داخلية غزة: إسرائيل تسعى لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار الداخلي    الكرملين: يجب تذكير الولايات المتحدة بأنها الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي    مصرع أب وإصابة نجله في تصادم سيارة ربع نقل مع دراجة نارية بالفيوم    انطلاق مهرجان ليالي مراسي 1 يوليو.. بهاء سلطان ورامي صبري في الافتتاح ونانسي وحكيم بالختام    إسرائيل اليوم: نتنياهو اتفق مع ترامب على إنهاء الحرب في غزة خلال أسبوعين    الحرس الثوري الإيراني: أمريكا تدخلت في الحرب لإنقاذ الجنود الإسرائيلي «المساكين»    رئيس المصري يضع خارطة الطريق للنهوض والارتقاء المستقبلي    مشاهدة مباراة مصر والبرتغال بث مباشر في كأس العالم للشباب لكرة اليد    «شيمي» يبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية مع وزير الاستثمار المغربي (تفاصيل)    أسلاك الكهرباء تتسبب بإشعال النيران في سيارة تحمل كتان بالغربية    إزالة حالتي تعدٍ لمزارع سمكية شمال سهل الحسينية على مساحة 42 فدانا جنوب بورسعيد    محمد رمضان يحيي حفلا بالساحل الشمالي يوليو المقبل    «التأمين الشامل» تستعرض تجربة مصر في تحقيق الاستدامة المالية ضمن «صحة أفريقيا 2025»    وزير الخارجية ونظيره البولندي يعربان عن تطلعهما لترفيع مستوى العلاقات بين البلدين    فيفبرو يطالب فيفا بإعادة النظر فى مواعيد مباريات كأس العالم الأندية    بعد 16 عامًا من الانتظار..توجيهات عاجلة من محافظ الأقصر بتسليم مشروع الإسكان الاجتماعي بالطود    محافظ الجيزة: مشروعات حيوية لرفع كفاءة البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات    رونالدو عن تجديد عقده مع النصر: نبدأ فصلا جديدا    انطلاق اختبارات المقاولون العرب الخارجية من نجريج مسقط رأس محمد صلاح    اعتماد الحدود الإدارية النهائية للمنيا مع المحافظات المجاورة    10 فئات محرومة من إجازة رأس السنة الهجرية (تعرف عليها)    الباركود كشفها.. التحقيق مع طالبة ثانوية عامة بالأقصر بعد تسريبها امتحان الفيزياء    ارتفاع شديد في درجات الحرارة.. طقس المنيا ومحافظات شمال الصعيد غدًا الجمعة 27 يونيو    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا تجارة الدولار» خلال 24 ساعة    رئيس جامعة حلوان يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول العام الهجري الجديد    «الأعلى للثقافة» يوصي بإنشاء «مجلس قومي للوعي بالقانون»    ب «حلق» ونظارة شمسية.. عمرو دياب يثير الجدل ببوستر «ابتدينا» ولوك جريء    «الحظ يحالفك».. توقعات برج القوس في الأسبوع الأخير من يونيو 2025    «الأعلى للآثار»: تنظيم معرض «مصر القديمة تكشف عن نفسها» بالصين نوفمبر المقبل    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    خلال مؤتمر «صحة أفريقيا».. إطلاق أول تطبيق ذكي إقليميًا ودوليًا لتحديد أولويات التجهيزات الطبية بالمستشفيات    فحص 829 مترددا خلال قافلة طبية مجانية بقرية التحرير في المنيا    السبت المقبل .. المنيا تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم 2025    شاهد.. أرتفاع إيرادات فيلم "ريستارت" أمس    الخارجية الفلسطينية: عجز المجتمع الدولي عن وقف "حرب الإبادة" في قطاع غزة غير مبرر    ميرتس: الاتحاد الأوروبي يواجه أسابيع وأشهر حاسمة مع اقتراب الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية    أمانة العمال المركزية ب"مستقبل وطن" تختتم البرنامج التدريبي الأول حول "إدارة الحملات الانتخابية"    محافظ الجيزة يتفقد مستشفى الحوامدية للوقوف على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    أفضل وصفات العصائر الطبيعية المنعشة لفصل الصيف    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    وزير الري يتابع إجراءات رقمنة أعمال قطاع المياه الجوفية وتسهيل إجراءات إصدار التراخيص    جهات التحقيق تأمر بتفريغ الكاميرات فى اتهام مها الصغير أحمد السقا بالتعدى عليها    وفاة والدة الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    أندية البرازيل مفاجأة مونديال 2025    عصمت يبحث إنشاء مصنع لبطاريات تخزين الطاقة والأنظمة الكهربائية في مصر    انتصار السيسي تهنئ المصريين والأمة الإسلامية بمناسبة رأس السنة الهجرية    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    زيادة جديدة فى المعاشات بنسبة 15% بدءًا من يوليو 2025.. الفئات المستفيدة    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لعامل وزوجة عمه فى بولاق    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    بنتايج خارج القائمة الأولى للزمالك بسبب العقود الجديدة    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    إخلاء محيط لجان الثانوية العامة بالطالبية من أولياء الأمور قبل بدء امتحاني الفيزياء والتاريخ    هل الزواج العرفي حلال.. أمين الفتوى يوضح    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تخوض مغامرة تحصيل فواتير الكهرباء «الملتهبة»

- مستهلك يحلف بالطلاق على غلق محله غضبًا من ارتفاع قيمة الفاتورة: «عشان الحكومة تستريح»
- محصل يطلب على طريقة عبدالمنعم إبراهيم «الغوث والنجدة» من جزار حاول ذبحه احتجاجًا على فاتورة بلغت 12 ألف جنيه
- ربة منزل تطلب تأجيل الدفع «لحد ما يفرجها ربنا».. وعم إبراهيم شاكيًا من الفاتورة: مش بشغل غير إذاعة القرآن الكريم.. وسيدة: «هجيب منين فلوس»
- محصلون: مسئول احتجز زميلنا فى قسم شرطة بسبب ارتفاع فاتورة شقة والدته.. ورؤساء القطاعات أقنعوه بالتصالح
- 6600 محصل مكلفون بتحصيل فواتير 30 مليون مشترك شهريًا.. والمنيب والمذبح وفيصل والهرم «مناطق محرمة»
شغل ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء اهتمام وقلق الشارع المصرى فى الفترة الأخيرة، بعد تعديل أسعار وقيم الاستهلاك وتقسيمها إلى شرائح تختلف تسعيرة كل منها حساب عدد الكيلووات التى جرى استهلاكها.
«الشروق» قررت خوض تجربة تحصيل فواتير الكهرباء وتسجيل ردود فعل المواطنين بشأن مدى قبولهم أو رفضهم للأسعار الجديدة، خاصة أن المحصل هو الواجهة الأولى لتلقى آراء وتعليقات المستهلك.
من شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء فى شارع الهرم، قررنا خوض المغامرة الصحفية، بالتنسيق والترتيب مع قيادات الوزارة وقيادات الشركة، ويضم قطاع كهرباء الهرم 300 ألف مشترك موزعين على عدة مناطق بينها مناطق الهرم، وفيصل، والجيزة، والشيخ زايد، وأكتوبر.
فى الغرف المخصصة لمحصلى الكهرباء فى الشركة لم يعلم الجميع سوى أننا زملاء جدد التحقنا بالعمل معهم، وأننا موفدون من الوزارة لمتابعة ومراقبة سير عمل المحصلين، وتسجيل شكاواهم والمعوقات التى يتعرضون لها فى أثناء تحصيل الفواتير، كأحد إجراءات الرقابة والمتابعة، تمهيدا لرفع تقارير بذلك إلى قيادات الوزارة.
وقائع كثيرة مسجلة صوتيا – كشف عنها المحصلون كادت تودى بحياتهم خلال ممارستهم عملهم نتيجة تعرضهم لاعتداءات كثيرة، بدءا من السب والقذف نتيجة الغضب من ارتفاع قيمة الفاتورة، وصولا إلى محاولات القتل والذبح، كما حدث لأحد المحصلين فى ميدان الجيزة، حين تعدى عليه أحد الجزارين لغضبه من ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء المطلوبة منه، وقيمتها 12 ألف جنيه بعضها مستحقات متأخرة.
الجزار رفع سكاكينه فى وجه المحصل، محاولا إصابته وذبحه، إلا أن تدخل المارة والجيران، واستغاثة المحصل بزملائه فى الشركة، أنقذته من بين يديه، قبل أن يذهب ضحية تحصيل الفاتورة.
نائب رئيس قطاع الهرم للشئون التجارية، صلاح زكى، قال ل«الشروق» إن المتاعب والعقبات قد تواجه المحصلين فى أى وقت فى أثناء ممارسة عملهم، فيما يتشكل فريق من 3 إلى 5 موظفين للنزول إلى منطقة معينة لمتابعتها وتحصيل المتأخرات منها، والتواصل هاتفيا مع القطاع.
وفى حالة حدوث طارئ يتم تسيير سيارة للوصول إلى المحصلين ومعالجة الموقف قبل تفاقمه، خاصة أن التدخلات الأمنية إن حدثت فى قليل من الأحيان فهى متأخرة جدا، وبالتالى يقع عبء مواجهة الموقف وإنهائه على الموظف ورفاقه.
واقعة أخرى رواها المحصلون بغضب وحسرة، تتلخص فى قيام زميل لهم بمطالبة قيمة فاتورة منزل أحد المسئولين، لتندلع مشادة كلامية بين والدته الغاضبة من قيمة الفاتورة والمحصل.. الأم سارعت بإخبار ابنها المسئول بارتفاع قيمة الفاتورة، فما كان منه إلا أن استعان بقوات الأمن للقبض على المحصل، واحتجازه أكثر من 3 ساعات فى قسم الشرطة، قبل أن تتدخل قيادات شركة الكهرباء ورؤساء القطاعات، ليقتنع المسئول بالتصالح مع المحصل وإخلاء سبيله، بعد أن أتت الحلول الودية أكلها معه.
يحكى المحصلون بانفعال شديد تكاد تلمسه من الحديث عما يتعرضون له من إهانات وسباب وضرب فى بعض الأحيان بعدد من المناطق، معبرين عن غضبهم من تحملهم الصعاب نتيجة قرارات اتخذها «الجالسون فى المكاتب المكيفة»، على الرغم من كونهم مقطوعى الصلة بدوائر اتخاذ القرار من الأساس.
ويقول عدد من المحصلين إنه كان من الممكن أن تمر الزيادة فى قيمة فواتير الكهرباء دون أن يشعر بها المواطن، إذا طبق القرار بداية فى غير أشهر ذروة الاستهلاك، خلافا لما تم بتحصيل القيم الجديدة.
وكى نعلم مقدار ما ينتظر المحصلين من معاناة، نقول إن هؤلا يتحملون عبء تحصيل فواتير نحو 30 مليون مشترك فى مختلف مناطق الجمهورية وفقا للشبكة القومية للكهرباء، من خلال الذهاب إلى العقارات وجمع قيمة الإيصالات من كل شقة على حدة، فيما تلاحقهم الاتهامات بأنهم باتوا عبئا وشريكا فى ارتفاع خسائر وزارة الكهرباء فى الآونة الأخيرة بسبب تراخيهم وعدم تحصيل الفواتير، فى ظل الإلحاح المستمر من رؤساء شركات التوزيع بضرورة وصول التحصيل إلى 100% خاصة مع قرارات الوزارة الأخير بربط التحصيل أو إنتاج المحصل براتبه وحصوله على الحافز.
وبحسب ما كشفه مصدر مسئول بوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، يبلغ عدد المحصلين العاملين فى قطاع الكهرباء حوالى 6653 موظفا وفقا لآخر إحصائية أجرتها الوزارة منذ 9 أشهر.
ويكلف كل موظف بتحصيل ما بين 2500 إلى 3000 فاتورة شهرية من المنطقة التى يعمل بها، وفقا لتصريحات نائب وزير الكهرباء والطاقة، المهندس أسامة عسران، ل«الشروق»، والذى يقول إن كل محصل له كمية ثابتة من الإيصالات يجب جمعها وتحصيلها شهريا.
عسران أشار إلى أنه يتم خفض عدد الإيصالات فى بعض المناطق لظروف معينة، بينما يبلغ عدد المشتركين الفعليين الذين يتم تحصيل الفواتير منهم 25 مليون مستهلك، بسبب وجود 6 ملايين مشترك ما بين أصحاب شقق مغلقة ومهجورة، ما يعنى أن الإجمالى يزيد على 30 مليون مشترك.
وتختلف نتائج ونسب التحصيل فى القطاعات المختلفة، طبقا لتصريحات مسئوليها، فوفقا لرئيس شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء، المهندس حمدى عكاشة، تصل نسبة التحصيل إلى 100 % خاصة بعد تركيب أكثر من 200 ألف عداد مسبق الدفع، خلال الفترة الماضية.
بينما تتراوح نسبة التحصيل فى شمال الدلتا بين 75 إلى 80% وفقا لما أكدته رئيس مجلس إدارة شركة شمال الدلتا لتوزيع الكهرباء، المهندسة ابتهال الشافعى، التى يعمل بها 1100 محصل وكشاف، وهو ما يعنى وجود نقص حاد فى عدد المحصلين وفقا لتأكيداتها، فيما يرى رئيس شركة القناة لتوزيع الكهرباء، المهندس محمد السيد، أن التحصيل «معقول» وفى حدوده الآمنة، دون أن يضع نسبة تقريبية للشركة التى يعمل بها 800 محصل، مكلفون شهريا بتغطية 3.6 مليون مشترك.
ولتفادى العجز فى أعداد المحصلين لجأ السيد إلى تشكيل لجان تحصيل من العاملين فى القطاعات المختلفة لمساعدة زملائهم مقابل منحهم مبلغا ماليا إضافيا نظير عملهم، ويطلق عليها «لجان تنشيط التحصيل»، ومهمتها تحصيل المتأخرات، حيث تشكل من العاملين فى المتابعة المالية التجارية والدعم الفنى وإخصائى تحصيل وبعض الفنيين فى القرى، ويتم منحهم حافز 2% مقابل إجمالى التحصيل.
فى غرف المحصلين فى الدور الأرضى، حاول المحصلون إثناءنا عن النزول معهم فى جولات التحصيل، مستشهدين بما جرى لزملائهم، قبل أن يتراجعوا أمام إصرارنا على النزول، بتوجيهنا فى اختيارنا للجهة التى سننزل إليها لبدء التجربة.
تركزت نصائح «الزملاء المحصلين» فى البعد عن أماكن بعينها كالمنيب وضواحيها، والجيزة، والمذبح، وعدد من الشوارع المتفرعة من منطقتى فيصل والهرم، حرصا على سلامتنا، باعتبارنا زملاء جددا لا نمتلك الخبرة اللازمة للتعامل مع ما جرى لهم خلال الأيام الماضية.
بحسب روايات مسجلة صوتيا ، تعد المنيب وضواحيها من أكثر المناطق المحرم على المحصلين دخولها منذ فترة ليست بالقصيرة، فى ظل تصاعد غضب الأهالى من ارتفاع قيم فواتير الكهرباء، وتكرار الاشتباكات اليدوية والتلاسن الغاضب بين الطرفين.
ففى إحدى الوقائع، ذهب أحد الموظفين لتحصيل فاتورة كهرباء من «ترزى»، فأغلق الأخير محله وعطل الماكينات محاولا تفكيكها فى قلب الشارع، هاتفا ضد الحكومة المنحازة ضد الفقراء والغلابة، لتنجح محاولته فى إثارة المحيطين به، ويضطر بعدها المحصل للانسحاب خوفا من تزايد الغضب ضده إلى ما لا تحمد عقباه.
من أمام الشركة انطلقنا إلى ميدان الجيزة والمنطقة المحيطة به وأول شارع البحر الأعظم، والشوارع الخلفية المحيطة بمستشفى الرمد، ظهرا، طبقا لما استقر عليه الرأى بين الزملاء، حيث يتوفر عنصر الأمن والقدرة على تفادى الخلافات اللفظية أو تطورها إلى اشتباك بدنى، فضلا عن التباين فى المستويات الاقتصادية والاجتماعية للسكان، وما قد يستتبعه ذلك من اختلاف ردود الفعل بشأن أسعار الكهرباء الجديدة.
فى أحد الشوارع الجانبية المتفرعة من البحر الأعظم، اجتزنا بوابة عقار ذى 5 طوابق يوحى مدخله المنخفض على سطح الأرض بدرجتين، وسلالمه الضيقة بضيق حال سكانه، وطرقنا باب أحد شققه جاءنا سؤال من الداخل: «مين»، أجبنا: «نووووووور».
سألتنا ربة المنزل بعد أن فتحت لنا الباب «أمال فين أحمد؟» ليرد عليها المحصل الأصلى قائلا «أنا أهو يا حاجة، دول زمايلى من الوزارة جايين يتدربوا، وهيستلموا المنطقة علشان أنا هتنقل منطقة تانية».
اندهشت ربة المنزل العجوز من قيمة الفاتورة التى تجاوزت 100 جنيه صارخة «يا لهوى، 100 جنيه، طيب وهو أنا هقدر على كده كل شهر إزاى، مية وغاز وكهربا، ومصاريف البنت، هجيب منين؟».
رد فعل العجوز الغاضبة من قيمة الفاتورة، لم يمنعها من الإصرار والإلحاح بمودة حقيقية على استضافتنا وتقديم مشروب التحية ترحيبا بنا، حيث إن المحصل اعتاد المرور على العقار عدة مرات شهريا لمدة 5 سنوات، ما وطد علاقته إنسانيا ببعض سكان المنطقة، إلا أننا اعتذرنا عن عدم قبول دعوتها.
فى الدور الثانى أخبرتنا ربة المنزل المنتقبة أن علينا أن نمر عليها بعد الانتهاء من تحصيل الأدوار العلوية، ريثما تجهز مبلغ الفاتورة، وبعد عودتنا عقب تحصيل فواتير سكان العقار، خرج لنا طفل صغير بالمبلغ المطلوب وتسلم الفاتورة، قبل أن يغلق الباب.
فى الأدوار الأخرى لم تختلف ردود الفعل الاستنكارية والغاضبة من ارتفاع قيم فواتير الكهرباء، على الرغم من اختلاف قيمها واختلاف طبيعة السكان، ف«عم إبراهيم» الذى يسكن الدور الخامس وحيدا استغرب قيمة الفاتورة التى وصلت إلى 48 جنيها، قائلا: «ليه، حرام عليهم والله، أنا عايش لوحدى وما بعملش حاجة غير بشغل إذاعة القرآن الكريم، يجيبوا لى فاتورة ب48 جنيه ليه»، لنرد «أسعار الكهرباء زادت يا عم ابراهيم، خد بالك بقى من استهلاكك»، ليرد العجوز محملا بكل مرارات السنوات والأيام «أهو يا ابنى يومين هنقضيهم، لحد ما نتوكل».
وباغتنا عم إبراهيم بسؤال: «بس هو أنتم ملقيتوش شغلانة تانية تشتغلوها غير المحصل، هتقضوا حياتكم كلها تطلعوا وتنزلوا على السلالم، ورجليكم وضهركم يوجعوكم كده»، لنرد عليه قائلين «مفيش شغل يا عم إبراهيم، واللى بيلاقى حاجة بيشبط فيها»، فيقول «ربنا يجعل أيامكم أحسن من أيامنا يا ابنى».
فى المنزل المجاور، وردا على كلمة «نور» التى أطلقناها بعد ضرب الجرس، طلبت منا ساكنة الدور الوقوف أمام الشباك، لأن أبناءها خرجوا بعد أن أغلقوا عليها الباب بالمفتاح، خوفا من تسلل أو دخول غرباء، قبل أن تضرب صدرها بيدها «250 جنيه ليه، والله حرام، قال 250 قال».
«الأسعار زادت يا حاجة، وأنتى عندك تكييف، والتكييف بيسحب كهربا»، لترد علينا «لا خلاص هشيله أحسن، يا ابنى أنا والله جايباه علشان العيا، نفسى بيتكتم والله، بس كده كده هاشيله، هجيب منين أنا 250 كل شهر».
وفى الجوار بعد خروجنا متوجهين إلى شارع آخر لتحصيل الفواتير، وفى الدور الثانى لمنزل قديم يتضح من زخارفه وتصميم شرفاته الواسعة، ودورانات درجات سلمه العريضة أنه قديم البناء، صعقت ربة منزل فى أولى شقتى الدور الثانى من قيمة المطلوب منها وهو حوالى 300 جنيه، تمثل تراكما لفواتير شهرين ماضيين، لم تسددهما وطلبت تأجيل السداد، قبل أن تسدد قيمة شهرين من أصل ثلاثة شهور.
طلبت ربة المنزل تأجيل دفع قيمة استهلاك الشهر الثالث إلى حين أن «يفرجها ربنا»، مع بعض عبارات الشكوى والضجر من الارتفاعات المتوالية فى الأسعار وثبات المعاشات والرواتب، فيما يبدو ارتيابها بشأن الغرباء «المحصلين الجدد» واضحا بشدة على ملامحها.
بين شارع وشارع وعقار وآخر، لا تختلف ردود الفعل الساخطة والغاضبة على ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء، حتى مع التأكيد أن التجربة الصحفية التى خاضتها «الشروق» ليست استطلاعا علميا للرأى العام، إلا أن الشكوى من غلائها وارتفاع تكاليف المعيشة، وعدم تناسب الأسعار مع الدخول، أمر متكرر وإن بدت نسب الشكوى مختلفة، بين مكتفِ بالدعاء على الحكومة و«الحسبنة عليها»، والمتسائل عن السبب فيما يحدث، والحانق والمستنكر متوعدا الحكومة «بغضب آت».
محل تجارى فى شارع جانبى خلف مستشفى الرمد، هدد صاحبه بغلقه للأبد حتى تستريح الحكومة، ردا على قيمة فاتورة الكهرباء حين طالعها ووجدها تخطت 400 جنيه فى شهر واحد، لتنهال أسئلته علينا «ليه يعنى، هو أنا بعمل إيه فى المحل ب400 جنيه، أديكم جيتم على غفلة ولقيتونى فاصل التلاجات»، قبل أن يقسم بيمين الطلاق غلق المحل لعل الحكومة تستريح حين تغلق أبواب الرزق فى وجه الشعب»، حسب قوله.
غضب صاحب المحل من ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء لم يمنعه من دفع فاتورة أخرى لواحد من جيرانه، لا يتواجد فى المنزل إلا فى أوقات متأخرة لطبيعة عمله، قبل أن يتصاعد غضبه من قيمتها التى تقترب من ال100 جنيه، وتعلو نبرات صوته تدريجيا «الباشمهندس بييجى متأخر، وبينزل بدرى وعايش لوحده، حرام يعنى»، متسائلا «هل يسحب جارى أسلاك الكهرباء معه إلى العمل حتى تأتى فاتورته بهذه القيمة».
تركنا صاحب المحل، وهو يكرر كلمتين احتجاجا على ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء هما «طب ليه.. طب ليه».
اقرأ ايضا:
رئيس «القناة للكهرباء»: انتهينا من تركيب 170 ألف عداد مسبوق الدفع
شرائح وحساب فواتير الكهرباء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.