قال الدكتور أشرف الشيحي وزير التعليم العالي والبحث العلمي، إن الوزارة هي إحدى مؤسسات الدولة التي تضطلع بمهمة أساسية، وهي تكوين وتنمية رأس المال الفكري الذي هو عصب إقتصاد المعرفة الذي يتيح للدول أن تنتقل إلى تصنيفات أكثر تقدماً، في ظل التحول من إقتصاد الموارد إلى إقتصاد المعرفة. وأضاف الشيحي، في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه الدكتور خالد قاسم مساعد أول الوزير للتخطيط الإستراتيجي، في منتدى التعليم الفني الذي أقامته الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، أمس، أنه وإذا كان المردود الإقتصادي للإستثمار في التعليم العالي على المستوى الكلي هو تقليل التفاوتات الإقتصادية والإجتماعية بين طبقات المجتمع بما يكفل تماسك بنية المجتمع واستدامة النمو الاقتصادي، فضلاً عن تحقيق الاستقرار السياسي وتوفير قاعدة عريضة من رأس المال البشري تتسق ومتطلبات التنمية الإقتصادية والإجتماعية، بما يكفل مستويات مقبولة من الاستدامة وجودة الحياة. وتابع: أن التعليم العالي يعد رافدا مهما لتحقيق هذا الهدف، وذلك حينما يتم تطوير التعليم الفني ليصبح أداة فعالة في تحقيق النمو والرخاء، ويحتل المكانة الصحيحة له بين القضايا ذات الأولوية، وأيضاً حينما تكون هناك ملاءمة بين التخصصات وسوق العمل، وهذا هو التوجه الذي يعكسه مسار تنمية الكليات التكنولوجية والتعليم التقني في استراتيجية تطوير التعليم العالي في مصر 2030. واستكمل: "لقد توقفت عند الخطوط العريضة لمحاور مؤتمركم هذا، فوجدت أنها ترصد مشاكل التعليم الفني، وكذلك الحلول؛ ولعلني أركز على قضية تحسين صورة التعليم الفني بكامل عناصره في عين المجتمع، فرغم أن الدولة تضع الآن هذا النوع من التعليم على رأس قضاياها إلا أن نظرة المجتمع في معظم الأحوال تضعه في المصاف الأخير من أنماط التعليم المختلفة، وللحق فإن معطيات تغيير هذه النظرة المجتمعية لهذا النوع من التعليم بين أيدينا وأيديكم جميعا". وأضاف: "أننا نَنشُدُ تعليماً فنياً يحقق تغطية إحتياجات سوق العمل، ويقدم معالجة حقيقية لمشكلة البطالة، ويزيد من معدلات الإنتاجية، ويرفع القدرة التنافسية للفنيين المصريين، ويعزز روح الإبتكار والإبداع، وهو الأمر الذي لن يتم على سبيل القطع إلا بتكامل مراحل التدريب والتعليم الفني بأنماطه ومستوياته المختلفة". وتابع: "لقد قامت وزارة التعليم العالي بخطوات فعالة بما تملكه من أدوات، بفتح المسار التعليمي في التعليم الفني، فأصبح لدينا الآن نظام تعليمي جامعي بنظام 2+2 سيتم تطبيقه في الكليات التكنولوجية الحكومية في كليتين جديدتين أحدهما بالتجمع الخامس والأخرى في قويسنا، يحصل فيها خريج المرحلة الأولى على الدبلوم التكنولوجي، وخريج المرحلة الثانية على البكالوريوس التكنولوجي في التخصص، وسيكون أمام الخريجين فرصة استكمال الدراسة لمن يرغب منهم للحصول على أعلى الدرجات العلمية في التعليم الفني، حيث أن فتح المسار التعليمي سيحقق دون أدنى شك تحسين كبير للصورة الذهنية لدى المجتمع عن التعليم الفني". واستكمل، أن دور التعليم العالي لن يقف عند إفتتاح هذه الكليات والمعاهد والإكتفاء بتطوير منظومة التعليم الفني بفتح مسارات التعليم به، بل أيضا من خلال تطوير شكل التعليم ذاته ليعتمد على نظام الكفاءات «Competency Based Education»، فأصبح تطوير مناهج التعليم الفني مبنيا على هذه الجدارات التي يحددها ويطلبها سوق العمل، وأصبحت عملية تطوير المناهج في الأساس هي عملية مشاركة تامة مع أرباب الأعمال ليتيح سد احتياتهم الفعلية من الفنيين ذوي الكفاءة، الأمر الذى يتيح التعلم بهذه الطريقة للخريج فرصة الانتقال السلس إلى سوق العمل. وتابع: "وكذا سيتيح له سهولة العودة للمؤسسات التعليمية لاستكمال تعليمه بعد الانخراط في سوق العمل، للحصول على البكالوريوس التكنولوجي، وستمكنه خبراته المكتسبة في مجال عمله من إنهاء بعض الوحدات المبنية على الجدارة بالإمتحان فيها دون دراسة، فهذا النظام أيضا يعترف بالتعليم المسبق كأحد أهم الأدوات في تحسين شكل التعليم الفني ورفع مستواه وتقليل تكلفته". وقال الشيحي، إن وزارة التعليم العالي لم تكتف بذلك فقط، بل إتخذت قرارات من شأنها تقديم التعليم الفني لخدمة المجتمع والبيئة المحيطة، ولقد تضمنت الخطة الاستراتجية للوزارة فتح عدد من الكليات المجتمعية كأساس لنهضة مجتمعية شاملة وتطوير جذري في شكل التعليم الفني؛ ليصبح أداة في التطوير من جهة، وتقليل البطالة من جهة أخرى. كما كلفت الوزارة المسئولين عن التعليم الفني، التواصل التام مع سائر الوزارات والهيئات المماثلة؛ لتحسين الحوكمة من خلال أقصر الطرق، عن طريق الاشتراك في تقديم نظام تعلم مميز مبني على الجدارات، ذات المعايير القياسية التي تصف شكل كل وحدة تدريبية، وترتبط بالإطار القومي للمؤهلات من جهة، وبإطار المهارات من جهة أخرى، ويتم استخدامها في العملية التعليمية من كافة الجهات سواء التابعة للتعليم العالي الجامعي أو التعليم قبل الجامعي. وختم كلمته: "في النهاية، أتقدم بمزيد من الشكر والتقدير لأسرة الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وأطيب التمنيات لحضراتكم بدوام التوفيق والسداد، وللمنتدى كل التوفيق في الخروج بخلاصات وتوصيات، تشكل منهجا نحو تطوير التعليم الفني، وتقليل الفجوة بين الواقع والمأمول، ولوطننا العزيز كل تقدم ورخاء وازدهار".