بعض الكلمات من فرط تكرار ترديدها وسماعها أو قراءتها.. تفقد معانيها المحددة والواضحة.. وعلى سبيل المثال قلنا ونقول ونسمع ونكتب عن احترام القضاء، رغم أننا لم نتفق بعد على حدود وشكل ومعنى هذا الاحترام.. ومن الواضح أن كثيرين منا يدركون، في قرارة أنفسهم، أن احترام القضاء مربوط بمصالحهم وهواهم وقناعاتهم والأحكام التي يريدونها مع أنه من المفترض أن نبقى نحترم القضاء وألا نجعله خصما أو حليفا لنا أو إحدى أوراق اللعب والمناورة في أيدينا.. كما أن احترام القضاء يعني أيضا، وفي أبسط معانيه، احترام اللجوء للقضاء.. إلا أن ما نراه كثيرا على الساحة الرياضية وغير الرياضية، هذه الأيام، هو السخرية ممن يقرر اللجوء للقضاء.. شاهدنا ذلك كثيرا من قبل ونشهد الآن السخرية من الحسن عبد الفتاح، رئيس نادى بيلا، الذي سبق أن تقدم ببلاغ للنائب العام ضد اتحاد الكرة بسبب إلغاء مزايدة بيع الحقوق والرعاية التي كان محمود طاهر قد أعدها في شهر سبتمبر الماضي.. وفي الوقت الذي انشغلنا فيه كلنا بحوادث وحكايات أخرى داخل الجبلاية أو عنها.. كان هذا البلاغ ينتقل من مكتب النائب العام إلى مكتب رئيس المجلس القومي للرياضة إلى اتحاد الكرة طلبا للرد والتوضيح ثم يواصل الرحلة نفسها في الاتجاه المعاكس ليقرر النائب العام في النهاية.. ومنذ أيام قليلة.. تحويل الأمر كله إلى نيابة الأموال العامة.. ومجرد بدء التحقيق في ذلك يعني أننا لسنا أمام إدانة لأي طرف.. كما أننا لا يمكن أن نسبق القضاء ونصدر نحن الأحكام سواء كنا مع قرار إلغاء المزايدة الأولى أو ضد ذلك القرار المفاجئ الذي ألغاها دون سبب أو تفسير واضح ومقنع.. وأن تبدأ بعض البرامج التليفزيونية وأقلام فوق أوراق الصحف تسخر من محمود طاهر ومزايدته التي تعب في إعدادها وتجهيزها حالما وساعيا إلى أفضل مكاسب متاحة وممكنة ومشروعة لاتحاد الكرة وأنديتها.. أو حتى تبدأ في التعامل مع سمير زاهر أو هاني أبو ريدة وكأنهما خارجان على القانون.. أظن أن كل ذلك ضد ما نتشدق به كلنا طول الوقت حول احترامنا للقضاء.. أي احترام هذا وكثيرون منا لا يطيقون الصبر حتى ينتهي تحقيق قضائي في النيابة ثم قرار النيابة بإغلاق الملف أو إحالته إلى ساحة المحكمة، ثم انتظار القرار الذي سيصدر عن المحكمة بالبراءة أو الإدانة.. أي احترام هذا وكثيرون منا شرعوا بالفعل يتمايلون أمام الكاميرات أو يغمسون أقلامهم بحبر مصالحهم وكأنهم باتوا هم المحققين والقضاة الذين يصدرون أحكامهم الفورية والإعلامية على الآخرين.. وأنا هنا الآن أطالب كل هؤلاء باحترام الجميع وحفظ أقدارهم حتى ينتهي التحقيق ويصدر حكم قضائي بالفعل.. فليس هناك أحد في الجبلاية ثبتت إدانته حتى نشرع كلنا في تجريده من ثياب الشرف والاحترام.. ورئيس نادى بيلا مارس أبسط حقوقه كمواطن مصري ولم يقم إلا بالذي كان سيقوم به أي من هؤلاء الساخرين منه الآن لو تعرض أي منهم للظلم أو السرقة أو المهانة.. فهل اللجوء للقضاء حق للبعض وليس من حق آخرين اللجوء للقضاء نفسه.. وهل يستحق محمود طاهر كل هذا الهجوم القاسي والجارح لمجرد أنه قال لا في زمن لا ينجو فيه إلا من يقول نعم.