- السيارة تعمل ب«أبليكيشن على الإنترنت» ويمكن تركها فى أى مكان - أستخدم سيارتى عشر ساعات أسبوعيًا فقط بسبب كفاءة السكة الحديد والمواصلات العامة - لا أحد يفكر فى «التزويغ».. وغرامة 40 يورو لمن يتم ضبطه فى السابعة من صباح يوم الأربعاء 9 نوفمبر الجارى كنا على موعد لمقابلة الدكتور مهندس هانى عازر أمام محطة قطارات برلين الرئيسية. درجة الحرارة كانت صفر تقريبا.. الرجل لايزال نشيطا ورياضيا ويتحرك كشاب فى العشرين من عمره، كنا نحن مجموعة الصحفيين نتحرق شوقا لدخول المحطة كى نتقى البرد والهواء الشديد رغم كل ما ارتديناه من ملابس ثقيلة. لكن الدكتور هانى عازر كان يريد أن يلفت نظرنا إلى أمر مهم أمام المحطة. كانت هناك سيارات صغيرة من نوع «سمارت» فى حجم التوك توك. لكن مع الفارق الشاسع بالطبع!!!. السيارة يتم شحنها بالكهرباء الموضعية الموجودة أمام المحطة. الراكب وبنفس قيمة التذكرة التى ركب بها القطار، وعندما يخرج من المحطة يمكنه ركوب هذه السيارة الصغيرة المشحونة بالكهرباء، إلى المكان الذى ينوى الذهاب إليه حتى يوفر سيارته التى تعمل بالبنزين، وعندما يصل إلى وجهته يتركها، لمن يمكنه استخدامها بتذكرة أخرى، بنفس الطريقة هناك اتوبيسات مختلفة تعمل بنفس الطريقة أمام المحطة، التى تعمل بنوعين من الطاقة: السولار والرياح، وهناك أيضا ما يشبه العجلة الأقرب إلى «الاسكوتر» تعمل بنفس الطريقة. ولا يوجد مفتاح لمثل هذه السيارات التى تعمل بالطاقة النظيفة بل تطبيق فى الموبايل «أبليكيشن». فى ألمانيا كل القطارات تعمل بالكهرباء والمخطط لعام 20/ 30 أن يتم تقليل نسبة ثانى أوكسيد الكربون بنسبة 50٪. السيارات نفسها التى تعمل بالكهرباء، يمكنها أن تعمل آليا بالبنزين، إذا نفدت الكهرباء، وخلال ذلك تتم إعادة شحنها بالكهرباء مرة أخرى ويتوقف الاعتماد على البنزين بصورة آلية. دخلنا المحطة التى لعب د. عازر دورا أساسيا فى تصميمها ليقول لنا إنه لا تقدم أو تنمية أو تواصل من دون شبكة طرق ومواصلات حديثة على أعلى مستوى، مشيرا إلى أن ألمانيا وغيرها من الدول المتقدمة تخصص أموالا كثيرة لتطوير المواصلات خصوصا القطارات واعتمادها على الطاقة النظيفة. هذه المحطة التى ساهم د. عازر فى تصميمها تقع أمام مقر المستشارية الذى تمارس منه المستشارة أنجيلا ميركل عملها، وايضا أمام مقر البرلمان الاتحادى «البوندستاج». فى محطة برلين المركزية شاهدنا قطارا طوله 430 مترا وقطارا سرعته 200 كيلومتر فى الساعة، وهناك قطارات فى اليابان سرعاتها 450 كليو فى الساعة وتدرس تسيير قطارات بسرعة تصل إلى 550 كيلومترا فى الساعة. فى ألمانيا لا يوجد حد للسرعة على الطرق السريعة، لكن الجميع يلتزم بالقوانين واللوائح والأعراف، ولا مجال للفهلوة أو البلطجة الموجودة لدينا. ألمانيا تصدر 30٪ من طاقتها لأوروبا. وتنقل طاقة الرياح بين برلين وميونيخ على مسافة 900 كيلومتر، ولأن شبكة الطرق والمواصلات جيدة فإن الكثيرين لا يحتاجون سياراتهم الخاصة كثيرا، ومنهم د. عازر نفسه الذى لا يعتمد على سيارته أكثر من عشر ساعات اسبوعيا. د. عازر جاء إلى ألمانيا عام 1974 عمل بدأب وجهد، وكان ينام أربع ساعات فقط، يقول عن نفسه: «أنا بتاع خرسانة وانفاق، لكن تعلمت مهنا كثيرة لكى أؤدى عملى بكفاءة، والنتيجة أنه صار مثالا للالتزام والكفاءة ورشحه البعض لبناء مطار برلين، ويصفه البعض بأنه «أحسن واحد ياخد المشروعات الكبرى». وبصحبة د. عازر ركبنا أحد القطارات السريعة، هو يقول إن القطار صار يحل محل الطائرة حتى فى الرحلات السياحية البعيدة والطويلة، حيث يمكنك عبر الإنترنت أن تفعل كل شىء. التذاكر أسعارها مختلفة فإذا ركبت وحجزت قبل وقت فإن القيمة تكون قليلة خصوصا إذا كانت لوقت محدد ومحاطاتها قليلة والعكس صحيح. سعر التذكرة يتناسب مع عدد المحطات فالمحطات الثالثة مثلا بحوالى ثلاثة يورو ونصف، وإذا قمت بتغيير التذكرة تدفع أكثر. سألت د. عازر هل هناك «تزويغ» فى القطارات الألمانية؟ ابتسم وقال: هذا أمر صعب. الأصل فى الأشياء أن الحكومة تثق فى المواطنين وتتعامل معهم باعتبارهم أمناء، وأنه لا يمكن لمواطن أن يركب القطار أو المترو من دون أن يشترى التذكرة. لكن فى اللحظة التى يتم فيها ضبط أو «قفش» راكب مزوغ لم يقطع تذكرة يتم تغريمه بحوالى أربعين يورو. شرح لنا د. عازر كيفية تصميم المحطة والإضافة المهمة التى قام بها حيث قام بتصميم المبنى وكأنه «مائل» حتى يتناسب مع كل المواصفات المطلوبة والأجواء المتغيرة وتناسبها مع الطاقة. يقول إنه قبل التصميم تمت دراسة كل شىء، من أول عدد السكان فى المدينة وعدد المواطنين الذين يستخدمون القطارات نهاية بأنماط الركاب وكيفية تعاملهم مع المواصلات المختلفة. فى ألمانيا 94٪ من حركة النقل بالسكة الحديد وهناك خطوط مستقلة للبضائع، وهناك خدمة اصطحاب السيارات فى القطار، وهناك منطقة ألعاب للأطفال فى بعض القطارات. الدولة تدعم المترو بحوالى 25٪ والسكة الحديد تخسر أحيانا لأنها خدمة عامة، رغم وجود مساهمات للقطاع الخاص. يقول د. عازر: إنه لا يمكن وقف أو إلغاء رحلة لأى قطار حتى لو لم يركبه أى راكب.. هناك جداول معلنة يتم تغييرها مرتين فقط كل عام. توقف القطار فى محطة معينة يعتمد على دراسات شاملة مثل عدد مرات الركوب والسكان والتكاليف، ويمكن إلغاء محطة بالكامل إذا صارت غير اقتصادية فى التكاليف. يحدث أحيانا أن يطلب عضو برلمان أن يتوقف قطار على محطة معينة، فتطلب منه الدولة أو الحكومة أن يتربع أو يدفع ملبغا معينا.