انتقد الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي فكرة العيش بالمظلومية من قبل من يصورون أنفسهم على على أنهم ضحايا لمؤامرات الآخرين، معتبرًا أن ذلك محاولة من جانبهم لإراحة ضميرهم، حتى يبعدوا عن أنفسهم شبهة التقصير. وأضاف "خالد" خلال برنامجه "الإيمان والعصر.. طريق للحياة"، المذاع على قناة "إم بي سي مصر"، الثلاثاء، أن هؤلاء الأشخاص يتذرعون دومًا بالظروف والأعداء والظالمين والحاقدين والفاسدين، ما أدى إلى تحول" المظلومية" إلى حقنة مخدرة، يلجأوا إليها للهروب من تحمل المسئولية، أو حقنة للكراهية والعنف والغضب". وأكد أن الكثير من الأفكار الإسلامية مسؤولة عن انتشار فكرة المظلومية، بعدما روجت لفكرة المؤامرة على الإسلام من الغرب، وأن هذا هو السبب الأساسي في كل ما يعانيه المسلمون من أزمات ومصائب وكوراث، حتى صارت عقول الشباب المرتبط بهذه الأفكار تسبح في فراغ نظرية المؤامرة، وصارت ترى العالم بهذه النظارة السوداء القاتمة. وتابع: "نحن لاننكر أن هناك مؤامرات وليست مؤامرة واحدة على شعوبنا وبلادنا، لكن هذه طبيعة الحياة، فمنذ خلق الله آدم وكل قبيلة أو أمة لها مصالح تتعارض مع مصالح قبيلة أو أمة أخرى تدبر لها المكائد، لكن الحل يكمن في التخطيط لبناء الذات لتقويتها؛ وبالتالي إضعاف المؤامرات". وأوضح أن "القرآن عالج تلك المشكلة بالدعوة إلى بناء النفس، كأفضل طريق للانتصار على الأعداء"، قائلا: "بعد انكسار المسلمين في غزوة أحد، فكر الصحابة بنفس الطريقة، وكان الرد القرآني الحاسم عليهم بآية نزلت تعلمهم تحرير العقل من إلقاء الأخطاء على شماعة الأخرين، ليقول الله (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)". وطرح خالد الحل البديل من الإسلام عبر ما أسماه ب "الفاعلية الرحيمة"، من خلال التركيز على النفس، وتحويل الغل والكراهية والعنف إلى فاعلية رحيمة، وهي التي تخلق الإيجابية مع الرحمة والتسامح. وضرب مثلاً بما تعرض له يوسف عليه السلام من جانب أخوته، من معاناة وظلم منذ الصغر، ومع ذلك لم يرد في سورة "يوسف" أي كلمة يشكو فيه من الظلم الواقع عليه، لأنه اختار بديلا آخر هو الفاعلية الرحيمة، فتعلم الاقتصاد وهو في بيت العزيز، وعندما قبل بتفسير الرؤيا لم تكن لديه طلبات مقابل ذلك، كما أنه أصلح أخوته وأتى بهم إلى مصر وعززهم، قائلا: "إن ما فعله سيدنا يوسف هو الفاعلية الرحيمة". وشدد "خالد" على ضرورة مواجهة نفسية الصراع وعقدة الاضطهاد عند المتدينين، وإصرارهم على إلقاء الأخطاء على شماعة الظرو، بحيث يتم تحويل كل هذه المشاعر السلبية إلى شعور إيجابي يخلق شخصية تتحمل المسئولية، ولا تعرف الغل والكراهية. وقال إن "الفاعلية الرحيمة لا تعني أنه ليس هناك ظلم أو مؤمرات في الحياة، لكنها تضع طريقة للتعامل مع هذا الظلم بشكل عملي فعال ناجح"، مطالبًا بمواجهة فكرة العالم ضد الإسلام والإسلام ضد العالم، وكذا مواجهة آلاف الشباب الدائم الشكوى لظروف الحياة وظلم المجتمع بالفاعلية الرحيمة.