم صديق جديد، أغمروا الأحبة بفيض من مشاعر قبل أن يتوقف كل شيء، غمضة عين من كان اليوم بيننا ضاحكاً مازحاً، يشجعنا على التفاؤل ويشد على أيدينا لنواصل الحياة، قال فجأة: "أنا تعبت يا جماعة" وأغمض عيناه، واستغرق في نوم أبدي، كان كصديق عرفناه منذ أبد الأبدين، ورحل وترك لنا ذهولاً وصدمة، ومحبة وسلام، رحل وسط عالم من الكتب والمحبين والفخورين والناظرين إليه إعجاباً واطمئناناً، نظر إلى المحيط وإلى أيدي الأطباء الأصدقاء الذين حاولوا إسعافه وإفاقته وإلى الذين حملوه على الأعناق إلى المستشفى، ورحل إلى اللانهائي الممتد خلف كل المحيطات مع السلامة يا أستاذ طلعت الشايب، وسلم على كل الأحبة. وقال الشاعر عيد صالح، لا أكاد أصدق ما أن نلتقي بعد طول غياب، لنستعيد ما انقطع من حكايا ونتعاتب علي ما ليس بأيدينا، من بعاد فرضته ظروف الحياة، حتي تمتد يد الموت خلسة وتستل روحه في صمت وذهول، وآه يالوعة القلب حين تعجز أن توقف أو تؤخر الروح، التي تتسحب في وداعة وإصرار. وكأنها جاءت فقط بعد غياب السنين، لتودعنا في ابتسامة خجلي، كما لو كانت تعتذر عن فراق موجع أليم، وهكذا ببساطة ودون فذلكة أو تفاسير، هذا الذي كان يعطينا الأمل فرحا بجمعنا مبتهجا، بإصرارنا علي قهر الكآبة والحزن المقيم، جاء طلعت الشايب كالمعلمين العظام ليقول لنا عليكم بالحب لتقهروا الدمامة والغطرسة والأحقاد.