في أعمال الفنان المصري (حمدي عقدة) بعنوان ( التكوينات الحروفية في اعمال حمدي عقدة ) الناقد (د. محمد سعدي لفتة – العراق) يعد الخط العربي من الفنون البصرية الذي نال اهتمام الفنانين، نبع هذا الاهتمام من البنية الفلسفية للنظر في الفنون البصرية... فالفنان منذ القدم له اهتمام بما هو مطلق ونظرة لا تكترث للماديات والمحسوسات... بقدر ما تهتم بالأشياء التي هي أكثر تجريداً لأن البيئة التي عاش فيها الإنسان الفنان "بادية" يمتدّ بها النظر إلى اللامحدود، وهو في الوقت نفسه عاش بها متأملاً، فنمت لديه النظرة إلى المجردات أكثر من الأشياء المادية المحسوسة. قدم لنا الفنان (حمدي عقدة) اعمالا فنية نحتية ممزوجة بأنواع مختلفة من الخطوط العربية مطرزة بمجموعة من الآيات القرانية محولا افكاره الى اعمال فنية نابضة بالحياة والديمومة خارجا بها من صمتها. تعامل الفنان مع حروفياته بوصفها إبداعاً، متحررا من الرؤية السطحية المباشرة للعبادات، ليذهب به، إلى ما وراء الصورة الفنية للحروف، أي إلى العقل، إلى الفكر، إلى تلك الوشيجة التي تربط الحروف بالخالق العظيم ولفظ الجلالة. ونجد أن هذا المحور هو محور واحد من محاور الجمالية. تتميز اعمال الفنان (حمدي عقدة) بالتكوين الحروفي داخل اطار اللوحة، اذ لا ترى له التكوينات المقطوعة او غير المنتهية، لذلك فكل التركيبات الخطية بأعماله مترابطة بمتانة تكاد تكون خطا مستمراً غير مقطوع، فضلاً عن استخدامه للحروف بأشكال معمارية مجسمة ذات تكوينات جمالية تتحرك في الفضاء، اي دخول الحرف معترك البعد الثالث في الفن. (لقد استطاعت الحركة الفنية أن تكتب الغنى في الأشكال الفنية، نتيجة لتنوع المصادر التي اخذ الفنانون الحديثون منها، وتفاعلها مع الواقع، والوصول الى ما هو اصيل ومبتكر من الصياغات الفنية عبر الاستفادة من التراث وما فيه، والوصول الى تحقيق الشخصية الفنية المتميزة ). وتتجه اعمال الفنان (حمدي عقدة) نحو مضامين فكرية وانسانية معاصرة، حيث قام بتوظيف الحروف بتكويناته وتصميماته في مجال العمارة والبناء المجسم من خلال الكتل النحتية المبنية على الكلمات والتكوينات الحروفية وهي تتحرك في الفراغ بأسلوب معماري معاصر ومتطور، بعد ان قام بتحويرها والتصرف بها من خلال تحريك حروفها ومدها بالاتجاهات التي يراها مناسبة ورسم لوحات بتكوينات حروفية ذات اشكال جمالية مختلفة تعبر عن المكنون المضمر للتشكيل الحروفي والخروج من المسطح ذو البعدين الى المجسم النحتي ذو الابعاد المتعددة متخطيا البعد المنظوري الثالث الى ابعاد اخرى اكبر واعمق تخترق مجال الملموس والمرئي الى ماهو ابعد من ذلك لتصل بنا الى المحسوس اللامرئي، وما تؤول اليه الفكرة المطروقة لقراءة اللوحة والتي تناولت موضوعات روحانية، ربانية، قد استلهم مضمونها الروحي بشكلها المبدع الجديد والمعاصر. (لابد من التفريق بين مستوى الشكل والجوهر في كل من المحتوى (المدلول) والدال (أو التعبير) والشكل يمكن وصفه بشكل مناسب ومتوافق بألفاظ علمية لغوية، اما الجوهر فيشير الى بقية الظواهر اللغوية التي لا يمكن وصفها الاّ من خلال قواعد اسلوبية وتصميمية).