نتائج انتخاب هيئات مكاتب اللجان النوعية بمجلس الشيوخ    سعر الذهب اليوم في مصر الأحد 26 أكتوبر 2025.. استقرار في بداية التعاملات    عاجل- رئيس الوزراء يفتتح مصنع "كمت للصناعات التكاملية" المتخصص في إنتاج الإيثانول بالسخنة    كجوك.. فى حوار مفتوح مع قيادات وزارة المالية خلال ملتقى التخطيط الاستراتيجي:    القاهرة الإخبارية: استمرار هجمات المستوطنين رغم نفي واشنطن لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة    مقتل 3 أشخاص وإصابة 29 آخرين جراء هجوم روسي على كييف    "جيروزاليم بوست": إسرائيل تعتقد أن عددًا من جثث الرهائن ربما تكون موجودة في مناطق الخط الأصفر الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي    مديرية الشباب بدمياط تعتمد 10 جمعيات عمومية    قمة إنجليزية منتظرة.. مانشستر سيتي في اختبار قوي أمام أستون فيلا اليوم    الداخلية تكشف تفاصيل اعتداء سائق على قائد ميكروباص    فيديو لطفل يشهر سلاحًا أبيض ويطلق ألفاظًا خارجة.. والداخلية تكشف الحقيقة    السوشيال ميديا تحتفي بعودة محمد سلام إلى الساحة الفنية بعد غياب عامين    الموت يفجع الفنانة فريدة سيف النصر.. اعرف التفاصيل    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    مدير تعليم بورسعيد يتابع بدء المرحلة الثانية لبرنامج تطوير اللغة العربية بالمدارس    حزب التجمع بختار السيد عبد العال ممثلا للهيئة البرلمانية بالشيوخ    ضبط 105 كيلو جرامات من اللحوم الفاسدة في حملة بيطرية مكبرة بدمياط    الداخلية تكشف ملابسات تعدي سيدة على أحد الأشخاص بألفاظ وإشارات خارجة بالقاهرة    رئيس الوزراء يغير مسار جولته بالسويس ويتفقد مدرسة "محمد حافظ" الابتدائية    أموريم: ما حدث في أولد ترافورد بعد هدفنا الثالث أمام برايتون كان استثنائيا    «هابي بيرث داي» يكتب فصلًا جديدًا في نجاح السينما المصرية    مركز الازهر للفتوى :الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا يعد جريمة في ميزان الدين    وكيل صحة كفر الشيخ يناقش تعزيز خدمات تنظيم الأسرة بالمحافظة    "هيتجنن وينزل الملعب" | شوبير يكشف تطورات حالة إمام عاشور وموقفه من تدريبات الأهلي    أبو الغيط عن حكومة نتنياهو: لن تستمر طويلا وإرادة الرئيس السيسي الحديدية أفشلت مخطط التهجير    الدعم السريع يعلن السيطرة على مقر للجيش بالفاشر| ماذا يحدث بالسودان؟    ماذا على جدول ترامب فى جولته الآسيوية؟.. صفقات وسلام وتهدئة لحرب تجارية    محمد صلاح ينافس على جائزة أفضل لاعب في العالم 2025    فيديو.. الأرصاد: طقس خريفي مستقر على مدار الأسبوع    مصرع طالبة سقطت من الطابق الثالث في مغاغة بالمنيا    محافظة أسوان تعطى مهلة أخيرة لأصحاب طلبات التقنين حتى نهاية أكتوبر    قرار وزاري يمنح موظف ب كفر الشيخ صفة الضبط القضائي (تفاصيل)    بدء فعاليات المبادرة الرئاسية «تمكين» لذوى الهمم بجامعة بنها    إجازة افتتاح المتحف المصري الكبير.. هل هي ليوم واحد أم ستصبح سنوية؟    محافظ الإسماعيلية ورئيس قصور الثقافة يفتتحان الدورة 25 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    موعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد و برشلونة في كلاسيكو الأرض بالدوري الإسباني    رئيس الوزراء يتفقد مستشفى دار صحة المرأة والطفل بالسويس ويؤكد: تطوير المنظومة الصحية على رأس أولويات الدولة    ولادتان قيصريتان ناجحتان في ظروف دقيقة بمستشفى أشمون العام    رئيس جامعة المنيا: «وطن السلام» رسالة مصرية تؤكد دور الدولة في صناعة السلام    عاجل- التضامن تخصص 12 ألف تأشيرة حج لأعضاء الجمعيات الأهلية لعام 2026    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    ب«79 قافلة طبية مجانية».. الشرقية تحصل على الأعلى تقييمًا بين محافظات الجمهورية    «واشنطن بوست»: ترامب يصعد التوترات مع كندا برفع الرسوم الجمركية    روزاليوسف.. قرن من الصحافة الحرة وصناعة الوعى    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    مصر للتأمين تسدد 200 مليون جنيه دفعة أولى للمصرية للاتصالات    عدم إعادة الاختبار للغائب دون عذر.. أبرز تعليمات المدارس للطلاب مع بدء امتحانات أكتوبر    أطعمة تعزز التركيز والذاكرة، أثناء فترة الامتحانات    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 26-10-2025 في الصاغة بعد ارتفاعه 30 جنيهًا    أسعار الأسماك اليوم الأحد 26 أكتوبر في سوق العبور للجملة    صابر الرباعي يحيي ذكرى محمد رحيم بأغنية «وحشني جدًا» في ختام مهرجان الموسيقى العربية    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    محمد الغزاوى: أخدم الأهلى فى جميع المناصب ونمتلك أقوى لاعبى اسكواش بأفريقيا    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسلمة المناهج التعليمية الأردنية

ينتقد الكاتب موسى برهومة طرق تعليم أحكام الدين وقواعده فى العالم العربى ويطالب بإعادة كتابة المناهج كلها بحيث تتماشى مع وسائل التربية الحديثة، والتركيز على تزويد الطلبة فى المراحل الأساسية واللاحقة بمفاهيم إسلامية عليا وقيم إنسانية تبتعد عما يشوش ذهن الطلبة، بعيدا عن وسائل التهديد والترويع، والقصص التى تسحبهم إلى فضاءات الميتافيزيقا التى لا تتناسب وأعمارهم ونضوجهم العقلى.
كانت الصورة المعلقة على جدار إحدى المدارس الابتدائية مرعبة حقا. كان يكفى النظر إليها، من دون تأملها، أن يبعث الفزع فى النفس. كانت الصورة المعنونة ب«عقوبة تارك الصلاة» عبارة عن طفلتين صغيرتين ميتتيْن، الأولى (محافظة على الصلاة) مستلقية بكل وداعة على ورق أخضر ويشع منها النور، والثانية (تاركة الصلاة) متفحمة مشوهة، ملطخة بالدماء، ملتفة أفعى عليها، ومحاطة بحجارة سوداء من سجيل.
بهذه. سألنى أطفالى عن النار والجنة، ولطالما استغرقوا فى وصف جهنم بناء على كلام المعلم/ المعلمة، وليس فى درس التربية الدينية، وحسب بل فى كل الدروس، حتى فى درس الرياضة والفن!
إحدى معلمات التربية الإسلامية فى إحدى رياض الأطفال الشهيرة، فى العاصمة الأردنية عمان، كانت تصف المسيحيين ب«النصارى الكفار»، وتحض الفتيات الصغيرات على الصلاة، وارتداء الحجاب، وإلا شُوين بنار جهنم!!
وشكا خبراء تربويون أردنيون، من سطوة هذا التفكير التأثيمى فى المدارس ورياض الأطفال، فضلا عن غياب الفن والموسيقى والتفكير المنطقى العلمى عن المناهج المدرسية، فى مقابل «الحديث المتواصل عن الجهاد وما ينتظر المجاهدين فى الآخرة، وأن المسلم مطالبٌ بالجهاد فى كل ربوع الدنيا»، فضلا عن التطرق لعذاب القبر والجنة والنار وتغييب القانون، والإكثار من الكلام عن فضائل إطاعة الزوجة للزوج، من دون أن يتم الحديث عن الزوجة كإنسان. وفى الواقع فإن المناهج تقدم المرأة بالصورة الذكورية السقيمة التى يتم اختزالها فى كتب المرحلة التأسيسية بدرس: ماما تطبخ، وأبى يقرأ الصحيفة!
غياب التفكير فى الكتاب المدرسى
كما لاحظ أولئك الخبراء فى ندوة عُقدت أخيرا فى عمان «وجود أغلب النساء فى الكتب المدرسية وهن محجبات»، وعدم وجود «أى إشارة لوجود دين مسيحى إلا فى صورة واحدة فى أحد الدروس».
وأظهرت الندوة أن «منهاج التفكير فى الكتاب المدرسى منفى بشكل واضح، وأن صُلح الحديبية، مثلا، كان فرصة لكى يتم الحديث عن قيم الإسلام والتصالح وأهميته، وأن يقال للطالب إن الإسلام ليس دين قتل وتقطيع أشلاء».
ولاحظت الباحثة التربوية دلال سلامة فى موضعين، فى كتابيْ اللغة العربية الصف الأول، والتربية الإسلامية للصف الثالث، أن الأطفال يتعلمون عن التعايش بوصفه قيمة بين المسلمين حصرا، عندما يتعلمون أن المسلم الحق هو من لا يسىء إلى المسلمين الآخرين بلسانه أو يده. وأن المسلم «يحب المسلمين جميعا، ويحافظ على أرواحهم وأموالهم، ويحرص على عدم إيذائهم بقول أو فعل»، وأن المسلم «لا يخيف المسلمين برفع صوت أو تهديد بعصا أو سلاح».
كما رصد الخبير التربوى الدكتور ذوقان عبيدات كتابَ «الثقافة العامة» فتبين له أن الطلبة فى درس «العلوم الحديثة» يُلقنون أن لهذه العلوم «فوائد فى الزراعة وغيرها، ولكنها أشغلت الناس بالاضطرابات ودمرت الحضارات، ونشرت العلمانية والمادية، وشكلت مدنا ضخمة. وأبعدت البشر عن العبادة والدين والعائلة والطبيعة والشرف والحب والصداقة. وزادت الطلاق والمخدرات، ودمرت البيئة».
دور المعلمين المحورى فى تشكيل وعى الطلبة
ويعزو الباحث والخبير التربوى حسنى عايش ذلك إلى «سيطرة الإسلاميين على وزارة التربية والتعليم لعقود، فكانت النتيجة أسلمة المناهج الأردنية، حتى إن الأسلمة امتدت إلى المواد العلمية كالفيزياء والأحياء والكيمياء، إذ تبدأ كل وحدة دراسية لهذه المواد بآية قرآنية، أو حديث نبوى يربط بين العلم والدين».
وفى مقالة نشرتها صحيفة «الغد» بعنوان «أكاذيب وتوجيهات خطيرة فى الكتب المدرسية الأردنية» تكشف الكاتبة والشاعرة زليخة أبو ريشة، أنه فى كتاب التربية الدينية للصف العاشر ورد ما يلى:
«فسِر إيراد البخارى رحمه الله تعالى لحديث رسول الله (ص): «أُمِرتُ أن أُقاتل الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنَ محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاةَ ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله». فى كل من كتاب الإيمان واستتابة المرتدين والجهاد والاعتصام بالكتاب والسنة.
وتعلق أبوريشة على ذلك: «ولا حاجة بنا إلى القول كم هو حجم شحنة العنف التى يتضمنها إيرادُ هذا الحديث، ومقدار التربُص الذى يضمره مؤلفو الكتاب بمن لا يؤمن إيمان المسلم، ومن لا يؤدى شعائر الإسلام! فمفاهيم مثل: القتال، المرتد، الجهاد، هدر الدماء، استباحة الأموال، الإيمان عنوة مقابل سلامة الروح والمال، وإقامة الصلاة رغم الأنف، كلها مفاهيم لا تؤدى إلى مجتمعٍ «متسامح» ولا إلى «إسلام سمح»، ما دام التلامذة يتعلمون أن عليهم رفع السيف على من لا يؤمن إيمانهم!».
ويحذر الخبراء التربويون مما يسمونه «المنهج الخفى»؛ أى دور المعلمين المحورى فى تشكيل وعى الطلبة، سلبا أم إيجابا، وهو أمر ربما لا يتم إيلاؤه ما يحتاجه من عناية فائقة وتدقيق حثيث.
وتتصاعد الشكاوى من أن المدرسات والمدرسين، على وجه العموم، لا صلة لهم بالعلم ولا بروح الدين، ولا بألف باء اللغة العربية والتربية الرشيدة، وتراهم معبأين بالعقد النفسية والاجتماعية، وغير مؤهلين لا للتربية ولا للتعليم، ويحتاجون إلى تأهيل، وإعادة برمجة ذهنياتهم وأجهزتهم العصبية والمعرفية، بحيث تنسجم مع روح العصر، وإيقاع التحولات العميقة التى عصفت بمناهج التربية ووسائل التدريس الحديثة.
كما أكدت دراسات واستطلاعات أن المناهج المدرسية طافحة ب«الفكر الداعشى» والأفكار المتزمتة، والتصورات المؤسَسة على الخرافة والميتافيزيقا، ونفى الآخر، ونبذ التعايش، ومفارقة العقل والنقد التحليلى، والجهد الفلسفى والمنطقى.
وإذا شئنا البحث فى حلول، سريعة وعاجلة، كى نحمى ما تبقى من المستقبل المتصدع، فإن علينا أن نبحث فى ثلاثة مسارات متزامنة وعاجلة، أولها إعادة كتابة المناهج كلها بحيث تتماشى مع وسائل التربية الحديثة، أسوة بنظيراتها فى مدارس الدول المتقدمة، والتركيز على تزويد الطلبة فى المراحل الأساسية واللاحقة بمفاهيم إسلامية، وقيم إنسانية تبتعد عما يشوش ذهن الطلبة، ويجعل الدين أمرا عاديا فى حياتهم، بعيدا عن وسائل التهديد والترويع، والقصص التى تسحبهم إلى فضاءات الميتافيزيقا التى لا تتناسب وأعمارهم ونضوجهم العقلى.
ومن الضرورى أن يتم حقن تلك المناهج بوسائل التفكير العلمى، وقواعد النقد العقلانى، والتحليل والجدل والمنطق، والفلسفة.
أما المسار الثانى فمتصل بالمعلمين الذين يتعين انتقاؤهم بعناية فائقة، وَفق شروط محكمة، لا سيما أولئك الذين يدرسون المراحل الأولى. كما يتعين الارتقاء بأحوال المعلمين، وتحسين رواتبهم ومزاياهم حتى يتفرغوا لهذه المهنة المقدسة، ولا ينشغلوا بمتاعب الحياة وأوجاعها.
وتأتى التشريعات فى المسار الثالث، لأنها هى الضابط للمسارين الأولين، فكل من يتجاوز قواعد التدريس الصحيحة، وكل من يخل بما هو مطلوب، أو يسعى إلى «تسميم» عقول الناشئة، أو تسريب آرائه الأيديولوجية أو السياسية إليهم، أو تشويه صور الأديان الأخرى، فإن على القانون أن يشكمه ويردعه ويقدمه للمحاكمة، لأن من يُفسد عقل طفل صغير يُفسد أمة بأكملها، ويُضرم النار بالمستقبل.
موسى برهومة
ينشر المقال نقلا عن موقع «قنطرة»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.