كان لي شرف تقديم المجموعة الشعرية لصديقتي الغالية فاطمة الشيري، أتمنى لها المزبد من العطاء والنجاح أوراق خريفي أزهرت شعر "حين تتحاور الأرواح "تحليق في سماء " أوراق خريفي أزهرت" في قالب إبداعي، تسكب فاطمة الشيري لواعجها، لتضيف للساحة الأدبية تجربتها، تفاجئنا برزانتها وتباثها، أمام كل العواصف، تتحدى تلاطم الأمواج بصبر وعناد، تتشبث بالحياة رغم ما أذاقتها من مرارة، إنها أنموذج للمرأة الحديدية، التي لا تهزمها العقبات، تصعد الجبل بكل همة، تتحدى الضربات، وتبتسم، فتطل علينا بديوانها الأول بعنوان كله جمال وقوة، تفاؤل وأمل، قد جعلت الخريف سحرا" أوراق خريفي أزهرت" فتنني هذا العنوان، فتهت بين دفتيه أتصفح لآلأه. هل الإبحار صمت في سحايا الحروف؟ هل الأسماك زوارق في بحور الديجور؟ أشرعت نظراتي بين الكلمات، جالستها على طاولة المعاناة، تجاذبنا أطباق الوجع، ومن كؤوس الماضي أطلت ذكريات … هنا شيء من الاستئناس، شيء من الاستقرار، شيء من الرضى، ترسو روح أشقاها التنقل بين متاهات تتحسسها هدهدتني رياح الخريف على نغمات حفيف اليابس من الوريقات أرجحتني تراتيل لحن الوداع قادتني لمعبد أقيم فيه طقوس عبادتي… تغيرت كل ملامحها بعد رحيل زهرتها. كان الرحيل وكان الحزن، كان الوجوم، وكان السكون، ليتحدث الفقد وتتوالى المسافات بقذف قنابل البعد وحرائق الهجر والصد، بلا سابق انذار، لكن شاعرتنا كانت أقوى تعاتب أيلول، ومن شهد بياضها، صفائها تنبعث، تحيى في كل القلوب، فيموج صوتها بين الأحبة ضياء وبريقا: لتبقى وحدها أشجاركم السامقة تشعل غابة خريفي اخضرارا وذاك الضوء انبعث من قلوبكم ينشر بريق الضياء من حولي وأنا أقلب أوراق خريف أزهر، أعانق فيها بوح الإنسان، وصدى الإلهام المنبثق من حنايا متعبة …متألمة…مكلومة…تستوقفني لوحة ساخرة، عابثة، مستهزئة، تضحك من تقلبات الزمن، من غدره، من العصا التي يقصم بها ظهر الواثق به، ليرميه في وحشة… في وحدة قاتلة…بعد أن انتزع من صاحبته كل أوراقها، خلع عنها معطف الدفء والأمان، لنقرأ جميعا كيف تجعل من الجماد رفاقا وأصحابا في صمت هذا الفراغ السحيق، والسكون الرهيب: هسيس الصدى تسلل خلسة بين الأطباق على مائدتي جالستني نفسي أراني فيها انغمست حاورتني حبات الزيتون شاكسني لونها خلتها مني غارت استفاقت تمططت على شرفي تراقصت ….. وفي ضفاف حروفك الزاهية، لا يسعني إلا أن أقف لك إكراما أيتها المناضلة الرائعة، دام لك الحبر بسمة ونورا، منهما نستمد بعض الخيوط الرقراقة، لتجلي عنا قتامة الأسى، ونقطف من أيلول زهرات بين الاخضرار تينع، ومن بتلاته ننتشر ضياء.