تكثيف الأعمال التنفيذية لمشروع تطوير الهوية البصرية للطريق الدائري    الإفراج الجمركي.. قبلة حياة لإنعاش الاقتصاد ومحاصرة التضخم    وزير الخارجية الإسباني: الشعب الفلسطيني لديه الحق في الحصول على دولة مستقلة    طاهر محمد طاهر: هدفنا الخروج من ملعب مازيمبي بشباك نظيفة    «افعل الخير وارحل».. كهربا يوجه رسالة غامضة بعد تغريمه مع الأهلي    حالة الطقس في الإمارات.. هل توقفت الأمطار بالبلاد؟    في طريقها إلى مصر.. كيف تتجنب رياح الخماسين وأضرارها؟    فانتازي يلا كورة.. نجم نيوكاسل الأكثر شراء قبل الجولة 34    برنامج التعليم المتعدد يشارك في منتدى التعليم الفني التكنولوجي بالقاهرة    رفض ذكر اسمه في ميكروفون الفرح.. مصرع مسن على يد مريض نفسي ب الدقهلية    منتج فيلم السرب يعلن موعد طرحه بدور العرض السينمائية    تكريم إلهام شاهين فى مهرجان هوليوود للسينما العربية بلوس أنجلوس    هدى الإتربي ترد على تشبيهها ب هند رستم وتحية كاريوكا.. ماذا قالت؟    "الحشاشين" يتصدر قائمة الأكثر مشاهدة عبر منصة WATCH IT    خالد الجندي: ليست جميع العبادات على منزلة واحدة    هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. اعرف الأعذار الشرعية لتركها    خالد الجندي ل الزوجات: اعتبرى إنك فى حالة عبادة بتأخدى عليها أجر    التشكيل الرسمى لقمة أتالانتا وليفربول فى الدورى الأوروبى.. صلاح أساسيا    رئيس مدينة منوف يتابع الخدمات الطبية المقدمة للأشقاء الفلسطينيين    رئيس جامعة جنوب الوادى يتفقد 24 مصابا فلسطينيا بالمستشفيات الجامعية    صحة كفر الشيخ: تقديم خدمات طبية مجانية ل1433 مريضا بقرية تيدة بسيدي سالم    التعليم تعقد التصفيات النهائية لمسابقة "تحدي القراءة العربي" بالتعاون مع الإمارات    "للعام الثالث على التوالي".. لعنة أبريل تطارد أرسنال وأرتيتا    البحوث الزراعية تستقبل وفدًا عسكريًا من تنزانيا الإتحادية    خطوة عاجلة بشأن تعاقد ليفربول مع خليفة كلوب قبل توقيع العقود    فيضانات الإمارات 2024.. هل اجتاحت الأمطار دبي بسبب ظاهرة التلقيح السحابي؟    وزير الإسكان: تم وجار تنفيذ وطرح مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل    انقلاب سيارة عروس أثناء ذهابها لإحضار عروس بالمنوفية    وزارة التضامن تفتح باب سداد الدفعة الثانية للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    نائب رئيس جامعة عين شمس تتفقد أعمال التطوير بقصر الزعفران    الشرقية.. إحالة 30 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق    جوتيريش: علينا التزام أخلاقي بدفع جهود التهدئة في الشرق الأوسط    مميزات وعيوب إيقاف تنفيذ العقوبة للمتهمين    الإعدام لمتهم بقتل زميله بعد هتك عرضه في الإسكندرية    الأردن.. 7 إنزالات جوية لمساعدات إنسانية وغذائية على قطاع غزة    مجلس النواب يعقد أولى جلساته فى العاصمة الإدارية الأحد المقبل    وزير قطاع الأعمال: القطاع الخاص شريك رئيسي في تنفيذ مشروعات التطوير وإعادة التشغيل    البنك الأهلى.. إصابة" أبوجبل" اشتباه في قطع بالرباط الصليبي    «القومي لثقافة الطفل» يحتفل باليوم العالمي للتراث غدا    يسهل إرضاؤها.. 3 أبراج تسعدها أبسط الكلمات والهدايا    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تعتقل 40 فلسطينيا في الضفة الغربية    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    طقس سئ.. غبار رملي على الطرق بالمنيا    وكيل صحة قنا يجتمع مديري المستشفيات لمناقشة اللائحة الجديدة وتشغيل العيادات المسائية    فى الجيزة.. التعليم تعلن جدول امتحان المستوى الرفيع والمواد خارج المجموع لطلاب النقل والإعدادية    تعَرَّف على طريقة استخراج تأشيرة الحج السياحي 2024 وأسعارها (تفاصيل)    "الوزراء" يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    في قضية «الشيبي وحسين الشحات».. محامي لاعب بيراميدز يطلب الحصول على أوراق القضية    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    بيان عاجل من اتحاد جدة على تأجيل لقاء الهلال والأهلي في دوري روشن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتحار على مشانق القمم
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 07 - 2016

كان الغياب الفادح للرؤساء والملوك العرب عن المشاركة فى «قمة نواكشوط» إشارة مبكرة لفشل مؤكد لكنه معتاد فى القمم العربية.
وبدا غياب الرئيس المصرى الأكثر إثارة للتساؤلات والتكهنات وإطلاق الكلام على عواهنه دون استناد إلى مصادر موثوقة.
بحسب الأصول المستقرة فإن آخر رئيس للقمة يسلم خلفه رئاستها، وقد ترأست مصر الدورة الأخيرة من القمم العربية.
الغياب المفاجئ بلا إيضاح مناسب استدعى تكهنات صحفية عن اكتشاف مخطط اغتيال فى العاصمة الموريتانية.
لا يوجد ما يؤكد التكهنات، وقد جرت العادة على التكتم الرسمى المطبق فى هذه الأحوال.
الاحتمال لا يمكن استبعاده فهو رجل مستهدف، لكن هناك فارقا بين ما هو محتمل وما هو مؤكد.
هناك فارق آخر بين الخشية الأمنية الطبيعية والكلام عن مخطط اغتيال جرى اكتشافه لم يتحدث عنه أحد آخر فى العالم.
على الأغلب لم تكن هناك أية محاولة لاستهداف حياته، وقد أثبتت السلطات الموريتانية قدرتها على تأمين أعمال القمة دون أى إزعاج أمنى على ما كانت تخشى قيادات عربية عديدة.
باستبعاد فرضية الاستهداف فإن الغياب المفاجئ يواكب غيابا مماثلا لثلاثة عشر رئيسا وملكا عربيا.
منطق الأمور أن أحدا لم يكن مقتنعا بأهمية القمة وضرورتها، ولا أن بطاقتها التوصل إلى أية مواقف شبه متماسكة تضفى شيئا من الاحترام على عالم عربى متصدع بأزماته الوجودية، كأن انعقادها كعدم انعقادها لا يعنى شيئا فى معادلات القوة والنفوذ.
بهذا الاستنتاج اعتذرت المغرب عن استضافة القمة العربية قبل أن تضطلع موريتانيا بالمهمة لأول مرة فى تاريخها.
رغم التعلق بأهداب الأمل فى شعار قمة «نواكشوط» فإن الأمانى بدت بعيدة عن واقع الحال.
نحن أمام عالم عربى يفتقد أى تماسك عند حده الأدنى، أو أية قدرة على بناء التصورات والمبادرات المشتركة.
بالنظر إلى القرارات التى صدرت عن القمة فهى أقرب إلى المواعظ من السياسات، تتحدث بمطلق النصح الدبلوماسى، الذى لا يغضب أحدا، حيث لا تقدر أن تؤثر أو أن تتوافق فى الملفات المشتعلة.
وقد كشفت القمة عن غياب أى مركز قيادى فى العالم العربى، فمصر شبه منزوية والسعودية مأزومة فى جميع جبهاتها الإقليمية والجزائر منكفئة والعراق وسوريا محطمتان.
مصر والسعودية المتماسكتان نسبيا تقدمتا فى توقيت واحد، مع تركيا قبل الانقلاب الفاشل، لمد الجسور مع إسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة وحكومة «نتنياهو» رحبت بالهدايا المجانية، فوعود «السلام الدافئ» لا تقابلها أية التزامات إسرائيلية بالانسحاب من الأراضى العربية التى احتلت عام (1967) وفق المبادرة العربية.
فيما دعمت «قمة نواكشوط» «المبادرة الفرنسية»، التى تتحفظ عليها إسرائيل، لم تكن هناك أية إشارة لها صفة الجدية لما يطلق عليها «المبادرة المصرية».
فى حقيقة الأمر ليست هناك «مبادرة مصرية»، فالكلام أقرب إلى النداء بلا أسس مقترحة وفق المرجعيات الدولية أو آليات معروفة تضمن أفقا زمنيا للتوصل إلى تسوية.
بذات القدر تلقت السياسة المصرية صدمة أخرى فى ملف «القوة العربية المشتركة» التى اقترحتها عشية «عاصفة الحزم» وصدر بشأنها قرار من القمة السابقة فى «شرم الشيخ».
الفكرة ماتت سريريا ولا جدوى من إحيائها فى أى مدى منظور.
هناك ثلاثة أسئلة لابد من الإجابة عليها قبل الإقدام على إنشاء أية قوة عسكرية مشتركة.
الأول، من العدو؟
الثانى، أين الجبهة؟
الثالث ما الأفق السياسى؟
حين لا توجد إجابات على شىء من التماسك فلا قوة دفع ممكنة وكل شىء سوف يصطدم بالحوائط المسدودة.
أيا كانت التحفظات على سياسات «طهران» فإن إيران ليست عدوا بدلا عن إسرائيل.
من المتوقع بعد اتضاح الصورة شبه الأخيرة لتسوية الأزمة السورية أن تدخل السعودية فى مفاوضات مباشرة مع إيران.
الكلام المخفف فى القمة عن التدخلات الإيرانية فيه ترقب لما سوف تئول إليه حركة الحوادث.
هناك أهمية قصوى لبناء تحالف مصرى سعودى غير أن هناك فرقا بين التقدم إلى الأدوار الإقليمية بثقة من يملك قراره وبين انتظار ما يصدر عن الآخرين من قرارات.
فى أزمة جزيرتى «تيران وصنافير» تعبير عن خلل مروع فى طبيعة العلاقات.
لا يمكن للسعودية أو لغيرها أن تعادى القطاع الأكبر من المصريين دون أن تدفع ثمنا باهظا من مصالحها فى الإقليم عندما تبدأ سيناريوهات تقسيم النفوذ والقوة وربما رسم خرائط جديدة بعد انتهاء الأزمة السورية والحرب على «داعش».
فى الحرب مع الإرهاب مالت القمة إلى الكلام المعتاد دون أى اقتراب من تعريف الإرهاب وتحديد منظماته وسبل مواجهتها.
بالنسبة للسعودية فحزب الله«إرهابى» بالنظر إلى دوره فى الدعم العسكرى ل«النظام السورى» وتقليص حضورها فى لبنان.
عندما تبدأ الحسابات الأخيرة فى الأزمة السورية فإن هذا التصنيف لن يكون له محل فى أى نقاش.
بكلام آخر فالأزمة السورية هى الأزمة المركزية فى العالم العربى التى ترتهن لها كل الأزمات الأخرى.
بسبب ارتباطها بتفاقم ظاهرة الإرهاب اكتسبت أولوية كبرى فى كل الحسابات وموضوعا لتنازع النفوذ الدولى والإقليمى فوق خرائطها.
إن لم تكن هناك سياسة عربية واحدة بالشأن السورى فلن تكون هناك مثل هذه السياسة بأى ملف آخر ولا أمل فى حلحلة أية أزمة عربية.
كمثال لن توقف إيران ضغوطها على حلفائها الحوثيين حتى لا يتوصلوا إلى أية تسوية قابلة للحياة للأزمة اليمنية.
لا تسوية فى اليمن قبل التسوية فى سوريا، والحل النهائى ربما يكون أقرب إلى الصفقات المتكافئة.
بالنسبة للسعودية اليمن أولويتها حيث خاصرتها الجنوبية.
وبالنسبة لإيران الأولوية سوريا حيث أمنها القومى المباشر.
بتلخيص ما لن يتحرك أى شىء آخر بعيدا عن مدار الأزمة السورية من الأزمتين العراقية والليبية حتى الشغور الرئاسى فى لبنان.
بسبب الإنهاك المفرط فى عالم عربى ممزق مالت قمة «نواكشوط» إلى تجنب الخلافات أو تقليل حدتها حتى تمر قراراتها حتى بدت بلا لزوم.
كأن الأمر انتحارا على مشانق القمم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.