ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    عيار 21 الآن يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 في الصاغة    مجتمع رقمي شامل.. نواب الشعب يكشفون أهمية مركز الحوسبة السحابية    ضابط أمريكي يكشف ما يخفيه زيلينسكي عن الأوكرانيين    مطار الملك خالد يصدر بيانًا بشأن حادث انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي    رئيس بعثة الزمالك في غانا عن أنباء تمارض شيكابالا: «بطلوا فتي.. شاط الهوا واتصاب»    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    لا يوجد بهم خطورة.. خروج 9 مصابين في حادث تسرب غاز الكلور بقنا    حالة وفاة و16 مصاباً. أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بصحراوي المنيا    إصابة 17 شخصا في حادث مروري بالمنيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    وفاة المخرج والكاتب عصام الشماع عن عمر يناهز 69 عاما    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    أول رد رسمي من الزمالك على احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    مدحت شلبي يقدم اقتراحا لحل أزمة الشحات والشيبي    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    قرار عاجل من الزمالك بشأن احتفال مصطفى شلبي    ميدو: لو أنا مسؤول في الأهلي هعرض عبد المنعم لأخصائي نفسي    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    بعد حركته البذيئة.. خالد الغندور يطالب بمعاقبة مصطفى شلبي لاعب الزمالك    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    الاقتصاد الأمريكي يحتاج لعمال.. المهاجرون سيشكلون كل النمو السكاني بحلول 2040    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قاضى قضاة مصر :لقاء الرئيس بشيوخ القضاء له دلالات كثيرة
نشر في أكتوبر يوم 16 - 01 - 2011

بحكم منصبه وموقعه المهم لا يفضل رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور سرى صيام الظهور الإعلامى، ولكن احتفاءً منه بعيد القضاء الأول وحضور الرئيس حسنى مبارك لهذه الاحتفالات فى دار القضاء العالى، وتقديراً منه لمجلة أكتوبر، وافق على إجراء أول حديث صحفى منذ توليه مهام منصبه وأداء اليمين القانونية أمام الرئيس مبارك فى الأول من يوليو الماضى.
لم يكتف قاضى قضاة مصر بهذا التكريم لمجلتنا، بل زاده بدعوتى أنا وزميلى مهنى أنور- قبيل سفره ورغم ازدحام جدول أعماله - إلى منز له لإجراء الحوار لنجد أنفسنا فى منزل شيخ شيوخ القضاة، الذى ينم عن بساطة ناسك زاهد لا يبحث إلا عن الرضا واليقين، وراهب فى محراب القانون والعدالة.
والقاضىسرى صيام من مواليد 18 إبريل 1941 بمحافظة القليوبية وتخرج فى كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 بتقدير جيد جداً حيث عين فور تخرجه معاوناً للنيابة العامة، وتدرج فى الوظائف القضائية المختلفة حتى شغل منصب نائب رئيس محكمة النقض ثم مساعد لوزير العدل لشئون التشريع ورئيس لمجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال كما شغل منصب رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ورئيس اللجنة القومية لتحديث التشريعات الاقتصادية وعضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لقانون العقوبات ومقرها باريس منذ عام 2009 ونائب رئيس الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع ووكيل التفتيش القضائى للنيابة العامة وعضو المجالس القومية المتخصصة وعضو لجنة تدوين التقاليد البرلمانية. وللدكتور صيام العديد من الكتب والأبحاث من بينها التفسير القضائى وحماية حقوق المتهم الإجرائية وتولى عضوية العديد من لجان تعديل القوانين، ومثل مصر فى العديد من المؤتمرات الدولية.
على مدى نحو ثلاث ساعات قضيناها فى محراب قاضى القضاة تحدث الدكتور سرى صيام وأجاب عن كل تساؤلاتنا، بحكمة القاضى فى اختيار معانيه وكلماته وكأنه كان يقول شهادة للتاريخ وهى كذلك. فهذا الحديث هو شهادة لقاض جليل يزن كلماته بميزان الذهب ويعرف كيف ينتقى كلماته وكأنه يصدر أحكامه.. وإلى هذا الحديث.. الشهادة. بدأ قاضى قضاة مصر الدكتور سرى صيام حديثه معنا قائلاً:
هذا أول حوار أدلى به لوسائل الإعلام سواء مقروءة أو مسموعة أو مرئية، ومنذ تشرفى برئاسة مجلس القضاء الأعلى لم أتحدث لأى وسيلة إعلامية، وهذا ليس موقفاً من الإعلام على العكس فصلتى بالإعلام وثيقة، وكثيرون لا يعرفون أننى من بداية الستينيات وعندما توليت منصبى فى النيابة العامة عام 1961 وعملت وكيلاً لنيابة بولاق، التى كان مقرها فى شارع الجلاء بجوار جريدة الأهرام، بدأت صلتى القوية بالأستاذ «سعيد عبد الغنى» وكان مسئولاً عن صفحة الحوادث بالأهرام وكان يتردد على مقر النيابة، وكنا نمارس معاً عملاً صحفياً جميلاً ورائعاً فيه نوع من أنواع الترشيد والتوعية بالقانون، لأن رسالة الإعلام ومهمته فى تقديرى هى توعية الناس بالقانون وتأكيد احترامه وحينما توجد أمور ما على الساحة تحتاج إلى إيضاح وإزالة للبس فهذا هو الدور الحقيقى للإعلام.
وقد كنت أنشر مع الأستاذ سعيد عبدالغنى صفحة كاملة تتضمن مشكلات تطبيق بعض القوانين وترشيد التشريع وإمكانية المُشرع إدخال تعديلات بعينها على القوانين لتحقيق العدالة، واستمرت هذه العلاقة بصورة شبه دورية وكنت أرسل مقالات لصفحة قضايا وآراء فى الأهرام منذ أن كان الكاتب الصحفى صلاح منتصر يتولى الإشراف عليها، ونشرت عدة مقالات تصب جميعها فى قضايا تحتاج من المشرع التدخل بصورة ليس مثل التى نراها حالياً، عندما تكتب مقالات أو آراء تشكل الرأى العام لصالح خصم وضد آخر.
وأود التأكيد أننى أتحدث بهذه الخلفية ليعلم القارئ أن علاقتى بالإعلام تاريخية. وبمناسبة عيد القضاء تعمدت الاجتماع مع جميع المسئولين عن الصحف لمناقشة قضية تصوير المحاكمات ونشر التحقيقات وكان هذا الاجتماع بالاتفاق مع السيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى ورئيس المجلس الأعلى للصحافة، وقد جرى اتصال هاتفى بيننا قال فيه الأستاذ صفوت الشريف: إنه على أثر قرار منع الفضائيات والصحف من التصوير والنشر فى القضايا المنظورة، فإن رؤساء التحرير ووسائل الإعلام الأخرى لديهم تساؤلات حول هذا القرار، فأبديت استعدادى لذلك لأن غايتنا العدالة وإرساء القواعد الدستورية السليمة وحماية حقوق الإنسان خاصة فيما يتعلق بالرأى ونوع النشر الذى يمكن أن يشكل الرأى العام، خاصة فى مواقف الاتهام إعمالاً لمبدأ العدالة والعلانية، فنحن نعطى الفرصة لكل الناس لحضور الجلسات، إنما حق بثها مباشرة عبر الفضائيات أمر مختلف فهو انتهاك لحرمة وحقوق المتهم الذى لا يزال بريئاً.
وحقيقة الأمر وهذه مقدمة طويلة أننى وافقت على الفور عندما فاتحنى الأستاذ مجدى الدقاق رئيس تحرير أكتوبر على إجراء حوار هو الأول من نوعه لأننى أكن للمجلة والقائمين عليها كل التقدير والاحترام، فهى معنية بشئون القضاء والقضاة وتتناول قضايا القضاة بموضوعية وحيادية وهذا ما يجعلنا نكن لها كل التقدير.
* د. سرى صيام رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ونحن قادمون لإجراء هذا الحوار، كنا نتساءل هل نناديكم قاضى القضاة أم شيخ القضاة.. ما هى التسمية الصحيحة وماذا تفضلون؟
** التعبيران يؤديان نفس المعنى لأن قاضى القضاة تعنى أنه شيخ بحكم أقدميته، لأننى أقدم قضاة مصر، ومن ثم هذا يعنى أننى من يتربع على قمة القضاء، لذا كلا المعنيين يحملات نفس الدلالة، لكن فى الحقيقة قاضى القضاة أكثر ارتباطاً بى لأن الذى لا يعلمه الكثيرون أنه من المفترض ألا يستخدم بالنسبة لرجال القضاء لقب مستشار، لأن هذه التسمية ألغيت بتعديل طرح على قانون السلطة القضائية رقم 145 لسنة 2006 واستبدال بلقب قاضى، وكلمة قاضى أعم وأشمل من كلمة مستشار لأنه من المفترض قانوناً ألا يوجد الآن لقب مستشار، وتاريخياً هناك ارتباط بالنظام القضائى الفرنسى، ولكن عندما نرى النظام الأنجلو - أمريكى، نجد أنهم لا يستخدمون إطلاقاً فى القضاء لقب مستشار.
والأمر الآخر أن المستشار هو من تلجأ إليه لكى تستشيره ويصدر فتوى أو رأى يؤخذ به أو لا، أما رسالة القاضى هى الحُكم بين الناس بالعدل والفصل بين المتنازعين، لذا كيف نطلق عمن يصدر حكماً أنه يُستشار!!
الأمر الثالث وكلى أسف على قوله: أن كثيرون أطلقوا على أنفسهم لقب مستشار دون أن يكونوا عاملين أصلاً فى السلك القضائى ومنهم من خرج من القضاء فى أول درجاته، ولكنه لا يزال يطلق على نفسه لقب مستشار، وبعض المحامين أطلقوا على أنفسهم هذا اللقب، وهذا نوع من الخلط لا تحمد عواقبه.
لذلك أقول إن استخدام لقب قاضى واجب قانونى وليس ترفاً أو ابتداعاً وأننا كرجال قضاء أحرص الناس على القانون وتطبيقه وطالما أن القانون نص على ذلك فلابد أن نمتثل له.
* هناك من لا ينصاع للقانون ويستخدم هذا اللقب، وبحكم القانون يعتبر ذلك انتحال صفة، فلماذا لا يتم تحريك الدعوى القضائية ضد هؤلاء؟
** لقد عملت نحو 11 عاماً مساعداً لوزير العدل لشئون التشريع ودائماً كنت ولازلت أرفض الاستناد إلى القهر وأن يكون مواجهة كل شىء مخالف باتخاذ الإجراءات القانونية، لأنه عندما تتفشى ظاهرة ونريد علاجها بالقانون وتطبيقه بصرامة فسوف نعاقب كل شخص انتحل هذه الصفة نظراً لتوافر النص القانونى لو فعلت ذلك وخصوصاً تجاه من يستخدم هذا اللقب لمجرد الوجاهة، فسوف تزدحم المحاكم بالقضايا أكثر مما هى مزدحمة الآن، ومثلما نقول إن الإعلام عليه عدم تناول القضايا المنظورة أمام المحاكم ونجد عدم وجود التزام قاطع بالقرار، فإذا تابعنا يومياً وفتشنا باستمرار على الصحف ووسائل الإعلام، فسوف تنشغل المحاكم يمثل هذه القضايا، لذا لابد دائماً أن يكون هناك حوار واقتناع وعقيدة بالصواب الذى يجب اتباعه دون أن يكون سيف القانون مسلطاً دائماً لأن التزام الإنسان بناء على القانون وحده إذا أمن ألا تمتد يد القانون فهو يخالفه، أما إذا كان التزامه عن قناعة لأنه يعرف المحظور فيه ويدرك الضرر ومخالفته لقواعد الأخلاق فإنه يلتزم فى السر والعلن.
لذلك أريد من الجميع الاقتناع بالقرار وحكم القانون وبعدالته وجدواه، وهذا هو العنصر الأساسى فى نجاح أى تشريع حتى يحقق أهدافه.
الراعى والحكم
* كيف ترون وأنتم تمثلون قضاة مصر، لقاء الرئيس حسن مبارك الأخير بالمجلس الأعلى للقضاء وما معنى هذا اللقاء؟
** أعتبر زيارة الرئيس مبارك يوم الأحد الماضى لدار القضاء الأعلى هى أسعد أيام حياتى لأنه عندما يصادف بعد ان توليت منصب رئاسة مجلس القضاء الأعلى الاحتفال بأول عيد سنوى للقضاء، ويقرر سيادة الرئيس الحضور، فهذا أمر يشرفنى للغاية، والأمر الآخر أن المراسم التى يبدأ الرئيس فى اتباعها مع كل من له علاقة بالقضاء، تشير إلى استقلال السلطة القضائية. هذه المراسم لها مغزى ودلالة واضحة تجعل كل من يعمل بالقضاء يقدر ما استنه الرئيس مبارك فى هذا المجال فعندما يجتمع رئيس الجمهورية فى يوم القضاء بمجلس القضاء الأعلى ومع شيوخ القضاة فقط، مع تقديرنا الكامل لكيان السلطة التنفيذية، فهو بذلك يريد القول أن السلطة القضائية وشئون القضاء بيد شيوخ القضاة دون سواهم ورئيس الجمهورية له صفتان فى الدستور الأول هو رئيس أعلى سلطة تنفذية والثانى هو الراعى والحكم بين السلطات وأنا قلت لسيادة الرئيس أنت تجتمع بنا كقائد لهذه الأمة وراع للحدود بين السلطات وهذا له مغزى أيضا حينما تكون المنصة لا يوجد بها إلا رئيس الجمهورية ورئيس مجلس القضاء الأعلى.
وأقول بكل صراحة أن الرئيس حينها اجتمع بنا لمدة ساعتين تحدث فى كل القضايا وعندما أجلس بجوار الرئيس على نفس المنصة فهذا له أيضا دلالاته فليس هناك أبلغ من هذا المعنى والتقدير والاحترام والتوقير للقضاء هناك أيضا دلالة أخرى تتجلى عند حلف اليمين لرؤساء الهيئات القضائية أمام الرئيس فحلف اليمين يتم أمام رئيس الدولة وحده ولا يقف بجواره أحد من السلطة التنفيذية أو حتى من رئاسة الجمهورية ولذلك دلالات ومعانى مهمة لا تغيب عن ذوى الفطنة والبعيدة لذا كان يوم زيارة الرئيس يوما مشهودا فى كل مراسمه وعبر تعبيرا كبيرا على أن رئيس الدولة يقدر القضاء حق تقدير وأنه قولا وعملا يترجم هذه الصورة.
الزيارة والرمز
وقد سعدت بما ذكره الرئيس عن تقديره للقضاء والبعد عن مظنه أى تأثير وعن إصراره منذ توليه المسئولية ألا يستخدم حق العفو وهو حق مكفول لرئيس الدولة فى الدستور ولم يستخدمه الرئيس إلا مرة واحدة وكانت هناك حالات توحى باستخدامه لهذا الحق لتحقيق مصلحة عامت ولكنه لم يستخدمه.
* أشرت أكثر من مرة إلى عودة المجلس الأعلى للقضاء وعن توازن القضاء ما معنى ذلك فى تقديركم؟
** هناك ما عرف بمذبحة القضاء عام 1961 والتى عصفت بالكثير من الشرفاء من رجال القضاء وطالت رئيس محكمة النقض وحتى من شغلوا وظائف أدنى فى السلم القضائى وهذه كارثة بكل المقاييس بالنسبة للقضاء فقد عصفت المذبحة أيضا بكافة مجالس الهيئات القضائية والمعروف أن السلطة القضائية كان من يتولى شئونها مجلس القضاء الأعلى والذى كان أحد أعضائه وكيل وزارة العدل وهو من السلطة التنفيذية وما حدث أن المجالس الخاصة بالقضاء.. مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية حلت بعد هذه المذبحة واستمر نضال القضاة قائم لعودة المجلس الأعلى والذى تم الاستعاضة عنه بمجلس أطلق عليه المجلس الأعلى للهيئات القضائية وذلك بمقتضى قرار بقانون صدر فى عام 1969 وهذا المجلس كان يرأسه رئيس الجمهورية ويضم رؤساء الهيئات القضائية، وطبعا رئاسة رئيس الجمهورية للمجلس الأعلى للهيئات واجتماعاته لم تعقد بحضور الرئيس حينذاك وكان ينوب عنه وزير العدل وبعد إلغاء مجالس الهيئات أنشئ مجلس أعلى للهيئات القضائية ورأسه رئيس الدولة بشكل صورى كما ذكرت ولذلك لم يكن هذا المجلس مرحب به ولا مرغوب فيه واستمر رجال القضاء فى نضالهم حتى عام 1984، حينما حدث خلاف وقتها بين وزارة العدل ونادى القضاة الذى كان يرأسه المستشار وجدى عبد الصمد وكان الخلاف يدور حول مشروع القانون المعد لعودة مجلس القضاء الأعلى وطالب نادى القضاة ببنود معينة والوزارة أرادت تطبيق بنود أخرى، وكاد الأمر يتجمد وبالفعل وضع مشروع القانون فى الإدراج ووقتها وعلى ما أذكر فى شهر أبريل من نفس العام كتبت مقالا فى الأهرام بعنوان «إلى قضاة مصر قبل فوات الآوان» وقلت فى المقال» أن هناك محنة ومذبحة حلت بالقضاء ونجاهد منذ 15 عاما لعودة المجلس الأعلى ووقتها كانت حكومة د.فؤاد محيى الدين قد شكلت - وأوضحت فى المقال أنه طالما أن هناك قناعة حكومية جديدة بعودة مجلس القضاء الأعلى، فإن الخلافات بين وزارة العدل ونادى القضاة فى بعض الشئون والبنود لا بد أن تزول لأن الدورة التشريعية لمجلس الشعب قاربت على الانتهاء وبالتالى ناشدت النادى والوزارة والجميع بأن نتعالى على هذه الخلافات ونقبل بالمشروع لأنه يحمل إيجابيات كثيرة ولم يعترض على إعادة مجلس القضاء الأعلى بل أعاد تشكيله من شيوخ القضاة وأضاف اختصاصات أخرى للمجلس وأضفى حصانات وضمانات كاملة للقضاة ولأعضاء النيابة العامة. وأضاف أمراً تكاد تكون فيه مصر من الدول القليلة التى أقرته وهو قرار الحصانة القضائية للنائب العام ومنحت هذه الحصانة بحيث لا يستطيع أحد تحريكه من موقعه قبل بلوغه سن التقاعد وهذا غير مسبوق فى مصر، والقانون لم يزل فقط آثار العدوان أو المذبحة، بل أطاح بهذه الآثار عن طريق منح مميزات خاصة، وبحكم متابعتى لشئون القضاة والقضاء وأصبحت فيما بعد مشرعاً وصانعاً لبعض هذه الشئون، قلت للقضاة وقتها إذا كانت هناك أمور خلافية يجب أن نؤجلها وندعها الآن ونستمر فى المطالبة بها، ولكن يجب أن نقبل بهذا المشروع فهذا لا يعنى أننا طوينا الصفحات أو جففنا الأقلام، فلا حق يضيع وراءه مطالب ودعوت للدفع بهذا المشروع إلى النور كخطوة أولى، وللتاريخ أذكر هذه الواقعة التى حدثت يوم نشر هذا المقال فى الأهرام فقد اتصل بى المستشار وجدى عبد الصمد وقال إنه تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء صباح يوم نشر المقال وأشار إلى أنه قرأ مقال أحد القضاة المستنيرين (وفقا لتعبير د. فؤاد محيى الدين) وقال المستشار عبد الصمد إنه بعد قراءته للمقال أعجب به واقتنع بمحتواه وأبلغ رئيس الوزراء أن نادى القضاة يوافق على مشروع القانون وقام رئيس الوزراء بدوره بإبلاغ وزير العدل أن المشروع متفق عليه وبهذا خرج المشروع من الأدراج ليصدر تحت رقم 35 لسنة 1984، وكان علامة من العلامات المضيئة، وللتاريخ أيضاً نشب خلاف حول حصانة منصب النائب العام، وتم اللجوء إلى الرئيس مبارك والذى قال إنه ليس لديه أى اعتراض على الإطلاق على منح منصب النائب العام حصانة ولهذا يعود الفضل لصاحب هذا القرار وهو الرئيس مبارك وبمقتضى القانون رقم 35 وعندما كنت مساعداً لوزير العدل لشئون التشريع شُكلت لجنة للنظر فى التعديلات على قانون السلطة القضائية لتحقيق حصانات وضمانات واستقلال أشمل للقضاة، وكان هذا الملف ساخنا، وكان نادى القضاة متقدماً بمشروع عكفنا عليه 4 أشهر فى عهد المستشار محمود أبو الليل وزير العدل وكل ما ورد فى مشروع القانون المقدم من النادى وبنسبة 80% تمت الموافقة عليه وصدر القانون رقم 145 لسنة 2006 وهذا أحدث تعديلات جذرية على قانون السلطة القضائية وتقررت من خلاله الموازنة المستقلة والتى تعنى أن موازنة القضاء والنيابة العامة تدرج برقم واحد فى الموازنة العامة للدولة، ويعطى رئيس مجلس القضاء الأعلى والأعضاء حق إدارة شئون الموازنة وكافة الاختصاصات المقررة لوزير المالية والتنمية الإدارية والتى وزعت بين رئيس المجلس والأعضاء، وهذه التعديلات تعنى الكثير لأنها تعطينا حرية فيما يتعلق بتحصيل بنود الموازنة والتى تقدر فى حدود الموازنة لرجال القضاء.
* هل الاستقلال المالى يعنى استكمال منظومة استقلال السلطة القضائية؟
** نعم فى تقديرى أن الاستقلال المالى هو الأساس كما أنه معيار قوة، فقوة الدول على سبيل المثال تقاس بقوتها الاقتصادية، وعندما يتولى القضاة شئونهم المالية بأيديهم فهذا تكريس لاستقلالهم عمليا وعدم تعرضهم لأية ضغوط، فضلاً عن أن كثيراً من الأمور فى قانون السلطة القضائية لا يمكن إقراره إلا بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى عليه.
دعم الاستقلال
* هل يدخل فى إطار ذلك ما نص عليه القانون من استقلال كل هيئة قضائية وإدارة شئونها بنفسها؟
** هناك منهج واضح ودائم فى مسيرة تعظيم وترقى استقلال القضاء، ولم يفت الرئيس مبارك فى التعديلات الدستورية عام 2007 أن يكون لاستقلال القضاء نصيبا فى خطابه الذى وجهه إلى مجلس الشعب بخصوص عدد من التعديلات الدستورية التى صبت فى هذا الاتجاه، اتجاه احترام القضاء وتدعيم استقلاله، حينما طالب رئيس مجلس الشعب بإلغاء المدعى العام الاشتراكى وإلغاء محكمة القيم التى كان يدخل فى تشكيلها شخصيات عامة وطالب بإلغاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية، وكان لهذا المطلب دلالة باعتباره مظهرا من مظاهر المذبحة القديمة للقضاء، وفى عام 84 عادت مجالس الهيئات، وأراد الرئيس مبارك إلغاء المجلس الأعلى للهيئات والذى من المفترض أن تحدث فيه الاجتماعات ويبحث شئون جميع الهيئات القضائية، وأعاد الرئيس إلى كل هيئة وسلطة مجلسها، وبالتالى لم يعد هناك مبرر لوجود المجلس الأعلى للهيئات وتم إلغاؤه لتستقل كل هيئة بإدارة شئونها عن طريق مجلسها الأعلى.
وإذا كانت هناك أمور مشتركة بين سائر الهيئات فلا مانع من أن يكون هناك مجلس يباشر الأمور المشتركة، ولكن بشرط أن تتولى كل هيئة إدارة شئونها، وبالتالى نحافظ على عدم التدخل أو المساس باختصاصات كل هيئة، من هنا جاء تشكيل مجلس يطلق عليه مجلس الهيئات القضائية، ومهمته دراسة القضايا المشتركة لمختلف الهيئات دون المساس بدور الهيئات.
قرارات حكيمة
إذن تم إلغاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية بنص الدستور وتم التعويض عنه بمجلس الهيئات القضائية وألغى المدعى العام الاشتراكى معه ومع كل الاحترام والتقدير لمن تولوا هذا المنصب وآخرهم المستشار جابر ريحان الذى أذكره بكل الخير لأنه أدى أداءً أعلى من الممتاز، لكن لا شك أن الجهاز كان جسماً غريباً لأنه فى بعض الأحيان هناك نظم لتقييم الممارسات وأنا أرفض هذا التقييم لأنى لا بد أن أنظر أولاً إلى الاختصاصات الممنوحة لهذا الكيان وكون أن يتولى رئاسة هذا الكيان شخصية رشيدة تحوله إلى كيان يؤدى خدمات ومصلحة عامة فى نطاق معين فلا أستند إلى هذه الممارسات فى بقاء هذا الكيان ولا ننكر بالطبع أن الجهاز تولى التحقيقات فى قضايا سياسية ودائما كان سداً للذرائع وطالما أن هناك كياناً معلناً وله اختصاصات معينة فأنا أثنى على إلغاء نظام المدعى الاشتراكى ليس تقليلاً ممن تولوا أمره، وإنما لطبيعة هذا الكيان وما يثيره من ازدواجية. وهذا أيضاً من ضمن الإنجازات التى أحدثتها التعديلات الدستورية الأخيرة.
* د. سرى صيام يدفعنا الحديث عن الميزانية المستقلة للحديث عن أحوال القضاة وخصوصاً شبابهم، ففى ضمير كل مصرى أن القاضى هو سند للناس والقضاء هو الحصن النهائى له، هل أنتم راضون عن ظروف وأحوال القضاة وخصوصاً الشباب؟
** أريد أن أقول إن القضاء المصرى نسيج واحد وليس هناك قضاء مثله ربما فى العالم يتمتع بالتقديس والاحترام من الأمة ومن الحكام مثلما يحدث فى مصر ولقد تحدثت عن مصر الفرعونية وكيف أن الفرعون المصرى كان يقول للقاضى أن يقسم اليمين بألا يطيعه إذا طلب منه يوماً ما يخالف العدالة، لذا فمن ناحية تقديس شعبنا للقضاء فهذا واضح وموجود والرئيس الراحل جمال عبد الناصر نفسه - ورغم حدوث مذبحة القضاء فى عهده كان يقول إن فى مصر قضاة أجلاء وكان فى كل خطبه يثنى على القضاة وهذا تراث مصرى لم يحدث به خلل حتى الآن وعندما نتحدث عن أحوال القضاة نقول: نحن فى مجتمع له ظروفه الاقتصادية وتعداده ضخم والأعباء كبيرة جداً على من بيدهم مقاليد الأمور وعندما تسألنى هل أنت راض عن أحوال القضاء، ستكون إجابتى هى التطلع لتحسين أحوالهم إلى الأفضل دائماً، ولكن لا أستطيع أيضاً المبالغة، فنحن لم نصل إلى الحد الذى يرضينا وفى تصورى أنه فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية من الصعب الوصول لحالة الرضا التام أو الكامل على أحوال القضاة ولأن عمل القاضى ذو طبيعة خاصة ورسالة ومهمة ثقيلة فلابد دائماً من السعى لتحسين أوضاعه ودعنى أقل لكم إنه من واقع عملى وموقعى، فأنا أرى حالات مرضية للقضاة شديدة الصعوبة، ولم أكن أتصور أنها موجودة بهذا الكم ومنذ أيام فقدنا زميلاً فاضلاً من شباب القضاة، فبعد أن أنهى عمله شعر بضيق تنفس ووافته المنية وهو يمارس عمله، فالعبء ثقيل والرسالة شاقة وخاصة أننا فى مجتمع تراجعت فيه القيم والمثل العليا بشكل ملحوظ، ولم يعد هناك تمسك بالعديد من المبادئ التى تربينا عليها واهتزت كثير من المعايير وهذا له تأثير سلبى كبير وبشكل أو بآخر أتمنى أن ترتفع وتتحسن أحوال القضاة المادية والحياتية لكى يستطيعوا النهوض برسالتهم، وألا ينشغلوا بضغوط الحياة ويعملوا فى مناخ هادئ وبذهن صاف وأتمنى قبل إحالتى للتقاعد تحقيق بعض هذه الغايات والوصول بأحوال القضاة إلى الأفضل.
تعاون واستجابة
ورغم محدودية موارد الدولة فإننى بكل صدق أعلنها أن رئيس الجمهورية لم يبخل على القضاة بشىء كما أن وزير المالية شديد التعاون معنا.
* ألم يحدث تحسن بعد إقرار الموازنة المستقلة؟
** لا شك فى أنه حدث تحسن ملحوظ، فقد منحتنا الموازنة المستقلة الفرصة فى منح مكافآت للقضاة ومنذ رئاستى لمحكمة النقض لاحظت أن هناك نوعاً من البطء إلى حد ما فى التقاضى لذلك ضاعفت ساعات العمل لمواجهة هذه الظاهرة، وأتمنى أنه فى مقابل هذا الجهد المضاعف أن يكون هناك عائد مادى يستطيع القاضى به مواجهة ظروف العمل الصعبة.
* فلتسمح لنا حضرة قاضى القضاة بالانتقال إلى قضايا أخرى والسؤال حول علاقة مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل؟
** ما أستطيع القول به أن العلاقة وطيدة، لأنه أولاً من حسن الحظ أنه دائماً من يتولى منصب الوزير هو من شيوخ القضاة والوزير الحالى المستشار ممدوح مرعى كان رئيساً لمحكمة الاستئناف ورئيساً للدستورية العليا ولمدة طويلة مسئولاً عن التفتيش القضائى وبالتالى ليس غريبا عنا على الإطلاق، ثانياً أن قانون السلطة القضائية والدستور حددا الاختصاصات بصورة واضحة لا تقبل اللبس ولا غموض فيها وطالما يوجد حوار بين السلطتين فإن الأمور تسير بشكل طبيعى.
وسواء وأنا عضو بالمجلس أو رئيساً له لم يحدث أى نوع من التوتر أو الخلاف بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى وفى بعض الأحيان تختلف الرؤى إنما يدرك الجميع فى النهاية أن الغاية هى تحقيق المصلحة العامة.
وهناك بعض الصحف نشرت كلاماً كان من وحى الخيال ولم نر أبداً الأمور خرجت من الشيوخ عن حدود الموضوعية ونحن قضاة لنا عمر طويل فى الفصل بين الناس ولا يمكن إطلاقاً أن تكون مصالح القضاة إلا فى أيد أمينة، بل ندرك قيمة التعاون، وعلى سبيل المثال حينما أردنا إحداث تطوير وترميم وصيانة دار القضاء العالى وأنا عاتب على صحف صورت ما يجرى من تطوير أنه من أجل زيارة الرئيس وهذا من وحى الخيال وهى تفسيرات تخدم أذهانهم ويحدث ذلك بلبلة فى الرأى العام وهم يعلمون الحقيقة - التقيت برئيس الجمهورية بعد حلف اليمين وكان قد زارنى قبلها رئيس شركة المقاولين العرب المهندس إبراهيم محلب وأبدى تخوفه الكبير على هذا الصرح وعرض ترميم المبنى واستعادة رونقه القديم لذا نقلت الصورة إلى الرئيس مبارك وبدأنا العمل وعندما زار الرئيس الدار قال إنها فكرة طيبة وبمجرد عرضها على وزير العدل أيدها تماماً وتم إسناد العمل للمقاولين العرب ونعمل حالياً على تطوير المكتبات لتحويلها إلى إلكترونية وسوف يتم استعادة شموخ المبنى.
لكن هناك إحدى الصحف تربط بين التطوير وزيارة الرئيس وتحدثت عن ترميمات فى مكتب رئيس النقض وكأن التطوير يتم فى منزل رئيس مجلس القضاء الأعلى وعلى حساب الدولة.
أنا أريد من بعض الصحف أن تكون موضوعية وتذكر الإيجابيات والسلبيات..
بعض الصحف تصور نفسها أنها معنية باستقلال القضاء ولم تنشر كلمة واحدة عن عيد القضاة وهذا أمر غريب!
لا تقسيم ولا تصنيف
* ما هى العلاقة بين مجلس القضاء الأعلى ونوادى القضاة؟
** أنا أرفض تصنيف القضاة ولست مع مسميات تيار الاستقلال وتيار الإصلاح والتغيير لأن هناك مسميات بها نوع من التناقض ولا أعلم معيار هذا التصنيف والكثيرون ممن نراهم على الساحة فى انتخابات القضاة كانوا فريقاً واحداً وجميعهم معنيون بشئون القضاء وقد تختلف وجهات النظر فيما يتعلق بالخدمات، وهناك من يريد تحقيق كل الأهداف مرة واحدة وهناك من يقحم نفسه فى أمور هى ليست من جوهر عمل القضاة ولذلك أنا فى خطابى أمام الرئيس أكدت أن جوهر رسالة القضاء هى إقامة العدل بين الناس وكل من يريد بالقضاء خيراً فليكن اهتمامه الأكبر تطوير رسالة القضاء الحقيقية وكيف تكون العدالة ناجزة وننهض برسالتنا.
ولا نريد أن نشغل أنفسنا بقضايا يمكن أن تهمنى كمواطن ولكن لا أجعلها محوراً لخلاف داخل القضاء ولننصرف إلى شئون رسالتنا وكل ما ينص عليه الدستور علينا أن نقوم به ويمكن أن نطالب بإجراء تعديل هنا أو هناك لكن طالما هناك أحكام نافذة فلا خيار ولا اختيار والذى أوجد الحديث عن النوادى هو المعارك الانتخابية التى تولد نوعاً من أنواع التناول المختلف لأمور بعينها واستغلال قضايا بعينها والتركيز عليها من أجل أن يظهر وكأنه المدافع الوحيد عنها وعلاقة نوادى القضاة بالمجلس الأعلى هى على مسافة واحدة مع جميع النوادى والمجلس يقدم لها الدعم الدائم وعلاقتنا بهم مستمرة لأنهم زملاء أفاضل وكل من يدخل فى منافسة فى الانتخابات فعليه تقبل النتيجة لأن هؤلاء قضاة ويطرحون آراءهم.
يد واحدة
* لكن الحديث عن التيارات أعطى انطباعا للرأى العام أن هذه التيارات موجودة على أرض الواقع وأن القضاة منقسمون؟
** ما أريد الجزم به هو أن الانطباع موجود بالفعل لكننى مطمئن إلى فطنة الناس لأنه بالممارسة نستطيع إدراك حقيقة الأمور ونعرف أن هذه المسائل تكون بسبب الانتخابات ثم بعد ذلك تعود الأمور إلى طبيعتها والجميع على قلب رجل واحد، ولا أتصور وجود هذا الانطباع وإذا كان موجودا فأنا أنفيه تماما وأقول إننا بخير والجميع متحد فيما يتعلق بجوهر الرسالة، وإذا كان هناك اختلاف يكون فى مسائل يراها البعض إبداء للرأى وهى مسائل سياسية يرى أن له أن يبدى فيها الرأى كمواطن.
* هذا يجعلنى أسأل عما أثير فى الفترة الأخيرة حول انشغال بعض القضاة بالسياسة والانحياز لأحزاب وتيارات بعينها ما رأيك فى ذلك؟
** هناك فرق بين إبداء الرأى وبين الاشتغال بالسياسة، والقانون حظر على المحاكم أن تبدى الآراء السياسية وحظر على القضاة الاشتغال بالسياسة ولا أتصور أن قاضيا قال إنه ينتمى لتيار سياسى لكن تبقى الدائرة فى مفهوم إبداء الرأى السياسى ومداه: وعندما أكون مهموما بشئون الوطن هل لى الحق فى إبداء الرأى. وأنا لست مع إبداء هذه الآراء فى الصحف وأمام وسائل الإعلام ويمكن إذا كنا نريد كقضاة أن نبدى الآراء بيننا، أما أن أدلى فى صحف بعينها بآراء تنبئ عن اتجاه سياسى معين فهذا لا شك فيه يفقد الثقة فى حيادية القضاة وأنا لا أحظر التحدث أو إبداء الرأى فى شأن من شئون الوطن إنما لا يكون الإبداء مكانه الصحف والفضائيات والقاضى قبل أن يدلى بهذا التصريح عليه أن يفكر أولا هل ما أقوله سوف ينشر بالصورة التى يريدها أم لا؟ وما هو الانطباع الذى سوف يعطيه هذا الرأى عند الإدلاء به أمام العامة وإذا كان القضاء له موقف معين غير محايد فى قضية معينة يجب أن يتوقف لأن الهدف من هذا الحظر هو ترسيخ الثقة لدى الرأى العام بأن القضاء محايد ولا يتبنى مواقف معينة لأن من يبدى رأيا علنا من القضاة يمكن أن تعرض عليه هذه القضية على منصة القضاء وبالتالى قد أبدى رأيا مسبقا فيها وبالتالى أحذر من ذلك لأنه خط أحمر لا يجوز تجاوزه لكيلا يأخذ أحد علينا شبهة عدم الحياد.
نحن والإعلام
* هل تتفق مع المطالبة بضرورة إعادة صياغة العلاقة بين الإعلام والقضاء؟
** أنا ضد القول بأن نعيد صياغة العلاقة لأن الصياغة موجودة بالفعل ومنظمة وكل شىء له ظهير دستورى أو قانونى ومن يرد معرفة الصياغة الحقيقية والشرعية الدستورية لهذه العلاقة يرجع إلى أحكام الدستور والقانون. إذن العلاقة مصاغة وكل ما هو موجود من خلل هو خروج عن الشرعية الموجودة لأننا لا نحظر شيئا أباحه الدستور أو شرعه القانون، وأنا أحيى الإعلام بكافة وسائله لأنه التزم إلى حد كبير بتوجيهات مجلس القضاء الأعلى بخصوص عدم إذاعة المحاكمات وانتهى الانفلات الحاصل ولم يعد هناك تناول إعلامى بالصورة القديمة، وأحيى المجلس الأعلى للصحافة لأنه ناصر القرارات فى البداية ووزير الإعلام الذى بادر بالاستجابة على الفور والمطلوب فقط من الإعلاميين الالتزام بأحكام الدستور والقانون ولا أحد يرضى أن يكون متهما وتنتهك حرماته ويصور وهو ما زال محل تحقيق ولا أحد يقبل لأسرته أو أبنائه أن يروه وهو فى قفص الاتهام رغم أنه قابع للتحقيق وبرىء حتى تثبت إدانته فنحن مع محاربة الفساد وأن ينشر الإعلام كل ما يدور فى المحاكمات ولكن بحياد وموضوعية.
حياد القاضى
* أحيانا تصدر أحكام ذات طابع أيدلوجى أو فكرى وبعض القضاة يرتدى زيا يشير إلى تحزبه ما رأيك فى هذا؟
** أنا ضد التعميم أو ذكر ما ليس عليه دليل أو مثال ومن يقل إن القضاة متحزبون فهذا كلام عام فالتحزب هو مسائل تختلف فيها الرؤى ودعنا نقل إن القضاة بشر ولو كان القضاء لا يخطئ ما كانت هناك درجات للطعن: «ابتدائى، استئناف، نقض» وإعادة النظر حتى إن القوانين ابتدعت ذلك للطعن ضد أى حكم تشوبه شائبة.
بطء التقاضى
* بعض القضايا التى يتناولها الرأى العام هل تؤثر على القاضى أو تضغط على المحكمة؟
** كل ما أصدرناه من قرارات خلال الفترة الماضية يصب فى الإجابة عن هذا السؤال وكل المؤتمرات التى عقدناها وتحدثنا فيها عن استقلال القضاء لا نتحدث فيها فقط عن الاستقلال عن السلطة التنفيذية والتشريعية إنما نتحدث عن استقلال القضاء فى مواجهة الإعلام، والصحافة هى سلطة رابعة فى الدستور وبالطبع حينما يتناول الإعلام أى قضية فقانون العقوبات نفسه يجرم تناول أمر مطروح على القضاء على نحو يؤثر على الرأى العام لصالح طرف ضد آخر، ولو أن القانون يعرف أو لا يتصور التأثير على المحكمة لما وضعت هذه النصوص.
أما قول إنه غير مؤثر فهو قول خاطئ لكن فى الحقيقة هذا التأثير يضيف إلى القاضى أعباء أخرى فأنت تهيئ الرأى العام إلى اتجاه معين، ونظام المحلفين الأنجلوأمريكى يعزل المحلفين عن الناس عندما تبدأ المحاكمة، نعم هناك تأثير وضغط نفسى رهيب عندما يواجه فيها القاضى الرأى العام بعد نشر حكم البراءة لأحد المتهمين.
صحيح القضاة يجاهدون هذا كله ويظهرون أحكامهم طبقاً للقانون، لكن لماذا نلقى عليهم هذه الأعباء الإضافية وهم يؤدون عملهم بدلاً من تقديم العون الذى ييسر عليهم أداء المهمة، لماذا نضيف عليهم هذا العنف لمجرد الإثارة والبلبلة ولمجرد الكسب المادى وتوزيع أعداد بعض الصحف.
* متى تنتهى عملية بطء التقاضى والتى لا تمنح العدالة الكاملة؟
** بطء التقاضى فى العالم كله وليس سببه القضاء إنما السبب فيه هو كثرة أعداد القضايا لأن لدينا فى مصر ما يعرف باللدد فى الخصومة، أعرف أن هذا ليس حقى ولكن أخوض فى كل درجات التقاضى وأحاول الحصول على ما ليس من حقى، والحيل القانونية التى يتم اللجوء إليها كثيرة، والقاضى هنا فى حيرة من أمره لأن أمامه عدم الإخلال بواجب الدفاع وفى نفس الوقت عدم الانتهاء فى الفصل فى القضية، ولا أتصور أن قاضيا يباشر قضية وجاهز للحكم فيها ويؤجلها لأن ذلك ليس من مصلحته فى الأساس، ولأسباب أخرى فى بطء التقاضى بجانب كثرة أعداد القضايا واللدد فى الخصومة واستخدام الحيل القانونية وطلبات التأجيل هناك أيضاً إشكالية عدد القضاة، خاصة أن اختبار من يتولى منصب القضاء هو اختبار صعب للغاية وهناك قول لأديب فرنسى شهير (إن فرنسا فى حاجة إلى 6 آلاف قاض ولا يوجد فى جيلى 6 آلاف رجل عظيم)، وهذه ليست عنصرية من القضاة ضد الآخرين، لأن اختيار مناصب القضاء عملية صعبة للغاية وكليات الحقوق فى مصر لابد من إعادة النظر فى مناهج الدراسة بها وتطويرها، ونحن بصدد الانتهاء من مشروع إنشاء أكاديمية للقضاة من أجل الإعداد لقضاة يلزم تواجدهم العمل فى القضاء، ورغم أسباب بطء التقاضى فعلى مستوى محكمة النقض منذ توليته المسئولية زودت عدد الطعون التى تفصل فيها المحكمة، وهناك جهد كبير يبذل ومشقة يعانيها القضاة، ونسعى بكل الوسائل للقضاء على هذه الظاهرة، ونناشد كل من ليس له حق ألا يكون لديه «لدد» فى الخصومة وأن يسلم لصاحب الحق بحقه وألا يواصل القضية إلى أعلى درجات التقاضى، لأن المعادلة صعبة ونستطيع فرض رسوم كبيرة لكنها ستكون مانعة من موانع التقاضى، وبالتالى فهى إشكالية ضخمة، نناشد من خلالها المحامين عدم استخدام الوسائل التى تؤدى إلى تأخير الفصل فى القضايا.. وفى نفس الوقت علينا كقضاة أن نبذل الكثير من الجهد لتحقيق أمل المواطنين فى العدالة الناجزة.
* هل هناك زيادة فى عدد دوائر محكمة النقض لكثرة الطعون؟
** حدث إنجاز كبير وقفزة خاصة فى الطعون الجنائية، وفى فترة قريبة كل طعون المحكوم عليهم وهم فى السجون سوف تنظر بسرعة لأن العدالة توجب ألا يكون إنسان مقيد الحرية وطعنه متأخر وفى نطاق الدعاوى المدنية والتجارية هناك جهود كبيرة تبذل، لكن زيادة عدد الدوائر يتطلب أن يتعرف الناس على طبيعة عمل النقض والذى تعده المحكمة قانوناً وليس موضوعاً، لذا توحد المبادئ القانونية فى كل نظم العالم وتحرص الدول على ألا يزيد عدد الدوائر بصورة لا تضمن فيها توحيد المبادئ لأنه إذا ازدادت الدوائر فسوف يكون وارداً أن يحدث اختلاف، وعندما زرت مؤخراً محكمة النقض الفرنسية وجدت أنهم طرحوا فى الدوائر عدداً كبيراً من المستشارين وتم التعميم بداخلها لضمان توحيد الفكر.
ونحن نتمنى زيادة عدد الدوائر ونستطيع ذلك ولكن يجب أن يكون أمام أعيننا البُعد عن أسباب تؤدى إلى الاختلافات فى تطبيق القانون.
تطوير مستمر
* ماذا عن علاقة القضاء الأعلى بالتفتيش القضائى؟
** التفتيش طبقاً لقانون السلطة القضائية لا يحدد وينتفى بداخله أى سلطة لوزير العدل فى أعمال التفتيش.
* نريد التحدث عن التطورات الموجودة حالياً فى المحكمة؟
** هناك تطوير على المستوى التكنولوجى وسوف نفتتح مركزاً للمعلومات قريباً وتحويل مكتبة المحكمة إلى إلكترونية إلى جانب أننا أنشأنا إدارة للتوثيق والبحوث والعلاقات الدولية، وانفتحنا على النقض الفرنسية وسوف يتم إيفاد العديد من رجال النقض لكى يجلسوا مع زملائهم الفرنسيين ويتعرفوا أكثر على مشاكل الفصل فى الطعون وقد أوفدنا بالفعل بعض القضاة مؤخراً، كما أننى زرت مدرسة الحقوق الفرنسية ووقفت على المناهج والطريقة التى يجرى من خلالها إعداد القضاة فى هذه المدرسة وذلك لنقل الخبرة إلى أكاديمية القضاة، كما أننى أدير حالياً المحكمة إدارة جماعية وهذا غير مسبوق بعدما أنشأت لجنة استشارية لمحكمة النقض وأشركت معى أقدم 6 رؤساء دوائر وقادة محكمة سواء كانت نيابة النقض أو المكتب الفنى وهذه اللجنة من مهامها الأولى بحث السبل التى تسرع الفصل فى الطعون.
وقد يكون بها بعض التعديلات التشريعية التى نستطيع من خلالها إقرار السيطرة على مسألة الطعون وتصادف أن هذه اللجنة بداخلها من سيتولى رئاسة محكمة النقض لدورتين وبالتالى هناك 3 رؤساء متواجدون فى هذه اللجنة وسوف يحافظون على نهجها، لذا عندما نضع استراتيجية نضمن لها التواصل والاستمرارية.
* هناك مدرستان حول الإشراف على الانتخابات إحداهما ترى ضرورة إشراف القضاة والأخرى ترى العكس.. ما رأيكم فى ذلك؟
** ما أستطيع القول به إنه مادام الدستور والقانون حددا مهمة معينة للقضاة فى الانتخابات وما دامت هذه النصوص نافذة فلا نستطيع كقضاة التخلى عنها أو القول للدولة إننا لا نريد المشاركة فى هذه العملية على الإطلاق، وما يحدث معروف للجميع وحيث يرى فى أى مرحلة من المراحل ضرورة إجراء تعديلات فى بعض النصوص الدستورية والقانونية فنحن كقضاة سوف نتقبل التعديلات ونلتزم بها، لكن مادام هناك ثقة بمقتضى أحكام الدستور والقانون، فنحن لا شأن لنا بالمطالبات الأخرى لأن القضاة يعملون وفق القانون فقط ولا يطالبون بتعديلات أو مميزات.
هيبة القضاء
* كيف نستمر فى الحفاظ على هيبة القضاء؟
** الإعلام ثم الإعلام ثم الإعلام فقط، لأنه يعزز صورة هيبة القضاء بناء على تطبيق مشروع وطنى واضح والذى يهز صورة القضاء هو الإعلام بطرحه دائماً للسلبيات، لأن علاقة القضاة بالناس لا تتم إلا من خلال أمرين.. الأول أحكامهم، والثانى ما يكتب عنهم أو النشر لهم فى وسائل الإعلام وإذا ما راعى الإعلام أن يكون حريصا على صورة القضاء المشرقة وأصبح المعيار فيها نشر الحفاظ على هيبة القضاة فسوف تظل صورة القضاة والقضاء كما نعرفها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.