الفصل الرابع شقاوة أنثى من الوهلة الأولى ,تشعر بأن جمال ليلى يخفى وراءه قصة درامية حزينة,ورغم إبتسامتها العريضة,إلا أن عينيها بئر مليىء بالأحزان يأبى البوح بما فيه. فما كانت تنشده من شريك حياتها من حب وتقدير وكلمة طيبة وتدليل لم يكن متاحاً ,فزوجها يتصور أن العلاقة الزوجية هى توفير المأكل والمشرب وإقامة علاقة حميمة معها فلم يهتم بأن يخصص من وقته القليل الذى يحادثها فيه,أو يشعرها بآدميتها وهو ماجعلها تتعامل معه بنفس البرود حتى أنها لم تعد ترغب فيه ولا فى ممارسة العلاقة الزوجية الحميمة معه, ووضعت كل همها فى أولادها حتى إتسعت الفجوة بينهما. ولذا وجدت ليلى فى شاشة قناة زمان الونيس الذى يؤنس وحدتها, فساعات اليوم كانت تمر بسرعه البرق وكأنها دقائق وهى أمامها ولا تشعر بملل مثلما كانت تشعر سابقا, كانت لاتفارقها ابدا , وتتلذذ بمتابعتها ,وكانت تشعر بالضجر حين يستدعيها أحد من اسرتها ويضطرها ذلك الابتعاد عنها للحظات, فقد كانت تنتهز الفرص لتتابع تلك الشخصيات الوهمية بكلماتهم وحواراتهم ومشاعرهم التى كانوا يفصحون عنها بلا خوف أو تحفظ , وتجد فى متابعتهم متعة مابعدها متعة . ويوما بعد يوم اصبحت تلك المتابعة عندها كالادمان , فتصاب بالعصبية والتوتر اذا حدث طارىء منعها من المشاهدة , كإنقطاع الإرسال,أو إنقطاع الكهرباء , أو خروجها لأمر طارىء,كما انها لم تعد ترغب فى التنزه ولا الخروج من المنزل الا للضرورة واذا خرجت تعود مسرعة وتتجه الى التليفزيون لتفتحه وتتابع ما فاتها. لكنها بعد مرور شهرين تقريباً , وجدت أن المتابعة فقط لم تعد تجدى , وتسائلت ,, لماذا لا اشارك معهم , وادخل باسم مستعار مثلهم من خلال تليفونى المحمول. لن يعرفنى احد فما الضرر فى ذلك . ليتنى اجد من يحاورنى ولو من على بعد , فأنا أعانى من الوحدة, ولااجد من اتحدث معه . الى متى سأظل حبيسه تلك الجدران لاأرى أحد ولا يرانى أحد. عزمت ليلى على التنفيذ ,فانتظرت خروج اولادها وزوجها من البيت صباحاً وارتدت ملابسها سريعا وأخذت مفتاح المنزل ومحفظة النقود وخرجت لتشترى كارت شحن ولكنها لم يكن معها سوى خمسة وعشرون جنيها فاشترت به كارت من محل قريب من منزلها ورجعت البيت لتلتقط تليفونها المحمول وتقوم بشحنه ثم جلست امام الشاشة تتابع فى صمت وهى تتمتم.. ياترى اسمى نفسى ايه ؟؟ ايه ؟ ايه ؟ شمس , لالالا .. قمر , لالا ايه ده وحش اوى طيب حورية من الجنة , لالالا برضه ده اسم طويل اوى طيب أمنيه , لالالا فى واحده على الشات اسمها كده طيب اتفرج تانى على الشات واشوف الاسماء ايه؟ . ركزت ليلى على الشات فوجدت اسماء وهمية لنساء عديدة منها , الجميلة , الشقراء , انوثة متفجره , الرومانسية , ذات العيون السوداء , الناعمة , الاسطورة وهكذا … فقالت وهى تخبط كفيها وكأنها فازت فى مسابقة … بس لقيتها ……. هسمى نفسى "شقاوة أنثى" الاسم ده محدش استخدمه وحلو اوى وهيلفت نظر الناس. خلاص انا من هنا ورايح اسمى شقاوة أنثى . فالتقطت تليفونها المحمول لترسل الى كنترول القناة اسمها المستعار حتى وصلتها رساله منهم تؤكد تسجيل الاسم لديهم… وبعدها فكرت ماذا سترسل فى اول رساله لها على القناه ؟؟ فكان قرارها هو ان تكتب اسمها وتكرره فى اكثر من رساله حتى يراها الكثيرين من المشاركين وتجد من يتابعها.. وجلست تنتظر ظهور اول رساله لها على شريط الشات المتحرك .. وكلها لهفة … تتابع رساله بعد رساله … ولم تظهر رسالتها … فتكرر ارسالها مرة آخرى وتنتظر … وفى تلك الاثناء جاء فاصل اعلانى لتنقطع الاغانى وتبدأ الاعلانات … فصرخت بغضب لييييييييييه كنتوا استنوا لما رسالتى تظهر ايه القرف ده . وظلت تنتظر انتهاء الفترة الاعلانية ودقات قلبها تزداد من التوتر.. حتى بدأت الاغانى وبدا شريط الشات فى الظهور لتفاجأ بظهور رسالتها تتكرر على الشريط المتحرك باسم شقاوة أنثى اربع مرات متتالية وكأنها رسالة ترحيب من كنترول القناه. وكانت المفاجأة غير المتوقعة ,سيل من رسائل الترحيب يجيب على الزائرة الجديدة المجهولة من كل الرجال المتواجدين على الشات …. الرومانسى : نورتى ياقطة الحبيب : ازيك ياشقية اللعيب : وكمان شقاوة أنثى ده اليوم جميل ولا ايه ؟؟ نورتى ياقمر المتأمل : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا شقلوة أنثى الشقى أوى اوى : أوبااااا… اهلا بيكى نورتينا.. ورينا الشقاوة السياسى : يامراحب يامراحب باختنا الغالية الشقية مشمش : نتعرف يا انثى انا عشرينى وانتى ؟ اسعدها جدا هذا الترحيب , وظلت تراسلهم وتتحدث معهم جميعا , دون ان تفصح عن شخصيتها او اسمها أو عمرها او اى شىء يدل عليها , وكانت تكتب خواطر رومانسية من تأليفها وترسلها , تلك الخواطر نالت اعجاب الكثيرين منهم , حتى اصبحت اسما مشهورا على الشات , ردده الكثيرون, ومن العلامات البارزة فيه , كانوا فى غيابها يسألون عنها ويكتبون اسمها على الشات ينادون عليها , حتى تظهر وتشاركهم , كذلك كان كنترول القناة لاعجابه الشديد بها وبذكائها يعيد إرسال رسائلها اكثر من مرة على الشاشه لجمالها وروعة اسلوبها للإستفادة منها فى زيادة عدد المتابعين للقناة . وظلت ليلى تكتب وتكتب , وتتلقى الردود من المعجبين, وإذا بها تفاجأ بأن رصيدها قد نفذ ولم يعد يسمح لها بارسال اى رسائل ,فجن جنونها وكادت ان تصرخ,فلم يكن باستطاعتها الخروج من المنزل فى هذا الوقت لشراء كارت شحن جديد لان ميعاد رجوع الاولاد والزوج كان قد اقترب وأكتفت أن تتابع . ويوماً بعد يوم اصبحت ليلى تتعامل مع الشات كالمدمنة ,لاتستطيع غياب يوم واحد عنه, رغم انه كان يكلفها يوميا اكثر من 50 جنيه لشحن تليفونها فقد كانت تلك الرسائل غالية فالرسالة الواحدة كانت ب 50 قرش وحتى تستطيع المراسلة فكانت تستقطع من مصروف البيت لشراء كروت شحن دون علم ممدوح وظلت على هذا الحال شهرا كاملا تجلس امام الشاشه النهار باكلمه تتابع وتراسل واثناء الليل وفى وجود ممدوح تتابع فقط فلم تكن تستطع ان تقوم بمراسلتهم فى وجوده كما ان ممدوح لم يكن يعطيها حتى فرصه المتابعه لكثرة طلباته وعدم احترام رغبتها فى مشاهدة قناة بذاتها فكان دائما يستفذها بكلماته عندما يشاهدها تتابع قناة زمان بشغف ويقول لها : بتتفرجى على ايه بس دول شوية مجانين رقص وغنا وهيافة حولى حولى القناة خلينا نتفرج على اخبار الدنيا ,خلينا نعرف معلومة نستفاد منها بلاش هبل ,فتشعر ليلى بالغيظ وتحاول كتمه حتى لايطول الجدال معه . أهملت ليلى بيتها وأولادها,حتى علاقتها بممدوح أصبحت فاترة باردة,وبدلاً من شعورها بالضيق من اهمال زوجها لها وقلة الحظات الدافئة التى تجمعهم,كانت تشعر بالارتياح من ابتعاده عنها ,لكنها رغم ذلك لم تنسى أنها أنثى,فالشىء الوحيد الذى إهتمت به هو كيف تكون أنثى جميلة رشيقة ساحرة,فكانت تستغل كل الوقت المتاح لها فى الاهتمام بشعرها وبشرتها وإظهار مفاتنها.