جزء من احترام الشخص لنفسه أن يعرف كيف ومتى يقرر مصيره بشكل ذكي.. وجزء من احترام الناس لهذا الشخص أن يدعوه يفكر في هذا المصير بحرية دون ضغوط.. عن قصة اعتزال أبو تريكة نتحدث يا سادة. يعيبنا في مصر.. أننا لا ندرك ولا نريد أن نستوعب فكرة اتساع أي مجال لأكثر من فرد.. فإذا سطع ضوء إعلامي فلابد أن ينتهى زمن أحدهم.. وإذا ظهرت موهبة غنائية أو فنية فلابد أن يكون ذلك على حساب موهبة أخرى لابد أن تقتل وتدفن اختار.. والأمثلة كثيرة.. ومن أجل هذا تشتعل الصراعات ومن أجل ذاك تلتهب الدنيا.. وهذا هو الحال في الوسط الرياضي أيضا. مع بدأ ظهور الموهوب الجزائري الصغير أمير سعيود بمستوى مميز في الفترات التي يشارك فيها مع الأهلي بدأت بعض الأقلام الصحفية والاستوديوهات التحليلية تتبنى فكرة إجبار أبو تريكة على الاعتزال.. وكأن الملعب لا يستوعب موهبتين، وكأن سطوع نجم لابد وأن يصاحبه انتحار نجم أخر، وهي في الحقيقة نقطة محيرة جدا.. أسمعك تقول لي إن الأمر ليس مرتبط بأمير سعيود بل بأبوتريكة نفسه لأن مستواه في الفترة الأخيرة هزيل؟.. اتفق معاك تماما قد يكون بالفعل بعيدا عن لياقته الفنية والبدنية.. قد يكون أقل إمتاعا وأبخل أبتكارا من ذي قبل.. لكنه بالتأكيد لاعب موهوب يحتاج فرصة جديدة لإثبات ذاته.. ولما لا؟ إنت تحتاج في كل يوم تذهب فيه إلى عملك أن تثبت أنك أهل للمكانة التي وصلت إليها.. وبالمثل أتخيل أن أبو تريكة يحتاج إلى بعض المساندة والدعم للعودة إلى مستواه لاسيما وأن منحنى الأهلي ليس في تصاعد مستمر مثلما كان في السنوات الأخيرة وكذا الأمر بالنسبة للمنتخب الوطني الأول بطل إفريقيا المتعثر. الفيصل النهائي في اعتزال أي لاعب هو المستطيل الأخضر.. فهو أصعب اختبار لمن يستطيع أن يعطي أو من عجز بالفعل عن العطاء.. دعونا نكرم أبو تريكة فهو لاعب كبير منح الأهلي -مع زملائه- بطولات كثيرة وبأقدامه أنهى لحظات عصيبة مع المنتخب المصري.. رفع كوؤسا عديدة هنا وهناك وكان سببا مباشرا فيها.. وحقه أن نتركه يقرر مصيره أن يعود لمستواه من جديد.. أو يعتزل مرفوع الرأس دون ضغوط ومطالبات يعلم الله وحده ما وراء نفوس أصحابها.. فأول من يعرف أنه أفلس وشطب ولم يعد لديه ما يقدمه، هو صاحب المحل. *