بقلم إياد خضير الشمرى: قصة قصيرة (دائرة الأوهام ) نشرت في مجلة الينابيع في امريكا وكندا ودول المهجر عندما يفيضُ الفجر ، أكونُ قد عدتُ من أحلامي فأكونَ مذعوراً من هذا العالم ، نصفُه يمشي خلفي والنصف الآخر يشكّلُ دائرة أوهامي .. يسيرُ أمامي ، أسلكُ الطريق فأتشبّثَ بالزوائد والحيطان ، لا يهمّني إن كانتْ الزوائدُ فيها أشواك أو الحيطان مائلة .. آيلة للسقوط ، وأنا لا تكفيني شهادات الدنيا ، أُقسِمُ أنّي أميٌ ، أيْ لا أفهمُ شيئاً في هذه الحياة الزائفة التي نحلمُ إزاء أنفسنا بأنْ نصلي ، لتختارنا الآلهة أنبياءَ فنفخرَ بزيفنا ، هكذا ولدتْ الأنانية عند الآخرين ، لا أفهم من هذا العالم إلا النصف ، من يرسم لي دائرة لأغني ، من يمدُّ حبلَ الوصل لأجازف بالفعل ، كي أمشيَ في النصف الآخر الذي يشكّلُ دائرة أوهامي كما قلت ، أضيء المكان بأوجاعي ، أنا الجادة التي يسير أمامها الجميع بعد عمر طويل من الأمل ، يستعرضون أدواتهم وشهاداتِ أعمالهم ، إنها خطواتهم وهي الطريق الذي تاهوا عليه حاملة أمجادهم في ديجور الليل الخانق ... أحياناً أجدُ نفسي أسير في صحراء بناياتها عالية ومياهها شحيحة .. الوجوه كباقي الأشياء مختلفة ، متقاربة ، متنافرة ، يعلو أقدامي صدأ قديم ، يسحب خلفه جبل من الترّهات ...كانت نفسي هائمة ، تلوذ بالرمال فهي أذن مدينة الرمال التي تتهاوى بناياتها كما الثلج ، لتدفن بقايا الأنفاس في هذا الرمل ، هذه المدينة مدينة الرمل لا يتحرّك فيها سوى الرمل ، لا مسافراً هناك لأنّ .. لا حياة فيها ، كان المشردون من الشعراء قد بنوا أعشاشهم الوهمية في الطرقات الجافة... ولأنَّ المطرَ يخشى أرضاً تتصاعد فيها زفرات حارقة ، استعادت الغيوم أشتاتها ورحلت ، بقيتْ أرضا منسيّه ، الرمل وحده سيد الموقف وأنا مدفون هنا ، سقطتْ هياكلُ أحلامي كنتُ قد بنيتها في هذه البقعة ، ولم أتّخذ من سلوك الرمل النصيحة ... أحياناً أجدُ نفسي ترى الأشجار واقفة رغم احتراقها ، وأرى الأزقّة مازالت تتوجّس خيفة من شوارعنا الرئيسة ، نتخذ من دموعنا قلائد نعرضها في متاحف العالم ، مثلما تُشيّدُ الأحلام هكذا تبني الأمنيات قصورها على الرمال هكذا تغفو أوهامنا تحت ظل شجرة لا يدوم عدّة ثوان ؛ ليكشف سيقاننا المحلاة بإرث الأرض ووهج حقيقتها ، إنّها لا تحتملنا أكثر من مسافة الواقع كلّما حلمنا كثيراً لا نقطع مسافة هنيهة جذلى إلا بأطول يوم لا تحتمله البهجة لأنّها .. لا تخضع لنا إلا لثوان ، ولأنّ أفكارنا الميؤوس منها ستغدو مثل عجلة أمام جدار يبطل الحلم بالاصطدام وتتفكّك الأمنيات عن مطالب خارقة أو تافهة أوهي مازالت رهينة لليأس المُبدّد للأمنيات يصنع منها الحلم حياة تنهار بعد انتظار ... انتبهتُ إلى نفسي إلى نصفي الثاني وأنا مرتابٌ من هذا النصف ، زفّة عرس في الرأس ، وجراح تنزف في مئذنة الصمت ، وسواس الظلمة .. فجر ناءٍ .. وحوار العشبة للعشب ، توقظ في جوفي أشلاءً ، أكاد أحسُّ بها وأنا حائر ، إن كنت أنا أمشي أم نصفي ...