(سَوَابِقُ الهِمَمِ لا تخْرِقُ أسْوِاَر الأقَدَار) السوابق: جمع سابقة، وهي المتقدمة. والهمم جمع همة، والهمة: قوة انبعاث القلب في طلب الشئ والاهتمام به، فإن كان ذلك الأمر رفيعاً كمعرفة الله وطلب رضاه سيمت همة عالية، وإن كان أمراً خسيساً كطلب الدنيا وحظوظها سميت همة دنية، وسوابق الهمم من إضافة الموصوف إلى الصفة: أي الهمم السوابق لا تخرق أسوار الأقدار: أي إذا اهتم العارف أو المريد بشيء وقويت همته بذلك، فإن الله تعالى يكون ذلك بقدرته في ساعة واحدة حتى يكون أمره بأمر الله . وفى الحديث الصحيح: (فإذا أحببته كنت له سمعاً وبصراً ويداً ومؤيداً، إن سأني أعطيته). قيل لبعضهم: بماذا عرفت ربك؟ قال بنقض العزائم. قال تعالى:(وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله). وقال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر). وقال تعالى: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) وقال صلى الله عليه وسلم:(كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس). أي النشاط للفعل، وأشعر قوله سوابق أن الهمم الضعيفة لا ينفعل لها شيء وهو كذلك في الخير والشر، وفي استعارته الخرق والأسوار ما يشعر بالقوة فى الجانبين، لكن الحاصر قاهر فلا عبرة بقوة العبد القاصر، وإذا كانت الهمة لا تخرق أسوار الأقدار فما بالك بالتدبير والاختيار.