استيقظ سكان وجيران العقار رقم (10) بشارع النبراوي المتفرع من شارع شامبليون بوسط البلد والمشيد منذ 1920، على انهيار جزء منه كان متوقعا سقوطه منذ فترة، حسبما قال أصحاب الورش أسفل العقار، وكذلك طالبات مدرسة طلعت حرب الثانوية الصناعية للبنات، اللاتي كن أكثر المتضررات، لتعرض أحد مباني المدرسة الملاصقة للعقار للانهيار أيضا. وبرغم الهلع الذي أصاب المتواجدون بالمكان، إلا أنه لم تقع خسائر بشرية في الأرواح، وإنما سقط جزء من العقار الذي حمل ذكريات ساكنيه وخسائر في ممتلكاتهم. شارع النبراوي، الذي وقع فيه الحادث، كان يعج بطالبات مدرسة طلعت حرب الثانوية للتعليم الفني والفارين من المدرسة خوفا من تداعيات سقوط البناية السكنية، وكثرت الأحاديث الجانبية فيما بينهم وطرحوا العديد من التساؤلات على أنفسهن؛ كان أهمها: متى سنعود للمدرسة مرة أخرى؟ وكيف حال زميلاتنا في الفترة الصباحية؟ ذعر وتوقف للدارسة قالت إحدى طالبات الفترة المسائية بالمدرسة: "جئنا في موعدنا المخصص للفترة المسائية وتفاجئنا بما حدث، وعلمنا أن فصلين من قسم التجميل تعرضا للانهيار لملاصقتهما للمبنى المنهار، وأخبرت إدارة المدرسة طالبات الفترة الصباحية بضرورة إخلاء الفصول والذهاب إلى منازلهم وعدم استئناف الدراسة إلا بعد إخطارهم باستقرار الأمر وعدم وجود خطورة على الطالبات، خشية من تأثر مبنى المدرسة بما حدث". طالبة أخرى قالت ل«الشروق»، إن عددا من الطالبات المتواجدات في فصلي قسم التجميل الملاصق للعقار المنهار أصبن بكدمات وحالات اختناق، وعلى الفور جاءت سيارات الإسعاف لنقلهن إلى المستشفيات لإنقاذهم، مؤكدة عدم وجود وفيات بينهن. وأوضحت إحدى الطالبات ل«الشروق»: "من حوالي أسبوع فيه حجارة كبيرة بتقع من البيت ده، وفي المدرسة قالوا لنا مندخلش من الباب اللي قصاد البيت اللي في شارع نبراوي، وندخل من الباب التاني اللي في شارع كريم الدولة، لكن مش كلنا كنا عارفين، يعني المدرسين كانوا بيبلغونا بشكل فردي ومش من خلال الإذاعة الصبح، فمثلا البنات اللي بتحضر في الفترة المسائية معندهمش طابور صباح ومش كلهم كانوا عارفين أن فيه قلق من البيت اللي جنب المدرسة". فيما أضافت أخرى أنها أبلغت أحد مدرسيها بخوف الطالبات من التوافد على الفصول المجاورة للعقار المنهار، إلا أنه لم يهتم لشكواهم، على حد قولها. "عودوا حالا إلى بيوتكم عشان أهاليكم يطمنوا عليكم، منتظرين إيه وترجعوا يوم الأحد"، هكذا كانت توجه إحدى معلمات قسم الإلكترونيات بمدرسة طلعت حرب، والتي بدى على وجهها الخوف، حديثها للطالبات التي تمركزت بالقرب من مقر المدرسة لتنصحهم بالابتعاد عن مكان الحادث حرصا على حياتهم. وقالت مدرسة قسم الإلكترونيات إن "المبنى انهار في حدود الساعة العاشرة أو الحادية عشر صباح اليوم، ولم نستطع تحديد التوقيت نظرا لهول المفاجأة والرعب الذي لحق بنا بعد سقوط المبنى، ولذلك نصحنا الطالبات بعدم العودة إلى المدرسة حتى يوم الأحد المقبل، للتعرف على حقيقة الأمر والتأكد من انتهاء الأزمة وعدم انهيار الجزء المتبقي من المبنى". «سكان العقار منتظرين انهياره» حسين عبد العزيز، الذي يعمل بإحدى ورش ميكانيكا السيارات أسفل المبنى المنهار، روى حكايته ل«الشروق» قائلا: "أعمل في هذا المكان منذ أكثر من 25 عاما، وجميعنا على علم بوجود خلافات بين صاحبة هذا المبنى والمستأجرين، فصاحبة العقار تريد هدم البيت منذ فترة طويلة أو بيعه، ولكن كانت مترددة فيما يتعلق بتقييم ثمن الأرض القائم عليه العقار، وفي نفس الوقت رفض المستأجرين عرض الخروج من العقار بدعوى أن المقابل المادي غير مجدي ولكن كان لدينا كأصحاب ورش شعور بخطورة الموقف، وقررنا إبعاد السيارات المقرر إصلاحها بعيدا عن المبنى خوفا من سقوط الحجارة علينا وتعرضنا للخطر". التضامن تحصر الخسائر لتعويض أصحابها تحدث «الشروق» إلى وكيل وزارة التضامن الاجتماعي سلامة سعد نصر، والذي كان متواجدا بمكان الحادث، وقال: "كان يهمنا في المقام الأول عدم وقوع أي اصابات أو حالات وفاة وهو ما تأكدنا منه بالفعل، وقمنا في الحال بتشكيل لجنة دائمة لحصر الممتلكات والخسائر لأصحاب العقار والمتضررين من انهياره وتعويضهم بالمبالغ المالية المستحقة لهم. وأوضح أن "مسالة التحذير من سقوط المبنى أو مناقشة أمر احتمال سقوطه وتعرضه للانهيار ليست مسؤوليتنا كوزارة تضامن اجتماعي، وإنما هي مسؤولية ملقاة على عاتق رئيس الحي والمحافظة، ولكننا قمنا بواجبنا وسندرس مسألة تعويض المتضررين بالمبالغ المالية المستحقة لهم، ومناقشة أزمة المعيشة والسكن في الوقت الحالي الذي أعقب انهيار المبنى". أمنيا، شهد شارع نوبار وجودا مكثفا لقوات الشرطة الذين أقاموا حواجز حديدية أمام المبنى المنهار وكذلك مدرسة طلعت حرب لعمل كردون أمني من أجل حصر الخسائر، بالتزامن مع حضور وزير الإسكان مصطفى مدبولي ووكيل وزارة التضامن الاجتماعي ورئيس الحي لتفقد مكان الحادث. وتعرضت إحدى السيدات المستأجرة لوحدة سكنية في المبنى إلى حالة إغماء إثر مشاهدتها للعقار المنهار، وصرخت قائلة: "ارحمونا انتو مش حاسين بالمصيبة اللي واقعين فيها".