انضمام 12 عالمًا من جامعة المنصورة إلى عضوية اللجان الوطنية بأكاديمية البحث العلمي    توزيع مستلزمات مدرسية على الطلاب الأكثر احتياجا في دمياط    محافظ البحر الأحمر: 75% من إنتاج بترول مصر يخرج من رأس غارب    تعرف على موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    الهيمنة الصينية على المعادن النادرة تدفع الولايات المتحدة للتحرك بحثًا عن بدائل استراتيجية    أوباميانج يقود مارسيليا أمام سبورتنج لشبونة بدوري أبطال أوروبا    غدًا.. قائمة الخطيب تعقد ندوتها الثالثة بفرع الأهلي بمدينة نصر    أتلتيك بيلباو يقلب الطاولة على كاراباج ويفوز بثلاثية في دوري أبطال أوروبا    السيطرة على حريق بمخزن كرتون بالقليوبية دون خسائر في الأرواح    محافظ جنوب سيناء: «الكلمة الحرة المسؤولة خط الدفاع الأول عن هوية الوطن»    بعد طرح البوستر الرسمي.. تفاصيل مثيرة عن فيلم «قصر الباشا» بطولة أحمد حاتم وحسين فهمي    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    آرسنال يتصدر قائمة الأندية الأكثر تمثيلاً بين أغلى 100 لاعب في العالم    نقابة الصحفيين تطالب الحكومة بتعيين المؤقتين في المؤسسات القومية    أمين حزب الجبهة الوطنية بسوهاج يتقدم بالاستقالة    متحدث الوزراء: الإعلان عن طرح عدد من الشركات قبل نهاية العام    دوري أبطال أوروبا، شوط أول سلبي بين توتنهام وموناكو    كوبارسي: الجماهير تحب الانتصارات الكبيرة في الكلاسيكو لكننا لا نفكر في ذلك    صندوق استصلاح الأراضى بالوادى الجديد يوافق على جدولة ديون المشروعات الزراعية    بالأسماء، إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالدقهلية    صور| مصرع شابين سقط بهما مصعد كهربائي بطنطا    حملة مكبرة برأس البر لرفع الإشغالات وغلق الجراجات المخالفة وإعادة الانضباط    رئيس جامعة بنها يطمئن على طلاب كلية الفنون التطبيقية المصابين في حادث أسوان    تعرض موكب رئيس الحكومة الليبية لحادث سير ووفاة أحد أفراد الحراسة    زاب ثروت وهشام عباس ومني الشاذلي يشاركون في حفل الإعلان عن Grammy house GIza 2026    أكرم القصاص: مصر الحليف الأنسب والقوى للاتحاد الأوروبى ولا بديل لها    تكريم رائد المسرح المصرى السيد بدير فى أكاديمية الفنون الأحد    المتروبوليتان يحتفى ب «آلهة مصر القديمة»    آينتراخت ضد ليفربول.. محمد صلاح خارج تشكيل الريدز فى دورى أبطال أوروبا    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    هل يجوز احتساب جزء من الإيجار من زكاة المال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز للمرأة زيارة القبور؟ أمين الفتوى يجيب    ممثل الصحة العالمية: برنامج مكافحة الدرن فى مصر رفع نسبة الشفاء لتتجاوز 88%    استشاري تغذية يحذر من أضرار استخدام الإير فراير في الطهي يوميا    حصول 26 منشأة صحية على الاعتماد وفقا لمعايير هيئة الإعتماد والرقابة الصحية    أنغام تحيي حفلا غنائيا في أوبرا الكويت نوفمبر المقبل    مدرب الاتحاد: تعرضنا للظلم أمام الأهلي    "وان أوف وان" تطلق مشروعين جديدين في الشيخ زايد والتجمع السادس    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    مصر تستضيف تنصيب الرئيس الجديد لبنك التصدير الأفريقي «أفريكسيم بنك»    «التنظيم والإدارة»: «الوزراء» وافق على تخصيص جلسة مسائية للمتخلفين عن اختبارات التعيين    إعلام عبري: حماس لا تزال تمتلك مئات الصواريخ القادرة على الوصول إلى وسط إسرائيل    بعد أزمة مواجهة برشلونة وفياريال.. الدوري الإيطالي يتمسك بإقامة مباراته في أستراليا    ننشر منطوق حكم كروان مشاكل بسب وقذف ريهام سعيد    "مكافحة انتشار المخدرات" فى ندوة بطب بيطري أسيوط    تعليم قنا: انتهاء عصر الانتقال الآلي من صف إلى آخر    محكمة العدل الدولية تجدد الدعوة إلى إعمال حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإنشاء دولته المستقلة ذات السيادة    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر وغانا في تصفيات كأس العالم للسيدات    "واقع مزيف" يتوسع بصمت.. تحذير من الذكاء الاصطناعي    وزير الخارجية الإسرائيلي: لا يوجد لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة وممتنّون لإدارة ترامب على دعمها الثابت لإسرائيل    مجلس كنائس مصر: مؤتمر الكهنة والرعاة جسد رسالة الكنسية في خدمة الإنسان والمجتمع    الكنيست الإسرائيلي يقر مقترح قانون ضم الضفة الغربية بالقراءة التمهيدية    مرض الجدري المائي.. الأعراض وطرق الوقاية    فئات ممنوعة من أداء مناسك الحج    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    اكتشافات بترولية جديدة بالصحراء الغربية    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    تعرف على الأخبار المتوقعة اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صعوبة التحول إلى دولة مدنية حديثة
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 07 - 2016

كما يشير علماء الفكر السياسى ارتبط مفهوم المواطنة بظهور الدولة الحديثة واستقرار أركانها، وهنا أيضا يؤكد علماء الفكر السياسى أن قدوة الدولة الحديثة واستقرار أركانها، فى الحفاظ على سيادتها وحدودها واحتكارها للقوة وفرض الاستقرار الاجتماعى، وقدرتها على إدارة صراع المصالح وتعارضها بين مختلف الفئات الاجتماعية بشكل رشيد يرتبط بقدرتها على تطبيق القانون وفرضه، والقانون هنا يعنى بالأساس قانون الدولة المدنية الحديثة الذى يعكس توازن مصالح كل مواطنيها دون تمييز أو استبعاد، وحيث يتم بإعماله تجاوز كل أشكال الحل الاجتماعى السابقة على الدولة المدنية الحديثة مثل العرف والعادات وجميع أشكال الحساب أو التجريم الموجودة خارج المدونة القانونية، والتى قد تتمتع بدرجات من النفوذ الأدبى ولكنها لا تمتلك أى سلطة ملزمة لها قوة القانون.
لهذا يعتبر تراجع قوة القانون والقدرة على تطبيقه لصالح الأشكال الأخرى ذات الطابع العرفى وغير المقنن «مثل القضاء العرفى / مجالس المصالحة»، والذى يضرب أساس المساواة فى مجتمع الدولة الحديثة وهو أيضا أحد عوامل تدمير حقوق المواطنة، وهو كذلك أحد مؤشرات ضعف الدولة وتراجع قوتها، بل يعطى المبرر أمام من يرى «فرد / أو جماعة» عدم جدوى وقدرة مثل هذه الأشكال والأساليب العرفية فى استعادة حقه أو انحيازها فى مواجهة الحصول عليها، للبحث عن أساليب أخرى لاستعادة حق يعتقد أنه استلب منه، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام حالة من الفوضى العارمة التى تدمر كل مؤسسات وانجازات الدولة المدنية الحديثة بعد أن سقط قانونها وهيبتها.
والطابع العرفى فى حل المشاكل لا يطبق على الجرائم من حرق البيوت وتخريبها واخراج الناس من بيوتهم، لأن الجلسات العرفية لا تصلح إلا فى حالات الخصومة بين العائلات او الخلاف بين الأزواج.
هذا المنطق الذى يربط بين غياب القانون وعدم القدرة على تطبيقه وضعف الدولة وهشاشة بنيتها وشيخوختها يمتد لجميع المشكلات التى يواجهها أى مجتمع سواء كانت مشكلات ذات طابع اقتصادى أو اجتماعى أو ثقافى، ويصبح التأثير السلبى مضاعفا إذا اقترن هذا بمشكلات ذات طابع طائفى تهدد وتضرب منذ البدء تماسك الأمة ووحدتها، ويزداد مستوى التأثير السلبى خطورة إذا كانت الدولة بنفسها تتطوع وتتنازل عن تطبيق القانون رغم أن هذا فى مقدرتها.
وهو ما تكرر فى العديد من محافظات مصر من المنيا إلى سيدة الكرم إلى العامرية، ورغم أن هذا الملف بكامله فى يد أجهزة الأمن وهى المنوطة بتطبيق القانون منذ البداية إلا أن الأمر ينتهى فى كل مرة بجلسة مصالحة عرفية لتطييب الخواطر تقف أجهزة الأمن وراء ترتيبها، ويكون شرط انعقادها هو الإفراج عمن ألقى القبض عليهم بتهمة التورط فى الأحداث مع وعود بتعويض المضار، وهى تعويضات إذ تمت لا يتحملها من ارتكب جرائم التخريب والتدمير، مما يعمق الإحساس بالمرارة والظلم لدى المضار، ويفتح شهية مرتكبى هذه الجرائم بعد سقوط سيف القانون لارتكاب المزيد منها أو تشجيع آخرين على تقليدهم، وهو ما يؤكده تواتر انفجار هذه الاحتقانات على مدى زمنى متقارب.
وهنا دعونا نطرح بعض الأسئلة:
أين دور الأجهزة الأمنية فى ضبط المتورطين حقيقة فى مثل هذه الجرائم وتقديمهم للنيابة العامة؟ ولماذا نترك الأحداث حتى تصل إلى هذا المستوى من العنف، فى الوقت الذى يحاصر فيه أى نشاط ديمقراطى ذى طابع احتجاجى بالآلاف من قوات الأمن المركزى وضباط أمن الدولة؟
لماذا لم يقدم المشاركون فى هذه الجرائم والتى تمثل اعتداء صريحا على الممتلكات والأنفس بالمخالفة للقانون للقضاء لمحاكمتهم بشكل عادل وإصدار الأحكام الرادعة على من يثبت تورطه فيها بصرف النظر عن ديانته أو موقعه الاجتماعى أو الدينى؟
لماذا تتساهل الأجهزة الأمنية والتى تعلن فى كل لحظة عن قبضتها الخشنة فى مواجهة المواطن العادى أو الناشط السياسى مع مرتكبى جرائم الترويع والتخريب تلك وسرعان ما يطلق سراحهم؟
ماذا سوف يحدث إذا طبق القانون بحزم وعدل على الجميع وعرف كل من تسول له نفسه ان الاعتداء على ممتلكات الغير أو انتهاك حقه فى الأيمان بمعتقد سوف يلقى جزاء رادعا لا تسامح ولا تهاون فيه لأنه حق المجتمع؟
ما هو مصيرنا إذا وقر فى ذهن العامة أن إهانة دين أو اعتداء على دار عبادة أو ممتلكات مخالف فى العقيدة تسامح معها الدولة والمجتمع ولا عقوبة حقيقية على مرتكبها؟
ما هو مصيرنا كمجتمع إذا أصبحت ثقافتنا السائدة أن القانون يسن للضعفاء، وأنه عند من لديه قدر من القوة أو النفوذ لا يساوى ثمن الحبر الذى كتب به؟
ما هو مصير مجتمعنا إذا أصبح كل منا عليه حماية حقوقه وممتلكاته وحريته بنفسه وبقوته التى عليه أن يتدبرها بثروته أو بنفوذه أو من خلال عائلته وعصبيته أو ل ااحتماء بطائفته الدينية أو العرفية؟
هذا نداء واستغاثة بكل عقلاء هذا الوطن وكل رشيد وعاقل فى مؤسسات الحكم، لا تقذفوا بوطننا إلى الفوضى التى سوف ندفع جميعا ثمنها، احرصوا على إعادة هيبة الدولة واحترام القانون، ولتكن تلك مهمتنا الأولى.
أما إذا استمروا فى سياسة خرق القانون وتعطيله فليس علينا إلا الدعاء «عليه العوض ومنه العوض» وعلينا من الآن أن نستعد لمواجهة الفوضى التى ستغرقنا جميعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.