هل يمكن أن نضع الجيش والشرطة والدولة عموما فى كفة متساوية مع الإرهابيين فى سيناء؟ ليس من العدالة ولا الأخلاق تحت أى مسمى أن نفعل ذلك والأسباب متعددة وكثيرة. ما يحدث فى سيناء المنكوبة بالإرهابيين، ليس صراعا بين قوتين أو طرفين متساويين من الناحية الاخلاقية، بل هو صراع بين الدولة ومجموعة من الإرهابيين الذين يكفرون كل من هو ليس منهم، وبالتالى فإن التماس أى عذر لهم نوع من الخطأ القاتل الذى يقترب من الجريمة. تنظيم بيت المقدس الذى غير اسمه قبل شهور إلى ما يسمى ب«ولاية سيناء» كان قد بايع القاعدة ثم غير العطاء إلى مبايعة تنظيم داعش. هذا التنظيم صار يكفر القاعدة، كما رأينا فى سوريا، ودخل معها فى صراع دموى صعب فى الشهور الأخيرة. إذا كان هذا التنظيم يكفر «القاعدة» التى هى تنظيم متطرف أصلا، فكيف يتعامل أو سيتعامل مع بقية التنظيمات التى تدعى أنها إسلامية ومعتدلة؟! والسؤال الأهم كيف سيتعامل مع بقية المسلمين، ثم مع بقية العالم؟!. الإجابة نعرفها جميعا ورأيناها عبر فيديوهات التنظيم حينما أحرق طيارا أردنيا مسلما حيا، وحينما ذبح 21 قبطيا مصريا فى ليبيا، وحينما قطع رقاب العديد من الاجانب ومن معارضيه فى سوريا والعراق وسيناء وليبيا. إذا كان الأمر كذلك.. فما هو الداعى إلى عدم إدانة هذا التنظيم الإرهابى بالقوة الكافية، وهو يكفر الجميع وكان سببا رئيسيا فى تشويه صورة الإسلام والمسلمين؟! والأسوأ من المساواة بين الدولة وهذا التنظيم الإرهابى، هو مغازلة بعض الأطراف له والترويج لعملياته والفرح فى سقوط شهداء من الجيش والشرطة والمواطنين فى سيناء؟!. هل يعتقد من يفعل ذلك، إن هذا التنظيم سيساعده مرحليا فى صراعه مع النظام؟ للأسف يعتقد البعض ذلك، ويعتقدون أيضا أن كل عملية إرهابية ضد الدولة ومنشآتها وجيشها وشرطتها ستساعدهم فى العودة للمسرح والمشهد مرة أخرى؟ من يتابع مواقع التواصل الاجتماعى سوف يتفاجأ بأن كثيرين ممن يقولون عن أنفسهم إنهم إسلاميون معتدلون أكثر داعشية فى قرارة نفوسهم، ويتمنون اليوم الذى تنهار فيه الدولة حتى لو كان ذلك على يد داعش. أفهم تماما وأقدر أن يختلف أى ليبرالى أو يسارى أو معارض من أى نوع مع الحكومة والنظام بكل الطرق الطبيعية. وأفهم أيضا أن يكون هدف هؤلاء المعارضين هو تغيير الحكومة والنظام بالطرق السلمية المشروعة. وأفهم ثالثا أن يتحالف الليبرالى مع اليسارى أو الناصرى مع الوفدى فى مواقف وقضايا معينة، لكن أن يساوى أى طرف من هؤلاء أو أى شخصية سياسية بين الدولة والإرهابيين فهو أمر لا يمكن تفهمه بالمرة، ناهيك عن قبوله. يمكن لأى شخص أو حزب أو قوة سياسية أن تنتقد أداء الحكومة وأجهزتها فى مجمل ما يحدث فى سيناء، وكيف عجزت عن إنهاء الصراع الدامى المستمر منذ سنوات، وهل الأمر يعود إلى تقصير أم إلى مساعدات اقليمية ودولية للارهابيين؟. من المهم أن ننتقد عدم وصول المياه الكهرباء وسائر الخدمات إلى بعض قرى ومدن شمال سيناء. ومن الضرورى أن نسأل الحكومة كل لحظة لماذا فقدت الحاضنة الشعبية هناك؟ وكيف يتحرك هؤلاء الإرهابيون وسط الناس بهذه السهولة، هل بسبب الرعب أم طهقا وزهقا وإحباطا من بعض الممارسات الحكومية؟. كل ما سبق أسئلة مهمة وأساسية يمكن مناقشتها حتى نضمن أن الأمور تسير على ما يرام، وأن نستعيد جميع أبناء سيناء معنا فى المعركة الشاملة ضد الإرهاب. لكن الخطأ القاتل أن يضع البعض سهوا أو جهلا أو عمدا الحكومة بكل عيوبها مع التنظيم الإرهابى الذى لا يفرق بين حكومى ومعارض بين ليبرالى وعلمانى، بين مسيحى ومسلم فى سلة واحدة.. التنظيم الارهابى يكفر الجميع طالما أنهم ليسوا معه.. الخلط ممنوع حتى لا تختلط كل الأوراق!.