مواطن يوبخه: إنت جاى تاخد فلوس.. هو فيه نور أصلا؟ قرار زيادة أسعار الكهرباء جاء متزامنًا مع تردى الخدمة المقدمة إلى المواطن، وتسجيل الأحمال لأقصى رقم فى التاريخ 28000 ميجاوات، إضافة إلى تسجيل رقم تاريخى آخر فى نسبة تخفيف الأحمال، التى وصلت إلى 6000 ميجاوات، وهو ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائى فترات وصلت إلى 12 ساعة فى المنطقة الواحدة على مدار اليوم الواحد فى جميع المحافظات. المواطنون المغلوب على أمرهم يصرخون من الحر، ومن تلف طعامهم وأجهزتهم الكهربائية، والأمراض التى بدأت تنتشر. إضافة إلى أن المواطنين صار عليهم أن يدفعوا فاتورة مضاعفة بعد زيادة الأسعار. «التحرير» من جهتها ترصد لكم ما يجرى على أرض الواقع، وتصحبكم أيضا فى مغامرة مع محصل كهرباء، لتتعرفوا عن قرب على ما يجرى ويدور فى الشارع المصرى. مواطن آخر: هادفع الفاتورة لما الكهرباء ماتقطعش بعد 4 سنين «التحرير» حاولت متابعة الأمر على أرض الواقع من خلال التحرك فى جولة ميدانية مع أحد المحصلين، ويدعى أحمد زينهم، من إدارة بشتيل التابعة لشركة جنوبالقاهرة لتوزيع الكهرباء، والمسؤول عن قراءة العدادات وتحصيل الفواتير فى نفس الوقت من إحدى المناطق التابعة لخريطة عمله، حيث كانت الجولة فى شارع على فرغلى بالمربع السكنى ببنى محمد بعزبة المفتى بحى إمبابة بمحافظة الجيزة، وبدأت الجولة فى الساعة ال6 مساء. دخلنا العقار رقم 90 بشارع على فرغلى، وبمجرد اقترابنا من بوابة العقار كان هناك عدد من الرجال يجلسون متجاورين على «مصطبة» أمام العقار المواجه «91»، وقال أحدهم: «رايح فين يا عم.. النور مقطوع؟»، ورد المحصل إنه يريد فقط إخطارهم ب«كعب وصل النور»، فحصل كل مواطن على ما يخصه. محمد معوض، من هؤلاء السكان، اعترض بشدة على قيمة فاتورة الاستهلاك، التى ارتفعت من 25 إلى 42 جنيها، قائلا: «مش الوزير قال هتزيد حق كوباية شاى.. ده كده بقى حق نص كيلو شاى»، لافتا إلى أن التيار الكهربائى ينقطع 6 أو 7 مرات فى اليوم الواحد، ما بين ساعة إلى ساعة ونصف الساعة فى كل مرة، منوها بأنه فى بعض الأحيان ينقطع التيار لمدة ساعتين، وأكد أن التيار يوم الثلاثاء الماضى «الأسود»، على حد وصفه، انقطع من الساعة 2.40 بعد منتصف الليل وعاد مرة أخرى فى الساعة ال5 صباحا، متسائلا: «النور بيقطع فى نص الليل ليه طيب.. والناس كلها نايمة؟». وأكد معوض، ل«التحرير»، أنه لن يدفع قيمة الفاتورة، وحاله كان حال كل من معه من الجالسين على «المصطبة»، حيث قال محمد محسن: «والله يا أحمد لولا إن إحنا عارفينك من زمان كنا ضربناك»، وفى نهاية الحوار وجهت «التحرير» سؤالا إليهم: هل أحد سيدفع قيمة الفاتورة أم لا؟ وكان الجواب كأنه هتاف «مش دافعين». انتقلنا بعدها إلى العقار رقم 88 بنفس الشارع، وفى الدور الأرضى التقينا السيدة رحمة وصفى أحمد، وبمجرد رؤيتها المحصل «قالت حسبى الله ونعم الوكيل.. اللى إحنا فيه ده يرضى مين؟»، مؤكدة أنها تلازم الشارع يوميا بعد انقطاع التيار الكهربائى، قائلة: «خلاص بقينا عارفين المواعيد اللى النور بييجى فيها ومواعيد الانقطاع»، موضحة معاناتها مع أطفالها الرضع وأقسمت بالله إنها كادت تفقد أحد أبنائها بسبب ارتفاع الحرارة وقلة التهوية وعدم وجود الكهرباء، وبالتالى عدم استطاعتها تشغيل المروحة. وصفى أكدت أن زوجها «أرزقى» وشغله غير دائم، موضحة أنها تكبدت حرق موتور الثلاجة، الذى يبلغ ثمنه 600 جنيه، وهى تتحدث بنبرة حزينة قائلة: «عارف يا أستاذ يعنى إيه 600 جنيه بالنسبة إلى ناس زينا؟»، مؤكدة أنها كهنت الثلاجة، مشيرة إلى تلف الطعام الدائم بسبب الحر، ورفضت مجرد الاطلاع على الفاتورة، وأخذت الكعب فقط، وأتاحت للمحصل قراءة العداد فقط، ونظرا لانقطاع التيار كان المحصل «عامل حسابه»، فقد أخرج الكشاف الصينى وبدأ يقرأ. العقار رقم 70 كان شاهدا على مأساة جديدة ناتجة عن انقطاع الكهرباء، وهى حرق موتورى المياه والغسالة لأسرة بسيطة بالدور الثالث بالعقار، وهى أسرة الحاج عبد الرازق محمود، الذى قال بعصبية: «إنتو جايين تاخدوا فلوس؟ فى نور علشان تاخدوا فلوس أصلا؟»، وكانت قيمة الفاتورة الخاصة به 47 جنيها بعد أن كانت 28، وتساءل الرجل بصدمة: «إزاى؟ لما النور بيقطع 7 مرات فى اليوم من حوالى شهرين وفى كل مرة 7 مرات من المفترض إن الفاتورة تقل مش تزيد.. ولا إحنا مجانين؟». محمود أوضح، ل«التحرير»، أن استهلاكه فى حالة وجود الكهرباء هو 3 لمبات ومروحة وثلاجة وغسالة عادية «الحمد لله خربت»، لافتا إلى أنه سيتوجه إلى قسم الشرطة لتحرير محضر ضد رئيس الوزراء إبراهيم محلب ووزير الكهرباء. وفى نفس العقار صعدنا إلى الدور الخامس، مسكن مدحت رمضان، الذى قال للمحصل «خد قراءة العداد بس مش هدفع فلوس.. حد بيدفع فلوس حاجة ماأخدهاش»، وبعد محاولة المحصل معه لإقناعه لوجود متأخرات عليه، كان رد رمضان «هابقى أدفع بعد 4 سنوات لما الكهرباء ماتقطعش ولا ثانية»، وكانت فاتورة رمضان ارتفعت من 18 جنيها عن يونيو ل31 جنيها عن استهلاك شهر يوليو. فى كل المنازل والشوارع، الوضع لم يختلف، فالشكوى واحدة، والجميع متفق على قرار واحد هو عدم دفع قيمة الفاتورة للمحصل، وعلامات الحسرة تسيطر على المحصل، الذى يسارع الزمن من أجل تحصيل قيمة الفواتير من المواطنين حتى لا يتعرض للأذى فى عمله. توجهنا إلى شارع مصطفى الغيطانى، العقار رقم 3، الدور الثانى، وبمجرد طرق المحصل للباب خرج عدد من الرجال وسبوه كما سبوا شركة الكهرباء، وبمجرد إعطائهم «كعب» الفاتورة، قاموا بضربه بالفعل، ولم يكتفوا بهذا بل كادوا يعتدون على الزميل محمد شوقى، مصور «التحرير»، ومنعوه من التصوير نهائيا، ولم يحل النزاع إلا تدخل عدد من العقلاء. زينهم: الناس بيفشّوا غلهم فينا.. وحصَّلت ٪30 بطلوع الروح سيدة تواجهه بحرق موتور الثلاجة بسبب انقطاع الكهرباء ما بين مطالب الوزارة بإلزامه بنسبة تحصيل 100%، وما بين امتناع المواطنين عن الدفع، يعانى المحصل طوال الوقت. يوضح أحمد زينهم، المحصل الذى اصطحبنا معه فى جولة خاصة، أنه ملزم بتحصيل وقراءة العداد لقرابة 2000 مشترك، مؤكدا أنه قام بتوزيع الفواتير والكعوب الخاصة بالفواتير على أكثر من 1000 مشترك، وما تم تحصيله هو 300 مشترك أى نسبة تحصيل 30% «بطلوع الروح»، على حد وصفه، موضحا أنه يقوم بتحصيل قراءات الشهر القديم وقراءة استهلاك الشهر الجديد، أى يعمل بنظام «2 فى 1». زينهم أكد، ل«التحرير»، أنه ملزم بتحصيل العدد المطلوب، وإلا تعرض لخصم الحوافز، التى تتراوح شهريا بين 15 و20% من المرتب، قائلا: «ذنبنا إيه فى البهدلة دى؟ الشركة تطالبنا بتحصيل 100%، إزاى؟ ماعرفش، والمواطن ما بيصدق يشوفنا علشان ينفجر فينا».