عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الذهب تخسر 1000 للجنيه اليوم الثلاثاء بالصاغة    ماذا يحدث في الفاشر؟    مكتب نتنياهو: الجيش تسلم رفات محتجز من الصليب الأحمر في غزة    شاهد، لحظة وقوع زلزال تركيا وانهيار المباني وسط أنباء عن سقوط ضحايا    اتحاد الكرة يعلن عن حكم مباراة الأهلي وبتروجت    رياضة ½ الليل| الخطيب يعترف بالعجز.. موقف انسحاب الزمالك.. ثقة تخوف بيبو.. وصدمة قوية للملكي    شبانة عن أزمة دونجا: كل يوم مشكلة جديدة في الكرة المصرية    عضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني يطمئن على الدباغ وكايد    الداخلية تكشف قصة محاولة اختطاف فتاة بأكتوبر    الأرصاد تحذر من شبورة كثيفة وتقلبات مفاجئة.. تفاصيل طقس الثلاثاء 28 أكتوبر في جميع المحافظات    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء محاولة اختطاف فتاة في أكتوبر    خيبة أمل من شخص مقرب.. حظ برج العقرب اليوم 28 أكتوبر    الحاجة نبيلة بلبل الشرقية: البامية شوكتني وش السعد ولسة بشتغل في الغيط    في دورته الحادية عشرة.. "آفاق مسرحية" يطلق استمارة 18 ورشة وماستر كلاس    ذاكرة الكتب| تدمير «إيلات».. يوم أغرق المصريون الكبرياء الإسرائيلى فى مياه بورسعيد    البابا تواضروس يلتقي وفود العائلتين الأرثوذكسيتين في مركز "لوجوس"    زلزال بقوة 6.1 يضرب غرب تركيا ويشعر به سكان إسطنبول    تحركات وجهود عربية مكثفة ل«دعم القضية الفلسطينية»    هزة أرضية بقوة 5,8 درجات شمال مرسى مطروح    العراق يؤكد استمراره في استلام رعاياه من مخيم الهول السوري    داني ألفيس يقوم بدور الواعظ في إحدى الكنائس بإسبانيا.. فيديو    إحباط محاولة زواج طفلة قاصر بعمر 14 عاما بقنا    «العمل» تُحرر 338 محضرًا ضد منشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه والعملات الأخرى ببداية تعاملات الثلاثاء 28 أكتوبر 2025    الأهلي يتأهل لربع النهائي بعد الفوز على الباطن في كأس خادم الحرمين الشريفين    أبوريدة يحسم الملفات الحائرة بالجبلاية.. المفاضلة بين ميكالي وغريب لقيادة المنتخب الأولمبي    الأولى للفريقين هذا الموسم.. محمود بسيوني حكم مباراة الأهلي وبتروجت    «رونالدو ضد بنزيما».. التشكيل المتوقع لمباراة الاتحاد والنصر في كأس خادم الحرمين الشريفين    محافظ قنا يشهد تخريج مدارس المزارعين الحقلية ضمن مشروع تحديث الري    مطار سفنكس الدولي.. جاهزية كاملة تليق بعظمة المتحف المصري الكبير    وزير الاتصالات يختتم زيارته لفيتنام بلقاءات استراتيجية| تفاصيل    من حقك تعرف.. ما هى إجراءات حصول المُطلقة على «نفقة أولادها»؟    تأييد المشدد 7 سنوات لمتهم بتزوير عقد سيارة وبيعها    عودة الحركة المرورية على طريق بنها شبرا الحر بعد حادث التصادم    أمن القليوبية يكثف جهوده لضبط المتهم بسرقة مشغولات ذهبية من عيادة طبيب أسنان    ضحايا جريمة فيصل.. مئات الأشخاص يشيعون جثامين الأم وأطفالها الثلاثة لمثواهم الأخير    32.7 مليار جنيه إجمالى قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة اليوم الإثنين    وزير العمل يكشف عقوبة عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور    مجلس جامعة المنيا يشيد بنجاح منظومة الاختبارات الإلكترونية بكلية الطب    المخرج أحمد فؤاد: «أم كلثوم» حلم.. والتحدى كان الانتقال بالزمن (حوار)    دعوة من ذهب.. عالم آثار يابانى شهير يعلق على المتحف المصرى الكبير (فيديو)    رقصت معه وقبّل يدها.. تفاعل مع فيديو ل سيدة تمسك بذراع عمرو دياب في حفل زفاف    زاهي حواس: كنت أقرب صديق ل عمر الشريف وأصيب بألزهايمر فى أخر أيامه ولم يعرفنى    تكريم أحمد مجدى بمهرجان الباطنة السينمائى الدولى فى نسخته الثالثة    بعد مأساة الطفل عمر.. كيف تكشف لدغة ذبابة الرمل السوداء التي تُخفي موتًا بطيئًا تحت الجلد؟    انتبه إذا أصبحت «عصبيًا» أو «هادئًا».. 10 أسئلة إذا أجبت عنها ستعرف احتمالية إصابتك ب الزهايمر    تصحيح المفاهيم عن التغذية العلمية السليمة    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    هل يضاعف حساب الذنوب حال ارتكاب معاصي بعد العمرة أو الحج؟.. فيديو    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    شيخ الأزهر يلتقي الرئيس الإيطالي ويؤكدان ضرورة الالتزام بخطة السلام في الشرق الأوسط    مدير تعليم سوهاج يشارك في الاجتماع التنسيقي لتنفيذ مبادرة الأنيميا والتقزم    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    التعليم تقرر : 25 جنيها رسم إعادة قيد طالب الثانوى المفصول بسبب الغياب    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر حسين مردان
نشر في شموس يوم 06 - 01 - 2018


المجلدالتاسع – الجزء الاول
شعراء العصرالحديث
بقلم فالح الكيلاني
( الشاعر حسين مردان )
ولد الشاعر حسين مردان في قضاء ( طويريج ) وطويريج كانت ناحية تابعة لقضاء الهندية من اعمال محافظة ( واسط ) الواقعة في وسط العراق في عام\ 1927 ميلادية . ولد لابوين معدمين فقيرين كان ابوه قد التحق بالشرطة العراقية وترفع حتى وصل الى رتبة عريف شرطة وعاش حسين في مدينته الى ان نقل والده الى محافظة ديالى فانتقل الى قضاء الخالص وسكن في قرية صغيرة تسمى ( جديدة الشط ) لقربها من نهر دجلة فاستقر بها هو وعائلته وفي هذه القرية الصغيرة نشأ الشاعر حسين مردان وترعرع ودرس فاكمل دراسته الابتدائية وفي قضاء الخالص القريب منها اكمل دراسته المتوسطة والاعدادية ثم انتقل الى بغداد لاكمال دراسته الجامعية .
انتقل الشاعر كليا الى بغداد بعد ذلك عام \1947 ميلادية لمارسة الاعمال الاعتيادية فيها وكسب رزقه فاشتغل بالصحافة والعمل السياسي في ظل الحكومة الملكية العراقية وكانت نفسه طموحة واسعة الطموح فتمرد على واقعه وواقع سياسة البلد الملكية مما قاده عمله هذا الى ترك الدراسة وانشغاله بمهموم نفسه وبلده وارتبط بالعمل الوطني للقضاء على الاستعمار الانكليزي المحتل لبلده فادى ذلك الى اعتقاله وسجنه في عام \1952 ميلادية بسبب موقفه الوطني .
يقول في سجنه :
لا لن اتوب
وهل يتوب مفكرُ
حر على قول الحقيقة مجبرُ
هبني سجنت فلست أول ثائر
يرمى باعماق السجون ويقبرُ
هبني شنقت فلست اول مصلح
اودت بفكرته حبال تذعرُ
اني لالعن من يعيش ببلده
يعلو الغبي بها ولا يتفجرُ
عاش حسين مردان في فقر وحاجة مع ابناء عصره حياة مليئة بالفاقة والحاجة والحرمان وعسر الحال الا انه كان يحمل نفسا تواقة مبدعة غنيّة بالفن والأدب والجمال والعفويّة . وقد اتخذ من ( مقبرة الانكليز ) في بغداد مكانا ياوي اليه في اوقات راحته لانه كان لا يمتلك حتى ايجار سكن له في فندق او غرفة فيه او بيت فكان كثيرا من الليالي ياوي الى المقبرة لينام فيها ..
وكثيرا ما كان يتخذ من هذه المقبرة مكانا يأوي اليه وكثيرا ما نام فيها لياليه فلم تكن الفاقة تسمح له أن يستأجر مكانا يأويه ورغم محاولة الشاعر أن يصمد بابتسامته ولا مبالاته بوجه هذا الفقر والعوز إلاّ إنّ قسوتهما عليه كانت ظاهرة واضحة وجليّة حتى في شعره فكان العديد من قصائد ه التي كان كتبها قد سرى في جسدها الاحباط وخاصة تلك التي كان يسعى من خلالها إلى تعرية من كان سببا فيهما حتى يصل فيما يكتب إلى تعرية انظمة الحكم التي كانت تسود البلاد آنذاك وقسوته على المناضلين ضد الاستعمار الانكليزي يقول في احدى قصائده :
أنا لا أبحث عن الحبَ
لأني لا أعرف الربيع
أعرف الجوع
الجوع الذي يلتصق بنفسي
والجوع الذي يعيش في معدتي
والجوع الذي يدور في رأسي
احب حسين مردان المرأة وتغنى لها فهي تمثل عنده الحياة الجميلة الرائعة وكان يراها تكمن فيها ثورة قد تتفجر لتتحول الى بركان كبير نتيجة ما تعانيه من ياس وحرمان يقول :
( أنا لم أر براكانآ يتفجر أشد مما يتفجر به صدر امرأة..)
ويقول ايضا فيها :
ضقت بالارض والسماء فثوري
يابراكين نقمتي وشروري
وإشربي كل ما تبقى بكأسي
يا ليال من شراب طهور
وإخنقي كل نغمة في فؤادي
واستبدي بما يحوك غروري
وأملئي كل فجوة من خلايا
عقلي الفذ بالفناء المرير
وإرضعي كل قطرة من شبابي
وإقتلي كل نبضه من شعوري
وإرقصي رقصه البلى فوق حلم
شاخ يأسآ في مقلة الديدور
ما حياتي ولم أجد في حياتي
غير حزن يذيب صم الصخور
ما حياتي وفجر عمري ولى
وكوت صفرت الذبول زهوري
ياليالي لم أعد اتشهى
كل ثغر مضمخ بالعطور
كرهت نفسي الوجود وملت
عشرة الارض في ظلال الفجور
أنا من جف كأسه في يدية
وهو ما زال ظامئآ للخمور
ياليالي لم أكن غير خط
أسود اللون في جبين الدهور
فأمسحي ظله الكرية ليفنى
عطر ذكراي في بطون العصور
ويخاطبها عن حلم المستقبل فيقول :
أطفالنا …
هل تفهمين سيضحكون
أذ يبصرون الموت في صمت القبور
وسيصعدون الى النجوم
ويهبطون مع المطر
ويزرعون الورد في ارض القمر
وبعينيك الزرقاء دود
وفمي يموج به الصديد
والارض ويحك
نفس هذه الارض غرقى بالهنا
فلقد مضى عنها الشقاء
ليس فيها عبيد
في هذه الاونة قد سادت العالم الغربي وانتشرت حركة تدعى( الوجودية ) مؤسسها الاديب و الشاعر الفرنسي( سارتر ) وكانت قد غزت العالم العربي فانتسب لها الشباب العربي ومنهم حسين مردان بنفسه المتمردة .
تأثر حسين مردان تأثرا كبيرا بالوجوديّة من خلال ايمانه ب (سارتر) وما قرأه لسارتر .
( والوجودية تيار فلسفي يميل إلى الحرية التامة في التفكير بدون قيود ويؤكد على تفرد الإنسان، وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار ولا يحتاج إلى موجه. وهي جملة من الاتجاهات والأفكار المتباينة، وليست نظرية فلسفية واضحة المعالم، ونظرا لهذا الاضطراب والتذبذب لم تستطع إلى الآن أن تأخذ مكانها بين العقائد والأفكار. وتكرس الوجودية التركيز على مفهوم أن الإنسان كفرد يقوم بتكوين جوهر ومعنى لحياته. ظهرت كحركة ادبية وفلسفية في القرن العشرين، على الرغم من وجود من كتب عنها في حقب سابقة. فالوجودية توضح أن غياب التأثير المباشر لقوة خارجية ( الإله ) يعني بأن الفرد حر بالكامل ولهذا السبب هو مسؤول عن افعاله الحرة. والإنسان هو من يختار ويقوم بتكوين معتقداته والمسؤولية الفردية خارجاً عن اي نظام مسبق. وهذه الطريقة الفردية للتعبير عن الوجود هي الطريقة الوحيدة للنهوض فوق الحالة المفتقرة للمعنى المقنع ).
وحيث كانت الوجوديّة في تلك الفترة من الزمن محطّ اهتمام الكثيرين من النخب المثقفة في العراق إيمانا منهم بأنها ليست فلسفة اباحية وضيعة قدر ما أنها مرحلة فكرية تسعى إلى تحرير العقل البشري من القيود والتقاليد بما يتناسب مع تطور الفكر البشري. تعمل على الارتقاء بالإنسان الى درجة تجعله يكون مسؤولا عن اخطائه لوحده دون أن يجد لها ما يعلقها عليه . يقول الشاعر :
أدوس على الوجود وساكنيهِ
وأبصق فوق سكّان القبورِ
واُقسم لو رأيت " الله " يوما
صرختُ بوجهه بيدي مصيري
أساطيرٌ ملفقة ودنيا
يكبّلها الزنا أبد العصور
دعيني أعبد الشيطان وحدي
وأعبث في الحياة بلا ضميرِ
فلست بمدع شرفا كبيرا
إذا فاخرتُ بالشرف الكبيرِ
فأنت وكلّ أهل الأرضِ طُراً
جراثيمٌ تعيش على البثورِ
أأزعم أنني رجلٌ شريفٌ
وروح أبيك في دميَ الحقيرِ
رويدك كلنا جيَفٌ ولكنْ
أراكَ شبعتَ من عطرِ البخورِ
ومن هنا تظهر علامات اضطراب على من يؤمن بالوجوديّة في مجتمع تسوده الأعراف والتقاليد .مجتمع متديّن بدين يعتبر الوجوديّة كفرا وإلحادا.
وكان حسين مردان ممن ظهرت عليهم علامات هذا الاضطراب المتمثل بالوهن بين الشك واليقين. فكانت كثيرة قصائده التي زخرت بالتساؤلات والحيرة .
فظهرت علامات الاضطراب لايمانه بالوجوديّة في مجتمع تسوده الأعراف والتقاليد . هذا المجتمع العراقي المجتمع المتديّن بدين الاسلام والذي اعتبر الوجوديّة كفرا وإلحادا.
وكان حسين مردان ممن ظهرت عليهم علامات هذا الاضطراب بين الشك واليقين حتى في قصائده فكانت كثيرة قصائده التي زخرت بالتساؤلات الحيرى يقول :
كل ما في الكون شيءٌ تافهٌ
كل ما في الكون لايعجبني
أنا في ذاتي سر مغلقٌ
لا أرى في الناس من يفهمني
أنا شيء أنا لاشيء أنا
صرخة الأرض بناي الزمنِ
بعت للشيطان روحي ، فالذي
لم يرَ الشيطان لايعرفني
مات في اعماقيَ اللهُ فلا
أعرف الخير ولايعرفني
فاترع الكأس فقد لانلتقي
في غد ! فاشرب وغنِّ ، واسقني
كلما فكرت بالدنيا وما
مر بي من عابسات الزمنِ
لاح لي خلف ابتسامات المنى
شبح القبر ولون الكفنِ
انعكست كل هذه الظروف على الشاعر حسين مردان فاردته قتيلا دون زواج او ولد يحنو عليه فانطفأ نور حياته .
فقد توفاه الاجل وودّع الحياة فجر الأربعاء 4 أكتوبر- تشرين الاول 1972 بسبب احتشاء العضلة القلبية مع ارتجاف البطين، فتوفاه الاجل في مستشفى (مدينة الطب) ببغداد.
حسين مردان شاعر مجيد له العديد من الدواوين الشعرية فقد ترك لنا ثروة شعرية وادبية جيدة ومن مؤلفاته ودواوينه الشعرية مايلي :
قصائد عارية
اللحن الأسود
صور مرعبة
الربيع والجوع
مقالات في النقد الادبي
أغصان الحديد
الأزهار تورق داخل الصاعقة
تميّز حسين مردان عمّن سواه من شعراء عصره بصراحته العميقة مع ذاته وحتى مع قرائه رغم كثرتهم وكان أغلبهم من المثقفين .
فقد كتب لقرائه في مقدمة ديوانه (قصائد عارية ) :
(ثق ايها القارئ المحترم انك لا تفضلني على الرغم من قذارتي وانحطاطي وتفسخي إلا بشيء واحد ، هو أني احيا عاريا بينما تحيا ساترا ذاتك بألف قناع ، فنصيحة مني ان لا تقدم على قراءة هذا الديوان اذا كنت تخشى حقيقتك وتخاف رؤية الحيوان الرابض في اعماقك).
وكتب الشعر المنثور بطريقة متمردة على كلّ طرائق من سواه . وقد أفلح في ذلك حتى أعتبر مجددا في هذا المجال . فقد كانت قصائده حافلة بالمفارقات والصور المتضادة التي خلق منها ما يستعيض به عن موسيقى الشعر الكلاسيكي .
واختم بحثي بهذه القصيدة من الشعرالمنثور :
فوق المصباح الشاحب.
كان يقف العصفور الأسود.
إن البحر وراء الشارع.
قف..
واجتاحني الرعب.
من أي جانب يقبل هذا
الصوت!
ونظرت إلى الليل.
إلى عروقه المنتفخة بالظلمة.
أين كنت قبل الآن!
وشعرت بنسمة باردة
كحد الموسى.
ارجع. أيها الشبح.
ومرّت سيّارة إسعاف
مسرعة، ثم اختفت.
وعاد الصمت إلى الأفق.
أنا لا أعرف المكان الذي
أسير إليه.
لقد قال.. أيّها الشبح!!
ولكني لم أمت.
وتقدمت خطوة أخرى
وخيّل إليّ أنّ لقدمي رنّة
الطبل.
ألا تكتفي بالموت مرة واحدة!
إن الأشباح تموت أيضا.
آه..
ورأيت العصفور يرفرف
بجناحيه
إنه يحلّق في الفضاء.
ويقترب من وجهي.
هل هو..
لقد كان يحمل وجهي.
لماذا تريد أن تعرف
الحقيقة.. هه.
يا لك من أعمى.
سينتهي الشارع، ولم يبق
غير البحر.
وفجأة انطفأ المصباح
وارتفع غناء خافت.
الماء يخاطب الشاعر،
يطلبه،
يتمنى جسده الذابل.
وترنحت.
تلك هي جثتي مطروحة
على الرصيف.
وانبثق حولي الضجيج.
من الذي جاء به إلى هذه
الأرض؟
اذهبوا به إلى الأعلى،
إنه ثمل.
وصرخت بغضب هائل،
أنا مخدّر بالحب.
وزحفت إلى الأمام.
لقد اشتعل المصباح.
واختفى الطائر.
ثم..
ثم وصلت إلى البحر.
.
اميرالبيان العربي
د . فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى – بلد روز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.