أكد الداعية الأستاذ الدكتور أنس عطية الفقي أن السعادة ليست في المال ذاته ولا في المنصب أو الجاه ولكنها في أن تكون على علم ومعرفة بالله. وقال في الخطبة التي ألقاها يوم الجمعة 20 يناير 2017م من فوق منبر مسجد طارق بن زياد بمدينة السادس من أكتوبر، إنك لكي تحيا حياة طيبة في الدنيا والآخرة فسبيلك لذلك الإيمان بالله والعمل الصالح. قال تعالى: "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" النحل: 97. وأشار إلى أن حيازة المال، أو المنصب، أو الجاه، أو أي غرض من أغراض الدنيا، قد تحقق سعادة وقتية، لكنها سرعان ما تزول ما لم يصحبها سعادة داخلية. ولفت إلى أن الشقاء سبيله الإعراض عن الذكر والهدى، قال تعالى: "قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى. ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى. قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا. قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى. وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى" طه: 123 127. وأوضح أن مواقف الناس من الدنيا، يحددها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ : عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلْمًا ، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَيَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً ، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ ، يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا ، فَه ُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَلاَ يَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالاً وَلاَ عِلْمًا ، فَهُوَ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ ". أخرجه أحمد والترمذي. وقرأ الحديث ففهمه شاعر عربي فنظم يقول: ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا *** وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل وقال سيدي أبو مدين: ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا *** هم السلاطين والسادات والأمرا والسعادة، من قبل ومن بعد، مرتبطة بالعمل الصالح، فمن أراد المال الوفير فليصل رحمه، ومن أراد البركة في العمر فليصل رحمه، وصلة الرحم نموذج للعمل الصالح ساقه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " من أراد أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أجله، فليصل رحمه". ورب عمر قصيرة آماده، كثيرة أمداده، ورب عمر طويلة آماده، قليلة أمداده. وعليه، فالسعادة مقرها القلب، وتُستجلب بذكر الله، والعمل الصالح، والقناعة والرضا، والإيمان بالقضاء والقدر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله له" رواه أحمد والترمذي. وقال الحطيئة: ولست أرى السعادة جمع مال *** ولكن التقي هو السعيد وتقوى الله خير الزاد ذخرا *** وعند الله للأتقى مزيد وما لا بد أن يأتي قريب *** ولكن الذي يمضي بعيد وتنفيس الكرب عن المسلمين والسعي في قضاء حوائجهم تجلب السعادة في الدنيا والآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من نفسّ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفسّ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مؤمنا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهّل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطّأ به عمله، لم يسرع به نسبه " رواه مسلم .