«يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    الأولى مصريًا وأفريقيًا.. جامعة القاهرة تحتل المركز 159 عالميًا في تصنيف لايدن الهولندي    «صحح مفاهيمك».. أوقاف البحيرة تنظّم ندوات حول خطورة التنمر بالمدارس    محافظ أسيوط: إشراك الطلاب والأساتذة ورجال الأعمال في المجلس التنفيذي    «هيئة الدواء» تبحث آليات تنفيذ مشروع الروشتة الرقمية ودمجه بالمنظومة الصحية الوطنية    هل تتأثر خدمات التحويلات عبر انستاباي بسبب التوقيت الشتوي؟    مصر تستضيف الاجتماع الثاني للجنة رؤساء سلطات المنافسة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية    قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025    السيسي يبحث سبل تسهيل وزيادة الاستثمارات الكويتية فى مصر    السفير الفرنسي: نحتاج للتركيز على جودة المساعدات المقدمة لغزة    مع خروقات قوات الاحتلال واستمرار حرب الإبادة..خبراء يحذرون من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار    سلوت يعلق على الخروج من كأس الرابطة بعد الخسارة أمام كريستال    مدحت شلبي: محمد عبد المنعم يرفض العودة إلى الأهلي ويفضل الاستمرار في أوروبا    بينيا يقارن بين سارابيا وفليك: أكثر صرامة في بناء الهجمة    ضبط صانعة محتوى لنشرها مقاطع خادشة للحياء بالدقهلية    ضبط سلع غذائية فاسدة ودقيق مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بأسيوط    تأجيل أولى جلسات محاكمة التيك توكر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لإتجاره بالحشيش فى القناطر الخيرية    «طموحات كبيرة».. صحف العالم تترقب افتتاح المتحف المصري الكبير    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    هالة صدقي تحتفل باقتراب افتتاح المتحف المصري: افرحوا يا مصريين بهذا الإنجاز العالمي (فيديو)    العميد ضد التبشير |قضية نظلة غنيم التى تبناها طه حسين    قصور الثقافة تحتفي بافتتاح المتحف المصري الكبير بعرض نارمر مجانا على مسرح السامر    وزيرة التضامن تشهد احتفالية الأب القدوة.. وتكرم شخصيات ملهمة    تزامناً مع افتتاح المتحف المصري.. إطلاق مبادرة مجتمعية "وعي" لتنمية الوعي السياحي والأثري ببني سويف    حسم انتخابات غرفة الرعاية الصحية بالتزكية للدورة 2025 – 2029    مديرة التأمين الصحى الشامل بالأقصر تتفقد خدمة الأهالى بمستشفى حورس بأرمنت.. صور    انخفاض الأربو، أسعار الكتاكيت والبط اليوم الخميس في بورصة الدواجن    14 % تراجعا لمشتريات المصريين من الذهب خلال الربع الثالث من العام الجاري    محافظ سوهاج يوقف معدية غير مرخصة بالبلينا بعد تداول فيديو لطلاب يستخدمونها    «بالزي الفرعوني وأعلام مصر» .. مدارس الإسكندرية تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير في طابور الصباح (صور)    رئيس الإدارة المركزية لشئون الامتحانات ووكيل تعليم القاهرة يتفقدان مدارس المستقبل    تأجيل النطق بالحكم في قضية رمضان صبحي إلى 27 نوفمبر    مجلس الزمالك يصرف دفعة من مستحقات الجهاز الفني    «الصحة» تعلن إنجازات تنفيذ التوصية التنمية البشرية قبيل انطلاق مؤتمر«PHDC'25»    مواصلة جهود الداخلية لمكافحة جرائم استغلال الأحداث والتسول    الداخلية تواصل حملاتها المرورية وتضبط (100) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    الضفة.. مستوطنون إسرائيليون يحرقون مركبتين فلسطينيتين    هل يحق للزوج منع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    الزمالك في اختبار مهم أمام البنك الأهلي لاستعادة التوازن في الدوري المصري    منتخب مصر يواجه إسبانيا في نصف نهائي بطولة العالم لكرة اليد «ناشئين»    المستشار الألماني: نرغب بتوسيع شراكتنا الوثيقة مع تركيا    طريقة عمل طاجن البطاطس بالدجاج| وصفة شهية تجمع الدفء والنكهة الشرقية    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بضوابط لسرعة حسم شكاوى العملاء    توفيق عكاشة: السادات أفشل كل محاولات إشعال الحرب في السودان    الصحة النفسية والجسدية: علاقة لا يمكن فصلها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة قنا    طابور الصباح فى الشرقية يحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. فيديو    ماس كهرباء وراء اندلاع حريق بمحل مفروشات في النزهة    السجن المشدد وغرامة 10 ملايين جنيه عقوبة بيع الآثار خارج مصر    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    إلزام صاحب العمل بإنشاء حضانة أو تحمل تكاليفها.. أهم مكتسبات المرأة العاملة بالقانون الجديد    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 30اكتوبر 2025فى محافظة المنيا...تعرف عليها بدقه.    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    نبيل فهمي: سعيد بخطة وقف إطلاق النار في غزة.. وغير متفائل بتنفيذها    ترامب: كوريا الجنوبية ستدفع 350 مليار دولار مقابل خفض الرسوم الجمركية    بايرن ميونخ يهزم كولن في كأس ألمانيا ويحطم رقم ميلان القياسي    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحليل الاستراتيجي للأزمة التونسية القائمة اليوم
نشر في شموس يوم 29 - 01 - 2016

أغلب ظني أن ما يجري اليوم في تونس الشقيقة يمكن أن يكون جرعة من مصل يزيد مناعة الشعب التونسي لرفض كل أنواع حكم الفرد ويضاعف من حصانته للتمسك بأن يحكم حكما ديمقراطيا تكون السيادة فيه للشعب، وتكون حرية الإرادة والفكر والتعبير حقا مقدسا لكل مواطن لا يتعدى عليها أحد ولا يصادرها أحد. .
وفي ظني أن أي شعب مهما كان حظه من التقدم والنضج يمكن أن يتعرّض في مرحلة من مراحل تاريخه لتجربة تسلب فيها الحرية باسم الحرية وتغيب فيها الديمقراطية باسم الديمقراطية وتكتب فيها إرادة الشعب باسم إرادة الشعب، وهذا هو الذي يحدث للشعب التونسي في هذه المرحلة من مراحل تاريخه،
لكنه سيفيق بعد هذه الكارثة التي يعيشها ويخرج لبناء بلده من جديد في ظل ديموقراطية حقيقية تجعل منه خلال سنوات معدودة إحدى القوى الاقتصادية والصناعية الكبرى في منطقة المغرب العربي،
مع أنني أعلم بأن الكثير تحت ضغط الحملات الإعلامية المكثفة والموجهة قد أوشكوا أن يفقدوا الأمل في جدوى الإصلاح بالديمقراطية، وراح البعض من هؤلاء يمد بصره إلى الماضي السحيق أو الغرب البعيد باحثا عن وصفة تحقق آمال الشعب التونسي وتوقف تيار التدهور والتخلف الذي انحدر إليه يوما بعد يوم،
لكنني أقول مازلت على ثقة بأن الأمر لا يحتاج إلى بعث تجارب الماضي أو التعلق بأفكار لا تصلح أكثر من مادة للجدل النظري، فإذا ما وضعت موضع التطبيق الفعلي تهاوت أمام واقع الحياة وواقع التطور مع أن الأمر في رأيي لا يحتاج لأكثر من شيء من المنطق يقود الشعب التونسي إلى حوار وتشاور شامل وعقلاني يصل في النهاية إلى وضع أساس متين وواقعي يقوم عليه بناء ثابت ومستقر بعد أن غاب المنطق طويلا وغابت معه الحقيقة، هذا من جهة.
ومن جهة ثانية، فإن من وجهة نظر التحليل الاستراتيجي لخلفية المرحلة الصعبة التي تمر بها تونس هذه الأيام وتداعياتها المختلفة، تظهر جملة من المعطيات البنيوية المهمة لبلورة تطورات الأحداث الراهنة وآفاقها المستقبلية داخل الساحة التونسية0 هل هذه المرحلة هي مجرد ضجة قامت وستنتهي؟ أم أنها ستشكل نهاية فعلية للاستقرار السياسي النسبي الذي عرفته تونس منذ استقلالها؟ وما طبيعة وحجم المخاطر التي قد تهدد البلاد في المستقبل المنظور؟
وهل هي مشاكل سياسية وتواصلية، يعني أزمة ثقة تعرقل المسار الديمقراطي؟
هل هي مشاكل اجتماعية واقتصادية تعثر خطة الإصلاحات الافتراضية؟ يعني فشل برامج مكافحة الفقر واتساع دائرة التهميش واستفحال البطالة وتراكم الإحباط والتوتر وتنامي الاضطرابات المجتمعة؟ هذا في وقت كان المفروض فيه أن يبقى الأفق مفتوحا ودعوة المواطنين إلى التفكير جديا في السبل الكفيلة بصيانة وتعزيز الاستقرار في البلاد كمسؤولية جماعية وإتاحة الفرصة للتفكير من طرف الجميع في الطرق التي تمكن من المحافظة على استتاب الأمن والاستقرار، وهو لا يمكن أن يتحقق إلا بوعي المواطنين لمخاطر العصر، يعني مخاطر المرحلة، هذا في مرحلة كانت فيه تونس محتاجة إلى صياغة مرتكزات وبلورة معالم وتأملات صادرة عن تجربة تمثل تنظيرا وتقييما في هذه المرحلة الحرجة بالذات، تكشف عن الحقائق الدامغة المبنية على أساس ووقائع وأدلة وقرائن غير قابلة للشك، حقائق تأتي نتيجة لتحريات وتحقيقات جادة وموثقة يشرف عليها أشخاص يوثق فيهم ويتمتعون بالأهلية الأخلاقية والمعرفية والمهنية الضرورية لحسن آداء واجباتهم ويقدرون أهمية وحساسية عملهم وما يترتب عليه من نتائج وعواقب خطيرة على واقع ومستقبل البلاد0 وأمام هذه التعقيدات وهذه الأوضاع الخطيرة التي تمر بها البلاد، وفي ظل تشابك وتفاعل الأحداث الخطيرة وتداعيتها المختلفة على الساحة التونسية، وبالنظر لصعوبة الخروج بحلول جاهزة لهذه الأوضاع، لا يزال الاعتقاد بأن عمق الهزة التي تتعرّض لها تونس في هذه الأيام، ربما ستسهم إيجابيا في دفع أبناء تونس المخلصين إلى إعادة ترتيب البيت، وعلى رأسها إعادة ترتيب أولويات السياسة الداخلية والخارجية ليتم بعد ذلك التركيز على القضايا التالية باعتبارها مقيدة لمصلحة وأمن واستقرار وتنمية البلاد0
فتح مشاورات جدية من أجل وضع تصور أولي لإنجاز الدراسات العميقة والمتخصصة لمشروع إصلاحي وحضاري شامل يعالج مختلف القضايا الحيوية في المجتمع والدولة خاصة النواحي الدستورية والمؤسسية والسياسية والمدنية والقطاعات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية، ومع تدعيم هذا التصور الأولي بفترة زمنية محددة للتنفيذ على أن يتم تبنيه في إطار البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية المقبل، ويلتزم بتطبيقه باعتباره أساسا لمعالم السياسة الرسمية لحكومة ما بعد الانتخابات0
العمل جديا على تحضير الانتخبات الرئاسية والسعي لتوفير شروطها السياسية المختلفة كالانفتاح وتعميق الصلة وفتح باب المشاركة السياسية والمهنية أمام الاتجاهات الإصلاحية وتشجيع التواصل وبناء الثقة بين مختلف الأجيال داخل المجتمع التونسي، وبناء جسور حقيقية وجادة للحوار الديمقراطي مع مختلف الفاعلين السياسيين في الساحة بتبني مبادرة إعادة تشكيل وبناء الخطاب السياسي الوطني المتعالي على ازدواجية السلطة والمعارضة على أسس جديدة وجدية تتركز حول مصلحة وأمن واستقرار وتنمية الجماهيرية التونسية في إطار المبادئ الإسلامية0
إنشاء لجنة وطنية تتألف من شخصيات تونسية عالية الأخلاق والخبرة والموضوعية ويشترك فيها مدنيون وعسكريون، بالإضافة إلى بعض الأعضاء من ذوي الخبرة السابقين الذين لم يتورطوا في قضايا تمس بتونس والمواطنين التونسيين على أن تتحمّل هذه اللجنة مسؤولياتها وتتخذ القرارات الصحيحة والمفيدة لمصلحة أمن تونس من طرف رئيس جمهورية منتخب بعد ذلك0
إصلاح قطاع الإعلام وإعادة تنظيمية بما يتماشى مع وضع دولة تونسية ديموقراطية تعددية ترجع السيادة فيها للشعب والولاء لمؤسسات الدولة التونسية، ويطبق فيها القانون والنظام بمساواة وعدالة على أن يتم هذا الإصلاح في إطار إنشاء مجلس أعلى للإعلام كمؤسسة جمهورية كاملة الصلاحيات تمارس وظيفتها كسلطة للتنظيم وفتح الإعلام أمام المبادرات الخاصة لحرية إقامة واستغلال مؤسسات إعلامية سمعية بصرية خصوصية وضمان احترام اختياراتها ومواقفها واستقلالية شؤونها0
العمل على تفعيل وتطوير جدي للبرامج في إطار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر والبطالة بما يضمن إيجاد وتطوير ثقافة الديمقراطية بين التونسيين وإيجاد برامج وأفكار محددة بدل من ثقافة التملق والولاء الخادع للأشخاص وللكيانات الضيقة وإعادة تكوين القائمين على المرافق العمومية وفق ثقافة الديمقراطية واحترام حقوق ومصالح المواطنين0
إعادة تنشيط السياسة الخارجية من خلال بلورة استراتيجية تونسية لسياسة خارجية واضحة المعالم تقوم على أساس السعي نحو تحقيق مصلحة وأمن واستقرار وتنمية البلاد بأسلوب حواري واضح المعالم والأسس،
وكذا تطوير وعصرنة المؤسسات المختصة والآليات المتبعة لاتخاذ القرار السياسي في حقل السياسة الخارجية بما يمكن من الوصول إلى الأهداف المرسومة والحصول على النتائج المتوخاة بنجاعة ومهنية الأداء0 وفي الأخير، أقول بأنني أطرح هذه الأفكار بناء على الواجب الإسلامي والعربي المفروض عليّ ووفاءً للشعب التونسي الشقيق مما يئن تحته من صنوف المعاناة ومن الرغبة الصادقة في الوفاء بمسؤوليتي تجاه المجتمع التونسي الشقيق،
ومن حرصي الشديد على أداء أمانة البلاغ والإصلاح والبناء سعيا من أجل إقامة حياة أفضل تقوم على الفضيلة وتتطهر من الرذيلة يحل فيها التعاون بدل التناكر والتنافر والإيخاء مكان العداوة، حياة يسودها التعاون والسلام بدلا من الصراع والاختلاف، حياة يتنفس فيها المواطن التونسي معاني الحرية والمساواة والرخاء والعزة والكرامة بدل أن يختنق تحت ضغوط الأزمات المختلفة والمشاكل المتشابكة والعاناة المتفاقمة0


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.