يقول ابن مالك: وجائز رفعك معطوفًا على … منصوب "إنَّ" بعد أن تستكملا "وَجَائِزٌ" بالإجماع "رَفْعُكَ مَعْطُوْفا عَلَى مَنْصُوْبِ إِنَّ" المكسورة "بَعْدَ أَنْ تَسْتَكْمِلا" خبرها، نحو: "إنَّ زيداً آكلٌ طعامك وعمرو"، ومنه نحو "من الطويل": فَمَنْ يَكُ لَمْ يُنْجِبْ أَبُوهُ وَأُمُّهُ … فَإِنَّ لَنَا الأمَّ النَّجِيبَةَ وَالأَبُ وليس معطوفا حينئذٍ على محل الاسم -مثل: "ما جاءني من رجلٍ ولا امرأةٌ"، بالرفع- لأن الرفع في مسألتنا الابتداء وقد زال بدخول الناسخ، بل إمَّا مبتدأ محذوف والجملة ابتدائية عطف على محل ما قبلها من الابتداء، أو مفرد معطوف على الضمير في الخبر "إن" كان فاصل، كما في المثال والبيت، فإن لم يكن فاصل -نحو: "إنَّ زيدًا قائمٌ وعمرو"- تعين الوجه الأول، وقد أشعر قوله: "وجائز" أن النصب هو الأصل والأرجح. أما إذا عطف على المنصوب المذكور قبل استكمال "إن" خبرها تعين النصب، وأجاز الكسائي الرفع مُطلقًا؛ تمسُّكا بظاهر قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ}، وقراءة بعضهم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} برفع ملائكته، وقوله "من الطويل": فَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالمَدِينَةِ رَحْلُهُ … فَإِنّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ وخرج ذلك على التقديم والتأخير، أو حذف الخبر من الأول، أي: فإني لغريبٌ وقيارٌ، كقوله "من الطويل": خَلِيْلَيَّ هَلْ طِبٌّ فَإني وَأَنْتُمَا … وَإِنْ لَمْ تَبُوحَا بِالهَوى دَنِفانِ ويتعين الأول في قوله: فَإِنِّي وَقَيارٌ بِهَا لَغَرِيبُ؛ لأجل اللام في الخبر، والثاني في "وملائكته" لأجل الواو في "يصلون" إلا أن قدرت للتعظيم، مثلها في {رَبِّ ارْجِعُونِ}. ووافق الفراء الكسائي فيما خفي فيه إعراب المعطوف عليه، نحو: "إنك وزيد ذاهبان"، و"إن هذا وعمرو عالمان"؛ تمسكا ببعض ما سبق، قال سيبويه: واعلم أن ناسا من العرب يغلطون فيقولون: "إنهم أجمعون ذاهبون"؛ و"إنك وزيد ذاهبان". يقول ابن مالك: وألحقت بإن لكن وأن … من دون ليت ولعل وكأن "وَأُلْحِقَتْ بِإِنَّ" المكسورة فيما تقدم من جواز العطف بالرفع بعد الاستكمال "لَكِنَّ" باتفاق، كقوله "من الطويل": وَمَا قَصَّرَتْ بِي فِي الْتَّسَامِي خُؤُولَةٌ … وَلَكِنَّ عَمِّي الطَيّبُ الأصلِ وَالخَالُ "وَأن" المفتوحة على الصحيح، إذا كان موضعها موضع الجملة؛ بأن تقدمها علم أو معناه، نحو: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} "مِنْ دُوْنِ لَيْتَ وَلَعَلَّ وَكَأَن" حيث لا يجوز في المعطوف مع هذه الثلاث إلا النصب: تقدم المعطوف، أو تأخر؛ لزوال معنى الابتداء معها، وأجاز الفراء الرفع معها أيضا، متقدما ومتأخرا.