الحلقة الثالثة من مقال تامر أبو سيدو الذي يغطي بملاحظاته كأس العالم 2014 في البرازيل ... انطلق الحدث الأبرز والأهم في عام 2014، كأس العالم الذي تستضيفه البرازيل وهو ما يجعله بطولة أكثر خصوصية من غيرها، نظرًا لشغف الشعب البرازيلي الهائل بكرة القدم. كنا معًا بسلسلة مقالات "أيام الجابولاني" في كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، وهذا العام نُطلق سلسلة مقالات شبة يومية جديدة بعنوان "أيام السامبا" للحديث عن ملاحظات قصيرة وأحيانًا طويلة خاصة بالبطولة ومبارياتها وأحداثها. الأولى، الثانية، والآن للحلقة الثالثة ... كان يومًا حافلًا، شهد أكبر مفاجآت البطولة حتى الآن بانتصار كوستاريكا على أوروجواي وانتصار معتاد لإيطاليا ضد إنجلترا وعودة أفريقية قوية من كوت ديفوار أمام اليابان، والبداية كانت مع عرض كولومبي جيد وانتصار مهم على اليونان. الملحوظة المستمرة في البطولة أن الهجوم مازال صاحب اليد العليا مقارنة بالدفاع، جُل الفريق لديها أسماء قوية في الخطوط الأمامية لكن منظوماتها الدفاعية تحتاج لتحسين كبير جماعيًا والأهم فرديًا ... أكاد أجزم أن بطل البطولة سيُحدده الدفاع، صاحب الدفاع الأقوى سيشق طريقه نحو اللقب لأن الهجوم شبه متساوٍ عند الجميع، ولا حاجة فقط سوى لاستغلال الفرص المتاحة. الملحوظة الأخرى أن اليوم الثالث في كأس العالم كان يوم الكالتشيو بامتياز، تألق نجومه مع مختلف المنتخبات والأهم أنه كان صاحب 5 أهداف، أرميرو وبالوتيلي وماركيزيو وهوندا وجيرفينيو. لم يُخيب منتخب كولومبيا الظن ولعب مباراة جيدة جدًا هزم خلالها اليونان بثلاثية، وباعتقادي أن زملاء كوادرادو لم يُقدموا كل ما لديهم خلال المباراة بل لعبوها باقتصاد وبخل شديد في الجهد والأداء ... ربما شيء من الثقة !!. هذا المستوى لن يكون كافيًا لتجاوز كوت ديفوار وخاصة اليابان، وبالطبع مستوى كوادرادو إن استمر بهذا الشكل لن يكون كافيًا لإقناع برشلونة بدفع المطلوب لضمه ... اللاعب اليوم كان متواضعًا كثيرًا بالمقارنة مع أدائه مع فيورنتينا، وكذلك لم أقتنع كثيرًا بأداء زونيجا .. لديه الأفضل. جيمس رودريجز كان نجم المباراة الأول بأداء رائع هجوميًا ومساهمة واضحة دفاعيًا، لكن أيضًا أقنعني جدًا ماريو يبيس في الدفاع وأجويلار في الوسط ... زاباتا مازال المدافع البارد !!. اليونان لم يُخطط لأن تسير المباراة بهذا الشكل، أعتقد أنهم أرادوا نصف فخ العودة للدفاع ومنح الكرة لمنافسهم ليهاجموه بالمرتدات السريعة انطلاقًا من أطراف الملعب، لكن الهدف المبكر دمر تلك الخطط وجعل كولومبيا من يلعب بهذا الأسلوب ... واليونان منتخب لا يجيد الضغط والاستحواذ والهجوم ويُواجه متاعب هنا. نقطة أخرى أراها حاسمة في اللقاء، اليونان منتخب يعتمد كثيرًا على الأطراف، وهي سر قوته الهجومية .. التمريرات العرضية لداخل منطقة الجزاء هي أهم أسلحته، لكنه نقطة القوة تلك لم تفعل اليوم لأنه واجه منتخب قوي جدًا في الأطراف سواء من الظهيرين أو الجناحين .. هذا الأمر أدى لأن تخسر اليونان معركة الأطراف رغم جهد ومحاولات توروسيديس أحسن لاعبيهم اليوم وهو ما جعل هجومهم دون خطورة واضحة. لنتابع مناطق هجوم المنتخبين ونلاحظ معركة الأطراف ... لاعب روما لعب مباراة ممتازة وهو أحد رجالها رغم الخسارة، مرر الكثير من التمريرات العرضية الجيدة لكن تحركات المهاجمين كانت سيئة داخل منطقة الجزاء ... إنما لو لم يُواجه جبهة أرميرو إيباربو القوية لربما إنتاجه كان الضعف. أبقى مع اليونان، وأعتقد أن المدرب فيرناندو سانتوس أخطأ باختيار عناصره الهجومية وتوظيفها على أرض الملعب ... كنت أفضل البدء بميتروجلو وبجانبه سالبينجيديس الذي قُتل في الجانب الأيمن، وأعتقد لا مكان لجيكاس في المنتخب، فيما تواجد ساماراس في العمق خلف المهاجمين أفضل كثيرًا من تواجده في الجانب الايسر حتى يستفيد من قدراته في التسديد والمراوغة بالحصول على أخطاء مؤثرة، وإن كنت هنا أفضل وجود كوني لاعب بولونيا الممتاز في التقدم من الخلف لداخل منطقة الجزاء واصطياد التمريات العرضية بإجادته لألعاب الهواء. أعتقد أن اليونان عليه خوض المباراة القادمة بأسلوب 4-3-1-2 أو 4-3-2-1 وأن الحاجة ماسة لتغطية توروسيديس جيدًا في الجانب الأيمن ليتقدم ويُقدم مساهمته الهجومية لأنها فعالة ومهمة للغاية. دون شك، خسارة أوروجواي أمام كوستاريكا مفاجأة صادمة للجميع لكن يُمكن القول أن بوادر تراجع زملاء دييجو فورلان كانت واضحة قبل البطولة وإن لم تكن لدرجة توقع مثل تلك الخسارة ... أوروجواي منتخب لم يتغير تقريبًا منذ 2010، حافظ على عناصره وطريقة لعبه رغم تراجع مستوى البعض وبروز البعض الآخر !! قد يقول قائل أن هذا الاستقرار مفيد للمنتخب، نعم .. لكن التجديد أيضًا مفيد للمنتخب خاصة مع غياب فورلان عن اللعب في المستوى الأول خلال المواسم الأخيرة، ومع تراجع كافاني ليُصبح بديلًا في فرنسا بعدما كان نجم النجوم في إيطاليا، ومن سوء حظ الفريق أن النجم الوحيد الذي تطور بشكل لافت خلال تلك السنوات لم يكن جاهزًا للقاء ... لويس سواريز. لنرى أداء اللاعبين خلال اللقاء رقميًا ... أوروجواي عقدت موقفها كثيرًا وتقريبًا وضعت قدمها الأولى خارج البرازيل، فالمنتخب سيواجه إنجلترا في مباراة حياة أو موت في الجولة القادمة، لا بديل عن الفوز للفريقين وفي حال صنعت كوستاريكا مفاجأة أخرى فربما حتى الفوز لن يكون كافيًا !!. كوستاريكا استحقت الفوز ضد أوروجواي، قدمت مباراة جميلة جدًا وأظهرت أسلوبها في لعب كرة القدم .. تمريرات سريعة وقصيرة ومهارات فردية واعتماد جدي على الكرات الثابتة وألعاب الهواء، لديهم نجم يتحمل المسؤولية بالفعل "كامبل"، ولديهم مجموعة لا أحد يعرفها لديهم الحماس والرغبة لصنع شيء مهم ... كوستاريكا أعطت الدرس للكاميرون حول ما يُسمى الجرينتا. المباراة القادمة ضد إيطاليا، وكوستاريكا لديها بالفعل ما يزعج الطليان وما قد يجعل المباراة صعبة على رجال برانديلي ... السرعة والمهارة !! السرعة هي السلاح الأخطر لضرب الكرة الإيطالية سواء على صعيد الأندية أو المنتخبات، وفي حال أهمل الآدزوري ترتيب دفاعاته وغلق المساحات أمام كامبل ورفاقه .. قد يُضرب ويُصبح انتصاره على إنجلترا دون جدوى. تحدثت عن مباراة إيطاليا ضد إنجلترا في فقرة "ما بعد المباراة"، لذا لن أتحدث كثيرًا ... نقطة واحدة وهي أنني أرى أن المنتخبين بإمكانهما تقديم الأفضل في حال أراد مدربيهما ذلك، بإصلاح الأخطاء التي ظهرت خلال اللقاء الأول. برانديلي أخطأ عدة أخطاء، وضع كيليني في خانة الظهير الأيسر كان خطأ والأفضل كان استخدام لاعب آخر أو اللجوء ل3-5-2 بعد إصابة دي شيليو، واستخدام ماركيزيو كجناح مهاجم خطأ والأفضل كان استخدام صانع لعب حقيقي مثل كاسانو أو إنسينيي أو تشيرتشي وإن كان لا يجيد تجاه اليسار والخيار الأفضل بنظري إعادة بالوتيلي هنا وإشراك إيموبيلي كمهاجم صريح، والبدء بالثلاثي الريجيستا "دي روسي وبيرلو وفيراتي" معًا في الوسط كان خطأ ثالث نتج عنه بطء في الوسط وسوء انتشار من جانب الثلاثي وتعرية الأطراف أمام ضغط الإنجليز .... كل تلك الأخطاء أصلحها برانديلي خلال الشوط الثاني باستثناء عزل سوبرماريو في الأمام، ولكن قراراته الإيجابية تلك ساعده على اتخاذها هدف التقدم الثاني الذي منحه فرصة العودة واللعب بالأسلوب الدفاعي وغلق المساحات ... لم يعد بحاجة للهجوم، مما جعل من ماركيزيو لاعبًا مفيدًا في الوسط. أما هودسون، فقد ارتكب جريمة في حق واين روني وحق منتخب إنجلترا بأن جعل المهاجم الأفضل لديه مجرد لاعب يتحرك وفق تحركات زملائه أصحاب السرعة والمهارة، مع كامل الاحترام لستيرلينج وستوريدج وويلبيك فجميعهم لا يصل بعطائه وقدراته لمهاجم مانشستر يونايتد ... روني بحاجة لأن يكون نقطة البداية والقائد في الهجوم، وأن يكون دوره الهجومي مهم وحيوي، لا أن يكون مجرد مساهم يتم منحه أدوارًا دفاعيًا تثقل كاهليه !! كما أن مشاركة باينز في الجانب الأيسر قد تحتاج إلى مراجعة في ظل تألق لوك شاو في الموسم الأخير ... الخطأ الأخير الذي أراه هو طريقة اللعب، 4-2-3-1 بوجود جيرارد وهندرسون لا أراه الشكل الأفضل، الأفضل باعتقادي 4-3-2-1 مع منح أحد لاعبي ثلاثي الوسط وغالبًا جيرارد أدوارًا هجومية جادة ليوجد للمنتخب هجومًا من العمق مما يُربك حسابات المنافس. لم أتابع مباراة كوت ديفوار ضد اليابان بالتركيز المناسب، فهي الرابعة في يوم مزدحم، لكن العلامة الواضحة خلال اللقاء والتي أدهشتني هي تخلي اليابان عن أسلوبها الهجومي الجميل المعتاد في كرة القدم .. رأيت المنتخب يفتقد للشجاعة والجرأة ويترك المبادرة لمنافسه رغم أنه لا يستطيع الدفاع جيدًا، بل قوته في الهجوم بجانب أن منافسه يتراجع عادة مع الضغط لكن منحه الفرصة لامتلاك الكرة والتقدم للهجوم يجعله خطيرًا للغاية خاصة مع نجومه الكبار. كوت ديفوار منتخب ممتاز في نصفه الهجومي، جيد في نصفه الدفاعي، واليابان منحته فرصة الاستفادة من نقطة قوته جيدًا بالتراجع وكلما اختبرت نقطة ضعفه كانت تؤلمه كثيرًا .... أتوق شوقًا لمتابعة كولومبيا ضد كوت ديفوار، مباراة قوية للغاية ومنتظرة كثيرًا. مباريات اليوم ... سويسرا ضد الإكوادور مواجهة جديدة بين أوروبا وأمريكا الجنوبية، مباراة صعبة للطرفين ومتكافئة إلى حد كبير ... المهارة والانضباط ضد السرعة والمهارة أيضًا، مباراة يُفترض أن تكون جميلة وحية. متشوق لمتابعة منتخب فرنسا بعد الحديث عن الخطط الجديدة والتدريبات السرية من جانب ديديه ديشان، مواجهته مع هوندوراس يجب أن تكون سهلة وفي متناوله وأن تكون إشارة للوجه الذي سيظهر به المنتخب خلال البطولة. أخيرًا سيظهر ليونيل ميسي في البطولة، اللاعب المنتظر منذ 4 سنوات، فالجميع ينتظر ظهور نجم برشلونة في كأس العالم وما الذي سيفعله وكيف سيقود الأرجنتين وهل سيقحم اسمه لتاريخ الدولة والبطولة؟ كل تلك الأسئلة سنتلقى الإجابات الأولى عليها الليلة خلال المباراة المثيرة والجميلة ضد البوسنة أو ضد دجيكو وبيانيتش ورفاقهما ... مباراة لا أعتقد أنها ستكون صعبة على راقصي التانجو، لكن لن تكون أيضًا سهلة وتحتاج للتعامل بجدية وحذر واحترام هائل للمنتخب الذي حقق أخيرًا حلمه بالتأهل لكأس العالم. تواصل مع تامر أبو سيدو