الدبلوماسية المصرية الهادئة وزيارات مبعوثى الرئاسة ساهمت فى تغيير الصورة لدى الدول الأفريقية تعرضت علاقة مصر بالاتحاد الأفريقى لهزة عنيفة فى أعقاب اندلاع ثورة 30 يونيو وإعلان خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية فى 3 يوليو، مع اتخاذ مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقى قرارًا بتجميد عضوية مصر فى أنشطة الاتحاد، ما تسبب فى غيابها لأول مرة منذ أكثر من 50 عامًا عن فاعليات القمة الأفريقية. وجاء التعليق العضوية كإجراء معتاد يتخذه الاتحاد الأفريقى عند تعطيل الحكم الدستورى فى أى دولة عضو فيه، وهو ما بدا فى تصريح ادمورى كامبودزى أمين عام مجلس السلم والأمن آنذاك. ورغم شعور مصر ب«الأسف الشديد» إزاء القرار، الذى أكدت وزارة الخارجية أنه اتخذ بناء على معلومات لا تمت للواقع بصلة ودون الأخذ فى الاعتبار حقيقة أن ما حدث فى 3 يوليو كان نتيجة مطلب شعبى جسده خروج عشرات الملايين من المصريين للشوارع للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. إلا أن الدبلوماسية المصرية وما تتمتع به من حنكة ومرونة استطاعت أن تتجاوز ذلك القرار سريعا، وهو ما تجسد فى مشاركة الرئيس المؤقت عدلى منصور فى القمة العربية الأفريقية والتى عقدت فى الكويت (19 20 نوفمبر 2013)، فضلا عن إرسال مبعوثين رئاسيين إلى العواصم الأفريقية ذات الثقل من أجل توضيح حقيقة الأوضاع عقب ثورة 30 يونيو وشرح الخطوات المتخذة بشأن تنفيذ خارطة الطريق، ولحشد التأييد لرفع قرار تجميد عضوية مصر. كما استقبلت القاهرة زيارات متكررة للجنة الاتحاد الأفريقى رفيعة المستوى لمصر برئاسة ألفا عمر كونارى، رئيس مالى الأسبق. وتدريجيا بدأ يطرأ تغير واضح فى لهجة بيانات مجلس الأمن والسلم الأفريقى، ومن أبرزها البيان الصادر فى آخر يناير 2014، الذى أعرب فيه المجلس عن أمله فى تحقيق المصالحة بين كل أبناء مصر وأن يتم تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية. وتوجت الجهود المصرية باعتماد المجلس فى 25 يوليو 2014، قرارا يقضى بعودة مصر إلى أنشطة الاتحاد الأفريقى بعد قرابة عام من التجميد، فى اعتراف واضح بأن ما حدث فى 30 يونيو ثورة شعبية، وأن الجيش ساند الإرادة الشعبية المصرية التى خرجت فى الشارع. ومع انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيسا لمصر، اتخذت العلاقة مع الاتحاد الأفريقى منحى جديدا أكثر تعاونا، دشنه مشاركة الرئيس فى الدورة ال23 للقمة الأفريقية بعاصمة الغينية الاستوائية مالابو (26 27 يونيو 2014) كأولى مشاركاته فى محفل إقليمى أودولى بعد انتخابه، وقد حظى بترحيب بالغ من جانب رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقى نكوسازانا زوما فى كلمتها أمام الجلسة الافتتاحية للقمة قائلة «إننا نرحب برئيس مصر الرئيس عبدالفتاح السيسى وبعودة مصر إلى أسرة الاتحاد الأفريقى». وتوجد ثمة مؤشرات عدة على عودة الدور المصرى بقوة فى القارة السمراء، لعل أبرزها تولى الرئيس السيسى رئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المناخ، وإلقاؤه بيانا نيابة عن أفريقيا فى قمة المناخ بباريس فى 30 نوفمبر الماضى عبر خلاله عن مصالح القارة وتوجهاتها إزاء تلك القضية الشائكة، وكذلك فوز مصر كممثلة عن شمال أفريقيا بمقعد غير دائم فى مجلس الأمن الدولى لمدة عامين، إذ تؤكد ممارسة القاهرة الفعالة لمهام عضويتها حتى الآن، أنها تضع فى أولوياتها الدفاع عن قضايا القارة الأفريقية، والسعى لإنهاء النزاعات فيها وفى مقدمتها الأزمة الليبية. وأخيرا فوز مصر بعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى لمدة 3 أعوام.