- فايننشال تايمز: السعودية قررت العمل مع موسكو لاعتقادها بأنها يمكنها التأثير على طهران يرى الكاتب البريطانى، ديفيد جاردنر أن تحالفات السعودية خلال الفترة الأخيرة، وخاصة تقاربها مع موسكو، تظهر انحسار النفوذ الأمريكى فى الشرق الأوسط. وفى مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز أمس، كتب جاردنر أنه بعد اعتلاء الملك سلمان بن عبدالعزيز عرش السعودية عام 2015، وسماحه لابنه المفضل، ولى العهد محمد بن سلمان، بتولى مسئولية الملفات الرئيسية فى البلاد، شرعت المملكة فى تطبيق سياسة خارجية وإقليمية «حازمة» جديدة. ويقول جاردنر: إن الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع، حاز قدرا «مدهشا» من السلطة، فى نظام تسعى فيه الأسرة المالكة إلى تحقيق التوازن بين التحالفات داخل الأسرة المالكة. ويضيف أن الأمير محمد، الذى يبلغ عمره 30 عاما، يتولى حقيبة الدفاع المهمة علاوة على مسئوليته عن السياسات الخارجية والنفطية الوثيقتى الصلة، فى نظام أداره منذ أمد طويل رجال فى السبعينيات والثمانينيات من العمر، حسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى». ويوضح جاردنر أن تلخيصا للسياسة الخارجية والسياسة الدفاعية للأمير محمد بن سلمان فى عامه الأول يضم الحرب التى يخوضها تحالف دولى بزعامة السعودية، ضد الحوثيين المدعومين من إيران فى اليمن منذ مارس 2015، وتعزيز الدعم للمسلحين السنة الذين يقاتلون نظام بشار الأسد المدعوم إيرانيا أيضا، فى سوريا، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين الرياضوطهران، وأخيرا، رفع اليد عن لبنان بعد مواقفها التى رأتها المملكة محابية لحزب الله المرتبط بطهران. ويتابع أن ما قد يغيب عن البعض، هو الانفراجة التى بدأت تظهر بين السعودية والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، حليف كل ما تبغضه السعودية: إيران وحزب الله ونظام الأسد. وحسب الكاتب، فإن الأمير محمد يقيم مع بوتين ما يصفه مسئولون عرب بالعلاقات «الوظيفية والجوهرية» تغطى ملفات سوريا، وشراء محتمل للأسلحة الروسية من قبل المملكة، فضلا عن الاستثمار فى روسيا، وأخيرا المحاولات المشتركة لضبط سوق النفط، وتحقيق الاستقرار فى اسعاره بعد فترة من التخبط. وفى سوريا، وفق الكاتب نفسه، تمر جهود السلام التى تقودها واشنطنوموسكو بوضع حرج بسبب إصرار الأخيرة على أن الأسد جزء من المرحلة الانتقالية وهو ما تقاومه أمريكا والسعودية ظاهريا. لكن محمد بن سلمان عندما التقى بوتين فى أكتوبر الماضى، قال له حسب مسئول عربى على اتصال وثيق مع الأمير الشاب، «نحن لا نهتم بأمر الأسد، ما يشغلنا هو إيران»، وهو ما دفع وزير الخارجية الروسى للقول بعد ذلك «لدينا الآن رؤية أكثر وضوحا للتحرك فى مسار التسوية السياسية». وتقول بعض المصادر العربية، التى لم يذكر الكاتب اسمها، إن «بوتين أخبر محمد سلمان باستراتيجيته الجديدة فى سوريا (أى بعد قرار سحب قواته) قبل أن يخبر الأسد». ويختم الكاتب مقاله قائلا إن الانفراجة فى العلاقات بين السعودية وروسيا أخيرا، تشير إلى ضعف النفوذ الإقليمى للولايات المتحدة، التى كانت المملكة على علاقة وثيقة بها على مدى 70 عاما. ويضيف أنه بعد أن بدأ الرئيس الأمريكى فى التقارب مع إيران عن طريق الاتفاق النووى العام الماضى وبعد التدخل الروسى العسكرى فى سوريا، يبدو أن السعودية قررت العمل مع موسكو، معتقدة أنها يمكنها أن تؤثر على طهران، فسوريا، باتت «قمرة القيادة» للشرق الأوسط حاليا.